موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا - الآية 12 من سورة يس

سورة يس الآية رقم 12 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 12 من سورة يس عدة تفاسير, سورة يس : عدد الآيات 83 - الصفحة 440 - الجزء 22.

﴿ إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ ﴾
[ يس: 12]


التفسير الميسر

إنا نحن نحيي الأموات جميعًا ببعثهم يوم القيامة، ونكتب ما عملوا من الخير والشر، وآثارهم التي كانوا سببًا فيها في حياتهم وبعد مماتهم من خير، كالولد الصالح، والعلم النافع، والصدقة الجارية، ومن شر، كالشرك والعصيان، وكلَّ شيء أحصيناه في كتاب واضح هو أمُّ الكتب، وإليه مرجعها، وهو اللوح المحفوظ. فعلى العاقل محاسبة نفسه؛ ليكون قدوة في الخير في حياته وبعد مماته.

تفسير الجلالين

«إنا نحن نحي الموتى» للبعث «ونكتب» في اللوح المحفوظ «ما قدَّموا» في حياتهم من خير وشر ليجازوا عليه «وآثارهم» ما استنَّ به بعدهم «وكل شيء» نصبه بفعل يفسره «أحصيناه» ضبطناه «في إمام مبين» كتاب بيّن، هو اللوح المحفوظ.

تفسير السعدي

إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى أي: نبعثهم بعد موتهم لنجازيهم على الأعمال، وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا من الخير والشر، وهو أعمالهم التي عملوها وباشروها في حال حياتهم، وَآثَارَهُمْ وهي آثار الخير وآثار الشر، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، فكل خير عمل به أحد من الناس، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه، أو أمره بالمعروف، أو نهيه عن المنكر، أو علم أودعه عند المتعلمين، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته، أو عمل خيرا، من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان، فاقتدى به غيره، أو عمل مسجدا، أو محلا من المحال التي يرتفق بها الناس، وما أشبه ذلك، فإنها من آثاره التي تكتب له، وكذلك عمل الشر.
ولهذا: من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة وهذا الموضع، يبين لك علو مرتبة الدعوة إلى اللّه والهداية إلى سبيله بكل وسيلة وطريق موصل إلى ذلك، ونزول درجة الداعي إلى الشر الإمام فيه، وأنه أسفل الخليقة، وأشدهم جرما، وأعظمهم إثما.
وَكُلَّ شَيْءٍ من الأعمال والنيات وغيرها أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ أي: كتاب هو أم الكتب وإليه مرجع الكتب، التي تكون بأيدي الملائكة، وهو اللوح المحفوظ.

تفسير البغوي

( إنا نحن نحيي الموتى ) : عند البعث ، ( ونكتب ما قدموا ) من الأعمال من خير وشر ، ) ( وآثارهم ) أي : ما سنوا من سنة حسنة أو سيئة .
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من سن في الإسلام سنة حسنة يعمل بها من بعده كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا " .
وقال قوم : قوله : " ونكتب ما قدموا وآثارهم " أي : خطاهم إلى المسجد .
روي عن أبي سعيد الخدري قال : شكت بنو سلمة بعد منازلهم من المسجد فأنزل الله تعالى : " ونكتب ما قدموا وآثارهم " .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، حدثنا أبو سعيد محمد بن عيسى الصيرفي ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا محمد بن هشام بن ملاس النميري ، حدثنا مروان الفزاري ، حدثنا حميد ، عن أنس - رضي الله عنه - قال : " أرادت بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد ، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تعرى المدينة ، فقال : يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم ؟ فأقاموا " .
وأخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة عن يزيد بن عبد الله عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى ، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصلي ثم ينام " .
قوله تعالى ( وكل شيء أحصيناه ) حفظناه وعددناه وبيناه ، ( في إمام مبين ) وهو اللوح المحفوظ .

تفسير الوسيط

ثم أكد- سبحانه- أن البعث حق، وأن الجزاء حق، لكي لا يغفل عنهما الناس، ولكي يستعدوا لهما بالإيمان والعمل الصالح فقال: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى.
.
.
.
أى: إنا نحن بقدرتنا وحدها نحيى الموتى بعد موتهم، ونعيدهم إلى الحياة مرة أخرى لكي نحاسبهم على أعمالهم.
وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ أى: وإنا نحن الذين نسجل عليهم أعمالهم التي عملوها في الدنيا سواء أكانت هذه الأعمال صالحة أم غير صالحة.
ونسجل لهم- أيضا- آثارهم التي تركوها بعد موتهم سواء أكانت صالحة كعلم نافع، أو صدقة جارية .
.
.
أم غير صالحة كدار للهو واللعب، وكرأى من الآراء الباطلة التي اتبعها من جاء بعدهم، وسنجازيهم على ذلك بما يستحقون من ثواب أو عقاب وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ أى: وكل شيء أثبتناه وبيناه في أصل عظيم، وفي كتاب واضح عندنا.
ألا وهو اللوح المحفوظ، أو علمنا الذي لا يعزب عنه شيء.
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: وفي قوله: آثارَهُمْ قولان:أحدهما: ونكتب أعمالهم التي باشروها بأنفسهم، وآثارهم التي أثروها- أى تركوها- من بعدهم، فنجزيهم على ذلك- أيضا-، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
كقوله صلّى الله عليه وسلم من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء.
.
والثاني: أن المراد بقوله وَآثارَهُمْ أى: آثار خطاهم إلى الطاعة أو المعصية.
فقد روى مسلم والإمام أحمد عن جابر بن عبد الله قال: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال لهم: «إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا إلى المسجد؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قد أردنا ذلك، فقال: يا بنى سلمة، دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم» .
ثم قال ابن كثير: ولا تنافى بين هذا القول والذي قبله، بل في القول الثاني تنبيه ودلالة على ذلك بطريق الأولى والأحرى، فإنه إذا كانت هذه الآثار تكتب، فلأن تكتب التي فيها قدوة بهم من خير أو شر بطريق الأولى .
هذا، وتلك الرواية الصحيحة تشير إلى أن هذه الآية ليست مدنية- كما قيل-، لأن هذه الرواية تصرح بأن الرسول صلّى الله عليه وسلم قد قال لبنى سلمة، «دياركم تكتب آثاركم» أى:ألزموا دياركم تكتب آثاركم.
.
دون إشارة إلى سبب النزول.
قال الآلوسى ما ملخصه: والأحاديث التي فيها أن الله- تعالى- أنزل هذه الآية، حين أراد بنو سلمة أن ينتقلوا من ديارهم.
معارضة بما في الصحيحين من أن النبي صلّى الله عليه وسلم قرأ لهم هذه الآية، ولم يذكر أنها نزلت فيهم، وقراءته صلّى الله عليه وسلم لا تنافى تقدم النزول.
أى: أن الآية مكية كبقية السورة .
وبذلك نرى الآيات الكريمة، قد أثبتت صدق الرسول صلّى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه، وبينت الحكمة من رسالته، كما بينت أن يوم القيامة آت لا ريب فيه.
ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلم أن يقرأ على الناس- ليعتبروا ويتعظوا- قصة أصحاب القرية، وما جرى بينهم وبين الرسل الذين جاءوا لهدايتهم وإرشادهم إلى الطريق المستقيم فقال- تعالى-.

المصدر : تفسير : إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا