موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك - الآية 42 من سورة التوبة

سورة التوبة الآية رقم 42 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 42 من سورة التوبة عدة تفاسير, سورة التوبة : عدد الآيات 129 - الصفحة 194 - الجزء 10.

﴿ لَوۡ كَانَ عَرَضٗا قَرِيبٗا وَسَفَرٗا قَاصِدٗا لَّٱتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنۢ بَعُدَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلشُّقَّةُۚ وَسَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ يُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ ﴾
[ التوبة: 42]


التفسير الميسر

وبَّخ الله جلَّ جلاله جماعة من المنافقين استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلف عن غزوة (تبوك) مبينًا أنه لو كان خروجهم إلى غنيمة قريبة سهلة المنال لاتبعوك، ولكن لما دعوا إلى قتال الروم في أطراف بلاد (الشام) في وقت الحر تخاذلوا، وتخلفوا، وسيعتذرون لتخلفهم عن الخروج حالفين بأنهم لا يستطيعون ذلك، يهلكون أنفسهم بالكذب والنفاق، والله يعلم إنهم لكاذبون فيما يبدون لك من الأعذار.

تفسير الجلالين

ونزل في المنافقين الذين تخلفوا «لو كان» ما دعوتهم إليه «عرضا» متاعا من الدنيا «قريبا» سهل المأخذ «وسفرا قاصدا» وسطا «لاتَّبعوك» طلبا للغنيمة «ولكن بعدت عليهم الشُّقَّةُ» المسافة فتخلفوا «وسيحلفون بالله» إذا رجعتم إليهم «لو استطعنا» الخروج «لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم» بالحلف الكاذب «والله يعلم إنهم لكاذبون» في قولهم ذلك.

تفسير السعدي

لو كان خروجهم لطلب العرض القريب، أي‏:‏ منفعة دنيوية سهلة التناول ‏‏و‏‏ كان السفر ‏‏سَفَرًا قَاصِدًا‏‏ أي‏:‏ قريبا سهلا‏.
‏ ‏‏لَاتَّبَعُوكَ‏‏ لعدم المشقة الكثيرة، ‏‏وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ‏‏ أي‏:‏ طالت عليهم المسافة، وصعب عليهم السفر، فلذلك تثاقلوا عنك، وليس هذا من أمارات العبودية، بل العبد حقيقة هو المتعبد لربه في كل حال، القائم بالعبادة السهلة والشاقة، فهذا العبد للّه على كل حال‏.
‏‏‏وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ‏‏ أي‏:‏ سيحلفون أن تخلفهم عن الخروج أن لهم أعذرا وأنهم لا يستطيعون ذلك‏.
‏‏‏يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ‏‏ بالقعود والكذب والإخبار بغير الواقع، ‏‏وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ‏‏‏.
‏وهذا العتاب إنما هو للمنافقين، الذين تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في ‏‏غزوة تبوك‏‏ وأبدوا من الأعذار الكاذبة ما أبدوا، فعفا النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بمجرد اعتذارهم، من غير أن يمتحنهم، فيتبين له الصادق من الكاذب، ولهذا عاتبه اللّه على هذه المسارعة إلى عذرهم

تفسير البغوي

( لو كان عرضا قريبا ) واسم كان مضمر ، أي : لو كان ما تدعونهم إليه عرضا قريبا ، أي : غنيمة قريبة المتناول ، ( وسفرا قاصدا ) أي قريبا هينا ، ( لاتبعوك ) لخرجوا معك ، ( ولكن بعدت عليهم الشقة ) أي : المسافة ، والشقة : السفر البعيد ، لأنه يشق على الإنسان .
وقيل : الشقة الغاية التي يقصدونها ، ( وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم ) يعني باليمين الكاذبة ، ( والله يعلم إنهم لكاذبون ) في أيمانهم وإيمانهم ، لأنهم كانوا مستطيعين .

تفسير الوسيط

قال الفخر الرازي هذه الآية نزلت في المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك.
والعرض.
ما يعرض للإنسان من منافع الدنيا وشهواتها.
والسفر القاصد: هو السفر القريب السهل الذي لا يصاحبه ما يؤدى إلى التعب الشديد.
من القصد بمعنى التوسط والاعتدال في الشيء.
والشقة: المسافة التي لا تقطع إلا بعد تكبد المشقة والتعب، فهي مأخوذة من المشقة وشدة العناء.
قال القرطبي: حكى أبو عبيدة وغيره أن الشقة: السفر إلى أرض بعيدة.
يقال: منه شقة شاقة.
والمراد بذلك كله غزوة تبوك.
.
» .
والمعنى: لو كان الذي دعوتهم إليه يا محمد، متاعا من متع الحياة الدنيا، وسفرا سهلا قريبا، لاتبعوك فيما دعوتهم إليه، لأنه يوافق أهواءهم، ويشبع رغباتهم، ولكنهم حين عرفوا أن ما دعوتهم إليه هو الجهاد في سبيل الله وما يصحبه من أسفار شاقة.
وتضحيات جسيمة.
.
تعلّلوا لك بالمعاذير الكاذبة، وتخلفوا عن الخروج معك، جبنا منهم، وحبا للراحة والسلام.
وشبيه بهذه الآية من حيث المعنى، قول الرسول صلى الله عليه وسلم في شأن المتخلفين عن صلاة الجماعة «لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء» .
أى: لو يعلم أحد هؤلاء المتخلفين عن صلاة العشاء في جماعة، أنه يجد عند حضور صلاتها في جماعة شيئا من اللحم لحضرها.
ثم حكى- سبحانه- ما سيقوله هؤلاء المنافقون بعد عودة المؤمنين من الجهاد فقال:وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ.
أى.
وسيحلف هؤلاء المنافقون بالله- كذبا وزورا- قائلين.
لو استطعنا أيها المؤمنون أن نخرج معكم للجهاد في تبوك لخرجنا: فاننا لم نتخلف عن الخروج معكم إلا مضطرين، فقد كانت لنا أعذارنا القاهرة التي حملتنا على التخلف!! وأتى- سبحانه- بالسين في قوله: وَسَيَحْلِفُونَ لأنه من قبيل الإخبار بالغيب.
فقد كان نزول هذه الآية قبل رجوعه صلى الله عليه وسلم من تبوك.
وحلفهم هذا كان بعد رجوعه منها.
قال الفخر الرازي: قالوا: الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر عنهم أنهم سيحلفون، وهذا إخبار عن غيب يقع في المستقبل، والأمر لما وقع كما أخبر كان هذا إخبارا عن الغيب فكان معجزا، .
والمراد بالاستطاعة في قوله: «لو استطعنا» : وجود وسائل للجهاد معهم، من زاد وعدة وقوة في البدن، وغير ذلك مما يستلزمه الجهاد في سبيل الله.
وقوله: لَخَرَجْنا مَعَكُمْ ساد مسد جوابي القسم والشرط.
ثم بين- سبحانه- سوء مصيرهم بسبب كذبهم ونفاقهم فقال: يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ:أى.
أن هؤلاء المتخلفين عن الجهاد يهلكون أنفسهم بسبب حلفهم الكاذب، وجرأتهم على الله.
تعالى.
في اختلاق المعاذير الباطلة، مع أنه.
سبحانه.
يعلم إنهم لكاذبون في أيمانهم، وفيما انتحلوه من أعذار.
قال ابن جرير قوله: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ في قولهم: لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ، لأنهم كانوا للخروج مطيقين، بوجود السبيل إلى ذلك بالذي كان عندهم من الأموال، مما يحتاج إليه الغازي في غزوة، وصحة الأبدان، وقوة الأجسام .
هذا، ومن الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآية، أن الأيمان الكاذبة تؤدى إلى الخسران والهلاك: وفي الحديث الشريف: «اليمين الغموس تدع الديار بلاقع؟؟؟» .
ثم عاتب الله: تعالى.
نبيه صلى الله عليه وسلم عتابا رقيقا لأنه أذن للمنافقين بالتخلف عن الجهاد حين طلبوا منه ذلك، دون أن يتبين أحوالهم فقال.
تعالى.

المصدر : تفسير : لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك