تفسير الطبري تفسير الصفحة 575 من المصحف

 تفسير الطبري - صفحة القرآن رقم 575
576
574
 الآية : 19-20
القول فـي تأويـل قوله تعالى:{إِنّ هَـَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ اتّخَذَ إِلَىَ رَبّهِ سَبِيلاً * إِنّ رَبّكَ يَعْلَمُ أَنّكَ تَقُومُ أَدْنَىَ مِن ثُلُثَيِ الْلّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مّنَ الّذِينَ مَعَكَ وَاللّهُ يُقَدّرُ الْلّيْلَ وَالنّهَارَ عَلِمَ أَلّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مّرْضَىَ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَأَقْرِضُواُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدّمُواْ لأنفُسِكُمْ مّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ }.
يعني تعالى ذكره بقوله: إن هذه الاَيات التي ذكر فيها أمر القيامة وأهوالها, وما هو فاعل فيها بأهل الكفر تذكرة يقول: عبرة وعظة لمن اعتبر بها واتعظ فَمَنْ شاءَ اتّخَذَ إلى رَبّهِ سَبِيلاً يقول: فمن شاء من الخلق اتخذ إلى ربه طريقا بالإيمان به, والعمل بطاعته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27295ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: إنّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ يعني القرآن فَمَنْ شاءَ اتّخَذَ إلى رَبّهِ سَبِيلاً بطاعة الله.
وقوله: إنّ رَبّكَ يَعْلَمُ أنكَ تَقُومُ أدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللّيْل يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن ربك يا محمد يعلم أنك تقوم أقرب من ثلثي الليل مصليا, ونصفه وثلثه.
اختلف القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة بالخفض ونصفه وثلثه بمعنى: وأدنى من نصفه وثلثه, إنكم لم تطيقوا العمل بما افترض عليكم من قيام الليل, فقوموا أدنى من ثلثي الليل ومن نصفه وثلثه. وقرأ ذلك بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء الكوفة بالنصب, بمعنى: إنك تقوم أدنى من ثلثي الليل وتقوم نصفه وثلثه.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب.
وقوله: وَطائِفَةٌ مِنَ الّذِينَ مَعَكَ يعني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا مؤمنين بالله حين فرض عليهم قيام الليل.
وقوله: وَاللّهُ يُقَدّرُ الليْلَ والنهارَ بالساعات والأوقات.
وقوله: عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ يقول: علم ربكم أيها القوم الذين فرض عليهم قيام الليل أن لن تطيقوا قيامه فَتابَ عَلَيْكُمْ إذ عجزتم وضعفتم عنه, ورجع بكم إلى التخفيف عنكم. وبنحو الذي قلنا في معنى قوله أنْ لَنْ تُحْصُوهُ قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27296ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا هشيم, عن عباد بن راشد, عن الحسن عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ أن لن تطيقوه.
حدثني يقعوب, قال: حدثنا هشيم, قال: أخبرني به عباد بن راشد, قال: سمعت الحسن يقول في قوله عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ قال: لن تطيقوه.
27297ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يعقوب, عن جعفر, عن سعيد عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ يقول: أن لن تطيقوه.
27298ـ قال: ثنا مهران, عن سفيان عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ قال: أن لن تطيقوه.
27299ـ حدثني يعقوب, قال: حدثنا ابن علية, قال: حدثنا عطاء بن السائب, عن أبيه, عن عبد الله بن عمرو, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خَلّتانِ لا يُحْصِيهُما رَجَلٌ مُسْلمٌ إلاّ أدْخَلَتاهُ الجَنةَ, وهُمَا يَسِيرٌ, وَمَنْ يَعْمَلْ بِهما قَلِيلٌ, يُسَبّحُ اللّهَ فِي دُبُرِ كُلّ صَلاةٍ عَشْرا, ويَحْمَدُهُ عَشْرا, ويُكَبّرُهُ عَشْرا» قال: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده, قال: «فَتِلكَ خَمُسُونَ وَمِئَةٌ باللّسانِ, وألْفٌ وخَمْسُ مِئَةٍ فِي المِيزَانِ وَإذَا أوَى إلى فِراشِهِ سَبّحَ وحَمَد وكَبّر مِئَةِ, قال: فَتِلكَ مِئَةٌ باللّسانِ, وألْفٌ فِي المِيزَانِ, فأيّكُمْ يَعْمَلُ فِي اليَوْمِ الوَاحِدِ ألْفَينِ وخَمْسَ مِئَةِ سَيّئَةٍ؟» قالوا: فكيف لا نحصيهما؟ قال: «يأتى أحَدَكُمُ الشيْطانُ وَهُوَ فِي صَلاتِهِ فَيَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا, اذْكُرْ كَذَا حتى يَنْفَتِلَ, وَلَعَلَهُ لا يَعْقِلُ, ويأْتِيهِ وَهُوَ فِي مَضْجَعِهِ فَلا يَزَالُ يُنَوّمَهُ حتى يَنامَ».
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا أبو نعيم, عن سفيان, عن عطاء بن السائب, عن أبيه, عن عبد الله بن عمرو, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم نحوه.
27300ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ قيام الليل كتب عليكم فاقْرَءُوا ما تَيَسّرَ مِنَ القُرْآنِ.
وقوله: فاقْرَءُوا ما تَيَسّرَ مِنَ القُرْآنِ يقول: فاقرأوا من الليل ما تيسر لكم من القرآن في صلاتكم وهذا تخفيف من الله عزّ وجلّ عن عباده فرضه الذي كان فرض عليهم بقوله: قُمِ اللّيْلَ إلاّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً.
27301ـ حدثني يعقوب, قال: حدثنا ابن علية, عن أبي رجاء محمد, قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد ما تقول في رجل قد استظهر القرآن كله عن ظهر قلبه, فلا يقوم به, إنما يصلي المكتوبة, قال: يتوسد القرآن, لعن الله ذاك قال الله للعبد الصالح: وَإنّهُ لَذُو عِلْمِ لمَا عَلّمْناهُ وعُلّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قلت: يا أبا سعيد قال الله: فاقْرَءُوا ما تَيَسّرَ مِنَ القُرْآنِ قال: نعم, ولو خمسين آية.
27302ـ حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, عن عثمان الهمداني, عن السديّ, في قوله: فاقْرَءُوا ما تَيَسّرَ مِنَ القُرْآنِ قال: مئة آية.
27303ـ قال: ثنا وكيع, عن ربيع, عن الحسن, قال: من قرأ مئة آية في ليلة لم يحاجه القرآن.
27304ـ قال: ثنا وكيع, عن الأعمش, عن أبي صالح, عن كعب, قال: من قرأ في ليلة مئة كُتب من العابدين.
وقوله: عَلِمَ أنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وآخَرُونَ يَضْربُونَ فِي الأرْض يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللّهِ يقول تعالى ذكره: علم ربكم أيها المؤمنون أن سيكون منكم أهل مرض قد أضعفه المرض عن قيام الليل وآخَرُونَ يَضْربُونَ فِي الأرْضِ في سفر يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللّهِ في تجارة قد سافروا لطلب المعاش فأعجزهم, فأضعفهم أيضا عن قيام الليل وآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ يقول: وآخرون أيضا منكم يجاهدون العدوّ فيقاتلونهم في نُصرة دين الله, فرحمكم الله فخفف عنكم, ووضع عنكم فرض قيام الليل فاقْرَءُوا ما تَيَسّرَ مِنْهُ يقول: فاقرءوا الاَن إذ خفف ذلك عنكم من الليل في صلاتكم ما تيسّر من القرآن. والهاء في قوله «منه» من ذكر القرآن. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27305ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال: ثم أنبأ بخصال المؤمنين, فقال: عَلِمَ أنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وآخَرُونَ يَضْربُونَ فِي الأرْض يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللّهِ, وآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ, فاقْرَءُوا ما تَيَسّرَ مِنْهُ قال: افترض الله القيام في أوّل هذه السورة, فقام نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم, وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء, ثم أنزل التخفيف في آخرها فصار قيام الليل تطوّعا بعد فريضة.
وأقِيمُوا الصّلاةَ يقول: وأقيموا المفروضة وهي الصلوات الخمس في اليوم والليل وآتُوا الزّكاةَ يقول: وأعطوا الزكاة المفروضة في أموالكم أهلها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27306ـ حدثني بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وأقِيمُوا الصّلاةَ وآتُوا الزّكاةَ فهما فريضتان واجبتان, لا رخصة لأحد فيهما, فأدّوهما إلى الله تعالى ذكره.
وقوله: وأقْرِضُوا اللّهَ قَرْضا حَسَنا يقول: وانفقوا في سبيل الله من أموالكم.
وكان ابن زيد يقول في ذلك ما:
27307ـ حدثني به يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: وأقْرِضُوا اللّهَ قَرْضَا حَسَنا قال: القرض: النوافل سوى الزكاة.
وقوله: وَما تُقَدّمُوا لأنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللّهِ هُوَ خَيْرا وأعْظَمَ أجْرا يقول: وما تقدّموا أيها المؤمنون لأنفسكم في دار الدنيا من صدقة أو نفقة تنفقونها في سبيل الله, أو غير ذلك من نفقة في وجوه الخير, أو عمل بطاعة الله من صلاة أو صيام أو حجّ, أو غير ذلك من أعمال الخير في طلب ما عند الله, تجدوه عند الله يوم القيامة في معادكم, هو خيرا لكم مما قدّمتم في الدنيا, وأعظم منه ثوابا: أي ثوابه أعظم من ذلك الذي قدّمتموه لو لم تكونوا قدّمتموه وَاسْتَغْفِرُوا اللّهَ يقول تعالى ذكره: وسلوا الله غفران ذنوبكم يصفح لكم عنها إن اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يقول: إن الله ذو مغفرة لذنوب من تاب من عباده من ذنوبه, وذو رحمة أن يعاقبهم عليها من بعد توبتهم منها.

نهاية تفسير الإمام الطبري لسورة المزمل

سورة المدثر مكية
وآياتها ست وخمسون
بسم الله الرحمَن الرحيـم

الآية : 1-7
القول فـي تأويـل قوله تعالى:{يَأَيّهَا الْمُدّثّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبّكَ فَكَبّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ * وَالرّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبّكَ فَاصْبِرْ }.
يقول جلّ ثناؤه: يا أيّها المُدّثّرُ: يا أيها المتدثر بثيابه عند نومه.
وذُكر أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قيل له ذلك, وهو متدثر بقطيفة. ذكر من قال ذلك:
27308ـ حدثنا محمد بن المثنى, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, عن شعبة, عن المغيرة, عن إبراهيم يا أيّها المُدّثّرُ قال: كان متدثرا في قطيفة.
وذُكر أن هذه الاَية أوّل شيء نزل من القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأنه قيل له: يا أيّها المُدّثّرُ, كما:
27309ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: أخبرنا يونس, عن ابن شهاب, قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن, أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدّث عن فترة الوحي: «بَيْنا أنا أمْشِي سَمِعْت صَوْتا مِنَ السّماءِ فَرَفَعْتُ رأسِي, فإذَا المَلَك الّذِي جاءَنِي بِحِرَاءَ جالِسٌ على كُرْسِيّ بَينَ السّماءِ والأرْضِ» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَجُثِثْتُ مِنْهُ فَرَقا, وجِئْتُ أهْلي فَقُلْتُ: زَمّلُونِي زَمّلُوني, فدَثّرُونِي» فأنزل الله: يا أيّها المُدّثّرُ قُمْ فأنْذِرْ وَرَبّكَ فَكَبّرْ... إلى قوله: وَالرّجْزَ فاهْجُرْ قال: ثم تتابع الوحي.
حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا الوليد بن مسلم, قال: حدثنا الأوزاعي, قال: ثني يحيى بن أبي كثير, قال: سألت أبا سلمة: أيّ القرآن أُنزل أوّل, فقال: يا أيّها المُدّثّرُ فقلت: يقولون اقْرأ باسْمِ رَبّكَ الّذي خَلَقَ, فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله: أيّ القرآن أنزل أوّل؟ فقال: يا أيّها المُدّثّرُ, فقلت يقولون: اقْرأ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ فقال: لا أخبرك إلا ما حدثنا النبيّ صلى الله عليه وسلم, قال: «جاورت في حِراء فلما قضيت جواري هبطت, فاستبطنت الوادي, فنوديت, فنظرت عن يميني وعن شمالي وخلفي وقدّامي, فلم أر شيئا, فنظرت فوق رأسي فإذا هو جالس على عرش بين السماء والأرض, فخشيت منه» هكذا قال عثمان بن عمرو, إنما هو: «فجثثت منه, ولقيت خديجة, فقلت: دثروني, فدثروني, وصبوا عليّ ماءً, فأنزل الله عليّ: يا أيّها المُدّثّرُ قُمْ فأنْدِرْ.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, عن عليّ بن مبارك, عن يحيى بن أبي كثير, قال: سألت أبا سلمة عن أوّل ما نزل من القرآن, قال: نزلت يا أيّها المُدّثّرُ أوّل قال: قلت: إنهم يقولون اقْرأ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ, فقال: سألت جابر بن عبد الله, فقال: لا أحدّثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جاوَرْتُ بِحِرَاءً فلمّا قَضَيْتُ جِوَارِي هَبَطْتُ, فَسَمِعْتُ صَوْتا, فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِيِني فَلَمْ أرَ شَيْئا, وَنَظَرْتُ خَلْفِي فَلَمْ أرَ شَيْئا, فَرَفَعْتُ رأسي فرأيْتُ شَيْئا, فأتَيْتُ خَدِيجَةَ, فَقُلْتُ: دَثّرُونِي وَصبّوا عَليّ ماء بارِدا, فنزلت يا أيّها المُدّثّرُ.
27310ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن الزهريّ, قال: فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة, فحزن حزنا, فجعل يعدو إلى شواهق رؤوس الجبال ليتردّي منها, فكلما أوفي بذروة جبل تبدّى له جبريل عليه السلام فيقول: إنك نبيّ الله, فيسكن جأشه, وتسكن نفسه فكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يحدّث عن ذلك, قال: «بَيْنَما أنا أمْشِي يَوْما إذْ رأيْتُ المَلَكَ الّذِي كان يأتِيني بِحرَاءَ على كُرْسِيّ بَينَ السّماءِ والأرْضِ, فَجُثِثْتُ مِنْهُ رُعْبا, فَرَجَعْتُ إلى خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: زَمّلُونِي, فزمّلناه»: أي فدثرناه, فأنزل الله يا أيّها المُدّثّرُ, قُمْ فأنْذِرْ, وَرَبّكَ فَكَبّرْ, وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال الزهري: فكان أوّل شيء أنزل عليه: اقْرأ باسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ... حتى بلغ ما لَمْ يَعْلَمْ.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله: يا أيّها المُدّثّرُ, فقال بعضهم: معنى ذلك: يا أيها النائم في ثيابه. ذكر من قال ذلك:
27311ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: يا أيّها المُدّثّرُ قال: يا أيها النائم.
27312ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: يا أيّها المُدّثّرُ يقول: المتدثر في ثيابه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: يا أيها المتدثر النبوّة وأثقالها. ذكر من قال ذلك:
27313ـ حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا عبد الأعلى, قال: وسُئل داود عن هذه الاَية: يا أيّها المُدّثّرُ فحدثنا عن عكرمة أنه قال: دثّرت هذا الأمر فقم به.
وقوله: قُمْ فأنْذِر يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قم من نومك فأنذر عذاب الله قومك الذين أشركوا بالله, وعبدوا غيره. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27314ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة قُمْ فأنْذِرْ: أي أنذر عذاب الله ووقائعه في الأمم, وشدّة نقمته.
وقوله: وَرَبّكَ فَكَبّرْ يقول تعالى ذكره: وربك يا محمد فعظم بعبادته, والرغبة إليه في حاجاتك دون غيره من الاَلهة والأنداد.
وقوله: وَثِيابَكَ فَطَهّرْ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: لا تلبس ثيابك على معصية, ولا على غدرة. ذكر من قال ذلك:
27315ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: أما سمعت قول غَيلان بن سَلَمة:
وإنّى بِحَمْدِ اللّهِ لا ثَوْبَ فاجِرٍلَبِسْتُ وَلا مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنّعُ
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا مُصْعَب بن سلام, عن الأجلح, عن عكرِمة, عن ابن عباس, قال: أتاه رجل وأنا جالس فقال: أرأيت قول الله: وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: لا تلبسها على معصية ولا على غدرة, ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفيّ:
وإنّى بِحَمْدِ اللّهِ لا ثَوْبَ فاجِرٍلَبِسْتُ وَلا مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنّعُ
27316ـ حدثنا سعيد بن يحيى, قال: حدثنا حفص بن غياث, عن الأجلح, عن عكرِمة, قوله: وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: لا تلبسها على غدرة, ولا على فجرة, ثم تمثّل بشعر غيلان بن سلمة هذا.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, قال: حدثنا سفيان, عن الأجلح بن عبد الله الكندي, عن عكرِمة وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: لا تلبس ثيابك على معصية, ألم تسمع قول غيلان بن سَلَمَةَ الثقفّي:
وإنّى بِحَمْدِ اللّهِ لا ثَوْبَ فاجِرٍلَبِسْتُ وَلا مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنّعُ
27317ـ حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة, قال: حدثنا حجاج, قال ابن جريج, أخبرني عطاء, أنه سمع ابن عباس يقول: وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: من الإثم, ثم قال: نقيّ الثياب في كلام العرب.
حدثنا سعيد بن يحيى, قال: حدثنا حفص بن غياث القاضي, عن ابن جُرَيج, عن عطاء, عن ابن عباس, قوله وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: في كلام العرب: نقيّ الثياب.
27318ـ حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, عن شعبة, عن مغيرة, عن إبراهيم وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: من الذنوب.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا يحيى بن سعيد, عن ابن جريج, عن عطاء, عن ابن عباس وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: من الذنوب.
27319ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: هي كلمة من العربية كانت العرب تقولها: طهر ثيابك: أي من الذنوب.
27320ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَثِيابَكَ فَطَهّرْ يقول: طهّرها من المعاصي, فكانت العرب تسمى الرجل إذا نكث ولم يف بعهد أنه دَنِس الثياب, وإذا وفى وأصلح قالوا: مطهّر الثياب.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن ابن جريج, عن عطاء, عن ابن عباس: وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: من الإثم.
قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن مغيرة, عن إبراهيم وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: من الإثم.
27321ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَثِيابَكَ فَطَهّرْ يقول: لا تلبس ثيابك على معصية.
حدثنا أبو كريب, قال: حدثنا وكيع, عن سفيان, عن ابن جُريج, عن عطاء, عن ابن عباس وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: من الإثم.
قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن مغيرة, عن إبراهيم, قال: من الإثم.
27322ـ قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن الأجلح, سمع عكرمة قال: لا تلبس ثيابك على معصية.
27323ـ قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن جابر, عن عامر وعطاء قالا: من الخطايا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تلبس ثيابك من مكسب غير طيب. ذكر من قال ذلك:
27324ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائب, ويقال: لا تلبس ثيابك على معصية.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أصلح عملك. ذكر من قال ذلك:
27325ـ حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي, قال: حدثنا فضيل بن عياض, عن منصور, عن مجاهد, في قوله: وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: عملك فأصلح.
27326ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن أبي رَزِين في قوله: وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: عملك فأصلحه, وكان الرجل إذا كان خبيث العمل, قالوا: فلان خبيث الثياب, وإذا كان حسن العمل قالوا: فلان طاهر الثياب.
وقال آخرون في ذلك ما.
27327ـ حدثنا محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: لست بكاهن ولا ساحر, فأعرض عما قالوا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: اغسلها بالماء, وطهرها من النجاسة. ذكر من قال ذلك:
27328ـ حدثني عباس بن أبي طالب, قال: حدثنا عليّ بن عبد الله بن جعفر, عن أحمد بن موسى بن أبي مريم صاحب اللؤلؤ, قال: أخبرنا ابن عون, عن محمد بن سيرين وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: اغسلها بالماء.
27329ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَثِيابَكَ فَطَهّرْ قال: كان المشركون لا يتطهرون, فأمره أن يتطهر, ويطهّر ثيابه.
وهذا القول الذي قاله ابن سيرين وابن زيد في ذلك أظهر معانيه, والذي قاله ابن عباس وعكرِمة وابن زكريا قول عليه أكثر السلف من أنه عُنِيَ به: جسمك فطهر من الذنوب, والله أعلم بمراده من ذلك.
وَالرّجْزَ فاهْجُرْ اختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأه بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء الكوفة: «والرّجْز» بكسر الراء, وقرأه بعض المكيين والمدنيين والرّجْزَ بضم الراء, فمن ضمّ الراء وجهه إلى الأوثان, وقال: معنى الكلام: والأوثان فاهجر عبادتها, واترك خدمتها, ومن كسر الراء وجّهه إلى العذاب, وقال: معناه: والعذاب فاهجر, أي ما أوجب لك العذاب من الأعمال فاهجر.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان, فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب, والضمّ والكسر في ذلك لغتان بمعنى واحد, ولم نجد أحدا من من متقدّمي أهل التأويل فرّق بين تأويل ذلك, وإنما فرّق بين ذلك فيما بلغنا الكسائيّ.
واختلف أهل التأويل في معنى الرّجْزَ في هذا الموضع, فقال بعضهم: هو الأصنام. ذكر من قال ذلك:
27330ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله: وَالرّجْزَ فاهْجُرْ يقول: السخط وهو الأصنام.
27331ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: وَالرّجْزَ فاهْجُرْ قال: الأوثان.
27332ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا وكيع, عن إسرائيل قال أبو جعفر: أحسبه أنا عن جابرٍ عن مجاهد وعكرِمة وَالرّجْزَ فاهْجُرْ قال: الأوثان.
27333ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة وَالرّجْزَ فاهْجُرْ: إساف ونائلة, وهما صنمان كانا عند البيت يمسح وجوههما من أتى عليهما, فأمر الله نبيّهُ صلى الله عليه وسلم أن يجتنبهما ويعتزلهما.
27334ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن الزهريّ وَالرّجْزَ فاهْجُرْ قال: هي الأوثان.
27335ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَالرّجْزَ فاهْجُرْ قال: الرجز: آلهتهم التي كانوا يعبدون أمره أن يهجرها, فلا يأتيها, ولا يقربها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: والمعصية والإثم فاهجر. ذكر من قال ذلك:
27336ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن مغيرة, عن إبراهيم وَالرّجْزَ فاهْجُرْ قال الإثم.
27337ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وَالرّجْزَ فاهْجُرْ يقول: اهجر المعصية.
وقد بيّنا معنى الرجز فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع.
وقوله: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم: معنى ذلك: ولا تُعطِ يا محمد عطية لتعطَى أكثر منها. ذكر من قال ذلك:
27338ـ حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تُعط عطية تلتمس بها أفضل منها.
27339ـ حدثنا أبو حميد الحمصي أحمد بن المُغيرة, قال: ثني أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرميّ, قال: ثني أرطاة عن ضمرة بن حبيب وأبي الأحوص في قوله: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تعط شيئا, لتُعْطي أكثر منه.
27340ـ حدثني يعقوب, قال: حدثنا ابن علية, عن أبي رجاء, عن عكرِمة, في قوله: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تعطِ شيئا لتُعْطَي أكثر منه.
حدثنا ابن المثنى, قال: حدثنا محمد بن جعفر, قال: حدثنا شعبة, قال: أخبرني من سمع عكرِمة يقول: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تعط العطية لتريد أن تأخذ أكثر منها.
27341ـ حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي, قال: حدثنا فضيل, عن منصور, عن إبراهيم وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تعط كيما تَزداد.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا سفيان, عن مُغيرة, عن إبراهيم, في قوله وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تعط شيئا لتأخذ أكثر منه.
27342ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا وكيع, عن سلمة, عن الضحاك وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تعطِ لتُعْطَي أكثر منه.
قال: ثنا وكيع, عن سفيان, عن مغيرة, عن إبراهيم, في قوله وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تعطِ لتُعْطَى أكثر منه.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا جرير, عن منصور, عن إبراهيم, في قوله وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تعط شيئا لتزداد.
27343ـ حدثنا أبو كُرَيْبٍ قال: حدثنا وكيع, عن ابن أبي روّاد, عن الضحاك, قال: هو الربا الحلال, كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصّة.
27344ـ حدثنا أبو كُرَيْبٍ, قال: حدثنا وكيع, عن أبي حجيرة, عن الضحاك, هما رِبَوَان: حلال, وحرام فأما الحلال: فالهدايا, والحرام: فالربا.
27345ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ يقول: لا تعط شيئا, إنما بك مجازاة الدنيا ومعارضها.
27346ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تعط شيئا لتثاب أفضل منه, وقاله أيضا طاوس.
27347ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: تعطي مالاً مصانعة رجاء أفضل منه من الثواب في الدنيا.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن مغيرة, عن إبراهيم, قال: لا تعط لتُعْطي أكثر منه.
قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن منصور, عن إبراهيم وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تعط لتزداد.
قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن رجل, عن الضحاك بن مزاحم وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: هي للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصّة, وللناس عامّة مُوَسّع عليهم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا تمنن عملك على ربك تستكثر. ذكر من قال ذلك:
27348ـ حدثنا مجاهد بن موسى, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سفيان بن حسين, عن الحسن, في قوله: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تمنن عملك تستكثره على ربك.
حدثنا محمد بن بشار, قال: حدثنا هوذة, قال: حدثنا عوف, عن الحسن وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تمنن تستكثر عملك.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا يحيى بن واضح, قال: حدثنا يونس بن نافع أبو غانم, عن أبي سهل, كثير بن زياد, عن الحسن وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ يقول: لا تمنن تستكثر عملك الصالح.
27349ـ حدثنا ابن حُميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن أبي جعفر, عن الربيع بن أنس وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا يكثر عملك في عينك, فإنه فيما أنعم الله عليك وأعطاك قليل.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تضعف أن تستكثر من الخير. ووجّهوا معنى قوله: وَلا تَمْنُنْ أي لا تضعف, من قولهم: حبل منين: إذا كان ضعيفا. ذكر من قال ذلك:
27350ـ حدثنا أبو حميد بن المغيرة الحمصي, قال: حدثنا عبد الله بن عمرو, قال: حدثنا محمد بن سلمة, عن خَصِيف عن مجاهد, في قوله: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تضعف أن تستكثر من الخير, قال: تمنن في كلام العرب: تضعف.
وقال آخرون في ذلك: لا تمنن بالنبوّة على الناس, تأخذ عليه منهم أجرا. ذكر من قال ذلك:
27351ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تمنن بالنبوّة والقرآن الذي أرسلناك به تستكثرهم به, تأخذ عليه عوضا من الدنيا.
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب في ذلك قول من قال: معنى ذلك: ولا تمنن على ربك من أن تستكثر عملك الصالح.
وإنما قلت ذلك أولى بالصواب, لأن ذلك في سياق آيات تقدمّ فيهنّ أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالجدّ في الدعاء إليه, والصبر على ما يَلْقَى من الأذى فيه, فهذه بأن تكون من أنواع تلك, أشبه منها بأن تكون من غيرها. وذُكر عن عبد الله بن مسعود أن ذلك في قراءته: «وَلا تَمْنُنْ أنْ تَسْتَكْثِرُ».
وقوله: وَلِرَبَكَ فاصْبِرْ يقول تعالى ذكره: ولربك فاصبر على ما لقيت فيه من المكروه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل على اختلاف فيه بين أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27352ـ حدثنا محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: وَلِرَبّكَ فاصْبِرْ قال: على ما أوتيت.
27353ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: وَلِرَبّكَ فاصْبِرْ قال: حمل أمرا عظيما محاربة العرب, ثم العجم من بعد العرب في الله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولربك فاصبر على عطيتك. ذكر من قال ذلك:
27354ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا وكيع, عن سفيان, عن مغيرة, عن إبراهيم وَلِرَبّكَ فاصْبِرْ قال: اصبر على عطيتك.
حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن مغيرة, عن إبراهيم, قال: اصبر على عطيتك لله.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا سفيان, عن مغيرة, عن إبراهيم, في قوله: وَلِرَبّكَ فاصْبِرْ قال: عطيتك اصبر عليها.

الآية : 8-12
القول فـي تأويـل قوله تعالى:{فَإِذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ * ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مّمْدُوداً }.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: فَإذَا نُفِخَ فِي الصّورِ, فذلك يومئذ يوم شديد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27355ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا ابن فضيل وأسباط, عن مطرّف, عن عطية العوفيّ, عن ابن عباس, في قوله فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ فَذلكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ أنْعَمُ وَصَاحبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ القَرْنَ وَحَنى جَبْهَتَهُ يَسْتَمعُ مَتى يُؤْمَرُ يَنْفُخُ فِيهِ», فقال أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف نقول؟ فقال: «تقولون: حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ, عَلى اللّهِ تَوَكّلْنا».
27356ـ حدثني يعقوب, قال: حدثنا ابن علية, قال: أخبرنا أبو رجاء, عن عكرِمة, في قوله: فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ قال: إذا نُفخ في الصور.
حدثنا محمد بن المثنى, قال: حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله, قال: حدثنا شعبة, عن أبي رجاء, عن عكرِمة, في قوله فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ مثله.
27357ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا وكيع, عن شريك, عن جابر, عن مجاهد فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ قال: إذا نُفخ في الصور.
حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ قال: في الصور, قال: هي شيء كهيئة البوق.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ قال: هو يوم يُنفخ في الصور الذي ينفخ فيه قال ابن عباس: إن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أصحابه, فقال: «كَيْفَ أنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ القَرْنَ, وَحَنى جَبْهَتَهُ, ثُمّ أقْبَلَ بأُذُنِهِ يَسْتَمِعُ مَتى يُؤْمَرُ بالصّيْحَة» فاشتدّ ذلك على أصحابه, فأمرهم أن يقولوا: «حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ, على اللّهِ تَوَكّلْنا».
27358ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس, قوله فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ يقول: الصور.
27359ـ حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: حدثنا ابن ثور, عن معمر, قال الحسن: فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ قال: إذا نُفخ في الصّور.
27360ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, في قوله: فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ والناقور: الصور, والصور: الخلق.
27361ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول, في قوله: فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ يعني: الصّور.
27362ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا حكام, عن أبي جعفر, عن الربيع, قوله: فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ قال: الناقور: الصور.
حدثنا مهران, عن أبي جعفر, عن الربيع مثله.
27363ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: فإذَا نُقِرَ فِي النّاقُورِ قال: الصور.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27364ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: فَذَلكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ يقول: شديد.
27365ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قال الله تعالى ذكره: فَذلكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ فبين الله على من يقع على الكافرين غير يسير.
وقوله: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدا يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: كل يا محمد أمر الذي خلقته في بطن أمه وحيدا, لا شيء له من مال ولا ولد إليّ. وذُكر أنه عُنِي بذلك: الوليد بن المغيرة المخزومي. ذكر من قال ذلك:
27366ـ حدثنا سفيان, قال: حدثنا وكيع, قال: حدثنا يونُس بن بكير, عن محمد بن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد مولى زيد, عن سعيد بن جُبير أو عكرِمة, عن ابن عباس, قال: أنزل الله في الوليد بن المغيرة قوله: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدا وقوله: فَوَرَبّكَ لَنَسألَنّهُمْ أجَمعِينَ... إلى آخرها.
27367ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدا قال: خلقته وحده ليس معه مال ولا ولد.
27368ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا وكيع, عن محمد بن شريك, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدا قال: نزلت في الوليد بن المغيرة, وكذلك الخلق كلهم.
27369ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدا وهو الوليد بن المغيرة, أخرجه الله من بطن أمه وحيدا لا مال له ولا ولد, فرزقه الله المال والولد, والثروة والنماء.
27370ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدا... إلى قوله: إنْ هَذَا إلاّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ... حتى بلغ سأُصْلِيهِ سَقَرَ قال: هذه الاَية أُنزلت في الوليد بن المُغيرة.
27371ـ حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدا يعني الوليد بن المغيرة.
وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُودا. اختلف أهل التأويل في هذا المال الذي ذكره الله, وأخبر أنه جعله للوحيد ما هو, وما مبلغه؟ فقال بعضهم: كان ذلك دنانير, ومبلغها ألف دينار. ذكر من قال ذلك:
27372ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا وكيع, عن إسماعيل بن إبراهيم, عن أبيه, عن مجاهد: وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُودا قال: كان ماله ألف دينار.
27373ـ حدثنا صالح بن مسمار المروزي, قال: حدثنا الحارث بن عمران الكوفيّ, قال: حدثنا محمد بن سوقة, عن سعيد بن جُبير, في قوله: وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُودا قال: ألف دينار.
وقال آخرون: كان ماله أربعة آلاف دينار. ذكر من قال ذلك:
27374ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُودا قال: بلغني أنه أربعة آلاف دينار.
وقال آخرون: كان ماله أرضا. ذكر من قال ذلك:
27375ـ حدثني محمد بن المثنى, قال: ثني وهب بن جرير, قال: حدثنا شعبة, عن النعمان بن سالم, في قوله: وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُودا قال: الأرض.
حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي, قال: حدثنا وهب بن جرير, قال: حدثنا شعبة, عن النعمان بن سالم مثله.
وقال آخرون: كان ذلك غلة شهر بشهر. ذكر من قال ذلك:
27376ـ حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة, قال: حدثنا حلبس إمام مسجد ابن علية, عن ابن جريج, عن عطاء, عن عمر رضي الله عنه, في قوله: وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُودا قال: غلة شهر بشهر.
حدثني أبو حفص الحيري, قال: حدثنا حلبس الضّبَعي, عن ابن جريج, عن عطاء مثله, ولم يقل عن عمر.
حدثنا أحمد بن الوليد الرملي, قال: حدثنا غالب بن حلبس, قال: حدثنا أبي, عن ابن جريج, عن عطاء مثله, ولم يقل عن عمر.
حدثنا أحمد بن الوليد, قال: حدثنا أبو بكر بن عياش, قال: حدثنا حلبس بن محمد العجلي, عن ابن جريج عن عطاء, عن عمر مثله.
والصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله: وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُودا وهو الكثير. الممدود عدده أو مساحته.
الآية : 13-17
القول فـي تأويـل قوله تعالى:{وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهّدتّ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلاّ إِنّهُ كان لاَيَاتِنَا عَنِيداً * سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً }.
يقول تعالى ذكره: وجعلت له بنين شهودا, ذُكر أنهم كانوا عشرة. ذكر من قال ذلك:
27377ـ حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا وكيع عن إسماعيل بن إبراهيم, عن أبيه, عن مجاهد وَبَنِينَ شُهُودا قال: كان بنوه عشرة.
وقوله: وَمَهّدْتُ لَهُ تَمْهِيدا يقول تعالى ذكره: وبسطت له في العيش بسطا, كما:
27378ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان ومَهّدْتُ لَهُ تَمْهِيدا قال: بسط له.
27379ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: وَمَهّدَتُ لَهُ تَمْهِيدا قال: من المال والولد.
وقوله: ثُمّ يَطْمَعُ أنْ أزِيدَ يقول تعالى ذكره: ثم يأمل ويرجو أن أزيده من المال والولد على ما أعطيته كَلاّ يقول: ليس ذلك كما يأمل ويرجو من أن أزيده مالاً وولدا, وتمهيدا في الدنيا إنّهُ كانَ لاَياتِنا عَنِيدا يقول: إن هذا الذي خلقته وحيدا كان لاَياتنا, وهي حجج الله على خلقه من الكتب والرسل عنيدا, يعني معاندا للحقّ مجانبا له, كالبعير العنود ومنه قول القائل:
إذَا نَزَلْتُ فاجْعَلانِي وَسَطاإنّي كَبِيرٌ لا أُطِيقُ العُنّدَا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
27380ـ حدثني عليّ, قال: حدثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله: إنّهُ كانَ لاَياتِنا عَنيدا قال: جحودا.
27381ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى وحدثني الحارث, قال: حدثنا الحسن, قال: حدثنا ورقاء, جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: إنّهُ كانَ لاَياتِنا عَنِيدا قال محمد بن عمرو: معاندا لها. وقال الحارث: معاندا عنها, مجانبا لها.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: حدثنا وكيع, عن إسرائيل, عن جابر, عن مجاهد, قوله عَنِيدا قال: معاندا للحقّ مجانبا.
27382ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة إنّهُ كانَ لاَياتِنا عَنِيدا كفورا بآيات الله جحودا بها.
27383ـ حدثنا ابن حميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان لاَياتِنا عنِيدا قال: مشاقا, وقيل: عنيدا, وهو من عاند معاندة فهو معاند, كما قيل: عام قابل, وإنما هو مقبل.
وقوله: سأُرْهِقُهُ صَعُودا يقول تعالى ذكره: سأكلفه مشقة من العذاب لا راحة له منها. وقيل: إن الصعود جبل في النار يكلّفُ أهلُ النار صعوده. ذكر الرواية بذلك:
27384ـ حدثني محمد بن عمارة الأسدي, قال: حدثنا محمد بن سعيد بن زائدة, قال: حدثنا شريك, عن عمارة, عن عطية, عن أبي سعيد, عن النبيّ صلى الله عليه وسلم سأُرْهِقُهُ صَعُودا قال: «هو جبل في النار من نار, يكلّفون أن يصعدوه, فإذا وضع يده ذابت, فإذا رفعها عادت, فإذا وضع رجله كذلك».
27385ـ حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: ثني عمرو بن الحارث, عن درّاج, عن أبي الهيثم, عن أبي سعيد الخدريّ, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصّعُودُ جَبَلٌ مِنْ نارٍ يُصْعَدُ فِيهِ سَبْعِينَ خَرِيفا ثُمّ يَهْوِي كَذلكَ مِنْهُ أبَدا».
27386ـ حدثني محمد بن عمرو, قال: حدثنا أبو عاصم, قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد سأُرْهِقُهُ صَعُودا قال: مشقة من العذاب.
حدثني الحارث, قال: حدثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.
27387ـ حدثنا بشر, قال: حدثنا يزيد, قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: سأُرْهِقُهُ صَعُودا: أي عذابا لا راحة منه.
حدثنا ابن بشار, قال: حدثنا سليمان قال: حدثنا أبو هلال, عن قتادة سأُرْهِقُهُ صَعُودا قال: مشقة من العذاب.
27388ـ حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: سأُرْهِقُهُ صَعُودا قال: تعبا من العذاب