موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير إذ قالت الملائكة يامريم إن الله يبشرك - الآية 45 من سورة آل عمران

سورة آل عمران الآية رقم 45 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 45 من سورة آل عمران عدة تفاسير, سورة آل عمران : عدد الآيات 200 - الصفحة 55 - الجزء 3.

﴿ إِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٖ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ ﴾
[ آل عمران: 45]


التفسير الميسر

وما كنت - يا نبي الله - هناك حين قالت الملائكة: يا مريم إن الله يُبَشِّرْكِ بولد يكون وجوده بكلمة من الله، أي يقول له: "كن"، فيكون، اسمه المسيح عيسى ابن مريم، له الجاه العظيم في الدنيا والآخرة، ومن المقربين عند الله يوم القيامة.

تفسير الجلالين

اذكر «إذ قالت الملائكة» أي جبريل «يا مريم أن الله يبشرك بكلمة منه» أي ولد «اسمه المسيح عيسى بن مريم» خاطبها بنسبته إليها تنبيها على أنها تلده بلا أب إذ عادة الرجال نسبتهم إلى آبائهم «وجيها» ذا جاه «في الدنيا» بالنبوة «والآخرة» بالشفاعة والدرجات العُلا «ومن المقرَّبين» عند الله.

تفسير السعدي

يخبر تعالى أن الملائكة بشرت مريم عليها السلام بأعظم بشارة، وهو كلمة الله عبده ورسوله عيسى ابن مريم، سمي كلمة الله لأنه كان بالكلمة من الله، لأن حالته خارجة عن الأسباب، وجعله الله من آياته وعجائب مخلوقاته، فأرسل الله جبريل عليه السلام إلى مريم، فنفخ في جيب درعها فولجت فيها تلك النفخة الذكية من ذلك الملك الزكي، فأنشأ الله منها تلك الروح الزكية، فكان روحانيا نشأ من مادة روحانية، فلهذا سمى روح الله وجيها في الدنيا والآخرة أي: له الوجاهة العظيمة في الدنيا، جعله الله أحد أولي العزم من المرسلين أصحاب الشرائع الكبار والأتباع، ونشر الله له من الذكر ما ملأ ما بين المشرق والمغرب، وفي الآخرة وجيها عند الله يشفع أسوة إخوانه من النبيين والمرسلين، ويظهر فضله على أكثر العالمين، فلهذا كان من المقربين إلى الله، أقرب الخلق إلى ربهم، بل هو عليه السلام من سادات المقربين.

تفسير البغوي

قوله تعالى : ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم ) إنما قال : اسمه رد الكناية إلى عيسى واختلفوا في أنه لم سمي مسيحا ، منهم من قال : هو فعيل بمعنى المفعول يعني أنه مسح من الأقذار وطهر من الذنوب ، وقيل : لأنه مسح بالبركة ، وقيل : لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن ، وقيل مسحه جبريل بجناحه حتى لم يكن للشيطان عليه سبيل ، وقيل : لأنه كان مسيح القدم لا أخمص له ، وسمي الدجال مسيحا لأنه كان ممسوح إحدى العينين ، وقال بعضهم هو فعيل بمعنى الفاعل ، مثل عليم وعالم قال ابن عباس رضي الله عنهما سمي مسيحا لأنه ما مسح ذا عاهة إلا برأ ، وقيل : سمي بذلك لأنه كان يسيح في الأرض ولا يقيم في مكان ، وعلى هذا القول تكون الميم فيه زائدة وقال إبراهيم النخعي : المسيح الصديق ويكون المسيح بمعنى الكذاب وبه سمي الدجال والحرف من الأضداد ( وجيها ) أي : شريفا رفيعا ذا جاه وقدر ( في الدنيا والآخرة ومن المقربين ) عند الله

تفسير الوسيط

ثم حكى- سبحانه- ما قالته الملائكة لمريم على سبيل تبشيرها بعيسى- عليه السّلام- فقال- تعالى- إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ.
وهذه الجملة الكريمة بدل اشتمال من جملة وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ.
إلخ قالوا: ولا يضر الفصل إذ الجملة الفاصلة بين البدل والمبدل منه اعتراض جيء به تقريرا لما سبق وتنبيها على استقلاله.
والظرف إِذْ معمول لمحذوف تقديره اذكر، أى اذكر وقت أن قالت الملائكة لمريم، يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه.
وقوله يبشرك بِكَلِمَةٍ مِنْهُ أى يبشرك بمولود يحصل بكلمة منه- سبحانه- وسمى هذا المولود كلمة لأنه وجد بكلمة كن فهو من باب إطلاق السبب على المسبب.
والمراد أنه وجد من غير واسطة أب، لأن غيره وإن وجد بتلك الكلمة لكنه بواسطة أب، أى أنه- سبحانه- إذا كان قد خلق الناس بطريق التناسل عن ذكر وأنثى وأخرج الأولاد من أصلاب الآباء، فإن عيسى- عليه السّلام- لم يكن كذلك، بل خلقه الله- تعالى- خلقا آخر، خلقه بِكَلِمَةٍ مِنْهُ وهي «كن» فكان كما أراده الله و «من» في قوله «منه» لابتداء الغاية والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لكلمة: أى بكلمة كائنة منه.
فالمراد بقوله «كلمة» أى يبشر بولد حي يسرى عليه حكم الأحياء اسمه المسيح عيسى ابن مريم وعلى هذا التأويل سار كثير من المفسرين.
ورجح ابن جرير أن معنى بِكَلِمَةٍ مِنْهُ ببشرى منه- سبحانه- فقد قال: وقوله «بكلمة منه» يعنى برسالة من الله وخير من عنده وهو من قول القائل: ألقى إلى فلان كلمة سرني بها بمعنى أخبرنى خبرا فرحت به.
.
فتأويل الكلام: وما كنت يا محمد عند القوم إذ قالت الملائكة لمريم إن الله يبشرك ببشرى من عنده، هي ولدك اسمه المسيح عيسى ابن مريم».
وعلى كلا التأويلين ففي التعبير عن عيسى- عليه السّلام- بأنه كلمة من الله تكريم له وتشريف، وقوله اسْمُهُ الْمَسِيحُ مبتدأ وخبر، والجملة نعت.
والضمير في قوله اسْمُهُ يعود إلى كلمة.
وجاء مذكرا رعاية للمعنى لأننا سبق بينا أن المراد بها عند كثير من المفسرين الولد.
والمسيح: لقب من الألقاب المشرفة كالصديق والفاروق، وأصله مشيحا بالعبرانية ومعناه المبارك.
وقد حكى الله- تعالى- أنه قال عن نفسه إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا.
وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا وقيل المسيح فعيل بمعنى فاعل، للمبالغة في مسحه الأرض بالسياحة للعبادة: أو مسحه ذا العاهة ليبرأ.
أو بمعنى مفعول أى ممسوح لأن الله مسحه بالطهر من الذنوب.
وعيسى: اسم لهذا الاسم الكريم، وهو اسم ينبئ عن البياض والصفاء والنقاء.
قال الراغب: عيسى اسم علم، وإذا جعل عربيا أمكن أن يكون من قولهم بعيرا عيسى وناقة عيساء وجمعها عيس وهي إبل بيض يعترى بياضها بعض الظلمة» أى فيها اغبرار قليل يعطى بياضها صفاء ونقاء وجمالا.
وابن مريم: هو كنيته، وهي للإشارة إلى أن نسبه ثابت لأمه لا لأحد سواها وليس ابنا الله- تعالى- كما قال الضالون.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: لم قيل عيسى ابن مريم والخطاب لمريم؟ قلت: لأن الأبناء ينسبون إلى الآباء لا إلى الأمهات، فأعلمت بنسبه إليها أنه يولد من غير أب فلا ينسب إلا إلى أمه.
وبذلك فضلت واصطفيت على نساء العالمين: فإن قلت لم ذكر ضمير الكلمة.
قلت لأن المسمى بها مذكر.
فإن قلت: لم قيل اسمه المسيح عيسى ابن مريم وهذه ثلاثة أشياء: الاسم منها عيسى وأما المسيح والابن فلقب وصفة؟ قلت: الاسم المسمى علامة يعرف بها ويتميز من غيره، فكأنه قيل: الذي يعرف به ويتميز ممن سواه مجموع هذه الثلاثة» «2» .
والمعنى الإجمالى للجملة الكريمة: اذكر يا محمد وقت أن قالت الملائكة لمريم: يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه أى بمولود يحصل بكلمة منه بلا واسطة أب، هذا المولود العجيب اسمه الذي يميزه لقبا المسيح ويميزه علما عيسى ويميزه كنية ابن مريم.
فأنت ترى أنه- سبحانه- قد عرف هذا المولود العظيم بتعريف واحد جمع ثلاثة أمور كل واحد منها يشير إلى معنى كريم قد تحقق في هذا النبي العظيم ومجموع هذه الأمور لا يشاركه فيها أحد من البشر، ثم بعد ذلك وصفه- سبحانه- بأربعة أوصاف تدل على فضله وعلو منزلته فقال- تعالى- وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ.
أما الصفة الأولى فهي قوله- تعالى-: وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ أى ذا جاه وشرف ومنزلة عالية.
يقال وجه الرجل يوجه- من باب ظرف- وجاهة فهو وجيه إذا صارت له منزلة رفيعة عند الناس.
واشتقاقه من الوجه لأنه أشرف الأعضاء ولأنه هو الذي يواجه الإنسان به غيره.
وعيسى عليه السّلام، شهد الله تعالى له، - وكفى بالله شهيدا- شهد له بالوجاهة وسمو المنزلة في الدنيا والآخرة لما له من آثار عظيمة في هداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ودعوتهم إلى وحدانية الله وإلى مكارم الأخلاق، وإقامة التوراة بعد أن اختلفوا فيها.
والصفة الثانية من صفاته أنه مِنَ الْمُقَرَّبِينَ أى أنه من المقربين عند الله- تعالى- ويا لها من صفة عظيمة هي منتهى ما تتطلع إليه النفوس وتهفو القلوب.

المصدر : تفسير : إذ قالت الملائكة يامريم إن الله يبشرك