موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم - الآية 30 من سورة النور

سورة النور الآية رقم 30 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 30 من سورة النور عدة تفاسير, سورة النور : عدد الآيات 64 - الصفحة 353 - الجزء 18.

﴿ قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ ﴾
[ النور: 30]


التفسير الميسر

قل - أيها النبي - للمؤمنين يَغُضُّوا مِن أبصارهم عمَّا لا يحلُّ لهم من النساء والعورات، ويحفظوا فروجهم عمَّا حَرَّم الله من الزنى واللواط، وكشف العورات، ونحو ذلك، ذلك أطهر لهم. إن الله خبير بما يصنعون فيما يأمرهم به وينهاهم عنه.

تفسير الجلالين

«قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم» عما لا يحلُّ لهم نظره، ومن زائدة «ويحفظوا فروجهم» عما لا يحل لهم فعله بها «ذلك أزكي» أي خير «لهم إن الله خبير بما يصنعون» بالأبصار والفروج فيجازيهم عليه.

تفسير السعدي

أي: أرشد المؤمنين، وقل لهم: الذين معهم إيمان، يمنعهم من وقوع ما يخل بالإيمان: يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ عن النظر إلى العورات وإلى النساء الأجنبيات، وإلى المردان، الذين يخاف بالنظر إليهم الفتنة، وإلى زينة الدنيا التي تفتن، وتوقع في المحذور.
وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ عن الوطء الحرام، في قبل أو دبر، أو ما دون ذلك، وعن التمكين من مسها، والنظر إليها.
ذَلِكَ الحفظ للأبصار والفروج أَزْكَى لَهُمْ أطهر وأطيب، وأنمى لأعمالهم، فإن من حفظ فرجه وبصره، طهر من الخبث الذي يتدنس به أهل الفواحش، وزكت أعماله، بسبب ترك المحرم، الذي تطمع إليه النفس وتدعو إليه، فمن ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه، ومن غض بصره عن المحرم، أنار الله بصيرته، ولأن العبد إذا حفظ فرجه وبصره عن الحرام ومقدماته، مع داعي الشهوة، كان حفظه لغيره أبلغ، ولهذا سماه الله حفظا، فالشيء المحفوظ إن لم يجتهد حافظه في مراقبته وحفظه، وعمل الأسباب الموجبة لحفظه، لم ينحفظ، كذلك البصر والفرج، إن لم يجتهد العبد في حفظهما، أوقعاه في بلايا ومحن، وتأمل كيف أمر بحفظ الفرج مطلقا، لأنه لا يباح في حالة من الأحوال، وأما البصر فقال: يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ أتى بأداة " من " الدالة على التبعيض، فإنه يجوز النظر في بعض الأحوال لحاجة، كنظر الشاهد والعامل والخاطب، ونحو ذلك.
ثم ذكرهم بعلمه بأعمالهم، ليجتهدوا في حفظ أنفسهم من المحرمات.

تفسير البغوي

قوله - عز وجل - : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) أي : عن النظر إلى ما لا يحل النظر إليه .
وقيل : " من " صلة أي : يغضوا أبصارهم .
وقيل : هو ثابت لأن المؤمنين غير مأمورين بغض البصر أصلا لأنه لا يجب الغض عما يحل النظر إليه ، وإنما أمروا بأن يغضوا عما لا يحل النظر إليه ، ( ويحفظوا فروجهم ) عما لا يحل ، قال أبو العالية : كل ما في القرآن من حفظ الفرج فهو عن الزنا والحرام ، إلا في هذا الموضع فإنه أراد به الاستتار حتى لا يقع بصر الغير عليه ، ( ذلك ) أي : غض البصر وحفظ الفرج ، ( أزكى لهم ) أي : خير لهم وأطهر ، ( إن الله خبير بما يصنعون ) عليم بما يفعلون ، روي عن بريدة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي : " يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة " .
وروي عن جرير بن عبد الله قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نظرة الفجأة فقال : " اصرف بصرك " .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، حدثنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة ، أخبرنا زيد بن الحباب ، عن الضحاك بن عثمان قال : أخبرني زيد بن أسلم ، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، ولا المرأة إلى عورة المرأة ، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد " .

تفسير الوسيط

وبعد أن نهى - سبحانه - عن دخول البيوت بدون استئذان .
أتبع ذلك بالأمر بغض البصر ، وحفظ الفرج ، وعدم إبداء الزينة إلى فى الحدود المشروعة ، فقال - تعالى - : ( قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ .
.
.
) .
قال الآلوسى : قوله - تعالى - ( قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ .
.
.
) شروع فى بيان أحكام كلية شاملة للمؤمنين كافة ، يندرج فيها حكم المستأذنين عند دخول البيوت اندراجا أوليا .
وقوله - تعالى - : ( يَغُضُّواْ ) من الغض بمعنى الخفض .
يقال : غض الرجل صوته إذا خفضه .
وغض بصره إذا خفضه ومنعه من التطلع إلى مالا يحل له النظر إليه .
قال الشاعر :وأغض طرفى إن بدت لى جارتى .
.
.
حتى يوارى جارتى مأواهاوهو جواب الأمر " قل " أى : قل - أيها الرسول الكريم - للمؤمنين بأن يغضوا من أبصارهم عما يحرم أو يكره النظر إليه وبأن يحفظوا فروجهم عما لا يحل لهم ، فإن ذلك دليل على كمال الإيمان! وعلى حسن المراقبة وشدة الخوف من الله - تعالى - .
وجمع - سبحانه - بين غض البصر وحفظ الفرج ، باعتبارهما كالسبب والنتيجة ، إذ أن عدم غض البصر كثيرا ما يؤدى إلى الوقوع فى الفواحش ، ولذا قدم - سبحانه - الأمر بغض البصر ، على الأمر بحفظ الفرج .
وجاء التعبير بقوله - سبحانه - ( قُلْ ) للإشعار بأن المؤمنين الصادقين ، من شأنهم إذا ما أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر ، فإنهم سرعان ما يمتثلون ويطيعون ، لأنه صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله - تعالى - الذى يجب الامتثال لأمره ونهيه .
وخص - سبحانه - المؤمنين بهذا الأمر ، لأنهم أولى الناس بالمخاطبة .
وبالإرشاد إلى ما يرفع درجاتهم ، ويعلى أقدارهم .
قال صاحب الكشاف : و " من " للتبعيض .
.
.
فإن قلت : كيف دخلت فى غض البصر ، دون حفظ الفروج؟ قلت : للدلالة على أن أمر النظر أوسع ألا ترى أن المحارم لا بأس بالنظر إلى شعورهن .
.
.
والأجنبية ينظر إلى وجهها وكفيها .
.
.
وأما أمر الفرج فمضيق .
واسم الإشارة فى قوله - تعالى - : ( ذلك أزكى لَهُمْ ) يعود إلى ما ذكر من الغض والحفظ .
أى : ذلك الذى كلفناك بأمر المؤمنين به - أيها الرسول الكريم - أزكى لقلوبهم ، وأطهر لنفوسهم ، وأنفع لهم فى دنياهم وآخرتهم .
وقوله - سبحانه - : ( إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) تحذير من مخالفة أمره - سبحانه - .
أى : مرهم - أيها الرسول الكريم - بالتزام ما أمرناهم به وما نهيناهم عنه ، لأننا لا يخفى علينا شىء من تصرفاتهم ، ولأننا أعلم بهم من أنفسهم ، وسنحاسبهم على ما يصنعون فى دنياهم ، يوم القيامة .

المصدر : تفسير : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم