تفسير الشنقيطي تفسير الصفحة 415 من المصحف


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 415


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 67

 {الۤـمۤ * تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَـٰهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاٌّرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ * يُدَبِّرُ ٱلاٌّمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلاٌّرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ * ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ * ٱلَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَـٰنِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلاٌّبْصَـٰرَ وَٱلاٌّفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ * وَقَالُوۤاْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى ٱلاٌّرْضِ أَءِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَـٰفِرُونَ}
قوله تعالىٰ: {أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَـٰهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ}. قد قدّمنا إيضاحه في سورة «بني إسرٰئيل»، في الكلام على قوله تعالىٰ: {وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولا}. {يُدَبِّرُ ٱلاٌّمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلاٌّرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ }. ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يدبّر الأمر من السماء إلى الأرض، وأنه يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة.
وأشار تعالىٰ إلى هذا المعنى في قوله: {ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ سَبْعَ * سَمَـٰوَاتٍ وَمِنَ ٱلاْرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلاْمْرُ بَيْنَهُنَّ}، وقد بيَّن في سورة «الحجّ»، أن اليوم عنده تعالىٰ كألف سنة مما يعدّه الناس، وذلك في قوله تعالىٰ: {وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مّمَّا تَعُدُّونَ}، وقد قال تعالىٰ في سورة «سأل سائل»: {تَعْرُجُ ٱلْمَلَـئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}.
وقد ذكرنا في كتابنا «دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب»، الجمع بين هذه الآيات من وجهين:
الأول: هو ما أخرجه ابن أبي حاتم، من طريق سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس من أن يوم الألف في سورة «الحجّ»، هو أحد الأيام الستّة التي خلق اللَّه فيها السمٰوات والأرض، ويوم الألف في سورة «السجدة»، هو مقدار سير الأمر وعروجه إليه تعالىٰ، ويوم الخمسين ألفًا هو يوم القيامة.
الوجه الثاني: أن المراد بجميعها يوم القيامة، وأن الاختلاف باعتبار حال المؤمن والكافر، ويدلّ لهذا الوجه قوله تعالىٰ: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ}، وقوله تعالىٰ: {يَقُولُ ٱلْكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ}.
وقد أوضحنا هذا الوجه في سورة «الفرقان»، في الكلام على قوله تعالىٰ: {أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلا}، وقد ذكرنا في «دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب»: أن أبا عبيدة روى عن إسمٰعيل بن إبرٰهيم، عن أيّوب، عن ابن أبي مليكة أنه حضر كلاًّ من ابن عباس وسعيد بن المسيّب سئل عن هذه الآيات، فلم يدرِ ما يقول فيها، ويقول: لا أدري.

{قُلْ يَتَوَفَّـٰكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِى وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ *

سيتم شرح هذه الأيه في الصفحة التي بعدها ان شاء الله