موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير - الآية 30 من سورة الحج

سورة الحج الآية رقم 30 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 30 من سورة الحج عدة تفاسير, سورة الحج : عدد الآيات 78 - الصفحة 335 - الجزء 17.

﴿ ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۗ وَأُحِلَّتۡ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ إِلَّا مَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱجۡتَنِبُواْ ٱلرِّجۡسَ مِنَ ٱلۡأَوۡثَٰنِ وَٱجۡتَنِبُواْ قَوۡلَ ٱلزُّورِ ﴾
[ الحج: 30]


التفسير الميسر

ذلك الذي أمر الله به مِن قضاء التفث والوفاء بالنذور والطواف بالبيت، هو ما أوجبه الله عليكم فعظِّموه، ومن يعظم حرمات الله، ومنها مناسكه بأدائها كاملة خالصة لله، فهو خير له في الدنيا والآخرة. وأحلَّ الله لكم أَكْلَ الأنعام إلا ما حرَّمه فيما يتلى عليكم في القرآن من الميتة وغيرها فاجتنبوه، وفي ذلك إبطال ما كانت العرب تحرِّمه من بعض الأنعام، وابتعِدوا عن القذارة التي هي الأوثان، وعن الكذب الذي هو الافتراء على الله.

تفسير الجلالين

«ذلك» خبر مبتدأ مقدر: أي الأمر أو الشأن ذلك المذكور «ومن يعظم حرمات الله» هي ما لا يحل انتهاكه «فهو» أي تعظيمها «خير له عند ربه» في الآخرة «وأحلت لكم الأنعام» أكلا بعد الذبح «إلا ما يتلى عليكم» تحريم في (حرمت عليكم الميتة) الآية فالاستثناء منقطع، ويجوز أن يكون متصلا، والتحريم لما عرض من الموت ونحوه «فاجتنبوا الرجس من الأوثان» من للبيان أي الذي هو الأوثان «واجتنبوا قول الزور» أي الشرك بالله في تلبيتكم أو شهادة الزور.

تفسير السعدي

ذَلِكَ الذي ذكرنا لكم من تلكم الأحكام، وما فيها من تعظيم حرمات الله وإجلالها وتكريمها، لأن تعظيم حرمات الله، من الأمور المحبوبة لله، المقربة إليه، التي من عظمها وأجلها، أثابه الله ثوابا جزيلا، وكانت خيرا له في دينه، ودنياه وأخراه عند ربه.
وحرمات الله: كل ماله حرمة، وأمر باحترامه، بعبادة أو غيرها، كالمناسك كلها، وكالحرم والإحرام، وكالهدايا، وكالعبادات التي أمر الله العباد بالقيام بها، فتعظيمها إجلالها بالقلب، ومحبتها، وتكميل العبودية فيها، غير متهاون، ولا متكاسل، ولا متثاقل، ثم ذكر منته وإحسانه بما أحله لعباده، من بهيمة الأنعام، من إبل وبقر وغنم، وشرعها من جملة المناسك، التي يتقرب بها إليه، فعظمت منته فيها من الوجهين، إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ في القرآن تحريمه من قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ الآية، ولكن الذي من رحمته بعباده، أن حرمه عليهم، ومنعهم منه، تزكية لهم، وتطهيرا من الشرك به وقول الزور، ولهذا قال: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ أي: الخبث القذر مِنَ الْأَوْثَانِ أي: الأنداد، التي جعلتموها آلهة مع الله، فإنها أكبر أنواع الرجس، والظاهر أن من هنا ليست لبيان الجنس، كما قاله كثير من المفسرين، وإنما هي للتبعيض، وأن الرجس عام في جميع المنهيات المحرمات، فيكون منهيا عنها عموما، وعن الأوثان التي هي بعضها خصوصا، وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ أي: جميع الأقوال المحرمات، فإنها من قول الزور الذي هو الكذب، ومن ذلك شهادة الزور فلما نهاهم عن الشرك والرجس وقول الزور.

تفسير البغوي

( ذلك ) أي : الأمر ذلك ، يعني ما ذكر من أعمال الحج ، ( ومن يعظم حرمات الله ) أي معاصي الله وما نهى عنه ، وتعظيمها ترك ملابستها .
قال الليث : حرمات الله ما لا يحل انتهاكها .
وقال الزجاج : الحرمة ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه ، وذهب قوم إلى أن معنى الحرمات هاهنا : المناسك ، بدلالة ما يتصل بها من الآيات .
وقال ابن زيد : الحرمات هاهنا : البيت الحرام ، والبلد الحرام والشهر الحرام ، والمسجد الحرام ، والإحرام .
( فهو خير له عند ربه ) أي : تعظيم الحرمات خير له عند الله في الآخرة .
قوله عز وجل : ( وأحلت لكم الأنعام ) أن تأكلوها إذا ذبحتموها وهي الإبل والبقر والغنم ، ( إلا ما يتلى عليكم ) تحريمه ، وهو قوله في سورة المائدة : ( حرمت عليكم الميتة والدم ) ( المائدة : 3 ) ، الآية ، ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) أي : عبادتها ، يقول : كونوا على جانب منها فإنها رجس ، أي : سبب الرجس ، وهو العذاب ، والرجس : بمعنى الرجز .
وقال الزجاج : ( من ) هاهنا للتجنيس أي : اجتنبوا الأوثان التي هي رجس ، ( واجتنبوا قول الزور ) يعني : الكذب والبهتان .
وقال ابن مسعود : شهادة الزور ، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيبا فقال : " يا أيها الناس عدلت شهادة الزور بالشرك بالله " ، ثم قرأ هذه الآية .
وقيل : هو قول المشركين في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك لبيك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك .

تفسير الوسيط

واسم الإشارة ذلِكَ في قوله: ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ .
.
.
يؤتى به في مثل هذا التركيب للفصل بين كلامين، والمشهور في مثل هذا التركيب الإتيان بلفظ «هذا» كما في قوله- تعالى-: هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ .
وجيء هنا بلفظ ذلك للإشعار بتعظيم شأن المتحدث عنه، وعلو منزلته، وهو يعود إلى المذكور من تهيئة مكان البيت لإبراهيم، وأمره بتطهيره .
.
.
إلخ.
قال صاحب الكشاف: قوله ذلِكَ خبر مبتدأ محذوف أى: الأمر والشأن ذلك، كما يقدم الكاتب جملة من كتابه في بعض المعاني، ثم إذا أراد الخوض في معنى آخر قال: هذا، وقد كان كذا .
والحرمات: جمع حرمة.
والحرمة كل ما أمر الله- تعالى- باحترامه، ونهى عن قوله أو فعله، ويدخل في ذلك دخولا أوليا ما يتعلق بمناسك الحج كتحريم الرفث والفسوق والجدال والصيد، وتعظيم هذه الحرمات يكون بالعلم بوجوب مراعاتها، وبالعمل بمقتضى هذا العلم.
والمعنى: ذلك الذي ذكرناه لكم عن البيت الحرام وعن مناسك الحج، هو جانب من أحكام الله- تعالى- في هذا الشأن فاتبعوها، والحال أن من يعظم حرمات الله- تعالى- بأن يترك ملابستها واقترافها، فهو أى: هذا التعظيم، خير له عند ربه.
إذ بسبب هذا التعظيم لتلك الحرمات ينال رضا ربه وثوابه.
وقد جاء النهى في هذه الجملة عن فعل هذه الحرمات بأبلغ أسلوب حيث عبر عن اجتنابها بالتعظيم وبأفعل التفضيل وهو لفظ «خير» وبإضافتها إلى ذاته.
فكأنه- سبحانه- يقول: إذا كان ترك هذا التعظيم لحرمات الله يؤدى إلى حصولكم على شيء من المتاع الدنيوي الزائل، فإن الاستمساك بهذا التعظيم أفضل من ذلك بكثير عند ربكم وخالقكم، فكونوا عقلاء ولا تستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.
ثم بين- سبحانه- بعض الأحكام التي تتعلق بالأنعام وهي الإبل والبقر والغنم فقال:وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ.
أى: وأحل الله- تعالى- لكم فضلا منه ورحمة ذبح الأنعام وأكلها إلا ما يتلى عليكم تحريم ذبحه وأكله فاجتنبوه.
وهذا الإجمال هنا، قد جاء ما فصله قبل ذلك في سورة الأنعام في قوله- تعالى-: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ.
قال بعض العلماء: ثم إنه ليس المقصود بما يتلى، ما ينزل في المستقبل، كما يعطيه ظاهر الفعل المضارع، بل المراد ما سبق نزوله مما يدل على حرمة الميتة وما أهل لغير الله به.
أو ما يدل على حرمة الصيد في الحرم أو حالة الإحرام.
وعلى هذا يكون السر في التعبير بالمضارع، التنبيه إلى أن ذلك المتلو ينبغي استحضاره والالتفات إليه.
.
والجملة معترضة لدفع ما عساه يقع في الوهم من أن تعظيم حرمات الله في الحج قد يقضى باجتناب الأنعام، كما قضى باجتناب الصيد .
ثم أمرهم- سبحانه- باجتناب ما يغضبه، وحضهم على الثبات على الدين الحق فقال- تعالى-: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ.
حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ والفاء في قوله: فَاجْتَنِبُوا هي الفصيحة.
والرجس: الشيء المستقذر الذي تعافه النفوس.
ومَنْ في قوله مِنَ الْأَوْثانِ بيانية، والأوثان: الأصنام.
يدخل في حكمها ومعناها عبادة كل معبود من دون الله- تعالى- كائنا من كان.
وسماها- سبحانه- رجسا، زيادة في تقبيحها وفي التنفير منها.
والزور: الكذب والباطل وكل قول مائل عن الحق فهو زور، لأن أصل المادة التي هي الزور من الازورار بمعنى الميل والاعوجاج، ومنه قوله- تعالى-: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ أى: تميل.
وقوله حُنَفاءَ جمع حنيف وهو المائل عن الأديان الباطلة الى الدين الحق.
والمعنى: مادام الأمر كما ذكرت لكم، فاجتنبوا- أيها الناس عبادة الأوثان أو تعظيمها، واجتنبوا- أيضا- القول المائل عن الحق، وليكن شأنكم وحالكم الثبات على الدين الحق، وعلى إخلاص العبادة لله- تعالى- الذي خلقكم، وخلق كل شيء.
وهذه الجملة الكريمة مؤكدة لما سبق من وجوب تعظيم حرمات الله، ومن وجوب التمسك بما أحله الله والبعد عما حرمه.
قال الآلوسى: قوله- تعالى-: وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ تعميم بعد تخصيص، فإن عبادة الأوثان رأس الزور، لما فيها من ادعاء الاستحقاق، كأنه- تعالى- لما حث على تعظيم الحرمات، أتبع ذلك بما فيه رد لما كانت الكفرة عليه من تحريم البحائر والسوائب ونحوهما، والافتراء على الله- تعالى- بأنه حكم بذلك.
ولم يعطف قول الزور على الرجس، بل أعاد العامل لمزيد الاعتناء.
والإضافة بيانية.
.
.

المصدر : تفسير : ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير