موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا - الآية 5 من سورة الإسراء

سورة الإسراء الآية رقم 5 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 5 من سورة الإسراء عدة تفاسير, سورة الإسراء : عدد الآيات 111 - الصفحة 282 - الجزء 15.

﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثۡنَا عَلَيۡكُمۡ عِبَادٗا لَّنَآ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ فَجَاسُواْ خِلَٰلَ ٱلدِّيَارِۚ وَكَانَ وَعۡدٗا مَّفۡعُولٗا ﴾
[ الإسراء: 5]


التفسير الميسر

فإذا وقع منهم الإفساد الأول سَلَّطْنا عليهم عبادًا لنا ذوي شجاعة وقوة شديدة، يغلبونهم ويقتلونهم ويشردونهم، فطافوا بين ديارهم مفسدين، وكان ذلك وعدًا لا بدَّ مِن وقوعه؛ لوجود سببه منهم.

تفسير الجلالين

«فإذا جاء وعد أولاهما» أولى مَرَّتي الفساد «بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد» أصحاب قوة في الحرب والبطش «فجاسوا» ترددوا لطلبكم «خلال الديار» وسط دياركم ليقتلوكم ويسبوكم «وكان وعدا مفعولاً» وقد أفسدوا الأولى بقتل زكريا فبعث عليهم جالوت وجنوده فقتلوهم وسبوا أولادهم وضربوا بين المقدس.

تفسير السعدي

فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا أي: أولى المرتين اللتين يفسدون فيهما.
أي: إذا وقع منهم ذلك الفساد بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ بعثا قدريا وسلطنا عليكم تسليطا كونيا جزائيا عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ أي: ذوي شجاعة وعدد وعدة فنصرهم الله عليكم فقتلوكم وسبوا أولادكم ونهبوا أموالكم، وجاسوا خِلَالَ دياركم فهتكوا الدور ودخلوا المسجد الحرام وأفسدوه.
وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا لا بد من وقوعه لوجود سببه منهم.
واختلف المفسرون في تعيين هؤلاء المسلطين إلا أنهم اتفقوا على أنهم قوم كفار.
إما من أهل العراق أو الجزيرة أو غيرها سلطهم الله على بني إسرائيل لما كثرت فيهم المعاصي وتركوا كثيرا من شريعتهم وطغوا في الأرض.

تفسير البغوي

( فإذا جاء وعد أولاهما ( يعني : أولى المرتين .
قال قتادة : إفسادهم في المرة الأولى ما خالفوا من أحكام التوراة ، وركبوا المحارم .
وقال ابن إسحاق : إفسادهم في المرة الأولى قتل شعياء بين الشجرة وارتكابهم المعاصي .
( بعثنا عليكم عبادا لنا ( قال قتادة : يعني جالوت الجزري وجنوده وهو الذي قتله داود .
وقال سعيد بن جبير : يعني سنجاريب من أهل نينوى .
وقال ابن إسحاق : بختنصر البابلي وأصحابه .
وهو الأظهر .
( أولي بأس ( ذوي بطش ، ( شديد ( في الحرب ، ( فجاسوا ( أي فطافوا وداروا ( خلال الديار ( وسطها يطلبونكم ويقتلونكم والجوس طلب الشيء بالاستقصاء .
قال الفراء : جاسوا : قتلوكم بين بيوتكم .
( وكان وعدا مفعولا ( قضاء كائنا لا خلف فيه .

تفسير الوسيط

ثم بين- سبحانه- أنه يسلط عليهم بعد إفسادهم الأول في الأرض، من يقهرهم ويستبيح حرماتهم، ويدمرهم تدميرا، فقال- تعالى-: فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ.
فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا.
والمراد بالوعد: الموعد المحدد لعقابهم بسبب إفسادهم في الأرض، فالكلام على حذف مضاف، والضمير في أُولاهُما يعود على المرتين المعبر عنهما بقول: لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ.
وقوله فَجاسُوا معطوف على بَعَثْنا وأصل الجوس: طلب الشيء باستقصاء واهتمام لتنفيذ ما من أجله كان الطلب.
والمعنى: فإذا حان وقت عقابكم- يا بنى إسرائيل- على أولى مرتى إفسادكم بعثنا عليكم ووجهنا إليكم عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ أى أصحاب بطش شديد في الحروب والقتال، فأذلوكم وقهروكم، وفتشوا عنكم بين المساكن والديار، لقتل من بقي منكم على قيد الحياة، وكان البعث المذكور وما ترتب عليه من قتلكم وسلب أموالكم، وهتك أعراضكم، وتخريب دياركم .
.
.
وعدا نافذا لا مرد له، ولا مفر لكم منه.
قال الآلوسى: واختلف في تعيين هؤلاء العباد- الذين بعثهم الله لمعاقبة بنى إسرائيل بعد إفسادهم الأول- فعن ابن عباس وقتادة: هم جالوت وجنوده، وقال ابن جبير وابن إسحاق: هم سنحاريب ملك بابل وجنوده.
وقيل: هم العمالقة، وقيل: بختنصر .
وسنبين رأينا فيمن سلطه الله- تعالى- عليهم في المرتين، بعد تفسيرنا لهذه الآيات الكريمة.
فإن قال قائل: وما فائدة أن يخبر الله- تعالى- بنى إسرائيل في التوراة أنهم يفسدون في الأرض مرتين.
وأنه يعاقبهم على ما كان منهم من استعلاء وطغيان، بأن يسلط عليهم من يذلهم ويقهرهم ويقضى عليهم؟.
فالجواب: أن إخبارهم بذلك يفيد أن الله- عز وجل- لا يظلم الناس شيئا، وإنما يعاقبهم على ما يكون منهم من إفساد ويعفو عن كثير، وأن رحمته مفتوحة للعصاة متى تابوا وأنابوا وأصلحوا من شأن أنفسهم.
وهناك فائدة أخرى لهذا الإخبار، وهو تنبيه العقلاء في جميع الأمم أن يحذروا من مواقعة المعاصي التي تؤدى إلى الهلاك، وأن يحذروا أممهم من ذلك، ويبصروهم بسوء عاقبة السير في طريق الغي، حتى لا يعرضوا أنفسهم لعقاب الله- عز وجل-.
ومن فوائد إيراد هذا الخبر في القرآن الكريم، تنبيه اليهود المعاصرين للنبي صلّى الله عليه وسلم ومن على شاكلتهم في الفسوق والعصيان من المشركين، إلى سنة من سنن الله في خلقه، وهي أن الإفساد عاقبته الخسران.
فعلى اليهود وغيرهم من الناس أن يتبعوا الرسول صلّى الله عليه وسلم الذي ثبتت نبوته ثبوتا لا شك فيه، لكي يسعدوا في دنياهم وآخرتهم.

المصدر : تفسير : فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا