موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن - الآية 46 من سورة إبراهيم

سورة إبراهيم الآية رقم 46 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 46 من سورة إبراهيم عدة تفاسير, سورة إبراهيم : عدد الآيات 52 - الصفحة 261 - الجزء 13.

﴿ وَقَدۡ مَكَرُواْ مَكۡرَهُمۡ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكۡرُهُمۡ وَإِن كَانَ مَكۡرُهُمۡ لِتَزُولَ مِنۡهُ ٱلۡجِبَالُ ﴾
[ إبراهيم: 46]


التفسير الميسر

وقد دبَّر المشركون الشرَّ للرسول صلى الله عليه وسلم بقتله، وعند الله مكرهم فهو محيط به، وقد عاد مكرهم عليهم، وما كان مكرهم لتزول منه الجبال ولا غيرها لضعفه ووَهَنه، ولم يضرُّوا الله شيئًا، وإنما ضرُّوا أنفسهم.

تفسير الجلالين

(وقد مكروا) بالنبي صلى الله عليه وسلم (مكرهم) حيث أرادوا قتله أو تقييده أو إخراجه (وعند الله مكرهم) أي علمه أو جزاؤه (وإن) ما (كان مكرهم) وإن عظم (لتزول منه الجبال) المعنى لا يعبأ به ولا يضر إلا أنفسهم والمراد بالجبال هنا قيل حقيقتها وقيل شرائع الإسلام المشبهة بها في القرار والثبات وفي قراءة بفتح لام لتزول ورفع الفعل فإن مخففة والمراد تعظيم مكرهم وقيل المراد بالمكر كفرهم ويناسبه على الثانية "" تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا "" وعلى الأول ما قرئ وما كان.

تفسير السعدي

وَقَدْ مَكَرُوا أي: المكذبون للرسل مَكْرَهُمْ الذي وصلت إرادتهم وقدر لهم عليه، وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ أي: هو محيط به علما وقدرة فإنه عاد مكرهم عليهم ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ أي: ولقد كان مكر الكفار المكذبين للرسل بالحق وبمن جاء به -من عظمه- لتزول الجبال الراسيات بسببه عن أماكنها، أي: مكروا مكرا كبارا لا يقادر قدره ولكن الله رد كيدهم في نحورهم.
ويدخل في هذا كل من مكر من المخالفين للرسل لينصر باطلا، أو يبطل حقا، والقصد أن مكرهم لم يغن عنهم شيئا، ولم يضروا الله شيئا وإنما ضروا أنفسهم.

تفسير البغوي

( وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم ) أي : جزاء مكرهم ( وإن كان مكرهم ) قرأ علي وابن مسعود : ( وإن كان مكرهم ) بالدال ، وقرأ العامة بالنون .
( لتزول منه الجبال ) قرأ العامة لتزول بكسر اللام الأولى ونصب الثانية .
معناه : وما كان مكرهم .
قال الحسن : إن كان مكرهم لأضعف من أن تزول منه الجبال .
وقيل : معناه إن مكرهم لا يزيل أمر محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو ثابت كثبوت الجبال .
وقرأ ابن جريج ، والكسائي : " لتزول " بفتح اللام الأولى ورفع الثانية ، معناه : إن مكرهم وإن عظم حتى بلغ محلا يزيل الجبال لم يقدروا على إزالة أمر محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال قتادة : معناه وإن كان شركهم لتزول منه الجبال ، وهو قوله تعالى : ( وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا ) ( مريم - 19 ) .
ويحكى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في معنى الآية : أنها نزلت في نمرود الجبار الذي حاج إبراهيم في ربه ، وذلك أنه قال : إن كان ما يقول إبراهيم حقا فلا أنتهي حتى أصعد السماء فأعلم ما فيها ، فعمد إلى أربعة أفرخ من النسور فرباها حتى شبت واتخذ تابوتا ، وجعل له بابا من أعلى وبابا من أسفل ، وقعد نمرود مع رجل في التابوت ، ونصب خشبات في أطراف التابوت ، وجعل على رءوسها اللحم ، وربط التابوت بأرجل النسور ، فطرن وصعدن طمعا في اللحم ، حتى مضى يوم وأبعدن في الهواء ، فقال نمرود لصاحبه : افتح الباب الأعلى ، وانظر إلى السماء هل قربناها ، ففتح [ الباب ونظر ] فقال : إن السماء كهيئتها ثم قال : افتح الباب الأسفل وانظر إلى الأرض كيف تراها ؟ ففعل ، فقال : أرى الأرض مثل اللجة والجبال مثل الدخان ، فطارت النسور يوما آخر ، وارتفعت حتى حالت الريح بينها وبين الطيران ، فقال لصاحبه : افتح البابين ففتح الأعلى فإذا السماء كهيئتها ، وفتح الأسفل فإذا الأرض سوداء مظلمة ، فنودي : أيها الطاغية أين تريد ؟قال عكرمة : كان معه في التابوت غلام قد حمل معه القوس والنشاب ، فرمى بسهم فعاد إليه السهم متلطخا بدم سمكة قذفت نفسها من بحر في الهواء - وقيل : طائر أصابه السهم - فقال : كفيت شغل إله السماء .
قال : ثم أمر نمرود صاحبه أن يصوب الخشبات وينكص اللحم ، ففعل ، فهبطت النسور بالتابوت ، فسمعت الجبال حفيف التابوت والنسور ، ففزعت وظنت أنه قد حدث حدث من السماء ، وأن الساعة قد قامت ، فكادت تزول عن أماكنها ، فذلك قوله تعالى : ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) .

تفسير الوسيط

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك لونا آخر من ألوان عراقتهم في الكفر والجحود فقال:وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ.
والمكر: تبييت فعل السوء بالغير وإضماره، مع إظهار ما يخالف ذلك.
وانتصب «مكرهم» الأول على أنه مفعول مطلق لمكروا، لبيان النوع، والإضافة فيه من إضافة المصدر لفاعله.
أى: أن هؤلاء الظالمين جاءتهم العبر فلم يعتبروا، بل أضافوا إلى ذلك أنهم مكروا بالرسول صلى الله عليه وسلم مكرهم العظيم الذي استفرغوا فيه جهدهم لإبطال الحق، وإحقاق الباطل، والذي كان من مظاهره محاولتهم قتل الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقوله وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ أى: وفي علم الله- تعالى- الذي لا يغيب عنه شيء مكرهم، وسيجازيهم عليه بما يستحقونه من عذاب مهين.
وقوله- تعالى- وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ قرأ الجمهور «لتزول» - بكسر اللام على أنها لام الجحود والفعل منصوب بعدها.
بأن مضمرة وجوبا، و «إن» في قوله وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ نافية بمعنى ما.
والمعنى: ولقد مكر هؤلاء الكافرون مكرهم الشديد الذي اشتهروا به، وفي علم الله- تعالى- مكرهم، وما كان مكرهم- مهما عظم واشتد- لتنتقل منه الجبال من أماكنها، لأنه لم يتجاوز مكر أمثالهم ممن دمرناهم تدميرا.
وعلى هذه القراءة يكون المقصود بهذه الجملة الكريمة، الاستخفاف بهم وبمكرهم، وبيان أن ما يضمرونه من سوء ليس خافيا على الله- تعالى- ولن يزلزل المؤمنين في عقيدتهم، لأن إيمانهم كالجبال الرواسي في ثباته ورسوخه.
وقرأ «الكسائي» «لتزول» - بفتح اللام على أنها لام الابتداء، ورفع الفعل بعدها- و «إن» مخففة من الثقيلة.
فيكون المعنى: وقد مكروا مكرهم، وعند الله مكرهم، وإن مكرهم من الشدة بحيث تزول منه الجبال وتنقلع من أماكنها، لو كان لها أن تزول أو تنقلع.
وعلى هذه القراءة يكون المراد بهذه الجملة الكريمة التعظيم والتهويل من شأن مكرهم، وأنه أمر شنيع أو شديد في بابه، كما في قوله- تعالى-: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ.
وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا.
.

المصدر : تفسير : وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن