موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل - الآية 3 من سورة الأنبياء

سورة الأنبياء الآية رقم 3 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 3 من سورة الأنبياء عدة تفاسير, سورة الأنبياء : عدد الآيات 112 - الصفحة 322 - الجزء 17.

﴿ لَاهِيَةٗ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلۡ هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡۖ أَفَتَأۡتُونَ ٱلسِّحۡرَ وَأَنتُمۡ تُبۡصِرُونَ ﴾
[ الأنبياء: 3]


التفسير الميسر

قلوبهم غافلة عن القرآن الكريم، مشغولة بأباطيل الدنيا وشهواتها، لا يعقلون ما فيه. بل إن الظالمين من قريش اجتمعوا على أمر خَفِيٍّ: وهو إشاعة ما يصدُّون به الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم من أنه بشر مثلهم، لا يختلف عنهم في شيء، وأن ما جاء به من القرآن سحر، فكيف تجيئون إليه وتتبعونه، وأنتم تبصرون أنه بشر مثلكم؟

تفسير الجلالين

«لاهية» غافلة «قلوبهم» عن معناه «وأسَرُّوا النجوى» الكلام «الذين ظلموا» بدل من واو «وأسروا النجوى الذين ظلموا» «هلْ هذا» أي محمد «إلا بشر مثلكم» فما يأتي به سحر «أفتأتون السحر» تتبعونه «وأنتم تبصرون» تعلمون أنه سحر.

تفسير السعدي

لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ أي: قلوبهم غافلة معرضة لاهية بمطالبها الدنيوية، وأبدانهم لاعبة، قد اشتغلوا بتناول الشهوات والعمل بالباطل، والأقوال الردية، مع أن الذي ينبغي لهم أن يكونوا بغير هذه الصفة، تقبل قلوبهم على أمر الله ونهيه، وتستمعه استماعا، تفقه المراد منه، وتسعى جوارحهم، في عبادة ربهم، التي خلقوا لأجلها، ويجعلون القيامة والحساب والجزاء منهم على بال، فبذلك يتم لهم أمرهم، وتستقيم أحوالهم، وتزكوا أعمالهم، وفي معنى قوله: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ قولان: أحدهما أن هذه الأمة هي آخر الأمم، ورسولها آخر الرسل، وعلى أمته تقوم الساعة، فقد قرب الحساب منها بالنسبة لما قبلها من الأمم، لقوله صلى الله عليه وسلم " بعثت أنا والساعة كهاتين " وقرن بين إصبعيه، السبابة والتي تليها.
والقول الثاني: أن المراد بقرب الحساب الموت، وأن من مات، قامت قيامته، ودخل في دار الجزاء على الأعمال، وأن هذا تعجب من كل غافل معرض، لا يدري متى يفجأه الموت، صباحا أو مساء، فهذه حالة الناس كلهم، إلا من أدركته العناية الربانية، فاستعد للموت وما بعده.
ثم ذكر ما يتناجى به الكافرون الظالمون على وجه العناد، ومقابلة الحق بالباطل، وأنهم تناجوا، وتواطأوا فيما بينهم، أن يقولوا في الرسول صلى الله عليه وسلم، إنه بشر مثلكم، فما الذي فضله عليكم، وخصه من بينكم، فلو ادعى أحد منكم مثل دعواه، لكان قوله من جنس قوله، ولكنه يريد أن يتفضل عليكم، ويرأس فيكم، فلا تطيعوه، ولا تصدقوه، وأنه ساحر، وما جاء به من القرآن سحر، فانفروا عنه، ونفروا الناس، وقولوا: أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ هذا وهم يعلمون أنه رسول الله حقا بما شاهدوا من الآيات الباهرة ما لم يشاهد غيرهم، ولكن حملهم على ذلك الشقاء والظلم والعناد، والله تعالى قد أحاط علما بما تناجوا به، وسيجازيهم عليه

تفسير البغوي

( لاهية ) ساهية غافلة ، ( قلوبهم ) معرضة عن ذكر الله ، وقوله ( لاهية ) نعت تقدم الاسم ، ومن حق النعت أن يتبع الاسم في الإعراب ، وإذا تقدم النعت الاسم فله حالتان : فصل ووصل ، فحالته في الفصل النصب كقوله تعالى : ( خشعا أبصارهم ) ( القمر : 7 ) ، ( ودانية عليهم ظلالها ) ( الإنسان : 11 ) ، و ( لاهية قلوبهم ) وفي الوصل حالة ما قبله من الإعراب كقوله ، ( أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها ) ( النساء : 75 ) ; ( وأسروا النجوى الذين ظلموا ) أي أشركوا ، قوله : ( وأسروا ) فعل تقدم الجمع وكان حقه وأسر ، قال الكسائي : فيه تقديم وتأخير ، أراد : والذين ظلموا أسروا النجوى .
وقيل : محل " الذين " رفع على الابتداء ، معناه : وأسروا النجوى ، ثم قال : وهم الذين ظلموا .
وقيل : رفع على البدل من الضمير في أسروا .
قال المبرد : هذا كقولك إن الذين في الدار انطلقوا بنو عبد الله ، على البدل مما في انطلقوا ثم بين سرهم الذي تناجوا به فقال : ( هل هذا إلا بشر مثلكم ) أنكروا إرسال البشر وطلبوا إرسال الملائكة .
( أفتأتون ) أي تحضرون السحر وتقبلونه ، ( وأنتم تبصرون ) تعلمون أنه سحر .

تفسير الوسيط

وقوله: لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ حال أخرى من أحوالهم الغريبة التي تدل على نهاية طغيانهم وفجورهم، لأنهم بجانب استماعهم إلى ما ينزل من القرآن بلعب وغفلة، تستقبله قلوبهم- التي هي محل التدبر والتفكر- بلهو واستخفاف.
ثم حكى- سبحانه- لونا من ألوان مكرهم وخبثهم فقال: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا والنجوى: المسارة بالحديث، وإخفاؤه عن الناس.
أى: بعد أن استمعوا إلى القرآن بإعراض ولهو واستهتار، اختلى بعضهم ببعض، وبالغوا في إخفاء ما يضمرونه من سوء نحو النبي صلّى الله عليه وسلّم ونحو ما جاء به من عند الله- تعالى-، وحاولوا أن يظهروا ذلك فيما بينهم فحسب، مبالغة منهم في المكر السيئ الذي حاق بهم.
وقوله- سبحانه-: هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ.
أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ بيان لما قالوه في تناجيهم من سوء.
والاستفهام للنفي والإنكار.
أى: أنهم قالوا في تناجيهم: ما هذا الذي يدعى النبوة، وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم إلا بشر مثلكم، ولا يمكن أن يكون رسولا، وما جاءنا به إنما هو السحر بعينه، فكيف تذهبون إليه، وتقبلون منه ما يدعيه، والحال أنكم تعاينون بأبصاركم سحره.
وما حملهم على هذا القول الباطل إلا توهمهم أن الرسول لا يكون من البشر، وأن كل ما يظهر على يد مدعى النبوة من البشر من خوارق، إنما هو من قبيل السحر.
قال الآلوسى: وأرادوا بقولهم: «ما هذا إلا بشر مثلكم» أى: من جنسكم، وما أتى به سحر، تعلمون ذلك فتأتونه وتحضرونه على وجه الإذعان والقبول وأنتم تعاينون أنه سحر.
قالوا ذلك بناء على ما ارتكز في اعتقادهم الزائغ أن الرسول لا يكون إلا ملكا، وأن كل ما يظهر على يد البشر من الخوارق من قبيل السحر.
وعنوا بالسحر.
هنا القرآن الكريم، ففي ذلك إنكار لحقيته على أبلغ وجه، قاتلهم الله- تعالى-: أنّى يؤفكون.
وإنما أسروا ذلك، لأنه كان على طريق توثيق العهد، وترتيب مبادئ الشر والفساد وتمهيد مقدمات المكر والكيد في هدم أمر النبوة.
وإطفاء نور الدين ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون .
هذا، ودعوى المشركين أن الرسول لا يكون بشرا، قد حكاها القرآن في كثير من آياته، ومن ذلك قوله- تعالى-: وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى، إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا .
وقد رد الله- تعالى- عليهم هذه الدعوى الكاذبة في كثير من آيات كتابه- أيضا، ومن ذلك قوله عز وجل-: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى.
.
.

المصدر : تفسير : لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل