موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به - الآية 16 من سورة ق

سورة ق الآية رقم 16 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 16 من سورة ق عدة تفاسير, سورة ق : عدد الآيات 45 - الصفحة 519 - الجزء 26.

﴿ وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ ﴾
[ ق: 16]


التفسير الميسر

ولقد خلقنا الإنسان، ونعلم ما تُحَدِّث به نفسه، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (وهو عِرْق في العنق متصل بالقلب).

تفسير الجلالين

«ولقد خلقنا الإنسان ونعلم» حال بتقدير نحن «ما» مصدرية «توسوس» تحدث «به» الباء زائدة أو للتعدية والضمير للإنسان «نفسه ونحن أقرب إليه» بالعلم «من حبل الوريد» الإضافة للبيان والوريدان عرقان بصفحتي العنق.

تفسير السعدي

يخبر تعالى، أنه المتفرد بخلق جنس الإنسان، ذكورهم وإناثهم، وأنه يعلم أحواله، وما يسره، ويوسوس في صدره وأنه أقرب إليه من حبل الوريد، الذي هو أقرب شيء إلى الإنسان، وهوالعرق المكتنف لثغرة النحر، وهذا مما يدعو الإنسان إلى مراقبة خالقه، المطلع على ضميره وباطنه، القريب منه في جميع أحواله، فيستحي منه أن يراه، حيث نهاه، أو يفقده، حيث أمره، وكذلك ينبغي له أن يجعل الملائكة الكرام الكاتبين منه على بال، فيجلهم ويوقرهم، ويحذر أن يفعل أو يقول ما يكتب عنه، مما لا يرضي رب العالمين.

تفسير البغوي

( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ) يحدث به قلبه ولا يخفى علينا سرائره وضمائره ( ونحن أقرب إليه ) أعلم به ( من حبل الوريد ) لأن أبعاضه وأجزاءه يحجب بعضها بعضا ، ولا يحجب علم الله شيء ، و " حبل الوريد " : عرق العنق ، وهو عرق بين الحلقوم والعلباوين ، يتفرق في البدن ، والحبل هو الوريد ، فأضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين .

تفسير الوسيط

والمراد بالإنسان في قوله- تعالى-: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ.
.
جنسه.
وقوله: تُوَسْوِسُ من الوسوسة وهو الصوت الخفى، والمراد به حديث الإنسان مع نفسه.
قال الشاعر:وأكذب النفس إذا حدثتها .
.
.
إن صدق النفس يزرى بالأملوما موصولة، والضمير عائد عليها والباء صلة، أى: ونعلم الأمر الذي تحدثه نفسه به.
ويصح أن تكون مصدرية، والضمير للإنسان، والباء للتعدية، أى ونعلم وسوسة نفسه إياه.
والمتدبر في هذه الآية يرى أن افتتاحها يشير إلى مضمونها، لأن التعبير بخلقنا، يشعر بالعلم التام بأحوال المخلوق، إذ خالق الشيء وصانعه أدرى بتركيب جزئياته.
أى: والله لقد خلقنا بقدرتنا هذا الإنسان.
ونعلم علما تاما شاملا ما تحدثه به نفسه من أفكار وخواطر.
.
وقوله: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ تقرير وتوكيد لما قبله.
وحبل الوريد: عرق في باطن العنق يسرى فيه الدم، والإضافة بيانية.
أى: حبل هو الوريد.
أى: ونحن بسبب علمنا التام بأحواله كلها، أقرب إليه من أقرب شيء لديه، وهو عرق الوريد الذي في باطن عنقه، أو أقرب إليه من دمائه التي تسرى في عروقه.
فالمقصود من الآية الكريمة بيان أن علم الله- تعالى- بأحوال الإنسان، أقرب إلى هذا الإنسان، من أعضائه ومن دمائه التي تسرى في تلك الأعضاء.
والمقصود من القرب: القرب عن طريق العلم، لا القرب في المكان لاستحالة ذلك عليه- تعالى-.
قال القرطبي: قوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ يعنى الناس.
وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ أى: ما يختلج في سره وقلبه وضميره، وفي هذا زجر عن المعاصي التي استخفى بها.
.
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ هو حبل العاتق، وهو ممتد من ناحية حلقه إلى عاتقه، وهما وريدان عن يمين وشمال.
.
والحبل هو الوريد فأضيف إلى نفسه لاختلاف اللفظين.
.
وهذا تمثيل لشدة القرب.
أى: ونحن أقرب إليه من حبل وريده الذي هو من نفسه.
.
وهذا القرب، هو قرب العلم والقدرة، وأبعاض الإنسان يحجب البعض البعض، ولا يحجب علم الله- تعالى- شيء .
وقال القشيري: في هذه الآية هيبة وفزع وخوف لقوم، وروح وأنس وسكون قلب لقوم .
وعلى هذا التفسير الذي سرنا عليه.
وسار عليه من قبلنا جمهور المفسرين يكون الضمير نَحْنُ يعود إلى الله- تعالى-، وجيء بهذا الضمير بلفظ نَحْنُ على سبيل التعظيم.
ويرى الإمام ابن كثير أن الضمير هنا يعود إلى الملائكة، فقد قال- رحمه الله- وقوله:وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يعنى ملائكته- تعالى- أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه.
ومن تأوله على العلم فإنما فر لئلا يلزم حلول أو اتحاد، وهما منفيان بالإجماع- تعالى الله وتقدس- ولكن اللفظ لا يقتضيه فإنه لم يقل: وأنا أقرب إليه من حبل الوريد وإنما قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ كما قال في المحتضر وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْيعنى ملائكته.
وكذلك الملائكة أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه، بإقدار الله لهم على ذلك .
وهذا الذي ذهب إليه ابن كثير وإن كان مقبولا- لأن قرب الملائكة من العبد بإقدار الله لهم على ذلك- إلا أن ما ذهب إليه الجمهور من أن الضمير نَحْنُ لله- تعالى- أدل على قرب الله- سبحانه- لأحوال عباده، وأظهر في معنى الآية، وأزجر للإنسان عن ارتكاب المعاصي.

المصدر : تفسير : ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به