موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين - الآية 18 من سورة الكهف

سورة الكهف الآية رقم 18 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 18 من سورة الكهف عدة تفاسير, سورة الكهف : عدد الآيات 110 - الصفحة 295 - الجزء 15.

﴿ وَتَحۡسَبُهُمۡ أَيۡقَاظٗا وَهُمۡ رُقُودٞۚ وَنُقَلِّبُهُمۡ ذَاتَ ٱلۡيَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِۖ وَكَلۡبُهُم بَٰسِطٞ ذِرَاعَيۡهِ بِٱلۡوَصِيدِۚ لَوِ ٱطَّلَعۡتَ عَلَيۡهِمۡ لَوَلَّيۡتَ مِنۡهُمۡ فِرَارٗا وَلَمُلِئۡتَ مِنۡهُمۡ رُعۡبٗا ﴾
[ الكهف: 18]


التفسير الميسر

وتظن -أيها الناظر- أهل الكهف أيقاظًا، وهم في الواقع نيام، ونتعهدهم بالرعاية، فنُقَلِّبهم حال نومهم مرة للجنب الأيمن ومرة للجنب الأيسر؛ لئلا تأكلهم الأرض، وكلبهم الذي صاحَبهم مادٌّ ذراعيه بفناء الكهف، لو عاينتهم لأدبرت عنهم هاربًا، ولَمُلِئَتْ نفسك منهم فزعًا.

تفسير الجلالين

«وتحسبهم» لو رأيتهم «أيقاظا» أي منتبهين لأن أعينهم منفتحة، جمع يقظ بكسر القاف «وهم رقود» نيام جمع راقد «ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال» لئلا تأكل الأرض لحومهم «وكلبهم باسط ذراعيه» يديه «بالوصيد» بفناء الكهف وكانوا إذا انقلبوا انقلب هو مثلهم في النوم واليقظة «لو اطلعت عليهم لولَّيت منهم فرارا ولملِّئت» بالتشديد والتخفيف «منهم رعْبا» بسكون العين وضمها منعهم الله بالرعب من دخول أحد عليهم.

تفسير السعدي

وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ أي: تحسبهم أيها الناظر إليهم [كأنهم] أيقاظ، والحال أنهم نيام، قال المفسرون: وذلك لأن أعينهم منفتحة، لئلا تفسد، فالناظر إليهم يحسبهم أيقاظا، وهم رقود، وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وهذا أيضا من حفظه لأبدانهم، لأن الأرض من طبيعتها، أكل الأجسام المتصلة بها، فكان من قدر الله، أن قلبهم على جنوبهم يمينا وشمالا، بقدر ما لا تفسد الأرض أجسامهم، والله تعالى قادر على حفظهم من الأرض، من غير تقليب، ولكنه تعالى حكيم، أراد أن تجري سنته في الكون، ويربط الأسباب بمسبباتها.
وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ أي: الكلب الذي كان مع أصحاب الكهف، أصابه ما أصابهم من النوم وقت حراسته، فكان باسطا ذراعيه بالوصيد، أي: الباب، أو فنائه، هذا حفظهم من الأرض.
وأما حفظهم من الآدميين، فأخبر أنه حماهم بالرعب، الذي نشره الله عليهم، فلو اطلع عليهم أحد، لامتلأ قلبه رعبا، وولى منهم فرارا، وهذا الذي أوجب أن يبقوا كل هذه المدة الطويلة، وهم لم يعثر عليهم أحد، مع قربهم من المدينة جدا، والدليل على قربهم، أنهم لما استيقظوا، أرسلوا أحدهم، يشتري لهم طعاما من المدينة، وبقوا في انتظاره، فدل ذلك على شدة قربهم منها.

تفسير البغوي

قوله تعالى : ( وتحسبهم أيقاظا ) أي : منتبهين جمع يقظ ويقظ ( وهم رقود ) نيام جمع راقد مثل قاعد وقعود وإنما اشتبه حالهم لأنهم كانوا مفتحي الأعين يتنفسون ولا يتكلمون .
( ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ) مرة للجنب الأيمن ومرة للجنب الأيسر .
قال ابن عباس : كانوا يقلبون في السنة مرة من جانب إلى جانب لئلا تأكل الأرض لحومهم .
وقيل كان يوم عاشوراء يوم تقلبهم .
وقال أبو هريرة : كان لهم في كل سنة تقلبان .
( ( وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ) أكثر أهل التفسير على أنه كان من جنس الكلاب .
وروي عن ابن جريج : أنه كان أسدا وسمي الأسد كلبا فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي لهب فقال : " اللهم سلط عليه كلبا من كلابك " فافترسه أسد .
والأول أصح .
قال ابن عباس : كان كلبا أغر .
ويروى عنه : فوق القلطي ودون الكردي [ والقلطي : كلب صيني ] .
وقال مقاتل : كان أصفر .
وقال القرظي : كان شدة صفرته تضرب إلى الحمرة .
وقال الكلبي : لونه كالخلنج وقيل : لون الحجر .
قال ابن عباس : كان اسمه قطمير وعن علي : اسمه ريان .
وقال الأوزاعي : بتور .
وقال السدي : تور وقال كعب : صهيلة .
قال خالد بن معدان : ليس في الجنة شيء من الدواب سوى كلب أصحاب الكهف وحمار بلعام .
قوله ( بالوصيد ) قال مجاهد والضحاك : " والوصيد " : فناء الكهف وقال عطاء : " الوصيد " عتبة الباب .
وقال السدي : " الوصيد " الباب وهو رواية عكرمة عن ابن عباس .
فإن قيل : لم يكن للكهف باب ولا عتبة؟قيل : معناه موضع الباب والعتبة كان الكلب قد بسط ذراعيه وجعل وجهه عليهم .
قال السدي : كان أصحاب الكهف إذا انقلبوا انقلب الكلب معهم وإذا انقلبوا إلى اليمين كسر الكلب أذنه اليمنى ورقد عليها وإذا انقلبوا إلى الشمال كسر أذنه اليسرى ورقد عليها .
( لو اطلعت عليهم ) يا محمد ( لوليت منهم فرارا ) لما ألبسهم الله من الهيبة حتى لا يصل إليهم أحد حتى يبلغ الكتاب أجله فيوقظهم الله تعالى من رقدتهم ( ولملئت منهم رعبا ) خوفا قرأ أهل الحجاز بتشديد اللام والآخرون بتخفيفها .
واختلفوا في أن الرعب كان لماذا قيل من وحشة المكان .
وقال الكلبي : لأن أعينهم كانت مفتحة كالمستيقظ الذي يريد أن يتكلم وهم نيام .
وقيل : لكثرة شعورهم وطول أظفارهم ولتقلبهم من غير حس ولا إشعار .
وقيل : إن الله تعالى منعهم بالرعب لئلا يراهم أحد .
وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : غزونا مع معاوية نحو الروم فمررنا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف ، فقال معاوية : لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم .
فقال ابن عباس رضي الله عنهم : لقد منع ذلك من هو خير منك ، فقال : " لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا " فبعث معاوية ناسا فقال : اذهبوا فانظروا فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحا فأخرجتهم .

تفسير الوسيط

ثم صور- سبحانه- بعد ذلك مشهدا عجيبا من أحوال هؤلاء الفتية فقال: وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ .
.
.
والحسبان بمعنى الظن، والأيقاظ جمع يقظ وهو ضد النائم، والرقود: جمع راقد والمراد به هنا: النائم.
أى: وتظنهم- أيها المخاطب لو قدر لك أن تراهم- أيقاظا منتبهين، والحال أنهم رقود أى: نيام.
وقالوا: وسبب هذا الظن والحسبان، أن عيونهم كانت مفتوحة، وأنهم كانوا يتقلبون من جهة إلى جهة، كما قال- تعالى- بعد ذلك: وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ.
أى: ونحركهم وهم رقود إلى الجهة التي تلى أيمانهم، وإلى الجهة التي تلى شمائلهم، رعاية منا لأجسامهم حتى لا تأكل الأرض شيئا منها بسبب طول رقادهم عليها.
وعدد مرات هذا التقليب لا يعلمه إلا الله- تعالى- وما أورده المفسرون في ذلك لم يثبت عن طريق النقل الصحيح، لذا ضربنا صفحا عنه.
ثم بين- سبحانه- حالة- كلبهم فقال: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ.
والمراد بالوصيد- على الصحيح- فناء الكهف قريبا من الباب، أو هو الباب نفسه، ومنه قول الشاعر: بأرض فضاء لا يسد وصيدها.
أى: لا يسد بابها.
أى: وكلبهم الذي كان معهم في رحلتهم ماد ذراعيه بباب الكهف حتى لكأنه يحرسهم ويمنع من الوصول إليهم.
وما ذكره بعض المفسرين هنا عن اسم الكلب وصفاته، لم نهتم بذكره لعدم فائدته.
ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً.
أى.
لو عاينتهم وشاهدتهم- أيها المخاطب- لأعرضت بوجهك عنهم من هول ما رأيت.
ولملئ قلبك خوفا ورعبا من منظرهم.
وقد أخذ العلماء من هذه الآية أحكاما منها: أن صحبة الأخيار لها من الفوائد ما لها.
قال ابن كثير- رحمه الله- ربض كلبهم على الباب كما جرت به عادة الكلاب وهذا من سجيته وطبيعته حيث يربض ببابهم كأنه يحرسهم، وكان جلوسه خارج الباب.
لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب- كما ورد في الصحيح.
.
وشملت كلبهم بركتهم، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال، وهذا فائدة صحبة الأخيار، فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن.
وقال القرطبي- رحمه الله- ما ملخصه: قال ابن عطية: وحدثني أبى قال: سمعت أبا الفضل الجوهري في جامع مصر يقول على منبر وعظه سنة تسع وستين وأربعمائة: إن من أحب أهل الخير نال من بركتهم، كلب أحب أهل فضل وصحبهم فذكره الله في محكم تنزيله.
قلت- أى القرطبي-: إذا كان بعض الكلاب نال هذه الدرجة العليا بصحبة ومخالطة الصلحاء والأولياء حتى أخبر الله بذلك في كتابه، فما ظنك بالمؤمنين المخالطين المحبين للأولياء.
والصالحين!! بل في هذا تسلية وأنس للمؤمنين المقصرين عن درجات الكلمات: المحبين للنبي صلّى الله عليه وسلم وآله خير آل.
روى في الصحيح عن أنس قال: بينا أنا ورسول الله صلّى الله عليه وسلم خارجان من المسجد،فلقينا رجل عند سدة المسجد، فقال: يا رسول الله.
متى الساعة؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما أعددت لها؟ قال: فكأن الرجل استكان، ثم قال: يا رسول الله، ما أعددت لها كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحببت الله ورسوله: قال صلّى الله عليه وسلم:«فأنت مع من أحببت» .
وفي رواية قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي صلّى الله عليه وسلم «فأنت مع من أحببت» .
قال أنس.
فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم، وإن لم أعمل بأعمالهم.
قلت: وهذا الذي تمسك به أنس يشمل من المسلمين كل ذي نفس، فلذلك تعلقت أطماعنا بذلك، وإن كنا مقصرين، ورجونا رحمة الرحمن، وإن كنا غير مستأهلين.
.
ثم حكى- سبحانه- حال هؤلاء الفتية بعد أن أعاد إليهم الحياة، فذكر بعض أقوالهم فيما بينهم فقال- تعالى-:

المصدر : تفسير : وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين