موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم - الآية 21 من سورة الطور

سورة الطور الآية رقم 21 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 21 من سورة الطور عدة تفاسير, سورة الطور : عدد الآيات 49 - الصفحة 524 - الجزء 27.

﴿ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَمَآ أَلَتۡنَٰهُم مِّنۡ عَمَلِهِم مِّن شَيۡءٖۚ كُلُّ ٱمۡرِيِٕۭ بِمَا كَسَبَ رَهِينٞ ﴾
[ الطور: 21]


التفسير الميسر

والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم في الإيمان، وألحقنا بهم ذريتهم في منزلتهم في الجنة، وإن لم يبلغوا عمل آبائهم؛ لتَقَرَّ أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيُجْمَع بينهم على أحسن الأحوال، وما نقصناهم شيئًا من ثواب أعمالهم. كل إنسان مرهون بعمله، لا يحمل ذنب غيره من الناس.

تفسير الجلالين

«والذين آمنوا» مبتدأ «أتبعناهم» وفي قراءة واتبعتهم معطوف على آمنوا «ذرياتهم» وفي قراءة ذريتهم الصغار والكبار «بإيمان» من الكبار ومن أولادهم الصغار والخبر «ألحقنا بهم ذرياتهم» المذكورين في الجنة فيكونون في درجتهم وإن لم يعملوا تكرمة للآباء باجتماع الأولاد إليهم «وما ألتناهم» بفتح اللام وكسرها نقصناهم «من عملهم من» زائدة «شيء» يزاد في عمل الأولاد «كل امرئ بما كسب» من عمل خير أو شر «رهين» مرهون يؤاخذ بالشر ويجازى بالخير.

تفسير السعدي

وهذا من تمام نعيم أهل الجنة، أن ألحق الله [بهم] ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان أي: الذين لحقوهم بالإيمان الصادر من آبائهم، فصارت الذرية تبعا لهم بالإيمان، ومن باب أولى إذا تبعتهم ذريتهم بإيمانهم الصادر منهم أنفسهم، فهؤلاء المذكورون، يلحقهم الله بمنازل آبائهم في الجنة وإن لم يبلغوها، جزاء لآبائهم، وزيادة في ثوابهم، ومع ذلك، لا ينقص الله الآباء من أعمالهم شيئا، ولما كان ربما توهم متوهم أن أهل النار كذلك، يلحق الله بهم أبناءهم وذريتهم، أخبر أنه ليس حكم الدارين حكما واحدا، فإن النار دار العدل، ومن عدله تعالى أن لا يعذب أحدا إلا بذنب، ولهذا قال: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ أي: مرتهن بعمله، فلا تزر وازرة وزر أخرى، ولا يحمل على أحد ذنب أحد.
هذا اعتراض من فوائده إزالة الوهم المذكور.

تفسير البغوي

( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ) قرأ أبو عمرو : " وأتبعناهم " ، بقطع الألف على التعظيم ، " ذرياتهم " ، بالألف وكسر التاء فيهما لقوله : " ألحقنا بهم " " وما ألتناهم " ، ليكون الكلام على نسق واحد .
وقرأ الآخرون : " واتبعتهم " بوصل الألف وتشديد التاء بعدها وسكون التاء الأخيرة .
ثم اختلفوا في " ذريتهم " : قرأ أهل المدينة الأولى بغير ألف وضم التاء ، والثانية بالألف وكسر التاء ، وقرأ أهل الشام ويعقوب كلاهما بالألف وكسر التاء في الثانية ، وقرأ الآخرون بغير ألف فيهما ورفع التاء في الأولى ونصبها في الثانية .
واختلفوا في معنى الآية ، فقال قوم : معناها والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ، يعني : أولادهم الصغار والكبار ، فالكبار بإيمانهم بأنفسهم ، والصغار بإيمان آبائهم ، فإن الولد الصغير يحكم بإسلامه تبعا لأحد الأبوين ( ألحقنا بهم ذريتهم ) المؤمنين [ في الجنة بدرجاتهم وإن لم يبلغوا بأعمالهم درجات آبائهم ] تكرمة لآبائهم لتقر بذلك أعينهم .
وهي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم .
وقال آخرون : معناه والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم البالغون بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم الصغار الذين لم يبلغوا الإيمان بإيمان آبائهم .
وهو قول الضحاك ، ورواية العوفي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، أخبر الله - عز وجل - أنه يجمع لعبده المؤمن ذريته في الجنة كما كان يحب في الدنيا أن يجتمعوا إليه ، يدخلهم الجنة بفضله ويلحقهم بدرجته بعمل أبيه ، من غير أن ينقص الآباء من أعمالهم شيئا ، فذلك قوله : ( وما ألتناهم ) قرأ ابن كثير بكسر اللام ، والباقون بفتحها أي ما نقصناهم يعني الآباء ( من عملهم من شيء ) .
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد بن عبد الله الحديثي ، حدثنا سعيد بن محمد بن إسحاق الصيرفي ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جبارة بن المغلس ، حدثنا قيس بن الربيع ، حدثنا عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل ، لتقر بهم عينه " ، ثم قرأ : " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم " ، إلى آخر الآية .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه الدينوري ، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن فضيل عن محمد بن عثمان عن زاذان عن علي - رضي الله عنه - قال : سألت خديجة رضي الله تعالى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ولدين ماتا لها في الجاهلية ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هما في النار " ، فلما رأى الكراهة في وجهها ، قال : " لو رأيت مكانهما لأبغضتهما " ، قالت : يا رسول الله فولدي منك ؟ قال : " في الجنة " ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن المؤمنين وأولادهم في الجنة ، وإن المشركين وأولادهم في النار " ، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم " .
( كل امرئ بما كسب رهين ) قال مقاتل : كل امرئ كافر بما عمل من الشرك مرتهن في النار ، والمؤمن لا يكون مرتهنا ، لقوله - عز وجل - : " كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين " ، ثم ذكر ما يزيدهم من الخير والنعمة فقال :

تفسير الوسيط

ثم بين- سبحانه- أنواعا أخرى من تكريمه- تعالى- لهم، فقال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ.
والآية الكريمة بيان لحال طائفة من أهل الجنة- وهم الذين شاركتهم ذريتهم الأقل عملا منهم في الإيمان- إثر بيان حال المتقين بصفة عامة.
والاسم الموصول مبتدأ، وخبره جملة أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ.
والمراد بالذرية هنا:ما يشمل الآباء والأبناء وقوله: وَاتَّبَعَتْهُمْ معطوف على آمَنُوا.
وقوله بِإِيمانٍ متعلق بالاتباع، والباء للسببية أو بمعنى في.
ومعنى: أَلَتْناهُمْ أنقصناهم.
يقال: فلان ألت فلانا حقه يألته- من باب ضرب- إذا بخسه حقه.
والمعنى: والذين آمنوا بنا حق الإيمان واتبعتهم ذريتهم في هذا الإيمان، ألحقنا بهم ذريتهم، بأن جمعناهم معهم في الجنة، وما نقصنا هؤلاء المتبوعين شيئا من ثواب أعمالهم، بسبب إلحاق ذريتهم بهم في الدرجة، بل جمعنا بينهم في الجنة.
وساوينا بينهم في العطاء- حتى ولو كان بعضهم أقل من بعض في الأعمال- فضلا منا وكرما.
قال الإمام ابن كثير: يخبر- تعالى- عن فضله وكرمه، وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه:أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان، يلحقهم بآبائهم في المنزلة وإن لم يبلغوا عملهم، لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه، بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذاك من عمله ومنزلته.
للتساوى بينه وبين ذاك.
ولهذا قال:أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ، وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ.
عن ابن عباس قال: إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، لتقر بهم عينه، ثم قرأ هذه الآية.
وفي رواية أخرى عنه قال- عند ما سئل عن هذه الآية-: هم ذرية المؤمنين يموتون على الإيمان، فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم ألحقوا بآبائهم، ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوها شيئا.
وقال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما معنى تنكير الإيمان؟ قلت: معناه الدلالة على أنه إيمان خاص عظيم المنزلة، ويجوز أن يراد: إيمان الذرية الداني المحل، كأنه قال: بشيء من الإيمان، لا يؤهلهم لدرجة الآباء ألحقناهم بهم.
قال الجمل: والذرية هنا تصدق على الآباء والأبناء، فإن المؤمن إذا كان عمله الصالح أكثر ألحق به من هو دونه في العمل أبا كان أو ابنا، وهذا منقول عن ابن عباس وغيره.
وعن ابن عباس- أيضا- يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، سأل أحدهم عن أبويه وعن زوجته وولده، فيقال: إنهم لم يدركوا ما أدركت، فيقول: يا رب إنى عملت لي ولهم، فيؤمر بإلحاقهم به» .
وقوله: كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ أى: كل إنسان مرهون بعمله عند الله- تعالى- فإن كان عمله صالحا سعد وفاز، وأطلق نفسه من كل ما يسوؤها ويحزنها، وإن كان غير ذلك جوزي على حسب عمله وسعيه.
والتعبير بقوله رَهِينٌ للإشعار بأن كل إنسان مرتهن بعمله، حتى لكأن العمل بمنزلة الدّين، وأن الإنسان لا يستطيع الفكاك منه إلا بعد أدائه.

المصدر : تفسير : والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم