موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح - الآية 10 من سورة التحريم

سورة التحريم الآية رقم 10 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 10 من سورة التحريم عدة تفاسير, سورة التحريم : عدد الآيات 12 - الصفحة 561 - الجزء 28.

﴿ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمۡرَأَتَ نُوحٖ وَٱمۡرَأَتَ لُوطٖۖ كَانَتَا تَحۡتَ عَبۡدَيۡنِ مِنۡ عِبَادِنَا صَٰلِحَيۡنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمۡ يُغۡنِيَا عَنۡهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيۡـٔٗا وَقِيلَ ٱدۡخُلَا ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّٰخِلِينَ ﴾
[ التحريم: 10]


التفسير الميسر

ضرب الله مثلا لحال الكفرة - في مخالطتهم المسلمين وقربهم منهم ومعاشرتهم لهم، وأن ذلك لا ينفعهم لكفرهم بالله- بحال زوجة نبي الله نوح، وزوجة نبي الله لوط: حيث كانتا في عصمة عبدَين من عبادنا صالحين، فوقعت منهما الخيانة لهما في الدين، فقد كانتا كافرتين، فلم يدفع هذان الرسولان عن زوجتيهما من عذاب الله شيئًا، وقيل للزوجتين: ادخلا النار مع الداخلين فيها. وفي ضرب هذا المثل دليل على أن القرب من الأنبياء، والصالحين، لا يفيد شيئا مع العمل السيِّئ.

تفسير الجلالين

«ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما» في الدين إذ كفرتا وكانت امرأة نوح واسمها واهلة تقول لقومه: إنه مجنون، وامرأة لوط واسمها واعلة تدل قومه على أضيافه إذا نزلوا به ليلا بإيقاد النار ونهارا بالتدخين «فلم يغنيا» أي نوح ولوط «عنهما من الله» من عذابه «شيئا وقيل» لهما «ادخلا النار مع الداخلين» من كفار قوم نوح وقوم لوط.

تفسير السعدي

هذان المثلان اللذان ضربهما الله للمؤمنين والكافرين، ليبين لهم أن اتصال الكافر بالمؤمن وقربه منه لا يفيده شيئًا، وأن اتصال المؤمن بالكافر لا يضره شيئًا مع قيامه بالواجب عليه.
فكأن في ذلك إشارة وتحذيرًا لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، عن المعصية، وأن اتصالهن به صلى الله عليه وسلم، لا ينفعهن شيئًا مع الإساءة، فقال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا أي: المرأتان تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ وهما نوح، ولوط عليهما السلام.
فَخَانَتَاهُمَا في الدين، بأن كانتا على غير دين زوجيهما، وهذا هو المراد بالخيانة لا خيانة النسب والفراش، فإنه ما بغت امرأة نبي قط، وما كان الله ليجعل امرأة أحد من أنبيائه بغيًا، فَلَمْ يُغْنِيَا أي: نوح ولوط عَنْهُمَا أي: عن امرأتيهما مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ لهما ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ .

تفسير البغوي

ثم ضرب الله مثلا للصالحين والصالحات من النساء فقال - جل ذكره - : ( ( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح ) واسمها واعلة ( وامرأة لوط ) واسمها واهلة .
وقال مقاتل : والعة ووالهة .
( كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين ) وهما نوح ولوط عليهما السلام ( فخانتاهما ) قال ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط وإنما كانت خيانتهما أنهما كانتا على غير دينهما فكانت امرأة نوح تقول للناس : إنه مجنون ، وإذا آمن به أحد أخبرت به الجبابرة وأما امرأة لوط [ فإنها كانت ] تدل قومه على أضيافه إذا نزل به ضيف بالليل أوقدت النار ، وإذا نزل بالنهار دخنت ليعلم قومه أنه نزل به ضيف .
وقال الكلبي : أسرتا النفاق وأظهرتا الإيمان .
( فلم يغنيا عنهما من الله شيئا ) لم يدفعا عنهما مع نبوتهما عذاب الله ( وقيل ادخلا النار مع الداخلين ) قطع الله بهذه الآية طمع كل من يركب المعصية أن ينفعه صلاح غيره .

تفسير الوسيط

والمراد بضرب المثل.
إيراد حالة غريبة، ليعرف بها حالة أخرى مشابهة لها في الغرابة.
وقوله مَثَلًا مفعول ثان لضرب، والمفعول الأول امْرَأَتَ نُوحٍ.
.
.
.
والمتدبر للقرآن الكريم، يراه قد أكثر من ضرب الأمثال، لأن فيها تقريبا للبعيد، وتوضيحا للغريب وتشبيه الأمر المعقول بالأمر المحسوس، حتى يرسخ في الأذهان .
.
.
أى: جعل الله- تعالى- مثلا لحال الكافرين، وأنه لا يغنى أحد عن أحد امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ عليهما السلام.
وعدى الفعل ضَرَبَ باللام، للإشعار بأن هذا المثل إنما سيق من أجل أن يعتبر به الذين كفروا، وأن يقلعوا عن جهالاتهم التي جعلتهم يعتقدون أن أصنامهم ستشفع لهم يوم القيامة.
وقوله- تعالى-: كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما .
.
.
بيان لحال هاتين المرأتين، ولما قامتا به من أفعال شائنة، تتنافى مع صلتهما بهذين النبيين الكريمين .
.
.
والمراد بالتحتية هنا: كونهما زوجين لهذين النبيين الكريمين، وتحت عصمتهما وصيانتهما، وأشد الناس التصاقا بهما.
وقال- سبحانه- كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ .
.
.
للتعظيم، أى: كانتا في عصمة نبيين لهما من سمو المنزلة ما لهما عند الله- تعالى-.
ووصفهما- سبحانه- بالصلاح، مع أنهما نبيان والنبوة أعظم هبة من الله لعبد من عباده- للتنويه بشأن الصالحين من الناس، حتى يحرصوا على هذه الصفة، ويتمسكوا بها، فقد مدح الله- تعالى- من هذه صفته في آيات كثيرة، منها قوله- تعالى-: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ.
وخيانة امرأة نوح له، كانت عن طريق إفشاء أسراره، وقولها لقومه: إنه مجنون.
وخيانة امرأة لوط له، كانت عن طريق إرشاد قومه إلى ضيوفه.
.
مع استمرار هاتين المرأتين على كفرهما .
.
.
قال الإمام ابن كثير: قوله: فَخانَتاهُما أى: في الإيمان، لم يوافقاهما على الإيمان، ولا صدقاهما في الرسالة.
.
وليس المراد بقوله: فَخانَتاهُما في فاحشة، بل في الدين، فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة .
.
.
وعن ابن عباس: قال: ما زنتا، أما امرأة نوح، فكانت تخبر أنه مجنون، وأما خيانة امرأة لوط، فكانت تدل على قومها على أضيافه.
وفي رواية عنه قال: كانت خيانتهما أن امرأة نوح، كانت تفشى سره، فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح به، وأما امرأة لوط، فكانت إذا أضاف لوط أحدا، أخبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء.
.
.
وقوله- تعالى-: فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ بيان لما أصابهما من سوء العاقبة بسبب خيانتهما.
أى: أن نوحا ولوطا- عليهما السلام- مع جلالة قدرهما، لم يستطيعا أن يدفعا شيئا من العذاب عن زوجتيهما الخائنتين لهما، وإنما قيل لهاتين المرأتين عند موتهما.
أو يوم القيامة، ادخلا النار مع سائر الداخلين من الكفرة الفجرة.
.
وقوله شَيْئاً منصوب على أنه مفعول مطلق لقوله: يُغْنِيا، وجاء منكرا للتقليل والتحقير، أى: فلم يغنيا عنهما شيئا من الإغناء حتى ولو كان قليلا .
.
.
وقوله: مَعَ الدَّاخِلِينَ بعد قوله: ادْخُلَا النَّارَ لزيادة تبكيتهما، ولتأكيد مساواتهما في العذاب مع غيرهما من الكافرين الخائنين الذين لا صلة لهما بالأنبياء من حيث القرابة أو ما يشبهها.

المصدر : تفسير : ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح