موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم - الآية 129 من سورة البقرة

سورة البقرة الآية رقم 129 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 129 من سورة البقرة عدة تفاسير, سورة البقرة : عدد الآيات 286 - الصفحة 20 - الجزء 1.

﴿ رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَيُزَكِّيهِمۡۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ﴾
[ البقرة: 129]


التفسير الميسر

ربنا وابعث في هذه الأمة رسولا من ذرية إسماعيل يتلو عليهم آياتك ويعلمهم القرآن والسنة، ويطهرهم من الشرك وسوء الأخلاق. إنك أنت العزيز الذي لا يمتنع عليه شيء، الحكيم الذي يضع الأشياء في مواضعها.

تفسير الجلالين

«ربنا وابعث فيهم» أي أهل البيت «رسولا منهم» من أنفسهم وقد أجاب الله دعاءه بمحمد «يتلو عليهم آياتك» القرآن «ويعلمهم الكتاب» القرآن «والحكمة» أي ما فيه من الأحكام «ويزكيهم» يطهرهم من الشرك «إنك أنت العزيز» الغالب «الحكيم» في صنعه.

تفسير السعدي

رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ أي: في ذريتنا رَسُولًا مِنْهُمْ ليكون أرفع لدرجتهما, ولينقادوا له, وليعرفوه حقيقة المعرفة.
يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ لفظا, وحفظا, وتحفيظا وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ معنى.
وَيُزَكِّيهِمْ بالتربية على الأعمال الصالحة والتبري من الأعمال الردية, التي لا تزكي النفوس معها.
إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ أي: القاهر لكل شيء, الذي لا يمتنع على قوته شيء.
الْحَكِيمُ الذي يضع الأشياء مواضعها، فبعزتك وحكمتك, ابعث فيهم هذا الرسول.
فاستجاب الله لهما, فبعث الله هذا الرسول الكريم, الذي رحم الله به ذريتهما خاصة, وسائر الخلق عامة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: " أنا دعوة أبي إبراهيم " ولما عظم الله إبراهيم هذا التعظيم, وأخبر عن صفاته الكاملة قال تعالى:

تفسير البغوي

ربنا وابعث فيهم أي في الأمة المسلمة من ذرية إبراهيم وإسماعيل، وقيل: من أهل مكة.
رسولاً منهم أي مرسلاً أراد به محمداً صلى الله عليه وسلم.
حدثنا السيد أبو القاسم علي بن موسى الموسوي حدثنى أبو بكر أحمد بن محمد بن عباس البلخي أنا الإمام أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي أنا محمد بن المكي أنا إسحاق بن إبراهيم أنا ابن أخي ابن وهب أنا عمي أنا معاوية عن صالح عن سعيد بن سويد عن عبد الأعلى بن هلال السلمي عن العرباض بن سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني عند الله مكتوب خاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم بأول أمري، أنا دعوة إبراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني وقد خرج منها نور أضاءت لها منه قصور الشام".
وأراد بدعوة إبراهيم هذا فإنه دعا أن يبعث في بني إسماعيل رسولاً منهم،قال ابن عباس: "كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة: نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين".
يتلو يقرأ.
عليهم آياتك كتابك يعني القرآن والآية من القرآن كلام متصل إلى انقطاعه، وقيل: هي جماعة حروف يقال خرج القوم بآيتهم أي بجماعتهم.
ويعلمهم الكتاب يعني القرآن.
والحكمة قال مجاهد: "فهم القرآن"، وقال مقاتل: "مواعظ القرآن وما فيه من الأحكام"، قال ابن قتيبية: "هي العلم والعمل، ولا يكون الرجل حكيماً حتى يجمعهما"، وقيل: هي السنة، وقيل: هي الأحكام والقضاء، وقيل: الحكمة الفقه.
قال أبو بكر بن دريد: "كل كلمة وعظتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهي حكمة".
ويزكيهم أي يطهرهم من الشرك والذنوب، وقيل: يأخذ الزكاة من أموالهم، وقال ابن كيسان: "يشهد لهم يوم القيامة بالعدالة إذا شهدوا للأنبياء بالبلاغ من التزكية، وهي التعديل".
إنك أنت العزيز الحكيم قال ابن عباس: "العزيز الذي لا يوجد مثله"، وقال الكلبي: "المنتقم؛ بيانه قوله تعالى: والله عزيز ذو انتقام[4-آل عمران]".
وقيل: المنيع الذي لا تناله الأيدي ولا يصل إليه شيء، وقيل: القوي؛ والعزة القوة قال الله تعالى فعززنا بثالث [14-يس]، أي قوينا، وقيل: الغالب قال الله تعالى إخباراً وعزني في الخطاب [23-ص] أي غلبني، ويقال في المثل: "(من عز بز) أي من غلب سلب".

تفسير الوسيط

رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
الضمير في قوله: مِنْهُمْ يعود إلى الذرية أو الأمة المسلمة في قوله: وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ.
والرسول: من أوحى إليه بشرع وأمر بتبليغه: وتلاوة الشيء: قراءته والمراد بقوله تعالى:يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ يقرؤها عليهم قراءة تذكير وفي هذا إيماء إلى أنه يأتيهم بكتاب فيه شرع.
والآيات: جمع آية، والمراد بها ما يشهد بوحدانية الله، وبصدق رسوله صلّى الله عليه وسلّم فيما يبلغه عنه، أو المراد بها آيات القرآن الكريم فهو يتلوها عليهم ليحفظوها بألفاظها كما نزلت، ويتعبدوا بتلاوتها، وليعرفوا من فضل بلاغتها وروعة أساليبها وجها مشرقا من وجوه إعجازها.
والكتاب: القرآن، وتعلمه يكون ببيان معانيه وحقائقه، ليعرفوا ما أقامه لهم من دلائل التوحيد وما اشتمل عليه من أحكام وحكم ومواعظ وآداب.
والحكمة: العلم النافع المصحوب بالعمل الواقع موقعه اللائق به.
ووضعها بجانب الكتاب يرجح أن المراد بها السنة النبوية المطهرة التي تنتظم أقوال النبي صلّى الله عليه وسلّم وأفعاله، إذ بالكتاب وبالسنة يعرف الناس أصلح الأعمال، وأعدل الأحكام وأسنى الآداب، وتنفتح لهم طرق التفقه في أسرار الدين ومقاصده.
ويزكيهم: أى يطهرهم من أرجاس الشرك ومن كل ما لا يليق التلبس به ظاهرا أو باطنا.
يقال: زكاه الله، أى طهره وأصلحه، ومنه زكاة المال لتطهره بها، وأصل الزكاة- بالمد- النماء والزيادة، يقال.
زكا الزرع زكاء وزكوا، أى نما.
والمعنى: ونسألك يا ربنا أن تبعث في الأمة المسلمة، أو في ذريتنا رسولا منهم يقرأ عليهم آياتك الدالة على وحدانيتك، ويعلمهم كتابك بأن يبين لهم معانيه، ويرشدهم إلى ما فيه من حكم ومواعظ وآداب، كما يهديهم إلى الحكمة التي تتمثل في اتباع سنة نبيك- والتي بها يتم التفقه في الدين ومعرفة أسراره وحكمه ومقاصده، والتي يكمل بها العلم بالكتاب إنك يا مولانا أنت العزيز الحكيم.
أى القادر الذي لا يغلب على أمره، العالم الذي يدبر الأمور على وفق المصلحة، ومن كان قادرا على كل ما يريد، عليما بوجوه المصالح، كانت استجابته قريبة من دعاء الخير الصادر عن إخلاص وابتهال.
وقد جاء ترتيب هذه الجمل في أسمى درجات البلاغة والحكمة لأن أول تبليغ الرسالة يكون بتلاوة القرآن ثم بتعليم معانيه، ثم بتعليم العلم النافع الذي تحصل به التزكية والتطهير من كل ما لا يليق التلبس به في الظاهر، أو الباطن.
وقد سأل إبراهيم وإسماعيل ربهما أن تكون بعثة الرسول في ذريتهما فيكون أمر الإيمان قريبا منهم، فإن نشأته بينهم، ومعرفة سيرته قبل الرسالة وشهادتهم له بالصدق والأمانة، وكل ذلك يحمل العقلاء على المبادرة إلى تصديقه فيما يبلغه عن ربه.
ولقد حقق الله تعالى دعوة هذين النبيين الكريمين، فأرسل في ذريتهما رسولا منهم، وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم أرسله إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا.
وقد أخبر صلّى الله عليه وسلّم أنه دعوة إبراهيم، فقال: (أنا دعوة أبى إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمى التي رأت، وكذلك أمهات المؤمنين يرين) .
ثم عرض القرآن بعد ذلك بالجاحدين والمعاندين الذين تركوا الحق الواضع الذي هو ملة إبراهيم فقال:

المصدر : تفسير : ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم