موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن - الآية 40 من سورة النساء

سورة النساء الآية رقم 40 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 40 من سورة النساء عدة تفاسير, سورة النساء : عدد الآيات 176 - الصفحة 85 - الجزء 5.

﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا وَيُؤۡتِ مِن لَّدُنۡهُ أَجۡرًا عَظِيمٗا ﴾
[ النساء: 40]


التفسير الميسر

إن الله تعالى لا ينقص أحدًا من جزاء عمله مقدار ذرة، وإن تكن زنة الذرة حسنة فإنه سبحانه يزيدها ويكثرها لصاحبها، ويتفضل عليه بالمزيد، فيعطيه من عنده ثوابًا كبيرًا هو الجنة.

تفسير الجلالين

«إن الله لا يظلم» أحدا «مثقال» وزن «ذرَّة» أصغر نملة بأن ينقصها من حسناته أو يزيدها في سيئاته «وإن تك» الذرة «حسنة» من مؤمن وفي قراءة بالرفع فكان تامة «يضاعفها» من عشر إلى أكثر من سبعمائة وفي قراءة يضعفها بالتشديد «ويؤت من لدنه» من عنده مع المضاعفة «أجرا عظيما» لا يقدِّره أحد.

تفسير السعدي

يخبر تعالى عن كمال عدله وفضله وتنزهه عما يضاد ذلك من الظلم القليل والكثير فقال: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ أي: ينقصها من حسنات عبده أو يزيدها في سيئاته، كما قال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا أي: إلى عشرة أمثالها، إلى أكثر من ذلك، بحسب حالها ونفعها وحال صاحبها، إخلاصا ومحبة وكمالا.
وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا أي: زيادة على ثواب العمل بنفسه من التوفيق لأعمال أخر، وإعطاء البر الكثير والخير الغزير.

تفسير البغوي

( إن الله لا يظلم مثقال ذرة ) [ أدخل ابن عباس يده في التراب ثم نفخ فيها وقال : كل واحد من هذه الأشياء ذرة ، والمراد أنه لا يظلم .
لا قليلا ولا كثيرا ] .
ونظمه : وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا فإن الله لا يظلم أي : لا يبخس ولا ينقص أحدا من ثواب عمله مثقال ذرة ، وزن ذرة ، والذرة : هي النملة الحمراء الصغيرة ، وقيل : الذر أجزاء الهباء في الكوة وكل جزء منها ذرة ولا يكون لها وزن ، وهذا مثل ، يريد : إن الله لا يظلم شيئا ، كما قال في آية أخرى : " إن الله لا يظلم الناس شيئا " ( يونس 44 )أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو عمر بكر بن محمد المزني ، أنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد ، أنا الحسين بن الفضل البجلي ، أنا عفان ، أنا همام ، أنا قتادة عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله لا يظلم المؤمن حسنة ، يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة " ، قال : " وأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يعطى بها خيرا " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أبو الطيب الربيع بن محمد بن أحمد بن حاتم البزار الطوسي ، أنا أحمد بن محمد بن الحسن ، أن محمد بن يحيى حدثهم ، أخبرنا عبد الرزاق وأخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، أخبرنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزار ، أنا أبو بكر محمد بن زكريا العذافري ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري أنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خلص المؤمنون من النار وأمنوا ، فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا بأشد مجادلة من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلو النار ، قال : يقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا فأدخلتهم النار ، قال : فيقول اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكل النار صورهم فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى كعبيه فيخرجونهم ، فيقولون : ربنا قد أخرجنا من أمرتنا ، قال : ثم يقول : أخرجوا من كان في قلبه وزن دينار من الإيمان ، ثم من كان في قلبه وزن نصف دينار ، حتى يقول : من كان في قلبه مثقال ذرة " ، قال أبو سعيد رضي الله عنه : فمن لم يصدق هذا فليقرأ هذه الآية : " إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما " قال : فيقولون ربنا قد أخرجنا من أمرتنا فلم يبق في النار أحد فيه خير ، ثم يقول الله عز وجل : شفعت الملائكة ، وشفعت الأنبياء ، وشفع المؤمنون ، وبقي أرحم الراحمين ، قال : فيقبض قبضة من النار ، أو قال : قبضتين لم يعملوا لله خيرا قط قد احترقوا حتى صاروا حمما فيؤتى بهم إلى ماء يقال له : ماء الحياة فيصب عليهم فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، قال : فتخرج أجسادهم مثل اللؤلؤ في أعناقهم الخاتم : عتقاء الله فيقال لهم : ادخلوا الجنة فما تمنيتم أو رأيتم من شيء فهو لكم ، قال فيقولون : ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين ، قال : فيقول فإن لكم أفضل منه ، فيقولون : ربنا وما أفضل من ذلك؟ فيقول : " رضاي عنكم فلا أسخط عليكم أبدا " .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنا محمد بن أحمد بن الحرث ، أنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنا عبد الله بن محمود ، أنا إبراهيم بن عبد الله بن الخلال ، أنا عبد الله بن المبارك ، عن ليث بن سعد ، حدثني عامر بن يحيى ، عن أبي عبد الرحمن المعافري ، ثم الجيلي ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يستخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ، ثم يقول الله : أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول : لا يا رب ، فيقول : أفلك عذر أو حسنة؟ فبهت الرجل ، قال : لا يا رب ، فيقول : بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم ، فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، فيقول : أحضر وزنك ، فيقول : يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ، فيقول : إنك لا تظلم ، قال : فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة ، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ، قال : فلا يثقل مع اسم الله شيء " .
وقال قوم : هذا في الخصوم .
وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد ألا من كان يطلب مظلمة فليجيء إلى حقه فليأخذه ، فيفرح المرء أن يذوب له الحق على والده أو ولده أو زوجته أو أخيه ، فيأخذ منه وإن كان صغيرا ، ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى : ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) ويؤتى بالعبد فينادي مناد على رءوس الأولين والآخرين : هذا فلان ابن فلان فمن كان له عليه حق فليأت إلى حقه فيأخذه ، ويقال آت هؤلاء حقوقهم فيقول : يا رب من أين وقد ذهبت الدنيا ، فيقول الله عز وجل لملائكته انظروا في أعماله الصالحة فأعطوهم منها فإن بقي مثقال ذرة من حسنة قالت الملائكة : يا ربنا بقي له مثقال ذرة من حسنة ، فيقول : ضعفوها لعبدي وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة .
ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ) وإن كان عبدا شقيا قالت الملائكة : إلهنا فنيت حسناته وبقي طالبون؟ فيقول الله عز وجل : خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ، ثم صكوا له صكا إلى النار .
فمعنى الآية هذا التأويل : أن الله لا يظلم مثقال ذرة للخصم على الخصم بل أخذ له منه ولا يظلم مثقال ذرة تبقى له بل يثيبه عليها ويضعفها له ، فذاك قوله تعالى : ( وإن تك حسنة يضاعفها ) قرأ أهل الحجاز ( حسنة ) بالرفع ، أي : وإن توجد حسنة ، وقرأ الآخرون بالنصب على معنى : وإن تك زنة الذرة حسنة يضاعفها ، أي : يجعلها أضعافا كثيرة .
( ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) قال أبو هريرة رضي الله عنه : إذا قال الله تعالى أجرا عظيما فمن يقدر قدره؟ .

تفسير الوسيط

ثم بين- سبحانه- أنه منزه عن الظلم بعد أن أقام الحجة على الظالمين، ودعاهم إلى سلوك طريق الخير، فقال إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً.
والمثقال: مفعال من الثقل.
ويطلق على الشيء القليل الذي يحتمل الوزن.
والذرة: تطلق على النملة، وعلى الغبار الذي يتطاير من التراب عند النفخ.
وهذا أحقر ما يقدر به الشيء، فعلم انتفاء ما هو أكثر منه بالأولى.
والمراد: أن الله- تعالى- لا ينقص أحدا من ثواب عمله شيئا مهما ضؤل هذا الشيء وحقر، فخرج الكلام على أصغر شيء يعرفه الناس.
كما قال- تعالى- فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ.
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.
وكما في قوله- تعالى- وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ، فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ.
ومفعول يظلم محذوف والتقدير: لا يظلم أحدا مثقال ذرة.
وقوله مِثْقالَ منصوب على أنه نعت لمصدر محذوف أى لا يظلم أحدا ظلما وزن ذرة.
كما تقول: لا أظلم قليلا ولا كثيرا.
وقوله وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً بيان لسعة جوده- سبحانه- وعظيم رحمته وعفوه.
وقد قرأ نافع وابن كثير وأبو جعفر حسنة- بالضم- على أن تك مضارع كان التامة أى وإن توجد أو تحصل حسنة يضاعفها.
وقرأ الباقون حَسَنَةً- بالنصب- على أنها خبر لقوله تَكُ المشتقة من كان الناقصة.
وأصل تَكُ تكن فحذفت النون من آخر الفعل من غير قياس تشبيها لها بحروف العلة، وتخفيفا لكثرة الاستعمال.
والضمير المستتر في الفعل «تك» يعود إلى المثقال.
وجيء به مؤنثا مراعاة للفظ ذرة الذي أضيف إليه لفظ مثقال لأن لفظ مثقال مبهم لا يميزه إلا لفظ ذرة فكان كالمستغنى عنه.
وقيل: إنما جيء به مؤنثا حملا على المعنى، لأنه بمعنى: وإن تك زنة ذرة حسنة يضاعفها.
وقيل: إنما جيء به كذلك لأن المضاف قد يكتسب التأنيث من المضاف إليه إذا كان جزأه كما في نحو قولهم: كما شرقت صدر القناة من الدم.
.
والمعنى: إن الله- تعالى- بفضله وجوده لا يظلم الناس شيئا، ولا ينقصهم أى نقص من ثواب أعمالهم بل يجازيهم بها ويثيبهم عليها وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها أى وإن تك الفعلة الحسنة بالغة في القلة مثقال ذرة يضاعف ثوابها بكرمه وجوده أضعافا كثيرة.
وفوق ذلك فإنه- سبحانه- يعطى من يشاء إعطاءه عطاء عظيما من عنده ولا يعلم مقدار هذا العطاء إلا هو- سبحانه.
وفي إضافة هذا العطاء العظيم إلى ذاته- تعالى- في قوله مِنْ لَدُنْهُ تشريف له، وتهويل من شأنه.
وسماه أجرا لكونه جزاء على العمل الصالح الذي عمله عباده المؤمنون الصادقون.
هذا، وقد أورد الإمام ابن كثير جملة من الأحاديث في معنى هذه الآية ومن ذلك ما رواه الشيخان عن أبى سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة الطويل وفيه: فيقول الله- تعالى- لملائكته! ارجعوا.
فمن وجدتم في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجوه من النار، فيخرجون خلقا كثيرا.
ثم يقول أبو سعيد: اقرؤا إن شئتم قوله- تعالى- إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ.
وروى أبو داود الطيالسي في مسنده عن أنس أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله لا يظلم المؤمن حسنة.
يثاب عليها الرزق في الدنيا.
ويجزى بها في الآخرة.
وأما الكافر فيطعم بها في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة لم يكن له حسنة» .

المصدر : تفسير : إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن