موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير وكتبنا له في الألواح من كل شيء - الآية 145 من سورة الأعراف

سورة الأعراف الآية رقم 145 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 145 من سورة الأعراف عدة تفاسير, سورة الأعراف : عدد الآيات 206 - الصفحة 168 - الجزء 9.

﴿ وَكَتَبۡنَا لَهُۥ فِي ٱلۡأَلۡوَاحِ مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡعِظَةٗ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ فَخُذۡهَا بِقُوَّةٖ وَأۡمُرۡ قَوۡمَكَ يَأۡخُذُواْ بِأَحۡسَنِهَاۚ سَأُوْرِيكُمۡ دَارَ ٱلۡفَٰسِقِينَ ﴾
[ الأعراف: 145]


التفسير الميسر

وكتبنا لموسى في التوراة من كل ما يحتاج إليه في دينه من الأحكام، موعظة للازدجار والاعتبار وتفصيلا لتكاليف الحلال والحرام والأمر والنهي والقصص والعقائد والأخبار والمغيبات، قال الله له: فخذها بقوة، أي: خذ التوراة بجد واجتهاد، وأمر قومك يعملوا بما شرع الله فيها؛ فإن مَن أشرك منهم ومِن غيرهم فإني سأريه في الآخرة دار الفاسقين، وهي نار الله التي أعدَّها لأعدائه الخارجين عن طاعته.

تفسير الجلالين

«وكتبا له في الألواح» أي ألواح التوراة وكانت من سدر الجنة أو زبرجد أو زمرد سبعة أو عشرة «من كل شيء» يحتاج إليه في الدين «موعظة وتفصيلا» تبينا «لكل شيء» بدل من الجار والمجرور قبله «فخذها» قبله قلنا مقدرا «بقوة» بجد واجتهاد «وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين» فرعون وأتباعه وهي مصر لتعتبروا بهم.

تفسير السعدي

وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يحتاج إليه العباد مَوْعِظَةً ترغب النفوس في أفعال الخير، وترهبهم من أفعال الشر، وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ من الأحكام الشرعية، والعقائد والأخلاق والآداب فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ أي: بجد واجتهاد على إقامتها، وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا وهي الأوامر الواجبة والمستحبة، فإنها أحسنها، وفي هذا دليل على أن أوامر اللّه - في كل شريعة - كاملة عادلة حسنة.
سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ بعد ما أهلكهم اللّه، وأبقى ديارهم عبرة بعدهم، يعتبر بها المؤمنون الموفقون المتواضعون.

تفسير البغوي

قوله - عز وجل - : ( وكتبنا له ) يعني لموسى ، ( في الألواح ) قال ابن عباس : يريد ألواح التوراة ، وفي الحديث : " كانت من سدر الجنة طول اللوح اثنا عشر ذراعا " .
وجاء في أحاديث خلق الله آدم بيده : " وكتب التوراة بيده وغرس شجرة طوبى بيده " .
وقال الحسن : كانت الألواح من خشب .
قال الكلبي كانت من زبرجدة خضراء .
وقال سعيد بن جبير : كانت من ياقوت أحمر ، وقال الربيع بن أنس : كانت الألواح من برد .
قال ابن جريج : كانت من زمرد ، أمر الله جبريل حتى جاء بها من عدن ، وكتبها بالقلم الذي كتب به الذكر واستمد من نهر النور وقال وهب : أمره الله بقطع الألواح من صخرة صماء لينها الله له فقطعها بيده ثم شققها بأصبعه ، وسمع موسى صرير القلم بالكلمات العشرة وكان ذلك في أول يوم من ذي القعدة ، وكانت الألواح عشرة أذرع على طول موسى .
.
وقال مقاتل ووهب : ( وكتبنا له في الألواح ) كنقش الخاتم وقال الربيع بن أنس : نزلت التوراة وهي سبعون وقر بعير ، يقرأ الجزء منه في سنة ، لم يقرأه إلا أربعة نفر : موسى ، ويوشع ، وعزير ، وعيسى .
وقال الحسن : هذه الآية في التوراة ألف آية يعني " وكتبنا له في الألواح ( من كل شيء ) مما أمروا به ونهوا عنه ، ( موعظة ) نهيا عن الجهل ، وحقيقة الموعظة : التذكرة والتحذير بما يخاف عاقبته ، ( وتفصيلا لكل شيء ) أي : تبيينا لكل شيء من الأمر والنهي ، والحلال والحرام ، والحدود والأحكام .
( فخذها بقوة ) أي : بجد واجتهاد ، وقيل : بقوة القلب وصحة العزيمة ، لأنه إذا أخذه بضعف النية أداه إلى الفتور ، ( وأمر قومك يأخذوا بأحسنها ) قال عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما : يحلوا حلالها ، ويحرموا حرامها ، ويتدبروا أمثالها ، ويعملوا بمحكمها ، ويقفوا عند متشابهها وكان موسى عليه السلام أشد عبادة من قومه ، فأمر بما لم يؤمروا به .
قال قطرب : بأحسنها أي بحسنها ، وكلها حسن .
وقيل : أحسنها الفرائض والنوافل ، وهي ما يستحق عليها الثواب ، وما دونها المباح ، لأنه لا يستحق عليه الثواب .
وقيل : بأحسنها بأحسن الأمرين في كل شيء كالعفو أحسن من القصاص ، والصبر أحسن من الانتصار .
( سأريكم دار الفاسقين ) قال مجاهد : مصيرها في الآخرة .
قال الحسن وعطاء : يعني جهنم ، يحذركم أن تكونوا مثلهم .
وقال قتادة وغيره : سأدخلكم الشأم فأريكم منازل القرون الماضية الذين خالفوا أمر الله لتعتبروا بها .
قال عطية العوفي : أراد دار فرعون وقومه وهي مصر ، يدل عليه قراءة قسامة بن زهير : " سأورثكم دار الفاسقين " ، وقال السدي : دار الفاسقين مصارع الكفار .
وقال الكلبي : ما مروا عليه إذا سافروا من منازل عاد وثمود والقرون الذين أهلكوا .

تفسير الوسيط

ثم فصل- سبحانه- بعض النعم التي منحها لنبيه موسى وقال: وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ.
والمراد بالألواح كما قال ابن عباس- ألواح التوراة، واختلف في عددها فقيل: سبعة ألواح وقيل عشرة ألواح وقيل أكثر من ذلك.
كما اختلف في شأنها فقيل كانت من سدر الجنة، وقيل كانت من زبرجد أو زمرد .
.
.
إلخ.
والذي نراه تفويض معرفة ذلك إلى الله- تعالى- لأنه لم يرد نص صحيح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عددها أو كيفيتها.
والمعنى: وكتبنا لموسى- عليه السلام- في ألواح التوراة من كل شيء يحتاجون إليه من الحلال والحرام، والمحاسن والقبائح.
ليكون ذلك موعظة لهم من شأنها أن تؤثر في قلوبهم ترغيبا وترهيبا، كما كتبنا له في تلك الألواح تفصيل كل شيء يتعلق بأمر هذه الرسالة الموسوية.
وإسناد الكتابة إليه- تعالى- إما على معنى أن ذلك كان بقدرته- تعالى- وصنعه ولا كسب لأحد فيه، وإما على معنى أنها كتبها بأمره ووحيه سواء كان الكاتب لها موسى أو ملك من ملائكته- عز وجل-.
قال صاحب المنار: قال بعض المفسرين: إن الألواح كانت مشتملة على التوراة: وقال بعضهم بل كانت قبل التوراة.
والراجح أنها كانت أول ما أوتيه من وحى التشريع فكانت أصل التوراة الإجمالى، وكانت سائر الأحكام من العبادات والمعاملات الحربية والمدنية والعقوبات تنزل يخاطبه بها الله- تعالى- في أوقات الحاجة إليها» .
وقوله مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ بدل من قوله مِنْ كُلِّ شَيْءٍ باعتبار محله وهو النصب لأن من مزيدة كما يرى كثير من النحاة.
أى: كتبنا له فيها كل شيء من المواعظ وتفصيل الأحكام.
والضمير في قوله- تعالى- فَخُذْها بِقُوَّةٍ يعود إلى الألواح.
والفاء عاطفة لمحذوف على كتبنا، والمحذوف هو لفظ قلنا وقوله بِقُوَّةٍ حال من فاعل خذها أى: كتبنا له في الألواح من كل شيء، وقلنا له خذها بقوة أى بجد وحزم، وصبر وجلد، لأنه- عليه السلام- قد أرسل إلى قوم طال عليهم الأمد وهم في الذل والاستعباد، فإذا لم يكن المتولى لإرشادهم وإلى ما فيه هدايتهم ذا قوة وصبر ويقين، فإنه قد يعجز عن تربيتهم.
ويفشل في تنفيذ أمر الله فيهم.
قال الجمل: وقوله- تعالى- وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها أى التوراة ومعنى بأحسنها بحسنها إذ كل ما فيها حسن، أو أمروا فيها بالخير ونهوا عن الشر، وفعل الخير أحسن من ترك الشر، وذلك لأن الكلمة المحتملة لمعنيين أو لمعان تحمل على أشبه محتملاتها بالحق وأقربها إلى الصواب.
أو أن فيها حسنا وأحسن كالقود والعفو، والانتصار والصبر، والمأمور به والمباح فأمروا بأن يأخذوا بما هو أكثر ثوابا .
وقوله- تعالى- سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ توكيد لأمر القوم بالأخذ بالأحسن وبعث عليه على نهج الوعيد والتهديد.
أى: سأريكم عاقبة من خالف أمرى، وخرج عن طاعتي، كيف يصير إلى الهلاك والدمار، فتلك سنتي التي لا تتغير ولا تتبدل.
قال ابن كثير: وإنما قال سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ كما يقول القائل لمن يخاطبه: سأريك غدا ما يصير إليه حال من خالفني على وجه التهديد والوعيد لمن عصاه وخالف أمره «2» وقيل المراد بدار الفاسقين دار فرعون وقومه وهي مصر، كيف أقفرت منهم ودمروا لفسقهم لتعتبروا فلا تفسقوا مثل فسقهم فيصيبكم ما أصابهم.
وقيل المراد بها منازل عاد وثمود والأقوام الذين هلكوا بسبب كفرهم.
وقيل المراد بها أرض الشام التي كان يسكنها الجبارون.
فإنهم لم يدخلوها إلا بعد أربعين سنة من خروجهم من مصر على يد يوشع بن نون.
والذي نراه أن الرأى الأول أرجح، لأن الآية الكريمة تحكى سنة من سنن الله في خلقه، وهذه السنة تتمثل في أن كل دار تفسق عن أمر ربها تكون عاقبتها الذل والدمار، ولأنه لم يرد حديث صحيح يعين المراد بدار الفاسقين.
فالآية الكريمة قد اشتملت على جانب من مظاهر نعم الله على نبيه موسى- عليه السلام- كما اشتملت على الأمر الصريح منه- سبحانه- له بأن يهيئ نفسه لحمل تكاليف الرسالة بعزم وصبر، وأن يأمر قومه بأن يأخذوا بأكملها وأعلاها بدون ترخيص أو تحايل، لأنهم قوم كانت طبيعتهم رخوة وعزيمتهم ضعيفة، ونفوسهم منحرفة.
كما اشتملت على التحذير الشديد لكل من يخرج عن طاعة الله وينتهك حرماته.
ثم بين- سبحانه- عاقبة من يتكبرون في الأرض بغير الحق فقال- تعالى-:

المصدر : تفسير : وكتبنا له في الألواح من كل شيء