موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم - الآية 262 من سورة البقرة

سورة البقرة الآية رقم 262 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 262 من سورة البقرة عدة تفاسير, سورة البقرة : عدد الآيات 286 - الصفحة 44 - الجزء 3.

﴿ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا يُتۡبِعُونَ مَآ أَنفَقُواْ مَنّٗا وَلَآ أَذٗى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ﴾
[ البقرة: 262]


التفسير الميسر

الذين يخرجون أموالهم في الجهاد وأنواع الخير، ثم لا يتبعون ما أنفقوا من الخيرات مَنّاً على مَن أعطَوه ولا أذى بقول أو فِعْلٍ يشعره بالتفضل عليه، لهم ثوابهم العظيم عند ربهم، ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر الآخرة، ولا هم يحزنون على شيء فاتهم في هذه الدنيا.

تفسير الجلالين

«الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يُتبِعون ما أنفقوا مَنًّا» على المنفق عليه بقولهم مثلا: قد أحسنت إليه وجبرت حاله «ولا أذًى» له بذكر ذلك إلى من لا يجب وقوفه عليه ونحو «لهم أجرهم» ثواب إنفاقهم «عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون» في الآخرة.

تفسير السعدي

أي: الذين ينفقون أموالهم في طاعة الله وسبيله، ولا يتبعونها بما ينقصها ويفسدها من المن بها على المنفق عليه بالقلب أو باللسان، بأن يعدد عليه إحسانه ويطلب منه مقابلته، ولا أذية له قولية أو فعلية، فهؤلاء لهم أجرهم اللائق بهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فحصل لهم الخير واندفع عنهم الشر لأنهم عملوا عملا خالصا لله سالما من المفسدات.

تفسير البغوي

قوله تعالى : ( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ) قال الكلبي : نزلت هذه الآية في عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهما جاء عبد الرحمن بأربعة آلاف درهم صدقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كانت عندي ثمانية آلاف فأمسكت منها لنفسي وعيالي أربعة آلاف درهم وأربعة آلاف أقرضتها ربي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بارك الله فيما أمسكت لك وفيما أعطيت وأما عثمان فجهز جيش المسلمين في غزوة تبوك بألف بعير بأقتابها وأحلاسها فنزلت فيهما هذه الآية .
وقال عبد الرحمن بن سمرة : جاء عثمان رضي الله عنه بألف دينار في جيش العسرة فصبها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يدخل فيها يده ويقلبها ويقول " ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم " فأنزل الله تعالى ( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ) في طاعة الله ( ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ) وهو أن يمن عليه بعطائه فيقول : أعطيتك كذا ويعد نعمه عليه فيكدرها ( ولا أذى ) أن يعيره فيقول : إلى كم تسأل وكم تؤذيني؟ وقيل من الأذى هو أن يذكر إنفاقه عليه عند من لا يحب وقوفه عليه .
وقال سفيان : ( منا ولا أذى ) أن يقول قد أعطيتك وأعطيت فما شكرت قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كان أبي يقول : إذا أعطيت رجلا شيئا ورأيت أن سلامك يثقل عليه فكف سلامك عنه فحظر الله على عباده المن بالصنيعة واختص به صفة لنفسه لأنه من العباد تعيير وتكدير ومن الله إفضال وتذكير ( لهم أجرهم ) أي ثوابهم ( عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون )

تفسير الوسيط

وقوله- تعالى-: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ استئناف جيء به لبيان كيفية الإنفاق الذي يحبه الله، ويجازى عليه المنفقين بالجزاء العظيم.
وقوله: ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً تحذير للمتصدق من هاتين الصفتين الذميمتين لأنهما مبطلتان لثواب الصدقة.
والمن معناه: أن يتطاول المحسن بإحسانه على من أحسن إليه، ويتفاخر عليه بسبب ما أعطاه من عطايا.
كأن يقول على سبيل التفاخر والتعبير: لقد أحسنت إليك وأنقذتك من الفقر وما يشبه ذلك.
قال الإمام الرازي ما ملخصه: والمن في اللغة على وجوه: فقد يأتى بمعنى الإنعام.
يقال:قد من الله على فلان.
إذا أنعم عليه بنعمه.
وقد يأتى بمعنى النقص من الحق والبخس له.
قال- تعالى-: وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ أى غير مقطوع وغير ممنوع ومنه سمى الموت منونا لأنه يقطع الأعمار، ومن هذا الباب المنة المذمومة لأنها تنقص النعمة وتكدرها، والعرب يمتدحون بترك المن بالنعمة.
والمراد بالمن في الآية المذموم الذي هو بمعنى «إظهار الاصطناع إليهم» .
وقال صاحب الكشاف: المن: أن يعتد على من أحسن إليه بإحسانه، ويريد أنه اصطنعه وأوجب عليه حقا له، وكانوا يقولون: إذا صنعتم صنيعة فانسوها.
ولبعضهم.
وإن امرؤ أسدى إلى صنيعة وذكرنيها إنه للئيم وفي نوابغ الكلم: صنوان: من منح سائله ومنّ، ومن منع نائله وضن» والمراد بالأذى في الآية: أن يقول المعطى لمن أعطاه قولا يؤذيه، أو يفعل معه فعلا يسيء به إليه، وهو أعم من المن، إذ المن نوع من الأذى لكنه نص عليه لكثرة وقوعه.
وجاء العطف بثم في الجملة الكريمة، لإظهار التفاوت الشديد في الرتبة بين الإنفاق الذي يحبه الله، وبين الإنفاق الذي يصاحبه المن والأذى، وللإشعار بأن المن والأذى بغيضان عند الإنفاق وبعده، فعلى المنفق أن يستمر في أدبه وإخلاصه وقت الإنفاق وبعده حتى لا يذهب ثوابه، إذ المنّ والأذى مبطلان للثواب في أى وقت يحصلان فيه.
قال الشيخ ابن المنير مبينا أن ثُمَّ هنا تفيد استمرار الفعل بجانب إفادتها للتفاوت في الرتبة: وعندي فيها- أى في ثم- وجه آخر محتمل في هذه الآية ونحوها.
وهو الدلالة على دوام الفعل المعطوف بها وإرخاء الطول في استصحابه.
فهي على هذا لم تخرج عن الإشعار ببعد الزمن، ولكن معناها الأصلى تراخى زمن وقوع الفعل وحدوثه، ومعناها المستعار إليه دوام وجود الفعل وتراخى زمن بقائه.
وعليه حمل قوله-: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا أى: داوموا على هذه الاستقامة دواما متراخيا ممتد الأمد.
.
وكذلك قوله هنا «ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى» أى يدومون على تناسى الإحسان وعلى ترك الاعتداد به والامتنان والأذى.
.
.
وكرر- سبحانه- النفي في قوله: ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لتأكيده وشموله لأفراد كل واحد منهما، أى يجب ألا يقع منهم أى نوع من أنواع المن ولا أى نوع من أنواع الأذى.
حتى لقد قال بعض الصالحين: «لئن ظننت أن سلامك يثقل على من أنفقت عليه بنفقة تبتغى بها وجه الله، فلا تسلّم عليه» .
ثم ختم- سبحانه- الآية ببيان عاقبة المنفقين بلا من ولا أذى فقال: لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أى: لهم جزاؤهم العظيم مكافأة لهم على أدبهم وإخلاصهم، عند مربيهم ومالك أمرهم، ولا خوف عليهم مما سيجدونه في مستقبلهم، ولا هم يحزنون على ماضيهم، وذلك لأن الله- تعالى- قد أحاطهم برعايته في دنياهم وأخراهم وعوضهم عما فارقوه خير عوض وأكرمه.
ثم كرر- سبحانه- التحذير من المن والأذى، مناديا المؤمنين بأن يجتنبوا في صدقاتهم هاتين الرذيلتين، مبينا أن الكلمة الطيبة للفقير خير من إعطائه مع إيذائه، استمع إلى القرآن الكريم وهو يسوق هذه المعاني وغيرها بأسلوبه البليغ المؤثر فيقول:

المصدر : تفسير : الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم