موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا - الآية 16 من سورة محمد

سورة محمد الآية رقم 16 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 16 من سورة محمد عدة تفاسير, سورة محمد : عدد الآيات 38 - الصفحة 508 - الجزء 26.

﴿ وَمِنۡهُم مَّن يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَ حَتَّىٰٓ إِذَا خَرَجُواْ مِنۡ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡ ﴾
[ محمد: 16]


التفسير الميسر

ومن هؤلاء المنافقين مَن يستمع إليك -أيها النبي- بغير فهم؛ تهاونًا منهم واستخفافًا، حتى إذا انصرفوا من مجلسك قالوا لمن حضروا مجلسك من أهل العلم بكتاب الله على سبيل الاستهزاء: ماذا قال محمد الآن؟ أولئك الذين ختم الله على قلوبهم، فلا تفقه الحق ولا تهتدي إليه، واتبعوا أهواءهم في الكفر والضلال.

تفسير الجلالين

«ومنهم» أي الكفار «من يستمع إليك» في خطبة الجمعة وهم المنافقون «حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم» لعلماء الصحابة منهم ابن مسعود وابن عباس استهزاء وسخرية «ماذا قال آنفا» بالمد والقصر، الساعة، أي لا نرجع إليه «أولئك الذين طبع الله على قلوبهم بالكفر «واتبعوا أهواءهم» في النفاق.

تفسير السعدي

يقول تعالى: ومن المنافقين مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ما تقول استماعا، لا عن قبول وانقياد، بل معرضة قلوبهم عنه، ولهذا قال: حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مستفهمين عما قلت، وما سمعوا، مما لم يكن لهم فيه رغبة مَاذَا قَالَ آنِفًا أي: قريبا، وهذا في غاية الذم لهم، فإنهم لو كانوا حريصين على الخير لألقوا إليه أسماعهم، ووعته قلوبهم، وانقادت له جوارحهم، ولكنهم بعكس هذه الحال، ولهذا قال: أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ أي: ختم عليها، وسد أبواب الخير التي تصل إليها بسبب اتباعهم أهواءهم، التي لا يهوون فيها إلا الباطل.

تفسير البغوي

( ومنهم ) يعني من هؤلاء الكفار ( من يستمع إليك ) وهم المنافقون ، يستمعون قولك فلا يعونه ولا يفهمونه ، تهاونا به وتغافلا ( حتى إذا خرجوا من عندك ) يعني فإذا خرجوا من عندك ( قالوا للذين أوتوا العلم ) من الصحابة : ( ماذا قال ) محمد ( آنفا ) ؟ يعني الآن ، هو من الائتناف ويقال : ائتنفت الأمر أي ابتدأته وأنف الشيء أوله .
قال مقاتل : وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب ويعيب المنافقين ، فإذا خرجوا من المسجد سألوا عبد الله بن مسعود استهزاء : ماذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟قال ابن عباس : وقد سئلت فيمن سئل .
( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم ) فلم يؤمنوا ( واتبعوا أهواءهم ) في الكفر والنفاق .

تفسير الوسيط

وضمير الجمع في قوله- تعالى-: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ يعود إلى هؤلاء الكافرين الذين يأكلون كما تأكل الأنعام، وذلك باعتبار أن المنافقين فرقة من الكافرين، إلا أنها تخفى هذا الكفر وتبطنه.
كما يحتمل أن يعود إلى كل من أظهر الإسلام، باعتبار أن من بينهم قوما قالوا كلمة الإسلام بأفواههم دون أن تصدقها قلوبهم.
وعلى كل حال فإن النفاق قد ظهر بالمدينة، بعد أن قويت شوكة المسلمين بها.
وصاروا قوة يخشاها أعداؤهم، هذه القوة جعلت بعض الناس يتظاهرون بالإسلام على كره وهم يضمرون له ولأتباعه العداوة والبغضاء.
.
ويؤيدهم في ذلك اليهود وغيرهم من الضالين.
أى: ومن هؤلاء الذين يناصبونك العداوة والبغضاء- أيها الرسول الكريم قوم يستمعون إليك بآذانهم لا بقلوبهم.
حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ أى: من مجلسك الذي كانوا يستمعون إليك فيه، قالُوا على سبيل الاستهزاء والتهكم لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ من أصحابك، الذين فقهوا كلامك وحفظوه.
ماذا قالَ آنِفاً أى: ماذا كان يقول محمد صلّى الله عليه وسلّم قبل أن نفارق مجلسه.
فقوله: آنِفاً اسم فاعل، ولم يسمع له فعل ثلاثي، بل سمع ائتنف يأتنف واستأنف يستأنف بمعنى ابتدأ.
قال القرطبي: قوله: ماذا قالَ آنِفاً أى: ماذا قال الآن.
.
فآنفا يراد به الساعة التي هي أقرب الأوقات إليك، من قولك استأنفت الشيء إذا ابتدأت به ومنه قولهم: أمر أنف، وروضة أنف، أى: لم يرعها أحد .
وقال الآلوسى ما ملخصه: قوله: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ .
.
.
هم المنافقون، وإفراد الضمير باعتبار اللفظ، كما أن جمعه باعتبار المعنى.
قال ابن جريج، كانوا يحضرون مجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيسمعون كلامه ولا يعونه ولا يراعونه حق رعايته تهاونا منهم.
ومقصودهم بقولهم: ماذا قالَ آنِفاً الاستهزاء وإن كان بصورة الاستعلام.
وآنِفاً اسم فاعل على غير القياس أو بتجريد فعله من الزوائد لأنه لم يسمع له ثلاثي، بل المسموع: استأنف وأتنف .
ثم بين- سبحانه- حالهم فقال: أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ.
أى: أولئك المنافقون الذين قالوا هذا القول القبيح، هم الذين طبع الله- تعالى- على قلوبهم بأن جعلها بسبب استحبابهم الضلالة على الهداية لا ينتفعون بنصح، ولا يستجيبون لخير، وهم الذين اتبعوا أهواءهم وشهواتهم فصاروا لا يعقلون حقا، ولا يفقهون حديثا.
فالآية الكريمة تصور تصويرا بليغا ما كان عليه هؤلاء المنافقون من مكر وخداع، ومن خبث وسوء طوية.
وترد عليهم بهذا الذم الشديد الذي يناسب جرمهم.

المصدر : تفسير : ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا