موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن - الآية 225 من سورة البقرة

سورة البقرة الآية رقم 225 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 225 من سورة البقرة عدة تفاسير, سورة البقرة : عدد الآيات 286 - الصفحة 36 - الجزء 2.

﴿ لَّا يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغۡوِ فِيٓ أَيۡمَٰنِكُمۡ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتۡ قُلُوبُكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٞ ﴾
[ البقرة: 225]


التفسير الميسر

لا يعاقبكم الله بسبب أيمانكم التي تحلفونها بغير قصد، ولكن يعاقبكم بما قصدَتْه قلوبكم. والله غفور لمن تاب إليه، حليم بمن عصاه حيث لم يعاجله بالعقوبة.

تفسير الجلالين

«لا يؤاخذكم الله باللغو» الكائن «في أيمانكم» وهو ما يسبق إليه اللسان من غير قصد الحلف نحو ألا والله، وبلى و الله فلا إثم فيه ولا كفارة «ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم» أي قصدته من الأيمان إذا حنثتم «والله غفور» لما كان من اللغو «حليم» بتأخير العقوبة عن مستحقها.

تفسير السعدي

منه ولا كسب قلب, ولكنها جرت على لسانه كقول الرجل في عرض كلامه: " لا والله " و " بلى والله " وكحلفه على أمر ماض, يظن صدق نفسه، وإنما المؤاخذة على ما قصده القلب.
وفي هذا دليل على اعتبار المقاصد في الأقوال, كما هي معتبرة في الأفعال.
والله غفور لمن تاب إليه, حليم بمن عصاه, حيث لم يعاجله بالعقوبة, بل حلم عنه وستر, وصفح مع قدرته عليه, وكونه بين يديه.

تفسير البغوي

قوله تعالى : ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ) اللغو كل مطرح من الكلام لا يعتد به واختلف أهل العلم في اللغو في اليمين المذكورة في الآية فقال قوم : هو ما يسبق إلى اللسان على عجلة لصلة الكلام من غير عقد وقصد كقول القائل : لا والله وبلى والله وكلا والله .
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أخبرنا أبو العباس الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت : لغو اليمين قول الإنسان : لا والله وبلى والله ورفعه بعضهم وإلى هذا ذهب الشعبي وعكرمة وبه قال الشافعي .
ويروى عن عائشة : أيمان اللغو ما كانت في الهزل والمراء ، والخصومة والحديث الذي لا يعقد عليه القلب وقال قوم : هو أن يحلف عن شيء يرى أنه صادق فيه ثم يتبين له خلاف ذلك وهو قول الحسن والزهري وإبراهيم النخعي وقتادة ومكحول ، وبه قال أبو حنيفة رضي الله عنه وقالوا لا كفارة فيه ولا إثم عليه وقال علي : هو اليمين على الغضب وبه قال طاووس وقال سعيد بن جبير : هو اليمين في المعصية لا يؤاخذه الله بالحنث فيها ، بل يحنث ويكفر .
وقال مسروق : ليس عليه كفارة أيكفر خطوات الشيطان؟ وقال الشعبي في الرجل يحلف على المعصية : كفارته أن يتوب منها وكل يمين لا يحل لك أن تفي بها فليس فيها كفارة ولو أمرته بالكفارة لأمرته أن يتم على قوله وقال زيد بن أسلم : هو دعاء الرجل على نفسه تقول لإنسان أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا [ أخرجني الله من مالي إن لم آتك غدا ويقول : هو كافر إن فعل كذا ] .
فهذا كله لغو لا يؤاخذه الله به ولو آخذهم به لعجل لهم العقوبة " ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم " ( 11 - يونس ) وقال " ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير " ( 11 - الإسراء ) .
قوله تعالى : ( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) أي عزمتم وقصدتم إلى اليمين وكسب القلب العقد والنية ( والله غفور رحيم ) واعلم أن اليمين لا تنعقد إلا بالله أو باسم من أسمائه أو بصفة من صفاته : فاليمين بالله أن يقول : والذي أعبده والذي أصلي له والذي نفسي بيده ونحو ذلك واليمين بأسمائه كقوله والله والرحمن ، ونحوه واليمين بصفاته كقوله : وعزة الله وعظمة الله وجلال الله وقدرة الله ونحوها فإذا حلف بشيء منها على أمر في المستقبل فحنث يجب عليه الكفارة وإذا حلف على أمر ماض أنه كان ولم يكن أو على أنه لم يكن وقد كان إن كان عالما به حالة ما حلف فهو اليمين الغموس وهو من الكبائر وتجب فيه الكفارة عند بعض أهل العلم عالما كان أو جاهلا وبه قال الشافعي ولا تجب عند بعضهم وهو قول أصحاب الرأي وقالوا إن كان عالما فهو كبيرة ولا كفارة لها كما في سائر الكبائر وإن كان جاهلا فهو يمين اللغو عندهم ومن حلف بغير الله مثل أن قال : والكعبة وبيت الله ونبي الله أو حلف بأبيه ونحو ذلك فلا يكون يمينا ، فلا تجب عليه الكفارة إذا حلف وهو يمين مكروهة قال الشافعي : وأخشى أن يكون معصية .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب وهو يحلف بأبيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت .

تفسير الوسيط

وقوله- تعالى-: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ استئناف بيانى، لأن الآية السابقة لما أفادت النهى عن التسرع في الحلف، أو عن اتخاذ الأيمان حاجزا عن عمل الخير، كانت نفوس السامعين مشوقة إلى حكم اليمين التي تجرى على الألسنة بدون قصد.
والمؤاخذة: مفاعلة من الأخذ بمعنى المحاسبة أو المعاقبة أو الإلزام بالوفاء بها.
واللغو من الكلام: الساقط الذي لا يعتد به ولا يصدر عن فكر وروية مصدر لغا يلغو ويلغى.
والمعنى: لا يعاقبكم الله- تعالى- ولا يلزمكم بكفارة ما صدر عنكم من الأيمان اللاغية فضلا منه- سبحانه- وكرما.
واليمين اللغو هي التي لا يقصدها الحالف، بل تجرى على لسانه عادة من غير قصد، وقد ذكر العلماء صورا لها منها- كما يقول ابن كثير:ما رواه عطاء عن عائشة أنها قالت: «اللغو في اليمين هو كلام الرجل في بيته كلا والله وبلى والله» وفي رواية عن الزهري عن عروة عنها أنها قالت: «اللغو في اليمين هو ما يكون بين القوم يتدارءون في الأمر- أى يتناقشون ويتذاكرون فيه- فيقول هذا لا والله وبلى والله وكلا والله لا تعقد عليه قلوبهم» أى تجرى على ألسنتهم ألفاظ اليمين ولكن بدون قصد يمين: - ومنها ما جاء عن عروة عنها أنها كانت تتأول هذه الآية يعنى قوله- تعالى-: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وتقول: هو الشيء يحلف عليه أحدكم لا يريد منه إلا الصدق فيكون على غير ما حلف عليه» .
ثم بين- سبحانه- اليمين التي هي موضع المحاسبة والمعاقبة فقال: وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ.
أى: لا يؤاخذكم الله في اليمين التي لم تصدر عن روية وتفكير ولكن يؤاخذكم أى يعاقبكم في الآخرة بما قصدته قلوبكم وتعمدتم فيه الكذب في اليمين، بأن يحلف أحدكم على شيء كذب ليعتقد السامع صدقه، وتلك هي اليمين الغموس- أى التي تغمس صاحبها في النار- ويدخل فيها الأيمان التي يحلفها شهود الزور والكاذبون عند التقاضي ومن يشابههم في تعمد الكذب.
ويرى جمهور العلماء أن هذه اليمين لا كفارة فيها وإنما كفارتها التوبة الصادقة ورد الحقوق إلى أصحابها إن ترتب على اليمين الكاذبة ضياع حق أو حكم بباطل.
ويرى الإمام الشافعى أنه يجب فيها فوق ذلك الكفارة.
والباء في قوله: بِما للسببية، وما مصدرية أى، لا يؤاخذكم باللغو ولكن يؤاخذكم بالكسب، أو موصولة والعائد محذوف أى ولكن يؤاخذكم بالذي كسبته قلوبكم.
وقوله: وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ تذييل لتأكيد معنى عدم المؤاخذة في اللغو.
أى والله غفور حيث لم يؤاخذكم باللغو حليم حيث لم يعاجل المخطئين بالعقوبة.

المصدر : تفسير : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن