موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب - الآية 136 من سورة النساء

سورة النساء الآية رقم 136 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 136 من سورة النساء عدة تفاسير, سورة النساء : عدد الآيات 176 - الصفحة 100 - الجزء 5.

﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ مِن قَبۡلُۚ وَمَن يَكۡفُرۡ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا ﴾
[ النساء: 136]


التفسير الميسر

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه داوموا على ما أنتم عليه من التصديق الجازم بالله تعالى وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ومن طاعتهما، وبالقرآن الذي نزله عليه، وبجميع الكتب التي أنزلها الله على الرسل. ومن يكفر بالله تعالى، وملائكته المكرمين، وكتبه التي أنزلها لهداية خلقه، ورسله الذين اصطفاهم لتبليغ رسالته، واليوم الآخر الذي يقوم الناس فيه بعد موتهم للعرض والحساب، فقد خرج من الدين، وبَعُدَ بعدًا كبيرًا عن طريق الحق.

تفسير الجلالين

«يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا» داوموا على الإيمان «بالله ورسوله والكتاب الذي نزَّل على رسوله» محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن «والكتاب الذي أنزل من قبل» على الرسل بمعنى الكتب، وفي قراءة بالبناء للفاعل في الفعلين «ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا» عن الحق.

تفسير السعدي

اعلم أن الأمر إما أن يوجه إلى من لم يدخل في الشيء ولم يتصف بشيء منه، فهذا يكون أمرا له في الدخول فيه، وذلك كأمر من ليس بمؤمن بالإيمان، كقوله تعالى: يَأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ ْ الآية.
وإما أن يوجه إلى من دخل في الشيء فهذا يكون أمره ليصحح ما وجد منه ويحصل ما لم يوجد، ومنه ما ذكره الله في هذه الآية من أمر المؤمنين بالإيمان، فإن ذلك يقتضي أمرهم بما يصحح إيمانهم من الإخلاص والصدق، وتجنب المفسدات والتوبة من جميع المنقصات.
ويقتضي أيضا الأمر بما لم يوجد من المؤمن من علوم الإيمان وأعماله، فإنه كلما وصل إليه نص وفهم معناه واعتقده فإن ذلك من الإيمان المأمور به.
وكذلك سائر الأعمال الظاهرة والباطنة، كلها من الإيمان كما دلت على ذلك النصوص الكثيرة، وأجمع عليه سلف الأمة.
ثم الاستمرار على ذلك والثبات عليه إلى الممات كما قال تعالى: يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ْ وأمر هنا بالإيمان به وبرسوله، وبالقرآن وبالكتب المتقدمة، فهذا كله من الإيمان الواجب الذي لا يكون العبد مؤمنا إلا به، إجمالا فيما لم يصل إليه تفصيله وتفصيلا فيما علم من ذلك بالتفصيل، فمن آمن هذا الإيمان المأمور به، فقد اهتدى وأنجح.
وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ْ وأي ضلال أبعد من ضلال من ترك طريق الهدى المستقيم، وسلك الطريق الموصلة له إلى العذاب الأليم؟" واعلم أن الكفر بشيء من هذه المذكورات كالكفر بجميعها، لتلازمها وامتناع وجود الإيمان ببعضها دون بعض

تفسير البغوي

قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله ) الآية ، قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : نزلت هذه الآية في عبد الله بن سلام وأسد وأسيد ابني كعب ، وثعلبة بن قيس وسلام بن أخت عبد الله بن سلام ، وسلمة بن أخيه ويامين بن يامين فهؤلاء مؤمنوا أهل الكتاب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : إنا نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتوراة وعزير ونكفر بما سواه من الكتب والرسل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بل آمنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، والقرآن وبموسى والتوارة ، وبكل كتاب قبله " ، فأنزل الله هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا ) بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن وبموسى عليه السلام والتوراة ( آمنوا بالله ورسوله ) محمد صلى الله عليه وسلم ، ( والكتاب الذي نزل على رسوله ) يعني القرآن ، ( والكتاب الذي أنزل من قبل ) من التوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب .
قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو " نزل وأنزل " بضم النون والألف ، وقرأ الآخرون " نزل وأنزل " بالفتح أي أنزل الله .
( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا ) فلما نزلت هذه الآية قالوا : فإنا نؤمن بالله ورسوله والقرآن وبكل رسول وكتاب كان قبل القرآن ، والملائكة واليوم الآخر لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون .
وقال الضحاك : أراد به اليهود والنصارى ، يقول : ( يا أيها الذين آمنوا ) بموسى وعيسى ( آمنوا ) بمحمد والقرآن ، وقال مجاهد : أراد به المنافقين ، يقول : يا أيها الذين آمنوا باللسان آمنوا بالقلب وقال أبو العالية وجماعة : هذا خطاب للمؤمنين يقول : ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا ) أي أقيموا واثبتوا على الإيمان ، كما يقال للقائم : قم حتى أرجع إليك ، أي اثبت قائما ، وقيل : المراد به أهل الشرك ، يعني ( يا أيها الذين آمنوا ) باللات والعزى ( آمنوا ) بالله ورسوله .

تفسير الوسيط

ثم أمر الله- تعالى- المؤمنين أن يثبتوا على إيمانهم فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ أى: يا أيها المؤمنون اثبتوا على إيمانكم وداوموا على تصديقكم بوحدانية الله- تعالى- وعلى تصديقكم برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبالكتاب الذي نزله الله- تعالى- عليه وهو القرآن، وبالكتاب الذي أنزله الله- تعالى- على الرسل الذين أرسلهم من قبله.
والمراد بالكتاب الذي أنزله على الرسل من قبله جنس الكتب السماوية كالتوراة والإنجيل والزبور.
ثم بين- سبحانه- سوء مصير من يكفر بشيء مما يجب الإيمان به فقال- تعالى-: وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً.
أى: ومن يكفر بالله بأن يجحد وحدانيته وألوهيته، ولا يخلص له العبادة، ويكفر بملائكته بأن ينكر بأنهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ويكفر بكتبه التي أنزلها- سبحانه، على أنبيائه، وبرسله الذين أرسلهم لهداية الخلق.
وباليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب، من يكفر بكل ذلك فقد خرج عن طريق الهدى وبعد عن السبيل القويم بعدا كبيرا، لأنه بكفره بذلك يكون قد خالف الفطرة، وانحرف عما يقتضيه العقل السليم، وأوغل في الشرور والآثام إيغالا شديدا، يؤدى به إلى خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
وبعد هذه الأوامر السديدة للمؤمنين.
عادت السورة الكريمة إلى تحذيرهم من أعدائهم ومن المنافقين، فكشفت لهم عن طبيعتهم، ونهتهم عن القعود معهم، وبينت لهم أنماطا من خداعهم، وألوانا من أخلاقهم الذميمة، وأخبرتهم عن سوء مصير أولئك المنافقين والمتمادين في الغي والضلال.
استمع إلى السورة الكريمة وهي تحكى كل ذلك بأسلوبها الحكيم فتقول:

المصدر : تفسير : ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب