موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم - الآية 36 من سورة الحج

سورة الحج الآية رقم 36 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 36 من سورة الحج عدة تفاسير, سورة الحج : عدد الآيات 78 - الصفحة 336 - الجزء 17.

﴿ وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِيهَا خَيۡرٞۖ فَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا صَوَآفَّۖ فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرۡنَٰهَا لَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ﴾
[ الحج: 36]


التفسير الميسر

وجعلنا لكم نَحْرَ البُدْن من شعائر الدين وأعلامه؛ لتتقربوا بها إلى الله، لكم فيها- أيها المتقربون -خير في منافعها من الأكل والصدقة والثواب والأجر، فقولوا عند ذبحها: بسم الله. وتُنْحَر الإبل واقفة قد صُفَّتْ ثلاث من قوائمها وقُيِّدت الرابعة، فإذا سقطت على الأرض جنوبها فقد حلَّ أكلها، فليأكل منها مقربوها تعبدًا ويُطْعِمُوا منها القانع -وهو الفقير الذي لم يسأل تعففًا- والمعترَّ الذي يسأل لحاجته، هكذا سخَّر الله البُدْن لكم، لعلكم تشكرون الله على تسخيرها لكم.

تفسير الجلالين

«والبدن» جمع بدنة: وهي الإبل «جعلناها لكم من شعائر الله» أعلام دينه «لكم فيها خير» نفع في الدنيا كما تقدم، وأجر في العقبى «فاذكروا اسم الله عليها» عند نحرها «صوافَّ» قائمة على ثلاث معقولة اليد اليسرى «فإذا وجبت جنوبها» سقطت إلى الأرض بعد النحر: وهو وقت الأكل منها «فكلوا منها» إن شئتم «وأطعموا القانع» الذي يقنع بما يعطى ولا يسأل ولا يتعرّض «والمعترَّ» والسائل أو المتعرض «كذلك» أي مثل ذلك التسخير «سخرناها لكم» بأن تُنحر وتركب، وإلا لم تطق «لعلكم تشكرون» إنعامي عليكم.

تفسير السعدي

هذا دليل على أن الشعائر عام في جميع أعلام الدين الظاهرة.
وتقدم أن الله أخبر أن من عظم شعائره، فإن ذلك من تقوى القلوب، وهنا أخبر أن من جملة شعائره، البدن، أي: الإبل، والبقر، على أحد القولين، فتعظم وتستسمن، وتستحسن، لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ أي: المهدي وغيره، من الأكل، والصدقة، والانتفاع، والثواب، والأجر، فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا أي: عند ذبحها قولوا " بسم الله " واذبحوها، صَوَافَّ أي: قائمات، بأن تقام على قوائمها الأربع، ثم تعقل يدها اليسرى، ثم تنحر.
فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا أي: سقطت في الأرض جنوبها، حين تسلخ، ثم يسقط الجزار جنوبها على الأرض، فحينئذ قد استعدت لأن يؤكل منها، فَكُلُوا مِنْهَا وهذا خطاب للمهدي، فيجوز له الأكل من هديه، وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ أي: الفقير الذي لا يسأل، تقنعا، وتعففا، والفقير الذي يسأل، فكل منهما له حق فيهما.
كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ أي: البدن لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ الله على تسخيرها، فإنه لولا تسخيره لها، لم يكن لكم بها طاقة، ولكنه ذللها لكم وسخرها، رحمة بكم وإحسانا إليكم، فاحمدوه.

تفسير البغوي

قوله عز وجل : ( والبدن ) جمع بدنة سميت بدنة لعظمها وضخامتها ، يريد : الإبل العظام الصحاح الأجسام ، يقال بدن الرجل بدنا وبدانة إذا ضخم ، فأما إذا أسن واسترخى يقال بدن تبدينا .
قال عطاء والسدي : البدن : الإبل والبقر أما الغنم فلا تسمى بدنة .
( جعلناها لكم من شعائر الله ) من أعلام دينه ، سميت شعائر لأنها تشعر ، وهو أن تطعن بحديدة في سنامها فيعلم أنها هدي ، ( لكم فيها خير ) النفع في الدنيا والأجر في العقبى ، ( فاذكروا اسم الله عليها ) عند نحرها ، ( صواف ) أي : قياما على ثلاث قوائم قد صفت رجليها وإحدى يديها ، ويدها اليسرى معقولة فينحرها كذلك .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا عبد الله بن مسلمة ، أخبرنا يزيد بن زريع ، عن يونس ، عن زياد بن جبير قال : رأيت ابن عمر أتى على رجل قد أناخ بدنة ينحرها ، قال : ابعثها قياما مقيدة سنة محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال مجاهد : الصواف إذا عقلت رجلها اليسرى وقامت على ثلاث قوائم .
وقرأ ابن مسعود : " صوافن " وهي أن تعقل منها يد وتنحر على ثلاث ، وهو مثل صواف .
وقرأ أبي والحسن ومجاهد : " صوافي " بالياء أي : صافية خالصة لله لا شريك له فيها .
( فإذا وجبت جنوبها ) أي : سقطت بعد النحر فوقعت جنوبها على الأرض .
وأصل الوجوب : الوقوع .
يقال : وجبت الشمس إذا سقطت للمغيب ، ( فكلوا منها ) أمر إباحة ، ( وأطعموا القانع والمعتر ) اختلفوا في معناهما : .
فقال عكرمة وإبراهيم وقتادة : " القانع " الجالس في بيته المتعفف يقنع بما يعطى ولا يسأل ، و " المعتر " الذي يسأل .
وروى العوفي عن ابن عباس : " القانع " الذي لا يعترض ولا يسأل ، و " المعتر " الذي يريك نفسه ويتعرض ولا يسأل ، فعلى هذين التأويلين يكون " القانع " : من القناعة ، يقال : قنع قناعة إذا رضي بما قسم له .
وقال سعيد بن جبير والحسن والكلبي : " القانع " : الذي يسأل ، " والمعتر " : الذي يتعرض ولا يسأل ، فيكون " القانع " من قنع يقنع قنوعا إذا سأل .
وقرأ الحسن : " والمعتري " وهو مثل المعتر ، يقال : عره واعتره وعراه واعتراه إذا أتاه يطلب معروفه ، إما سؤالا أو تعرضا .
وقال ابن زيد : " القانع " : المسكين ، " والمعتر " : الذي ليس بمسكين ، ولا يكون له ذبيحة يجيء إلى القوم فيتعرض لهم لأجل لحمهم .
( كذلك ) أي : مثل ما وصفنا من نحرها قياما ، ( سخرناها لكم ) نعمة منا لتتمكنوا من نحرها ، ( لعلكم تشكرون ) لكي تشكروا إنعام الله عليكم .

تفسير الوسيط

ثم أكد سبحانه- ما سبق الحديث عنه من وجوب ذكر اسمه- تعالى- عند الذبح، ومن وجوب شكره على نعمه فقال: وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ.
والبدن: جمع بدنة.
وهي الإبل خاصة التي تهدى إلى البيت الحرام للتقرب بها إلى الله- تعالى- وقيل: البدن تطلق على الإبل والبقر.
وسميت بهذا الاسم لبدانتها وضخامتها.
يقال: بدن الرجل- بوزن كرم- إذا كثر لحمه، وضخم جسمه.
أى: وشرعنا لكم- أيها المؤمنون- التقرب إلينا بالإبل البدينة السمينة وجعلنا ذلك شعيرة من شعائر ديننا، وعلامة من العلامات الدالة على قوة إيمان من ينفذ هذه الشعيرة بتواضع وإخلاص.
وقوله- تعالى- لَكُمْ فِيها خَيْرٌ جملة مستأنفة مقررة لما قبلها.
أى: لكم فيه خير في الدنيا عن طريق الانتفاع بألبانها ووبرها.
.
ولكم فيها خير في الآخرة عن طريق الثواب الجزيل الذي تنالونه من خالقكم بسبب استجابتكم لما أرشدكم إليه.
وقوله- تعالى-: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ إرشاد لما يقوله الذابح عند ذبحها.
وصواف: جمع صافة.
أى: قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن استعدادا للذبح!.
أى: إذا ما هيأتم هذه الإبل للذبح، فاذكروا اسم الله عليها، بأن تقولوا عند نحرها:بسم الله والله أكبر، اللهم منك وإليك.
وقوله- سبحانه-: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ بيان لما ينبغي عليهم فعله بعد ذبحها.
ووجبت بمعنى سقطت: وهو كناية عن موتها.
يقال: وجب الجدار إذا سقط، ووجبت الشمس إذا غابت.
والقانع: هو الراضي بما قدره الله- تعالى- له، فلا يتعرض لسؤال الناس مأخوذ من قنع يقنع- كرضى يرضى- وزنا ومعنى.
والمعتر: هو الذي يسأل غيره ليعطيه.
يقال: فلان يعترى الأغنياء، أى: يذهب إليهم طالبا عطاءهم.
وقيل: القانع هو الطامع الذي يسأل غيره، والمعتر: هو الذي يتعرض للعطاء من غير سؤال وطلب.
أى: فإذا ما سقطت جنوب هذه الإبل على الأرض، وأعددتموها للأكل فكلوا منها، وأطعموا الفقير القانع الذي لا يسألكم، والفقير المعتر الذي يتعرض لكم بالسؤال والطلب.
ثم بين- سبحانه- مظاهر فضله عليهم، حيث ذلل هذه الأنعام لهم فقال: كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
وقوله كَذلِكَ نعت لمصدر محذوف.
أى: مثل ذلك التسخير البديع سخرنا لكم هذه الأنعام، وذللناها لكم، وجعلناها منقادة لأمركم، لعلكم بعد أن شاهدتم هذه النعم، وانتفعتم بها، تكونون من الشاكرين لنا، والمستجيبين لتوجيهاتنا وإرشادنا.
قال صاحب الكشاف: منّ الله على عباده واستحمد إليهم، بأن سخر لهم البدن مثل التسخير الذي رأوا وعلموا.
يأخذونها منقادة للأخذ طيعة، فيعقلونها ويحبسونها صافة قوائمها، ثم يطعنون في لبانها.
ولولا تسخير الله لم تطعن، ولم تكن بأعجز من بعض الوحوش التي هي أصغر منها جرما، وأقل قوة، وكفى بما يتأبد من الإبل شاهدا على ذلك

المصدر : تفسير : والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم