ما معنى القراءات الأربع الشواذ ولماذا هي شاذة

ما معنى القراءات الأربع الشواذ ولماذا هي شاذة

ما معنى : القراءات الأربع الشواذ الزائدة على العشر ؟ ولماذا هي شاذة ؟ 
" القراءة الشاذة " هو مصطلح يُطلق على كل قراءة زائدة عن العشر ، وليست كلها على درجة واحدة ؛
فمنها ما هو موضوع باطل ( سواء ناتج عن سوء ضبط من الراوي ، أو وضع كاذب - ولكلٍّ أمثلته - ) ..
ومنها ما قد انقطع سنده ونُسخ في العرضة الأخيرة ( كالمنثورة في كتب التفاسير والحديث ) ،
ومنها ما هو صحيح ثابت متصّل بالسند إلى الحضرة النبوية إلى هذا اليوم ..
ولا يوجد قراءة فوق العشرية صحيحة ومتصلة الإسناد إلى اليوم غير هذه الأربع ( قراءة ابن محيصن المكّي والأعمش الكوفي والحسن البصري واليزيدي ) ..
وإنما سمّيت شاذة اصطلاحاً ؛ لأنها خالفت أحد شروط القراءة المقبولة عند جمهور المسلمين :-
وهي فقدانها لشرط التواتر - إن اعتدينا بهذا الشرط أصلاً ولم نأخذ باختيار ابن الجزري الذي رجع عنه في " المنجد " إلى " النشر " واختار صحّة الاسناد دون اشتراط التواتر - ،
* مع الإشارة أن البعض كالمتولي في شرحه للفوائد ذهب إلى بلوغ حدّ الشهرة عنده *
وفقدان التواتر يجعلنا في خوف من احتمالية تسرّب الخطأ والوهم فيها ..
فيمكن أن يقرأ الرجل وجهاً عن شيخه ثم ينسى كيف قرأه مع مرور السنوات أو يتوهّم الأداءً ظناً ..
ومخالفتها لرسم المصحف الذي أجمعوا عليه في عهد عثمان بن عفان ( وكانوا قبله على رسومات مختلفة ) ؛
وهي كنحو قراءة الحسن البصري في سورة الفاتحة ( اهدنا صراطاً مستقيماً ) ..
وقراءة ( إن البقر متشابهٌ علينا ) بدل ( تشابه ) ..
وقراء ( فأيقنوا بحرب من الله ورسوله ) بدل ( فآذنوا ) ..
وقراءة ( يوم يدعو كلّ إناس بكتابهم ) بدل ( إمامهم ) ..
وقراءة ( أخرجنا لهم دابة من الأرض تَسِمُهُم أن ) بدل ( تكلّمهم ) ..
وهذه الرسومات لو أثبتها الخليفة عثمان رضي الله عنه في مصحفه لكانت هي الصحيحة المقروءة اليوم ..

\"\"

وهذه الأمثلة بهذه الرسومات المخالفة كانت قراءات قوم من الصحابة والتابعين ،
قرؤوا بها في صلواتهم وخلف محاريبهم ، قال ابن الجزري : [ فنحن نقطع بأن كثيراً من الصحابة كانوا يقرؤون بما خالف رسم المصحف العثماني قبل الإجماع عليه من زيادة كلمة وأكثر وإبدال أخرى بأخرى ] ..
إلى اجماع الأمّة على المصاحف العثمانية وترك ما عداها من الرسومات والقراءات ؛
مع بقاء بعض التابعين - كالحسن البصري ومن بعده - متمسكين بتلك القراءات المخالفة لصحّة اسنادها عندهم ، والتي وصلت إلينا لليوم من طُرٌقهم وأسانيدهم ، ولم تكن ثمّة قراءات شاذة حينئذ فكل ما صحّ إسناده آنذاك قُبِلت قراءته وإنما هو اصطلاح متأخرين ..

حكمها : ذهب الفقهاء من كل مذهب من المذاهب الأربعة إلى جواز القراءة بها في الصلاة وغيرها بشرطين :
صحة إسنادها " وهذا متحقق في الأربعة المذكورة " .. وعدم مخالفتها للرسم " فيجنّب القراءة بتلك الكلمات التي خالفت الرسم واستبدالها بالقراءة المتواترة في ذلك الموضع ، وهو الذي عمد إليه القباقبي في منظومته " القباقبية " بترك كل ما خالف الرسم من تلك الشواذ الاربعة ليجوّز القراءة بمضمنها في الصلاة وخارجها ..
ومنهم من أبطل الصلاة بها مطلقاً وهو اختيار الجمهور ، ومنهم من فصّل فجعل بطلان الصلاة بالفاتحة فيها وجوّزها فيما دونها وهو اختيار الرئيس شيخ الاسلام ابن تيميّة نوّر الله ضريحه الطاهر على مدى الأزمان ..
قال في فتاويه : [ بل من ثبتت عنده قراءة الأعمش شيخ حمزة أو قراءة يعقوب ونحوهما كما ثبتت عنده قراءة حمزة والكسائي ؛ فله أن يقرأ بها بلا نزاع عند العلماء المعتبرين المعدودين من أهل الخلاف والإجماع ] ..

وقال الإمام ابن الجزري حجة الإقراء والقراءات في " النشر " : [ أما من قرأ بالكامل للهذلي أو سوق العروس للطبري أو إقناع الأهوازي أو كفاية أبي العز أو مبهج سبط الخياط أو روضة المالكي ونحو ذلك على ما فيه من ضعيف وشاذ عن السبعة والعشرة وغيرهم ؛ فلا نعلم أحدا أنكر ذلك ، ولا زعم أنه مخالف لشيء من الأحرف السبعة ، بل ما زالت علماء الأمة وقضاة المسلمين يكتبون خطوطهم ويثبتون شهاداتهم في إجازاتنا بمثل هذه الكتب والقراءات ] ..
وقال في " منجد المقرئين " : [ وما زال المقرئون أحد رجلين : إما مقرئ بما زاد على السبعة بل والعشرة ،
وإما مقرئ بالسبعة فقط غير منكر على من أقرأ بالعشرة أو الثلاثة الزائدة عليها ،
وهي قراءة الحسن البصري وابن محيصن المكي وسليمان الأعمش ،
وقرأنا بذلك عن شيوخنا ، وقرءوا كذلك على شيوخهم ، ولم ينكر أحد علينا،
وشهد في أجايزنا بها علماء الإسلام الأعلام ،
لكن لا يرون الصلاة بهذه القراءات الثلاثة الزائدة على العشر لكثرة انفرادها عن الجادة ]

وأما الطرق المقروء بها لليوم لهذه القراءات الأربع الشواذ فكثيرة ومتباينة أصولاً وفروشاً ، 
كلٌّ بحسب ما صحّ لديه وثبت عنده بالأداء المتصل عن مشايخه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ..
وأشهر الطرق هي " الفوائد المعتبرة " للإمام المتولي ، وكذا " النهاية " لابن الجزري و " الألفية " للقباقبي والمسماة بـ " القباقبية " وغيرها كثير ،
والاختلافات بينهم من يسير إلى إسقاط وجه أو حتى قراءة كاملة من طريقهم ، يعرفُهُ المجازون فيها ..
وقد قرأنا بمضمن هذه الطرق كلها وما زاد عليها على مشايخنا ختماتٍ كاملاتٍ بالأداء والتلاوة ، وجمّعنا ما تشتت منها بين الطرق في ملفّات ندرّسها للطلبة ونجيزهم بها وننشر أسانيدها الباقية حمايةً لها من الإنقطاع ..

والله الموفق ..
د. ماجد بن حسّـان بن وصفي شمسي باشا