موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي - الآية 45 من سورة الحج

سورة الحج الآية رقم 45 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 45 من سورة الحج عدة تفاسير, سورة الحج : عدد الآيات 78 - الصفحة 337 - الجزء 17.

﴿ فَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَا وَهِيَ ظَالِمَةٞ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئۡرٖ مُّعَطَّلَةٖ وَقَصۡرٖ مَّشِيدٍ ﴾
[ الحج: 45]


التفسير الميسر

فكثيرًا من القرى الظالمة بكفرها أهلكنا أهلها، فديارهم مهدَّمة خَلَتْ مِن سكانها، وآبارها لا يُستقى منها، وقصورها العالية المزخرفة لم تدفع عن أهلها سوء العذاب.

تفسير الجلالين

«فكأين» أي كم «من قرية أهلكتها» وفي قراءة أهلكناها «وهي ظالمة» أي أحلها بكفرهم «فهي خاوية» ساقطة «على عروشها» سقوفها «و» كم من «بئر معطلة» متروكة بموت أهلها «وقصر مشيد» رفيع خال بموت أهله.

تفسير السعدي

فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أي: وكم من قرية أَهْلَكْنَاهَا بالعذاب الشديد، والخزي الدنيوي، وَهِيَ ظَالِمَةٌ بكفرها بالله وتكذيبها لرسله، لم يكن عقوبتنا لها ظلما منا، فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا أي: فديارهم متهدمة، قصورها، وجدرانها، قد سقطت عروشها، فأصبحت خرابا بعد أن كانت عامرة، وموحشة بعد أن كانت آهلة بأهلها آنسة، وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ أي: وكم من بئر، قد كان يزدحم عليه الخلق، لشربهم، وشرب مواشيهم، ففقد أهله، وعدم منه الوارد والصادر، وكم من قصر، تعب عليه أهله، فشيدوه، ورفعوه، وحصنوه، وزخرفوه، فحين جاءهم أمر الله، لم يغن عنهم شيئا، وأصبح خاليا من أهله، قد صاروا عبرة لمن اعتبر، ومثالا لمن فكر ونظر.

تفسير البغوي

( فكأين ) فكم ( من قرية أهلكناها ) بالتاء هكذا قرأ أهل البصرة ويعقوب ، وقرأ الآخرون : " أهلكناها " بالنون والألف على التعظيم ، ( وهي ظالمة ) أي : وأهلها ظالمون ، ( فهي خاوية ) ساقطة ( على عروشها ) على سقوفها ، ( وبئر معطلة ) [ أي : وكم من بئر معطلة ] متروكة مخلاة عن أهلها ( وقصر مشيد ) قال قتادة والضحاك ومقاتل : رفيع طويل ، من قولهم شاد بناءه إذا رفعه .
وقال سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء : مجصص ، من الشيد ، وهو الجص .
وقيل : إن البئر المعطلة والقصر المشيد باليمن ، أما القصر فعلى قلة جبل ، والبئر في سفحه ، ولكل واحد منهما قوم كانوا في نعمة فكفروا فأهلكهم الله ، وبقي البئر والقصر خاليين .
وروى أبو روق عن الضحاك : أن هذه البئر كانت بحضرموت في بلدة يقال لها حاضوراء ، وذلك أن أربعة آلاف نفر ممن آمن بصالح ، نجوا من العذاب ، أتوا حضرموت ومعهم صالح فلما حضروه مات صالح ، فسمي حضرموت ، لأن صالحا لما حضر مات فبنوا حاضوراء وقعدوا على هذه البئر وأمروا عليهم رجلا فأقاموا دهرا وتناسلوا حتى كثروا ، ثم إنهم عبدوا الأصنام وكفروا فأرسل الله إليهم نبيا يقال له حنظلة بن صفوان ، كان حمالا فيهم ، فقتلوه في السوق فأهلكهم الله ، وعطلت بئرهم وخربت قصورهم .

تفسير الوسيط

وبعد هذا البيان المشتمل على سوء عاقبة هذه الأمم التي كذبت رسلها.
.
أتبع ذلك- سبحانه- ببيان مصير كثير من الأمم الظالمة فقال: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ، فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ، وَقَصْرٍ مَشِيدٍ.
وكلمة «كأين» مركبة من كاف التشبيه، ومن أى الاستفهامية المنونة، ثم هجر معنى جزأيها وصارت كلمة واحدة بمعنى كم الخبرية المفيدة للتكثير، ويكنى بها عن عدد مبهم فتفتقر إلى تمييز بعدها.
ومميزها غالبا ما يجر بمن كما في الآية وفي غيرها.
قال- تعالى-: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ .
.
.
، وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ .
قال الآلوسى: وقوله: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ منصوب بمضمر يفسره قوله- تعالى-:أَهْلَكْناها أى: فأهلكنا كثيرا من القرى أهلكناها.
.
أو مرفوع على الابتداء، وجملة أَهْلَكْناها خبره.
أى: فكثير من القرى أهلكناها.
.
وقوله: وَهِيَ ظالِمَةٌ جملة حالية من مفعول أهلكنا.
.
.
ولفظ خاوِيَةٌ بمعنى ساقطة أو خالية.
يقال خوى البيت يخوى إذا سقط أو خلا ممن يسكنه.
والعروش: جمع عرش وهو سقف البيت، ويسمى العريش: وكل ما يهيأ ليستظل به فهو عريش.
وبئر معطلة أى: مهجورة لهلاك أهلها، يقال: بأر فلان الأرض إذا حفرها ليستخرج منها الماء.
والمشيد: المجصص بالشّيد وهو الجصّ.
يقال: شاد فلان بيته يشيده، إذا طلاه بالشّيد.
والمعنى: وكثير من القوى أهلكناها بسبب ظلمهم وكفرهم، فإذا ما نظرت إليها وجدتها خالية من أهلها، وقد سقطت سقوفها على جدرانها.
وكثير من الآبار التي كانت تتفجر بالماء عطلناها وصارت مهجورة، وكثير- أيضا- من القصور المشيدة الفخمة أخليناها من أهلها.
وذلك لأنهم كذبوا رسلنا، وجحدوا نعمنا، فدمرناهم تدميرا.
وجعلنا مساكنهم من بعدهم أثرا بعد عين.
فأنت ترى أن هذه الآية الكريمة قد اشتملت على أشد ألوان الوعيد والتهديد لكفار قريش الذين كذبوا الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأعرضوا عن دعوته.
وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً .

المصدر : تفسير : فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي