تفسير ابن كثير تفسير الصفحة 599 من المصحف



تفسير ابن كثير - صفحة القرآن رقم 599

599 : تفسير الصفحة رقم 599 من القرآن الكريم

 ( سورة إذا زلزلت )

الآيات ( 99 1 8 )
مقدمة تفسير سورة لم يكن ولله الحمد والمنة تفسير سورة الزلزلة قال الترمذي محمد بن موسى الجويني البصري حدثنا الحسن بت مسلم العجلي حدثنا ثابت
قال الإمام أحمد 2169 حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا سعيد حدثنا عياش بن عباس عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو قال أتى رجل إلى رسول الله فقال أقرئني يا رسول الله قال له اقرأ ثلاثا من ذوات الراء فقال له الرجل كبر سني واشتد قلبي وغلظ لساني قال فاقرأمن ذوات حم فقال مثل مقالته الأولى فقال اقرأ ثلاثا من المسبحات فقال مثل مقالته فقال الرجل ولكن أقرئني يا رسول الله سورة جامعة فأقرأه ( إذا زلزلت الأرض زلزالها ) حتى إذا فرغ منها قال الرجل والذي بعثك بالحق نبيا لا أزيد عليها أبدا ثم أدبر الرجل فقال رسول الله أفلح الرويجل أفلح الرويجل ثم قال علي به فجاءه فقال له أمرت بيوم الأضحى جعله الله عيدا لهذه الأمة فقال له الرجل أرأيت إن لم أجد إلا منيحة أنثى فأضحي بها قال لا ولكنك تأخذ من شعرك وتقلم أظافرك وتقص شاربك وتحلق عانتك فذاك تمام أضحيتك عند الله عز وجل وأخرجه أبو داود 1399 والنسائي 716 من حديث أبي عبد الرحمن المقرئ به وقال الترمذي حدثنا محمد بن موسى الجوني البصري حدثنا الحسن بن مسلم بن صالح العجلي حدثنا ثابت البناني عن أنس قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من قرأ إذا زلزلت عدلت له بنصف القرآن ثم قال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الحسن بن مسلم وقد رواه البزار عن محمد بن موسى الجوني عن الحسن بن سلم عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن وإذا زلزلت تعدل ربع القرآن هذا لفظه وقال الترمذي أيضا 2894 حدثنا علي بن حجر حدثنا يزيد بن هارون حدثنا يمان بن المغيرة العنزي حدثنا عطاء عن بن عباس قال قال رسول الله إذا
زلزلت تعدل نصف القرآن وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن ثم قال غريب لا نعرفه إلا من حديث يمان بن المغيرة وقال أيضا 2895 حدثنا عقبة بن مكرم العمي البصري حدثني بن أبي فديك أخبرني سلمة بن وردان عن أنس بن مالك أن رسول الله قال لرجل من اصحابه هل تزوجت يافلان قال لا والله يا رسول الله ولا عندي ما أتزوج قال أليس معك قل هو الله أحد قال بلى قال ثلث القرآن قال أليس معك إذا جاء نصر الله والفتح قال بلى قال ربع القرآن قال أليس معك قل يا أيها الكافرون قال بلى قال ربع القرآن قال أليس معك إذا زلزلت الأرض قال بلى قال ربع القرآن تزوج ثم قال هذا حديث حسن تفرد بهن ثلاثتهن الترمذي لم يروهن غيره من أصحاب الكتب بسم الله الرحمن الرحيم
قال بن عباس ( إذا زلزلت الأرض زلزالها ) أي تحركت من اسفلها ( وأخرجت الأرض أثقالها ) يعني ألقت مافيها من الموتى قاله غير واحد من السلف وهذه كقوله تعالى ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ) وكقوله ( وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت ) وقال مسلم في صحيحه 1013 حدثنا واصل بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله تلقي الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت ويجيء القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا وقوله عز وجل ( وقال الإنسان ما لها ) أي استنكر أمرها بعد ما كانت قارة ساكنة ثابتة وهو مستقر على ظهرها أي تقلبت الحال فصارت متحركة مضطربة قد جاءها من أمر الله تعالى ما قد أعده لها من الزلزال الذي لامحيد لها عنه ثم ألقت ما في بطنها من الأموات من الأولين والآخرين وحينئذ استنكر الناس أمرها وتبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار وقوله تعالى ( يومئذ تحدث أخبارها ) أي تحدث بما عمل العاملون على ظهرها قال الإمام أحمد 2374 حدثنا إبراهيم حدثنا بن المبارك وقال الترمذي 3353 وأبو عبد الرحمن النسائي 11693 واللفظ له حدثنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله هو بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب عن يحيى بن أبي سليمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قرأ رسول الله هذه الآية ( يومئذ تحدث أخبارها ) قال أتدرون ما أخبارها قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها أن تقول عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا فهذه أخبارها ثم قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب وفي معجم الطبراني 54596 من حديث بن لهيعة حدثني الحارث بن يزيد سمع ربيعة الحدسي أن رسول الله قال تحفظوا من الأرض فإنها أمكم وإنه ليس من أحد عامل عليها خيرا أو شرا إلا وهي مخبرة وقوله تعالى ( بأن ربك أوحى لها ) قال البخاري أوحى لها وأوحى إليها ووحى لها ووحى إليها واحد وكذا قال بن عباس أوحى لها أي أوحى إليها والظاهر أن هذا مضمن بمعنى أذن لها وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن بن عباس ( يومئذ تحدث أخبارها ) قال قال لها ربها قولي فقالت وقال مجاهد أوحى لها أي أمرها وقال القرظي أمرها أن تنشق عنهم وقوله تعالى ( يومئذ يصدر الناس أشتاتا ) أي يرجعون عن موقف الحساب أشتاتا أي أنواعا وأصنافا ما بين شقي وسعيد مأمور به إلى الجنة ومأمور به إلى النار قال بن جريج يتصدعون أشتاتا فلا يجتمعون آخر ماعليهم وقال السدي أشتاتا فرقا وقوله تعالى ( ليروا أعمالهم ) أي ليعملوا ويجازوا بما عملوه في الدنيا من خير وشر ولهذا قال ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) قال البخاري 4962 حدثنا إسماعيل بن عبد الله حدثني مالك عن
زيد بن أسلم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله قال الخيل لثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال طيلها في مرج أو روضة فما أصابت في طيلها ذلك في المرج والروضة كان له حسنات ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن تسقى به كان ذلك حسنات له وهي لذلك الرجل أجر ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله في رقابها ولاظهورها فهي له ستر ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء فهي على ذلك وزر فسئل رسول الله عن الحمر فقال ما أنزل الله فيها شيئا إلا هذه الآية الفاذة الجامعة ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) ورواه مسلم 987 من حديث زيد بن أسلم به وقال الإمام أحمد 559 حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا جرير بن حازم حدثنا الحسن عن صعصعة بن معاوية عم الفرزدق أنه أتى النبي فقرأ عليه ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) قال حسبي لا أبالي أن لا أسمع غيرها وهكذا رواه النسائي في التفسير 11694 عن إبراهيم بن محمد بن يونس المؤدب عن أبيه عن جرير بن حازم عن الحسن البصري قال حدثنا صعصعة عم الفرزدق فذكره وفي صحيح البخاري 7512 عن عدي مرفوعا اتقوا النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة وله أيضا في الصحيح لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط وفي الصحيح أيضا يا معشر نساء المؤمنات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة يعني ظلفها وفي الحديث الآخر ردوا السائل ولو بظلف محرق وقال الإمام أحمد 679 حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله عن عائشة أن رسول الله قال يا عائشة استتري من النار ولو بشق تمرة فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان تفرد به أحمد وروي عن عائشة أنها تصدقت بعنبة وقالت كم فيها من مثقال ذرة وقال الإمام أحمد 6151 حدثنا أبو عامر حدثنا سعيد بن مسلم سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير حدثني عوف بن الحارث بن الطفيل أن عائشة أخبرته أن النبي كان يقول يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله طالبا ورواه النسائي 1217425 وبن ماجة 4243 من حديث سعيد بن مسلم بن بانك به وقال بن جرير حدثني أبو الخطاب الحساني حدثنا الهيثم بن الربيع حدثنا سماك بن عطية عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال كان أبو بكر يأكل مع النبي فنزلت هذه الآية ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) فرفع أبو بكر يدة وقال يا رسول الله إني أجزي بما عملت من مثقال ذرة من شر فقال يا أبا بكر مارأيت في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر الشر ويدخر الله لك مثاقيل ذر الخير حتى توفاه يوم القيامة ورواه بن أبي حاتم عن أبيه عن أبي الخطاب به ثم قال بن جرير حدثنا بن بشار حدثنا عبد الوهاب حدثنا أيوب قال في كتاب أبي قلابة عن أبي إدريس أن أبا بكر كان يأكل مع النبي فذكره ورواه أيضا عن يعقوب عن بن علية عن أيوب عن أبي قلابة أن أبا بكر وذكره طريق أخرى قال بن جرير حدثني يونس بن عبد الأعلى أخبرنا بن وهب أخبرني حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال لما نزلت ( أذا زلزلت الأرض زلزالها ) وأبو بكر الصديق رضي الله عنه قاعد فبكى حين أنزلت فقال له رسول الله مايبكيك يا أبا بكر قال يبكيني هذه السورة فقال له رسول الله لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر الله لكم لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم حديث آخر قال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة وعلي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة المعروف بعلان المصري قالا حدثنا عمرو بن خالد الحراني حدثنا بن لهيعة أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال لما أنزلت ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) قلت يا رسول الله إني لراء عملي قال نعم قلت تلك الكبار الكبار قال نعم قلت الصغار الصغار قال نعم قلت واثكل أمي قال أبشر يا أبا سعيد فإن الحسنة بعشر أمثالها يعني إلى سبعمائة ضعف ويضاعف الله لمن يشاء والسيئة بمثلها أو يعفو الله ولن ينجو أحد منكم بعمله قلت ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه
برحمة قال أبو زرعة لم يرو هذا غير بن لهيعة وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير حدثني بن لهيعة حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) وذلك لما نزلت هذه الآية ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه فيجيء المسكين إلى أبوابهم فيستقلون أن يعطوه التمرة والكسرة والجوزة ونحو ذلك فيردونه ويقولون ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه وكان آخرون يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير الكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك يقولون إنما وعد الله النار على الكبائر فرغبهم في القليل من الخير أن يعملوه فإنه يوشك أن يكثر وحذرهم اليسير من الشر فإنه يوشك أن يكثر فنزلت ( فمن يعمل مثقال ذرة ) يعني وزن أصغر النمل ( خيرا يره ) يعني في كتابه ويسره ذلك قال يكتب لكل بر وفاجر بكل سيئة سيئة واحدة وبكل حسنة عشر حسنات فإذا كان يوم القيامة ضاعف الله حسنات المؤمنين أيضا بكل واحدة عشرا ويمحو عنه بكل حسنة عشر سيئات فمن زادت حسناته على سيئاته مثقال ذرة دخل الجنة وقال الإمام أحمد 1402 حدثنا سليمان بن داود 400 حدثنا عمران عن قتادة عن عبد ربه عن أبي عياض عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله قال إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه وأن رسول الله ضرب لهن مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سوادا وأججوا نارا وأنضجوا ما قذفوا فيها آخر تفسير

( سورة العاديات )

الآيات ( 100 1 11 )
مقدمة تفسير سورة العاديات بسم الله الرحمن الرحيم سورة العاديات وهي
مكية يقسم تعالى بالخيل إذا أجريت في سبيله فعدت وضبحت وهو الصوت الذي يسمع من الفرس حين تعدو ( فالموريات قدحا ) يعني اصطكاك نعالها للصخر فتقدح منه النار ( فالمغيرات صبحا ) يعني الإغارة وقت الصباح كما كان رسول الله يغير صباحا ويستمع الأذان فإن سمع أذانا وإلا أغار وقوله تعالى ( فأثرن به نقعا ) يعني غبارا في مكان معترك الخيول ( فوسطن به جمعا ) أي توسطن ذلك المكان كلهن جمع قال بن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عبدة عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله ( والعاديات ضبحا ) قال الإبل وقال علي هي الإبل وقال بن عباس هي الخيل فبلغ عليا قول بن عباس فقال ما كانت لنا خيل يوم بدر قال بن عباس إنما كان ذلك في سرية بعثت قال بن أبي حاتم وبن جرير وحدثنا يونس أخبرنا بن وهب أخبرني أبو صخر عن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن بن عباس حدثه قال بينا أنا في الحجر جالسا جاءني رجل فسألني عن ( العاديات ضبحا ) فقلت له الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم فانفتل عني فذهب إلى علي رضي الله عنه وهو عند سقاية زمزم فسأله عن العاديات ضبحا فقال سألت عنها أحدا قبلي قال نعم سألت بن عباس فقال الخيل حين تغير في سبيل الله قال اذهب فادعه لي فلما وقف على رأسه قال أتفتي الناس بما لا علم لك والله لئن كان أول غزوة في الإسلام بدر وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد فكيف تكون العاديات ضبحا إنما العاديات ضبحا من عرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى منى قال بن عباس فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي رضي الله عنه وبهذا الإسناد عن بن عباس قال قال علي إنما العاديات ضبحا من عرفة إلى المزدلفة فإذا أووا إلى المزدلفة
أوروا النيران وقال العوفي وغيره عن بن عباس هي الخيل وقد قال بقول على إنها الإبل جماعة منهم إبراهيم وعبيد بن عمير وقال بقول بن عباس آخرون منهم مجاهد وعكرمة وعطاء وقتادة والضحاك واختاره بن جرير وقال بن عباس وعطاء ما ضبحت دابة قط إلا فرس أو كلب وقال بن جريج عن عطاء سمعت بن عباس يصف الضبح أح أح وقال أكثر هؤلاء في قوله ( فالموريات قدحا ) يعني بحوافرها وقيل أسعرن الحرب بين ركبانهن قاله قتادة وعن بن عباس ومجاهد ( فالموريات قدحا ) يعني مكر الرجال وقيل هو إيقاد النار إذا رجعوا إلى منازلهم من الليل وقيل المراد بذلك نيران القبائل وقال من فسرها بالخيل هو إيقاد النار بالمزدلفة قال بن جرير والصواب الأول أنها الخيل حين تقدح بحوافرها وقوله تعالى ( فالمغيرات صبحا ) قال بن عباس ومجاهد وقتادة يعني إغارة الخيل صبحا في سبيل الله وقال من فسرها بالإبل هو الدفع صبحا من المزدلفة إلى منى وقالوا كلهم في قوله ( فأثرن به نقعا ) هو المكان الذي حلت فيه أثارت به الغبار إما في حج أو غزو وقوله تعالى ( فوسطن به جمعا ) قال العوفي عن بن عباس وعطاء وعكرمة وقتادة والضحاك يعني جمع الكفار من العدو ويحتمل أن يكون فوسطن بذلك المكان جميعهن ويكون جمعا منصوبا على الحال المؤكدة وقد روى أبو بكر البزار ها هنا حديثا 2291 غريبا جدا فقال حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا حفص بن جميع حدثنا سماك عن عكرمة عن بن عباس قال بعث رسول الله خيلا فاشهرت شهرا لا يأتيه منها خبر فنزلت ( والعاديات ضبحا ) ضبحت بأرجلها ( فالموريات قدحا ) قدحت بحوافرها الحجارة فأورت نارا ( فالمغيرات صبحا ) صبحت القوم بغارة ( فأثرن به نقعا ) أثارت بحوافرها التراب ( فوسطن به جمعا ) قال صبحت القوم جميعا وقوله تعالى ( إن الإنسان لربه لكنود ) هذا هو المقسم عليه بمعنى أنه بنعم ربه لكفور جحود قال بن عباس ومجاهد وإبراهيم النخعي وأبو الجوزاء وأبو العالية وأبو الضحى وسعيد بن جبير ومحمد بن قيس والضحاك والحسن وقتادة والربيع بن أنس وبن زيد الكنود الكفور قال الحسن الكنود هو الذي يعد المصائب وينسى نعم الله عليه وقال بن أبي حاتم حدثنا أبو كريب حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال قال رسول الله إن الإنسان لربه لكنود قال الكنود الذي يأكل وحده ويضرب عبده ويمنع رفده رواه بن أبي حاتم من طريق جعفر بن الزبير وهو متروك فهذا إسناد ضعيف وقد رواه بن جرير أيضا من حديث حريز بن عثمان عن حمزة بن هانى عن أبي أمامة موقوفا وقوله تعالى ( وإنه على ذلك لشهيد ) قال قتادة وسفيان الثوري وإن الله على ذلك لشهيد ويحتمل أن يعود الضمير على الإنسان قاله محمد بن كعب القرظي فيكون تقديره وإن الإنسان على كونه كنودا لشهيد أي بلسان حاله أي ظاهر ذلك عليه في أقواله وأفعاله كما قال تعالى ( ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر ) وقوله تعالى ( وإنه لحب الخير لشديد ) أي وإنه لحب الخير وهو المال لشديد وفيه مذهبان أحدهما أن المعنى وإنه لشديد المحبة للمال والثاني وإنه لحريص بخيل من محبة المال وكلاهما صحيح ثم قال تبارك وتعالى مزهدا في الدنيا ومرغبا في الآخرة ومنبها على ما هو كائن بعد هذه الحال وما يستقبله الإنسان من الأهوال ( أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور ) أي أخرج مافيها من الأموات ( وحصل ما في الصدور ) قال بن عباس وغيره يعني أبرز وأظهر ماكانوا يسرون في نفوسهم ( إن ربهم بهم يومئذ لخبير ) أي لعالم بجميع ما كانوا يصنعون ويعملون ومجازيهم عليه أوفر الجزاء ولا يظلم مثقال ذرة