موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم - الآية 58 من سورة يوسف

سورة يوسف الآية رقم 58 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 58 من سورة يوسف عدة تفاسير, سورة يوسف : عدد الآيات 111 - الصفحة 242 - الجزء 13.

﴿ وَجَآءَ إِخۡوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَعَرَفَهُمۡ وَهُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ ﴾
[ يوسف: 58]


التفسير الميسر

وقدِمَ إخوة يوسف إلى "مصر" -بعد أن حلَّ بهم الجدب في أرضهم-؛ ليجلبوا منها الطعام، فدخلوا عليه فعرفهم، ولم يعرفوه لطول المدة وتغيُّر هيئته.

تفسير الجلالين

«وجاء إخوة يوسف» إلا بنيامين ليمتاروا لما بلغهم أن عزيز مصر يعطي الطعام بثمنه «فدخلوا عليه فعرفهم» أنهم إخوته «وهم له منكرون» لا يعرفونه لبعد عهدهم به وظنهم هلاكه فكلموه بالعبرانية فقال كالمنكر عليهم: ما أقدمكم بلادي؟ فقالوا للميرة فقال لعلكم عيون قالوا معاذ الله قال فمن أين أنتم؟ قالوا من بلاد كنعان وأبونا يعقوب نبي الله، قال وله أولاد غيركم؟ قالوا نعم كنا اثني عشر فذهب أصغرنا هلك في البرية وكان أحبَّنا إليه وبقي شقيقه فاحتبسه ليتسلى به عنه فأمر بإنزالهم وإكرامهم.

تفسير السعدي

أي: لما تولى يوسف عليه السلام خزائن الأرض، دبرها أحسن تدبير، فزرع في أرض مصر جميعها في السنين الخصبة، زروعا هائلة، واتخذ لها المحلات الكبار، وجبا من الأطعمة شيئا كثيرا وحفظه، وضبطه ضبطا تاما، فلما دخلت السنون المجدبة، وسرى الجدب، حتى وصل إلى فلسطين، التي يقيم فيها يعقوب وبنوه، فأرسل يعقوب بنيه لأجل الميرة إلى مصر.
وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ أي: لم يعرفوه.

تفسير البغوي

( وجاء إخوة يوسف ) وكانوا عشرة ، وكان منزلهم بالعرنات من أرض فلسطين بغور الشام وكانوا أهل بادية ، وإبل ، وشاة ، فدعاهم يعقوب عليه السلام وقال : يا بني ، بلغني أن بمصر ملكا صالحا يبيع الطعام ، فتجهزوا لتشتروا منه الطعام ، فأرسلهم فقدموا مصر ( فدخلوا عليه ) على يوسف ( فعرفهم ) يوسف عليه السلام .
قال ابن عباس ، ومجاهد : عرفهم بأول ما نظر إليهم .
وقال الحسن : لم يعرفهم حتى تعرفوا إليه .
( وهم له منكرون ) أي : لم يعرفوه .
قال ابن عباس : وكان بين أن قذفوه في البئر وبين أن دخلوا عليه أربعون سنة ، فلذلك أنكروه .
وقال عطاء : إنما لم يعرفوه لأنه كان على سرير الملك وعلى رأسه تاج الملك .
وقيل : لأنه كان بزي ملوك مصر عليه ثياب من حرير ، وفي عنقه طوق من ذهب ، فلما نظر إليهم يوسف وكلموه بالعبرانية ، قال لهم : أخبروني من أنتم ؟ وما أمركم ؟ فإني أنكرت شأنكم ، قالوا : نحن قوم من أرض الشام رعاة ، أصابنا الجهد فجئنا نمتار .
فقال : لعلكم جئتم تنظرون عورة بلادي .
قالوا : لا والله ما نحن بجواسيس ، إنما نحن إخوة بنو أب واحد ، وهو شيخ صديق يقال له يعقوب نبي من أنبياء الله .
قال : وكم أنتم ؟ قالوا : كنا اثني عشر ، فذهب أخ لنا معنا إلى البرية ، فهلك فيها ، وكان أحبنا إلى أبينا .
قال : فكم أنتم ها هنا ؟ .
قالوا : عشرة .
قال : وأين الآخر ؟قالوا : عند أبينا ، لأنه أخو الذي هلك لأمه ، فأبونا يتسلى به .
قال : فمن يعلم أن الذي تقولون حق ؟قالوا : أيها الملك ، إنا ببلاد لا يعرفنا أحد [ من أهلها ] .
فقال يوسف : فأتوني بأخيكم الذي من أبيكم إن كنتم صادقين ، وأنا أرضى بذلك .
قالوا : فإن أبانا يحزن على فراقه وسنراود عنه أباه .
قال : فدعوا بعضكم عندي رهينة حتى تأتوني بأخيكم ، فاقترعوا بينهم ، فأصابت القرعة شمعون وكان أحسنهم رأيا في يوسف فخلفوه عنده .
فذلك قوله عز وجل :

تفسير الوسيط

قال الفخر الرازي- رحمه الله- اعلم أنه لما عم القحط في البلاد، ووصل أيضا إلى البلدة التي كان يسكنها يعقوب- عليه السلام- وصعب الزمان عليهم فقال لبنيه: إن بمصر صالحا يمير الناس- أى يعطيهم الطعام وما هم في حاجة إليه في معاشهم- فاذهبوا إليه بدراهمكم، وخذوا منه الطعام، فخرجوا إليه وهم عشرة وبقي «بنيامين» مع أبيه، ودخلوا على يوسف- عليه السلام- وصارت هذه الواقعة كالسبب في اجتماع يوسف مع إخوته، وظهور صدق ما أخبره الله- تعالى- عنه في قوله ليوسف حال ما ألقوه في الجب لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ.
وقد جاءوا إليه جميعا- ما عدا «بنيامين» وهو الشقيق الأصغر ليوسف ليحصلوا منه على أكبر كمية من الطعام على حسب عددهم، وليكون عندهم القدرة على صد العدوان إذا ما تعرض لهم قطاع الطرق الذين يكثرون في أوقات الجدب والجوع.
وعبر عن معرفة يوسف لهم بالجملة الفعلية، وعن جهلهم له بالجملة الاسمية للإشعار بأن معرفته لهم حصلت بمجرد رؤيته لهم، أما هم فعدم معرفتهم له كان أمرا ثابتا متمكنا منهم.
قال صاحب الكشاف: «لم يعرفوه لطول العهد، ومفارقته إياهم في سن الحداثة ولاعتقادهم أنه قد هلك، ولذهابه عن أوهامهم لقلة فكرهم فيه، واهتمامهم بشأنه، ولبعد حاله التي بلغها من الملك والسلطان عن حاله التي فارقوه عليها طريحا في البئر، حتى لو تخيلوا أنه هو لكذبوا أنفسهم وظنونهم، ولأن الملك مما يبدل الزي، ويلبس صاحبه من التهيب والاستعظام ما ينكر له المعروف .
.
.
» «2» .
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن المجاعة التي حدثت في السبع السنين الشداد شملت مصر وما جاورها من البلاد- كما سبق أن أشرنا-.
كما يؤخذ منها أن مصر كانت محط أنظار المعسرين من مختلف البلاد بفضل حسن تدبير يوسف- عليه السلام- وأخذه الأمور بالعدالة والرحمة وسهره على مصالح الناس، ومراقبته لشئون بيع الطعام، وعدم الاعتماد على غيره حتى إن إخوته قد دخلوا عليه وحده، دون غيره من المسئولين في مصر.

المصدر : تفسير : وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم