موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا - الآية 5 من سورة يونس

سورة يونس الآية رقم 5 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 5 من سورة يونس عدة تفاسير, سورة يونس : عدد الآيات 109 - الصفحة 208 - الجزء 11.

﴿ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمۡسَ ضِيَآءٗ وَٱلۡقَمَرَ نُورٗا وَقَدَّرَهُۥ مَنَازِلَ لِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۚ يُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ ﴾
[ يونس: 5]


التفسير الميسر

الله هو الذي جعل الشمس ضياء، وجعل القمر نورًا، وقدَّر القمر منازل، فبالشمس تعرف الأيام، وبالقمر تعرف الشهور والأعوام، ما خلق الله تعالى الشمس والقمر إلا لحكمة عظيمة، ودلالة على كمال قدرة الله وعلمه، يبيِّن الحجج والأدلة لقوم يعلمون الحكمة في إبداع الخلق.

تفسير الجلالين

«هو الذي جعل الشمس ضياءً» ذات ضياء، أي نور «والقمر نورا وقدره» من حيث سيره «منازل» ثمانية وعشرين منزلا في ثمان وعشرين ليلة من كل شهر، ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين يوما، أو ليلة إن كان تسعة وعشرين يوما «لتعلموا» بذلك «عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك» المذكور «إلا بالحق» لا عبثا تعالى عن ذلك «يفصل» بالياء والنون يبين «الآيات لقوم يعلمون» يتدبرون.

تفسير السعدي

تفسير الآيتين 5 و6 :لما قرر ربوبيته وإلهيته، ذكر الأدلة العقلية الأفقية الدالة على ذلك وعلى كماله، في أسمائه وصفاته، من الشمس والقمر، والسماوات والأرض وجميع ما خلق فيهما من سائر أصناف المخلوقات، وأخبر أنها آيات ‏‏لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ‏‏ و ‏‏لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ‏‏فإن العلم يهدي إلى معرفة الدلالة فيها، وكيفية استنباط الدليل على أقرب وجه، والتقوى تحدث في القلب الرغبة في الخير، والرهبة من الشر، الناشئين عن الأدلة والبراهين، وعن العلم واليقين‏.
‏وحاصل ذلك أن مجرد خلق هذه المخلوقات بهذه الصفة، دال على كمال قدرة الله تعالى، وعلمه، وحياته، وقيوميته، وما فيها من الأحكام والإتقان والإبداع والحسن، دال على كمال حكمة الله، وحسن خلقه وسعة علمه‏.
‏ وما فيها من أنواع المنافع والمصالح كجعل الشمس ضياء، والقمر نورا، يحصل بهما من النفع الضروري وغيره ما يحصل يدل ذلك على رحمة الله تعالى واعتنائه بعباده وسعة بره وإحسانه، وما فيها من التخصيصات دال على مشيئة الله وإرادته النافذة‏.
‏وذلك دال على أنه وحده المعبود والمحبوب المحمود، ذو الجلال والإكرام والأوصاف العظام، الذي لا تنبغي الرغبة والرهبة إلا إليه، ولا يصرف خالص الدعاء إلا له، لا لغيره من المخلوقات المربوبات، المفتقرات إلى الله في جميع شئونها‏.
‏وفي هذه الآيات الحث والترغيب على التفكر في مخلوقات الله، والنظر فيها بعين الاعتبار، فإن بذلك تنفتح البصيرة، ويزداد الإيمان والعقل، وتقوى القريحة، وفي إهمال ذلك، تهاون بما أمر الله به، وإغلاق لزيادة الإيمان، وجمود للذهن والقريحة‏.

تفسير البغوي

( هو الذي جعل الشمس ضياء ) بالنهار ، ( والقمر نورا ) بالليل .
وقيل : جعل الشمس ذات ضياء ، والقمر ذا نور ، ( وقدره منازل ) أي : قدر له ، يعني : هيأ له منازل لا يجاوزها ولا يقصر دونها ، ولم يقل : قدرهما .
قيل : تقدير المنازل ينصرف إليهما غير أنه اكتفى بذكر أحدهما ، كما قال : " والله ورسوله أحق أن يرضوه " ( التوبة - 62 ) .
وقيل : هو ينصرف إلى القمر خاصة لأن القمر يعرف به انقضاء الشهور والسنين ، لا بالشمس .
ومنازل القمر ثمانية وعشرون منزلا وأسماؤها : الشرطين ، والبطين ، والثرياء ، والدبران ، والهقعة ، والهنعة ، والذراع ، والنسر ، والطوف ، والجبهة ، والزبرة ، والصرفة ، والعواء ، والسماك ، والغفر ، والزباني ، والإكليل ، والقلب ، والشولة ، والنعايم ، والبلدة ، وسعد الذابح ، وسعد بلع ، وسعد السعود ، وسعد الأخبية ، وفرع الدلو المقدم ، وفرع الدلو المؤخر ، وبطن الحوت .
وهذه المنازل مقسومة على البروج ، وهي اثنا عشر برجا : الحمل ، والثور ، والجوزاء ، والسرطان ، والأسد ، والسنبلة ، والميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدي ، والدلو ، والحوت .
ولكل برج منزلان وثلث منزل ، فينزل القمر كل ليلة منزلا منها ، ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين ، وإن كان تسعا وعشرين فليلة واحدة ، فيكون تلك المنازل ويكون مقام الشمس في كل منزلة ثلاثة عشر يوما ، فيكون انقضاء السنة مع انقضائها .
قوله تعالى : ( لتعلموا عدد السنين ) أي : قدر المنازل " لتعلموا عدد السنين " دخولها وانقضاءها ، ( والحساب ) يعني : حساب الشهور والأيام والساعات .
( ما خلق الله ذلك ) رده إلى الخلق والتقدير ، ولو رده إلى الأعيان المذكورة لقال : تلك .
( إلا بالحق ) أي : لم يخلقه باطلا بل إظهارا لصنعه ودلالة على قدرته .
( يفصل الآيات لقوم يعلمون ) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحفص ويعقوب : " يفصل " بالياء ، لقوله : " ما خلق " وقرأ الباقون : " نفصل " بالنون على التعظيم .

تفسير الوسيط

ففي هاتين الآيتين- كما يقول الآلوسى- تنبيه على الاستدلال على وجوده- تعالى- ووحدته وعلمه وقدرته وحكمته.
بآثار صنيعه في النيرين بعد التنبيه على الاستدلال بما مر، وبيان لبعض أفراد التدبير الذي أشير إليه إشارة إجمالية، وإرشاد إلى أنه- سبحانه- حين دبر أمورهم المتعلقة بمعاشهم هذا التدبير البديع، فلأن يدبر مصالحهم المتعلقة بمعادهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب أولى وأحرى» .
وقوله جَعَلَ يجوز أن يكون بمعنى أنشأ وأبدع، فيكون لفظ ضِياءً حال من المفعول، ويجوز أن يكون بمعنى صير فيكون اللفظ المذكور مفعولا ثانيا.
وقوله ضِياءً جمع ضوء كسوط وسياط، وحوض وحياض، وقيل هو مصدر ضاء يضوء ضياء كقام يقوم قياما، وصام يصوم صياما، وعلى كلا الوجهين فالكلام على حذف مضاف.
والمعنى: الله- تعالى- وحده هو الذي جعل لكم الشمس ذات ضياء، وجعل لكم القمر ذا نور، لكي تنتفعوا بهما في مختلف شئونكم.
قال الجمل: «وخص الشمس بالضياء لأنه أقوى وأكمل من النور، وخص القمر بالنور لأنه أضعف من الضياء ولأنهما إذا تساويا لم يعرف الليل من النهار، فدل ذلك على أن الضياء المختص بالشمس أكمل وأقوى من النور المختص بالقمر».
هذا دليل.
ومما يدل على التفرقة بين الشمس والقمر في نورهما قوله- تعالى-: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً وقوله- سبحانه-: تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً.
وقوله: وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ معطوف على ما قبله.
والتقدير: جعل الشيء أو الأشياء على مقادير مخصوصة في الزمان أو المكان أو غيرهما قال- تعالى-: وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ.
المنازل: جمع منزل، وهي أماكن النزول، وهي- كما يقول بعضهم- ثمانية وعشرون منزلا، وتنقسم إلى اثنى عشر برجا وهي: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدى، والدلو، والحوت، لكل برج منها منزلان وثلث منزل، وينزل القمر في كل ليلة منزلا منها إلى انقضاء ثمانية وعشرين.
ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين يوما، ويستتر ليلة واحدة إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما.
والضمير في قوله: قَدَّرْناهُ يعود الى القمر، كما في قوله- تعالى-: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ.
أى: الله- تعالى- هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا، وقدر للقمر منازل ينزل فيها في كل ليلة على هيئة خاصة، وطريقة بديعة تدل على قدرة الله وحكمته.
قالوا: وكانت عودة الضمير إلى القمر وحده، لسرعة سيره بالنسبة إلى الشمس: ولأن منازله معلومة محسوسة، ولأنه العمدة في تواريخ العرب، ولأن أحكام الشرع منوطة به في الأغلب .
وجوز بعضهم أن يكون الضمير للشمس والقمر معا، أى: وقدر لهما منازل، أو قدر لسيرهما منازل لا يجاوزانها في السير، ولا يتعدى أحدهما على الآخر كما قال- تعالى-:لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ .
وإنما وحد الضمير للإيجاز كما في قوله- تعالى-: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ.
وقوله: لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ بيان للحكمة من الخلق والتقدير.
أى: جعل- سبحانه- الشمس ضياء، والقمر نورا، وقدره منازل، لتعلموا عدد السنين التي يفيدكم علمها في مصالحكم الدينية والدنيوية ولتعلموا الحساب بالأوقات من الأشهر والأيام لضبط عباداتكم ومعاملاتكم.
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: يخبر الله- تعالى- عما خلق من الآيات الدالة على كمال قدرته، وعظيم سلطانه، أنه جعل الشعاع الصادر عن جرم الشمس ضياء، وجعل شعاع القمر نورا، هذا فن وهذا فن آخر، ففاوت بينهما لئلا يشتبها، وجعل سلطان الشمس بالنهار وسلطان القمر بالليل، وقدر القمر منازل، فأول ما يبدو القمر يكون صغيرا، ثم يتزايد نوره وجرمه حتى يستوسق ويكمل إبداره، ثم يشرع في النقص حتى يرجع إلى حالته الأولى.
فبالشمس تعرف الأيام، وبسير القمر تعرف الشهور والأعوام» .
واسم الإشارة في قوله ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يعود إلى المذكور من جعل الشمس ضياء والقمر نورا وتقديره منازل.
أى: ما خلق الله ذلك الذي ذكره لكم إلا خلقا ملتبسا بالحق، ومقترنا بالحكمة البالغة التي تقتضيها مصالحكم.
وقوله: يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ استئناف مسوق لبيان المنتفعين بهذه الدلائل الدالة على قدرة الله ووحدانيته ورحمته بعباده.
أى: يفصل- سبحانه- ويوضح البراهين الدالة على قدرته لقوم يعلمون الحق، فيستجيبون له، ويكثرون من طاعة الله وشكره على ما خلق وأنعم.

المصدر : تفسير : هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا