موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم - الآية 63 من سورة النور

سورة النور الآية رقم 63 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 63 من سورة النور عدة تفاسير, سورة النور : عدد الآيات 64 - الصفحة 359 - الجزء 18.

﴿ لَّا تَجۡعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيۡنَكُمۡ كَدُعَآءِ بَعۡضِكُم بَعۡضٗاۚ قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمۡ لِوَاذٗاۚ فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
[ النور: 63]


التفسير الميسر

لا تقولوا -أيها المؤمنون- عند ندائكم رسول الله: يا محمد، ولا يا محمد بن عبد الله، كما يقول ذلك بعضكم لبعض، ولكن شرِّفوه، وقولوا: يا نبي الله، يا رسول الله. قد يعلم الله المنافقين الذين يخرجون من مجلس النبي صلى الله عليه وسلم خفية بغير إذنه، يلوذ بعضهم ببعض، فليَحْذَر الذين يخالفون أمر رسول الله أن تنزل بهم محنة وشر، أو يصيبهم عذاب مؤلم موجع في الآخرة.

تفسير الجلالين

«لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا» بأن تقولوا يا محمد، بل قولوا يا نبيَّ الله، يا رسول الله، في لين وتواضع وخفض صوت «قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا» أي يخرجون من المسجد في الخطبة من غير استئذان خفية مستترين بشيء، وقد للتحقيق «فليحذر الذين يخالفون عن أمره» أي الله ورسوله «أن تصيبهم فتنة» بلاء «أو يصيبهم عذاب أليم» في الآخرة.

تفسير السعدي

لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ْ أي: لا تجعلوا دعاء الرسول إياكم ودعائكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فإذا دعاكم فأجيبوه وجوبا، حتى إنه تجب إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم في حال الصلاة، وليس أحد إذا قال قولا يجب على الأمة قبول قوله والعمل به، إلا الرسول، لعصمته، وكوننا مخاطبين باتباعه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ْ وكذلك لا تجعلوا دعاءكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فلا تقولوا: " يا محمد " عند ندائكم، أو " يا محمد بن عبد الله " كما يقول ذلك بعضكم لبعض، بل من شرفه وفضله وتميزه صلى الله عليه وسلم عن غيره، أن يقال: يا رسول الله، يا نبي الله.
قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا ْ لما مدح المؤمنين بالله ورسوله، الذين إذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه، توعد من لم يفعل ذلك وذهب من غير استئذان، فهو وإن خفي عليكم بذهابه على وجه خفي، وهو المراد بقوله: يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا ْ أي: يلوذون وقت تسللهم وانطلاقهم بشيء يحجبهم عن العيون، فالله يعلمهم، وسيجازيهم على ذلك أتم الجزاء، ولهذا توعدهم بقوله: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ْ أي: يذهبون إلى بعض شئونهم عن أمر الله ورسوله، فكيف بمن لم يذهب إلى شأن من شئونه؟" وإنما ترك أمر الله من دون شغل له.
أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ْ أي: شرك وشر أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ْ

تفسير البغوي

( لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : يقول احذروا دعاء الرسول عليكم إذا أسخطتموه ، فإن دعاءه موجب لنزول البلاء بكم ليس كدعاء غيره وقال مجاهد وقتادة : لا تدعوه باسمه كما يدعو بعضكم بعضا : يا محمد ، يا عبد الله ، ولكن فخموه وشرفوه ، فقولوا : يا نبي الله ، يا رسول الله ، في لين وتواضع .
( قد يعلم الله الذين يتسللون ) أي : يخرجون ) ( منكم لواذا ) أي : يستر بعضهم بعضا ويروغ في خيفة ، فيذهب " واللواذ " مصدر لاوذ يلاوذ ، ملاوذة ، ولواذا .
قيل : كان هذا في حفر الخندق ، فكان المنافقون ينصرفون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مختفين .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : " لواذا " أي : يلوذ بعضهم ببعض ، وذلك أن المنافقين كان يثقل عليهم المقام في المسجد يوم الجمعة واستماع خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانوا يلوذون ببعض أصحابه فيخرجون من المسجد في استتار .
ومعنى قوله : ) ( قد يعلم الله ) للتهديد بالمجازاة .
( فليحذر الذين يخالفون عن أمره ) أي : أمره و " عن " صلة .
وقيل : معناه يعرضون عن أمره وينصرفون عنه بغير إذنه .
( أن تصيبهم فتنة ) أي لئلا تصيبهم فتنة ، قال مجاهد : بلاء في الدنيا ، ( أو يصيبهم عذاب أليم ) وجيع في الآخرة .
وقيل : عذاب أليم عاجل في الدنيا .
ثم عظم نفسه فقال :

تفسير الوسيط

ثم أكد الله- تعالى- وجوب التوقير والتعظيم لنبيه صلّى الله عليه وسلّم فقال: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً.
.
.
.
ولأهل العلم في تفسير هذه الآية أقوال من أهمها: أن المصدر هنا وهو لفظ «دعاء» مضاف إلى مفعوله، وهو الرسول صلّى الله عليه وسلّم على أنه مدعو، فيكون المعنى:لا تجعلوا- أيها المؤمنون- دعاءكم الرسول إذا دعوتموه، ونداءكم له إذا ما ناديتموه، كدعاء أو نداء بعضكم لبعض، وإنما عليكم إذا ما ناديتموه أن تنادوه بقولكم، يا نبي الله، أو يا رسول الله، ولا يليق بكم أن تنادوه باسمه مجردا، بأن تقولوا يا محمد.
كما أن من الواجب عليكم أن تخفضوا أصواتكم عند ندائه توقيرا واحتراما له صلّى الله عليه وسلّم والمتتبع للقرآن الكريم، يرى أن الله- تعالى- لم يناد رسوله محمدا صلّى الله عليه وسلّم باسمه مجردا، وإنما ناداه بقوله: يا أيها المدثر، يا أيها الرسول، يا أيها النبي .
.
.
وإذا كان اسمه صلّى الله عليه وسلّم قد ورد في القرآن الكريم في أكثر من موضع، فإن وروده لم يكن في معرض النداء، وإنما كان في غيره كما في قوله- تعالى- مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ .
.
.
.
فالآية الكريمة تنهى المؤمنين عن أن ينادوا أو يخاطبوا النبي صلّى الله عليه وسلّم باسمه مجردا، كما يخاطب بعضهم بعضا.
ومن العلماء من يرى أن المصدر هنا مضاف إلى فاعله، فيكون المعنى: لا تقيسوا دعاءه إياكم على دعاء بعضكم بعضا، بل يجب عليكم متى دعاكم لأمر أن تلبوا أمره بدون تقاعس أو تباطؤ.
وعلى كلا التفسيرين فالآية الكريمة تدل على وجوب توقير الرسول صلّى الله عليه وسلّم وتعظيمه.
وشبيه بها قوله- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ، وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ، أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ .
ثم حذر- سبحانه- المنافقين من سوء عاقبة أفعالهم فقال: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً، فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ، أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.
وقد هنا للتحقيق.
ويتسللون من التسلل، وهو الخروج في خفاء مع تمهل وتلصص.
وقوله لِواذاً مصدر في موضع الحال أى: ملاوذين.
والملاوذة معناها: الاستتار بشيء مخافة من يراك، أو هي الروغان من شيء إلى شيء على سبيل الخفاء.
أى: إن الله- تعالى- عليم بحال هؤلاء المنافقين الذين يخرجون من مجلس الرسول صلى الله عليه وسلّم في خفاء واستتار: بحيث يخرجون من الجماعة قليلا قليلا، يستتر بعضهم ببعض حتى يخرجوا جميعا.
قالوا: وكان المنافقون تارة يخرجون إذا ارتقى الرسول صلّى الله عليه وسلّم المنبر.
ينظرون يمينا وشمالا.
ثم يخرجون واحدا واحدا.
وتارة يخرجون من مجلس الرسول صلى الله عليه وسلّم وتارة يفرون من الجهاد يعتذرون بالمعاذير الباطلة.
وعلى أية حال فالآية الكريمة تصور خبث نفوسهم، والتواء طباعهم، وجبن قلوبهم، أبلغ تصوير، حيث ترسم أحوالهم وهم يخرجون في خفاء متسللين، حتى لا يراهم المسلمون.
والفاء في قوله- تعالى-: فَلْيَحْذَرِ .
.
.
لترتيب ما بعدها على ما قبلها.
والضمير في قوله: عَنْ أَمْرِهِ يعود إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم أو إلى الله- تعالى- والمعنى واحد، لأن الرسول مبلغ عن الله- تعالى-.
والمخالفة معناها: أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر في حاله أو فعله.
والمعنى: فليحذر هؤلاء المنافقون الذين يخالفون أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم ويصدون الناس عن دعوته.
ويتباعدون عن هديه، فليحذروا من أن تصيبهم فتنة، أى: بلاء وكرب يترتب عليه افتضاح أمرهم، وانكشاف سرهم، أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ يستأصلهم عن آخرهم، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
قال القرطبي: وبهذه الآية احتج الفقهاء على أن الأمر للوجوب، ووجهها أن الله- تعالى- قد حذر من مخالفة أمره، وتوعد بالعقاب عليها بقوله: أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فتحرم مخالفته، ويجب امتثال أمره»

المصدر : تفسير : لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم