موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية - الآية 274 من سورة البقرة

سورة البقرة الآية رقم 274 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 274 من سورة البقرة عدة تفاسير, سورة البقرة : عدد الآيات 286 - الصفحة 46 - الجزء 3.

﴿ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُم بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ﴾
[ البقرة: 274]


التفسير الميسر

الذين يُخْرجون أموالهم مرضاة لله ليلا ونهارًا مسرِّين ومعلنين، فلهم أجرهم عند ربهم، ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر الآخرة، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا. ذلك التشريع الإلهي الحكيم هو منهاج الإسلام في الإنفاق لما فيه مِن سدِّ حاجة الفقراء في كرامة وعزة، وتطهير مال الأغنياء، وتحقيق التعاون على البر والتقوى؛ ابتغاء وجه الله دون قهر أو إكراه.

تفسير الجلالين

«الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربَّهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون».

تفسير السعدي

ثم ذكر حالة المتصدقين في جميع الأوقات على جميع الأحوال فقال: الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله أي: طاعته وطريق مرضاته، لا في المحرمات والمكروهات وشهوات أنفسهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم أي: أجر عظيم من خير عند الرب الرحيم ولا خوف عليهم إذا خاف المقصرون ولا هم يحزنون إذا حزن المفرطون، ففازوا بحصول المقصود المطلوب، ونجوا من الشرور والمرهوب، ولما كمل تعالى حالة المحسنين إلى عباده بأنواع النفقات ذكر حالة الظالمين المسيئين إليهم غاية الإساءة

تفسير البغوي

( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية ) روي عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب رضي الله عنه كانت عنده أربعة دراهم لا يملك غيرها فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية .
وعن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهم قال لما نزلت ( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله ) بعث عبد الرحمن بن عوف بدنانير كثيرة إلى أصحاب الصفة ، وبعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في جوف الليل بوسق من تمر فأنزل الله تعالى فيهما ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار ) الآية عنى بالنهار علانية : صدقة عبد الرحمن بن عوف ، وبالليل سرا : صدقة علي رضي الله عنه وقال أبو أمامة وأبو الدرداء ومكحول والأوزاعي : نزلت في الذين يرتبطون الخيل للجهاد فإنها تعلف ليلا ونهارا سرا وعلانية .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا علي بن حفص ، أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا طلحة بن أبي سعيد قال : سمعت سعيدا المقبري يحدث أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة " .
وقوله تعالى : ( فلهم أجرهم عند ربهم ) قال الأخفش : جعل الخبر بالفاء لأن " الذين " بمعنى " من " وجواب من بالفاء بالجزاء أو معنى الآية : من أنفق كذا فله أجره عند ربه ( ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) .

تفسير الوسيط

ثم ختم- سبحانه- الحديث عن النفقة والمنفقين بقوله: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ.
وقوله: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً استئناف المقصود منه مدح أولئك الذين يعممون صدقاتهم في كل الأزمان وفي كل الأحوال فهم يتصدقون على المحتاجين في الليل وفي النهار، في الغدو وفي الآصال، في السر وفي العلن، في كل وقت وفي كل حال، لأنهم لقوة إيمانهم، وصفاء نفوسهم يحرصون كل الحرص على كل ما يرضى الله تعالى.
وقد بين الله- تعالى- في ثلاث جمل حسن عاقبتهم، وعظيم ثوابهم فقال في الجملة الأولى فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ أى فلهم أجرهم الجزيل عند خالقهم ومربيهم ورازقهم.
والجملة الكريمة خبر لقوله: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ .
.
.
ودخلت الفاء في الخبر لأن الموصول في معنى الشرط فتدخل الفاء في خبره جوازا، وللدلالة على سببية ما قبلها لما بعدها أى أن استحقاق الأجر متسبب عن الإنفاق في سبيل الله.
وقال في الجملة الثانية وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ أى: لا خوف عليهم من أى عذاب لأنهم في مأمن من عذاب الله بسبب ما قدموا من عمل صالح.
وقال في الجملة الثالثة: وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أى لا يصيبهم ما يؤدى بهم إلى الحزن والهم والغم، لأنهم دائما في اطمئنان يدفع عنهم الهموم والأحزان وقد روى المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات منها أن على بن أبى طالب كان يملك أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا، وبدرهم نهارا وبدرهم سرا، وبدرهم علانية فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما حملك على ذلك؟ فقال:أريد أن أكون أهلا لما وعدني ربي.
فقال صلّى الله عليه وسلّم: لك ذلك» فأنزل الله هذه الآية.
والحق أن هذه الرواية وغيرها لا تمنع عمومها، فهي تنطبق على كل من بذل ماله في سبيل الله في عموم الأوقات والأحوال.
أما بعد: فهذه أربع عشرة آية بدأت من قوله- تعالى- مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ .
.
.
وانتهت بقوله- تعالى-: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
.
.
.
والذي يقرأ هذه الآيات الكريمة بتدبر وتعقل يراها قد حضت الناس على الإنفاق في سبيل الله بأبلغ الأساليب، وأحكم التوجيهات، وأفضل الوسائل، كما يراها بينت أحكام الصدقة وآدابها، والآفات التي تذهب بخيرها وضربت الأمثال لذلك، كما يراها قد بينت أنواعها، وطريقة أدائها، وأولى الناس بها ورسمت صورة كريمة للفقراء المتعففين، وكما بدأت الآيات حديثها بالثناء الجميل على المتفقين فقد ختمته أيضا بالثناء عليهم وبالعاقبة الحسنى التي أعدها الله لهم.
ولو أن المسلمين أخذوا بتوجيهات هذه الآيات لعمتهم السعادة في دنياهم، ولنالوا رضا الله ومثوبته في أخراهم.
وبعد هذه الصورة المشرقة التي ساقها القرآن عن النفقة والمنفقين أتبعها بصورة مضادة لها وهي صورة الربا والمرابين.
ومن مظاهر التضاد والتباين بين الصورتين أن الصدقة بذل للمال في وجوه الخير بدون عوض ينتظره المتصدق، أما الربا فهو إخراج المال في وجوه الاستغلال لحاجة المحتاج مع ضمان استرداده ومعه زيادة محرمة.
وأن الصدقة نتيجتها الرخاء والنماء والطهارة للمال، وشيوع روح المحبة والتعامل والتكامل والاطمئنان بين أفراد المجتمع، أما الربا فنتيجته محق البركة من المال، وشيوع روح التقاطع والتحاسد والتباغض والخوف بين الناس.

المصدر : تفسير : الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية