تفسير ابن كثير تفسير الصفحة 594 من المصحف



تفسير ابن كثير - صفحة القرآن رقم 594

594 : تفسير الصفحة رقم 594 من القرآن الكريم

 ( سورة البلد )

الآيات ( 90 1 10 )
مقدمة تفسير سورة البلد بسم الله الرحمن الرحيم سورة البلد وهي
مكية هذا قسم من الله تبارك وتعالى بمكة أم القرى في حال كون الساكن فيها حالا لينبه على عظمة قدرها في حال إحرام أهلها قال خصيف عن مجاهد ( لا أقسم بهذا البلد ) ( لا ) رد عليهم ( أقسم بهذا البلد ) وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن بن عباس ( لا أقسم بهذا البلد ) يعني مكة ( وأنت حل بهذا البلد ) قال أنت يا محمد يحل لك أن تقاتل به وكذا روي عن سعيد بن جبير وأبي صالح وعطية والضحاك وقتادة والسدي وبن زيد وقال مجاهد ما أصبت فيه فهو حلال لك وقال قتادة ( وأنت حل بهذا البلد ) قال أنت به من غير حرج ولا إثم وقال الحسن البصري أحلها الله له ساعة من نهار وهذا المعنى الذي قالوه قد ورد به الحديث المتفق على صحته إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شجره ولا يختلى خلاه وإنما أحلت لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ألا فليبلغ الشاهد الغائب وفي لفظ آخر فإن أحد ترخص بقتال رسول الله فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وقوله تعالى ( ووالد وما ولد ) قال بن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا بن عطية عن شريك عن خصيف عن عكرمة عن بن عباس في قوله تعالى ( ووالد وما ولد ) الوالد الذي يلد وما ولد العاقر الذي لا يولد له ورواه بن أبي حاتم من حديث شريك وهو بن عبد الله القاضي به وقال عكرمة الوالد العاقر وما ولد الذي يلد رواه بن أبي حاتم وقال مجاهد وأبو صالح وقتادة والضحاك وسفيان الثوري وسعيد بن جبير والسدي والحسن البصري وخصيف وشرحبيل بن سعد وغيرهم يعني بالوالد آدم وما ولد ولده وهذا الذي ذهب إليه مجاهد وأصحابه حسن قوي لأنه تعالى لما اقسم بأم القرى وهي أم المساكن أقسم بعده بالمساكن وهو آدم أبو البشر وولده وقال أبو عمران الجوني هو إبراهيم وذريته رواه بن جرير وبن
أبي حاتم واختار بن جرير أنه عام في كل والد وولده وهو محتمل أيضا وقوله تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) روي عن بن مسعود وبن عباس وعكرمة ومجاهد وإبراهيم النخعي وخيثمة والضحاك وغيرهم يعني منتصبا زاد بن عباس في رواية عنه منتصبا في بطن أمه والكبد الاستواء والاستقامة ومعنى هذا القول لقد خلقناه سويا مستقيما كقوله تعالى ( يا أيها الإنسان ماغرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك ) وكقوله تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) وقال بن ابي نجيح وجريج وعطاء عن بن عباس في كبد قال في شدة خلق ألم تر إليه وذكر مولده ونبات أسنانه وقال مجاهد ( في كبد ) نطفة ثم علقة ثم مضغة يتكبد في الخلق قال مجاهد وهو كقوله تعالى ( حملته أمه كرها ووضعته كرها ) وأرضعته كرها ومعيشته كره فهو يكابد ذلك وقال سعيد بن جبير ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) في شدة وطلب معيشة وقال عكرمة في شدة وطول وقال قتادة في مشقة وقال بن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو عاصم أخبرنا عبد الحميد بن جعفر سمعت محمد بن علي أبا جعفر الباقر سأل رجلا من الأنصار عن قول الله تعالى ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) قال في قيامه واعتداله فلم ينكر عليه أبو جعفر وروي من طريق أبي مودود سمعت الحسن قرأهذه الآية ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) قال يكابد أمرا من أمر الدنيا وأمرا من أمر الآخرة وفي رواية يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة وقال بن زيد ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) قال آدم خلق في السماء فسمى ذلك الكبد واختار بن جرير أن المراد بذلك مكابدة الأمور ومشاقها وقوله تعالى ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ) قال الحسن البصري يعني ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ) يأخذ ماله وقال قتادة ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ) قال بن آدم يظن أن لن يسأل عن هذا المال من أين اكتسبه وأين أنفقه وقال السدي ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ) قال الله عز وجل وقوله تعالى ( يقول أهلكت مالا لبدا ) أي يقول بن آدم أنفقت مالا لبدا أي كثيرا قاله مجاهد والحسن وقتادة والسدي وغيرهم ( أيحسب أن لم يره أحد ) قال مجاهد أي أيحسب أن لم يره الله عز وجل وكذا قال غيره من السلف وقوله تعالى ( ألم نجعل له عينين ) أي يبصر بهما ( ولسانا ) أي ينطق به فيعبر عما في ضميره ( وشفتين ) يستعين بهما على الكلام وأكل الطعام وجمالا لوجهه وفمه وقد روى الحافظ بن عساكر في ترجمة أبي الربيع الدمشقي عن مكحول قال قال النبي يقول الله تعالى يا بن آدم قد أنعمت عليك نعما عظاما لا تحصي عددها ولا تطيق شكرها وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما وجعلت لهما غطاء فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك وإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما وجعلت لك لسانا وجعلت له غلافا فانطق بما أمرتك وأحللت لك فإن عرض عليك ما حرمت عليك فأغلق عليك لسانك وجعلت لك فرجا وجعلت لك سترا فأصب بفرجك ما أحللت لك فإن عرض عليك ما حرمت عليك فأرخ عليك سترك بن آدم إنك لا تحمل سخطي ولا تطيق انتقامي ( وهديناه النجدين ) الطريقين قال سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله هو بن مسعود ( وهديناه النجدين ) قال الخير والشر وكذا روي عن علي وبن عباس ومجاهد وعكرمة وأبي وائل وأبي صالح ومحمد بن كعب والضحاك وعطاء الخرساني في آخرين وقال عبد الله بن وهب أخبرني بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك قال قال رسول الله هما نجدان فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير تفرد به سنان بن سعد ويقال سعد بن سنان وقد وثقه بن معين وقال الإمام أحمد والنسائي والجوزجاني منكر الحديث وقال أحمد تركت حديثه لاضطرابه وروى خمسة عشر حديثا منكرة كلها ما أعرف منها حديثا واحدا يشبه حديثه حديث الحسن يعني البصري لا يشبه حديث أنس وقال بن جرير حدثني يعقوب حدثنا بن علية عن أبي رجاء قال سمعت الحسن يقول ( وهديناه النجدين ) قال ذكر لنا أن نبي الله كان يقول يا أيها الناس إنهما النجدان نجد الخير ونجد الشر فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير وكذا رواه حبيب بن الشهيد ومعمر ويونس بن عبيد وأبو وهب عن الحسن مرسلا وهكذا أرسله قتادة وقال بن أبي حاتم حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا عيسى بن عفان عن أبيه عن بن عباس في قوله تعالى ( وهديناه النجدين ) قال الثديين وروي عن الربيع بن خثيم وقتادة وأبي حازم مثل ذلك ورواه بن جرير عن أبي كريب عن وكيع عن عيسى بن عقال به ثم قال والصواب القول الأول
ونظير هذه الآية قوله تعالى ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا )
الآيات ( 90 11 20 )
قال بن جرير حدثني عمر بن إسماعيل بن مجالد حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن أبي عطية عن بن عمر في قوله تعالى ( فلا اقتحم ) أي دخل ( العقبة ) قال جبل في جهنم وقال كعب الأحبار ( فلا اقتحم العقبة ) هو سبعون درجة في جهنم وقال الحسن البصري ( فلا اقتحم العقبة ) قال عقبة في جهنم وقال قتادة إنها عقبة قحمة شديدة فاقتحموها بطاعة الله تعالى وقال قتادة ( وما أدراك ما العقبة ) ثم أخبر تعالى عن اقتحامها فقال ( فك رقبة أو إطعام ) وقال بن زيد ( فلا اقتحم العقبة ) أي أفلا سلك الطريق التي فيها النجاة والخير ثم بينها فقال تعالى ( وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام ) قرئ ( فك رقبة ) بالإضافة وقرىء على أنه فعل وفيه ضمير الفاعل والرقبة مفعولة وكلتا القراءتين معناهما متقارب قال الإمام أحمد 2422 حدثنا علي بن إبراهيم حدثنا عبد الله يعني بن سعيد بن أبي هند عن إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير عن سعيد بن مرجانة أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب أي عضو منها أربا منه من النار حتى إنه ليعتق باليد اليد وبالرجل الرجل وبالفرج الفرج فقال علي بن الحسين أنت سمعت هذا من أبي هريرة فقال سعيد نعم فقال علي بن الحسين لغلام له أفره غلمانه ادع مطرفا فلما قام بين يديه قال إذهب فأنت حر لوجه الله وقد رواه البخاري 2517 ومسلم 1509 والترمذي 1514 والنسائي من طرق عن سعيد بن مرجانة به وعند مسلم أن هذا الغلام الذي أعتقه علي بن الحسين زين العابدين كان قد أعطي فيه عشرة الآف درهم وقال قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي نجيح قال سمعت رسول الله يقول أيما مسلم أعتق رجلا مسلما فإن الله جاعل وفاء كل عظم من عظامه عظما من عظامه محررا من النار وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فإن الله جاعل وفاء كل عظم من عظامها عظما من عظامها من النار رواه بن جرير هكذا وأبو نجيح هذا هو عمر بن عبسة السلمي رضي الله عنه قال الإمام أحمد 4386 حدثنا حيوة بن شريح حدثنا بقية حدثني بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن عمرو بن عبسة أنه حدثهم أن النبي قال من بنى مسجدا ليذكر الله فيه بنى الله له بيتا في الجنة ومن أعتق نفسا مسلمة كانت فديته من جهنم ومن شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة طريق أخرى قال أحمد حدثنا الحكم بن نافع حدثنا جرير عن سليم بن عامر أن شرحبيل بن السمط قال لعمرو بن عبسة حدثنا حديثا ليس فيه تزيد ولا نسيان قال عمرو سمعت رسول الله يقول من أعتق رقبة مسلمة كانت فكاكه من النار عضوا بعضو ومن شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة ومن رمى بسهم فبلغ فأصاب أو أخطأ كان كمعتق رقبة من بني إسماعيل وروى أبو داود 3966 والنسائي بعضه طريق أخرى قال أحمد 4386 حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا الفرج حدثنا لقمان عن أبي أمامة عن عمرو بن عبسة قال السلمي قلت له حدثنا حديثا سمعته من رسول الله ليس فيه انتقاص ولا وهم قال سمعته يقول من ولد له ثلاثة أولاد في الإسلام فماتوا قبل أن يبلغوا الحنث أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم ومن شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة ومن رمى بسهم في سبيل الله فبلغ به العدو أصاب أو أخطأ كان له عتق رقبة ومن أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار ومن أنفق زوجين في سبيل الله فإن للجنة ثمانية أبواب يدخله الله من أي باب شاء منها
وهذه أسانيد جيدة قوية ولله الحمد حديث آخر قال أبو داود 3964 حدثنا عيسى بن محمد الرملي حدثنا ضمرة عن بن أبي عبلة عن العريف بن عياش الديلمي قال أتينا واثلة بن الأسقع فقلنا له حدثنا حديثا ليس فيه زيادة ولا نقصان فغضب وقال إن أحدكم ليقرأ ومصحفه معلق في بيته فيزيد وينقص قلنا إنما أردنا حديثا سمعته من رسول الله قال أتينا رسول الله في صاحب لنا قد أوجب يعني النار بالقتل فقال اعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار وكذا رواه النسائي من حديث إبراهيم بن أبي عبلة عن العريف بن عياش الديلمي عن واثلة به حديث آخر قال أحمد 4150 حدثنا عبد الصمد حدثنا هشام عن قتادة عن قيس الجذامي عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله قال من أعتق رقبة مسلمة فهو فداؤه من النار و 4147 حدثنا عبد الوهاب الخفاف عن سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أن قيسا الجذامي حدث عن عقبة بن عامر أن رسول الله قال من أعتق رقبة مؤمنة فهي فكاكه من النار تفرد به أحمد من هذا الوجه حديث آخر قال الإمام أحمد 4299 حدثنا يحيى بن آدم وأبو أحمد قالا حدثنا عيسى بن عبد الرحمن البجلي من بني بجيلة من بني سليم عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب قال جاء أعرابي إلى رسول الله فقال يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة فقال لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة أعتق النسمة وفك الرقبة فقال يا رسول الله أو ليستا بواحدة قال لا إن عتق النسمة أن تنفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعين في عتقها والمنحة الوكوف والفيء على ذي الرحم الظالم فإن لم تطق ذلك فاطعم الجائع وأسق الظمآن وائمر بالمعروف وانه عن المنكر فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من الخير وقوله تعالى ( أو إطعام في يوم ذي مسغبة ) قال بن عباس ذي مجاعة وكذا قال عكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة وغير واحد والسغب هو الجوع وقال إبراهيم النخعي في يوم الطعام فيه عزيز وقال قتادة في يوم مشتهى فيه الطعام وقوله تعالى ( يتيما ) أي أطعم في مثل هذا اليوم يتيما ( ذا مقربة ) أي ذا قرابة منه قاله بن عباس وعكرمة والحسن والضحاك والسدي كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد 418 حدثنا يزيد أخبرنا هشام عن حفصة بنت سيرين عن سلمان بن عامر قال سمعت رسول الله يقول الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة وقد رواه الترمذي 658 والنسائي 592 وهذا إسناد صحيح وقوله تعالى ( أو مسكينا ذا متربة ) أي فقيرا مدقعا لاصقا بالتراب وهو الدقعاء أيضا قال بن عباس ذا متربة هو المطروح في الطريق الذي لابيت له ولا شيء يقيه من التراب وفي رواية هو الذي لصق بالدقعاء من الفقر والحاجة ليس له شيء وفي رواية عنه هو البعيد التربة قال بن أبي حاتم يعني الغريب عن وطنه وقال عكرمة هو الفقير المديون المحتاج وقال سعيد بن جبير هو الذي لا أحد له وقال بن عباس وسعيد وقتادة ومقاتل بن حيان هو ذو العيال وكل هذه قريبة المعنى وقوله تعالى ( ثم كان من الذين آمنوا ) أي ثم هو مع هذه الأوصاف الجميلةالطاهرة مؤمن بقلبه محتسب ثواب ذلك عند الله عز وجل كما قال تعالى ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ) وقال تعالى ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن ) الآية وقوله تعالى ( وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ) أي كان من المؤمنين العاملين صالحا المتواصين بالصبر على أذى الناس وعلى الرحمة بهم كما جاء في الحديث الشريف الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء وفي الحديث الآخر لا يرحم الله من لا يرحم الناس وقال أبو داود 4943 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان عن بن أبي نجيح عن بن عامر عن عبد الله بن عمرو يرويه قال من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا وقوله تعالى ( أولئك أصحاب الميمنة ) أي المتصفون بهذه الصفات من أصحاب اليمين ثم قال ( والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة ) أي أصحاب الشمال ( عليهم نار مؤصدة ) أي مطبقة عليهم فلا محيد لهم عنها ولا خروج لهم منها قال أبو هريرة وبن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومحمد بن كعب القرظي وعطية العوفي والحسن وقتادة والسدي ( مؤصدة ) أي مطبقة قال بن عباس مغلقة الأبواب وقال مجاهد أصد الباب بلغة
قريش أي أغلقه وسيأتي في ذلك حديث في سورة ( ويل لكل همزة لمزة ) وقال الضحاك ( مؤصدة ) حيط لا باب له وقال قتادة ( مؤصدة ) مطبقة فلا ضوء فيها ولافرج ولا خروج منها آخر الأبد وقال أبو عمران الجوني إذا كان يوم القيامة أمر الله بكل جبار وكل شيطان وكل من كان يخاف الناس في الدنيا شره فأوثقوا بالحديد ثم أمر بهم إلى جهنم ثم أوصدوها عليهم أي أطبقوها قال فلا والله لا تستقر أقدامهم على قرار أبدا ولا والله لا ينظرون فيها إلى أديم سماء أبدا ولا والله لا تلتقي جفون أعينهم على غمض نوم أبدا ولا والله لا يذوقون فيها بارد شراب أبدا رواه بن أبي حاتم