موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم - الآية 7 من سورة الحجرات

سورة الحجرات الآية رقم 7 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 7 من سورة الحجرات عدة تفاسير, سورة الحجرات : عدد الآيات 18 - الصفحة 516 - الجزء 26.

﴿ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ فِيكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ لَوۡ يُطِيعُكُمۡ فِي كَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ لَعَنِتُّمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡإِيمَٰنَ وَزَيَّنَهُۥ فِي قُلُوبِكُمۡ وَكَرَّهَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكُفۡرَ وَٱلۡفُسُوقَ وَٱلۡعِصۡيَانَۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلرَّٰشِدُونَ ﴾
[ الحجرات: 7]


التفسير الميسر

واعلموا أن بين أظهركم رسولَ الله فتأدبوا معه؛ فإنه أعلم منكم بما يصلح لكم، يريد بكم الخير، وقد تريدون لأنفسكم من الشر والمضرة ما لا يوافقكم الرسول عليه، لو يطيعكم في كثير من الأمر مما تختارونه لأدى ذلك إلى مشقتكم، ولكن الله حبب إليكم الإيمان وحسَّنه في قلوبكم، فآمنتم، وكرَّه إليكم الكفرَ بالله والخروجَ عن طاعته، ومعصيتَه، أولئك المتصفون بهذه الصفات هم الراشدون السالكون طريق الحق.

تفسير الجلالين

«واعلموا أن فيكم رسول الله» فلا تقولوا الباطل فإن الله يخبره بالحال «لو يطيعكم في كثير من الأمر» الذي تخبرون به على خلاف الواقع فيرتب على ذلك مقتضاه «لعنتُّم» لأثمتم دونه إثم التسبب إلى المرتب «ولكن الله حبَّب إليكم الإيمان وزينه» حسنه «في قلوبكم وكرَّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان» استدراك من حيث المعنى دون اللفظ لأن من حبب إليه الإيمان إلخ غايرت صفته صفة من تقدم ذكره «أولئك هم» فيه التفات عن الخطاب «الراشدون» الثابتون على دينهم.

تفسير السعدي

أي: ليكن لديكم معلومًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين أظهركم، وهو الرسول الكريم، البار، الراشد، الذي يريد بكم الخير وينصح لكم، وتريدون لأنفسكم من الشر والمضرة، ما لا يوافقكم الرسول عليه، ولو يطيعكم في كثير من الأمر لشق عليكم وأعنتكم، ولكن الرسول يرشدكم، والله تعالى يحبب إليكم الإيمان، ويزينه في قلوبكم، بما أودع الله في قلوبكم من محبة الحق وإيثاره، وبما ينصب على الحق من الشواهد، والأدلة الدالة على صحته، وقبول القلوب والفطر له، وبما يفعله تعالى بكم، من توفيقه للإنابة إليه، ويكره إليكم الكفر والفسوق، أي: الذنوب الكبار، والعصيان: هي ما دون ذلك من الذنوب بما أودع في قلوبكم من كراهة الشر، وعدم إرادة فعله، وبما نصبه من الأدلة والشواهد على فساده، وعدم قبول الفطر له، وبما يجعله الله من الكراهة في القلوب له أُولَئِكَ أي: الذين زين الله الإيمان في قلوبهم، وحببه إليهم، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان هُمُ الرَّاشِدُونَ أي: الذين صلحت علومهم وأعمالهم، واستقاموا على الدين القويم، والصراط المستقيم.
وضدهم الغاوون، الذين حبب إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وكره إليهم الإيمان، والذنب ذنبهم، فإنهم لما فسقوا طبع الله على قلوبهم، ولما زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ولما لم يؤمنوا بالحق لما جاءهم أول مرة، قلب الله أفئدتهم.

تفسير البغوي

( واعلموا أن فيكم رسول الله ) فاتقوا الله أن تقولوا باطلا أو تكذبوه ، فإن الله يخبره ويعرفه أحوالكم فتفتضحوا ( لو يطيعكم ) أي الرسول ( في كثير من الأمر ) مما تخبرونه به فيحكم برأيكم ( لعنتم ) لأثمتم وهلكتم ، والعنت : الإثم والهلاك .
( ولكن الله حبب إليكم الإيمان ) فجعله أحب الأديان إليكم ( وزينه ) حسنه ( في قلوبكم ) حتى اخترتموه ، وتطيعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( وكره إليكم الكفر والفسوق ) قال ابن عباس : يريد الكذب ( والعصيان ) جميع معاصي الله .
ثم عاد من الخطاب إلى الخبر ، وقال : ( أولئك هم الراشدون ) المهتدون .

تفسير الوسيط

ثم أرشد- سبحانه- المؤمنين إلى جانب من نعمه عليهم، ورحمته بهم فقال: وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ.
والعنت: الوقوع في الأمر الشاق المؤلم، يقال: عنت فلان- بزنة فرح- إذا وقع في أمر يؤدى إلى هلاكه أو تعبه أو إيذائه.
ويفهم من الآية الكريمة أن بعض المسلمين، صدقوا الوليد بن عقبة، وأشاروا على الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يعجل بعقاب بنى المصطلق.
والمراد بطاعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم لهم: أخذه برأيهم، وتنفيذه لما يريدونه منه.
والمراد بالكثير من الأمر: الكثير من الأخبار والأحكام التي يريدون تنفيذها حتى ولو كانت على غير ما تقتضيه المصلحة والحكمة.
أى: واعلموا- أيها المؤمنون- أن فيكم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي أرسله- سبحانه- لكي يهديكم إلى الحق وإلى الطريق القويم.
.
وهو- عليه الصلاة والسلام- لو يطيعكم في كثير من الأخبار التي يسمعها منكم، وفي الأحكام التي تحبون تطبيقها عليكم أو على غيركم.
.
لو يطيعكم في كل ذلك لأصابكم العنت والمشقة، ولنزل بكم ما قد يؤدى إلى هلاككم وإتلاف أموركم.
قال الآلوسى ما ملخصه: وقوله: وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ عطف على ما قبله، و «أن» بما في حيزها ساد مسد مفعولي «اعلموا» باعتبار ما قيد به من الحال، وهو قوله: لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ.
وتقديم خبر «أنّ» للحصر المستتبع زيادة التوبيخ، وصيغة المضارع للاستمرار.
ولَوْ لامتناع استمرار طاعته- عليه الصلاة والسلام- لهم في كثير مما يعن لهم من الأمور.
وفي الكلام إشعار بأنهم زينوا للرسول صلّى الله عليه وسلّم الإيقاع ببني المصطلق.
وفي هذا التعبير مبالغات منها: إيثار «لو» ليدل على الفرض والتقدير.
ومنها: ما في العدول إلى المضارع من تصوير ما كانوا عليه، وتهجينه.
ومنها: ما في التعبير بالعنت من الدلالة على أشد المحذور، فإنه الكسر بعد الجبر، والرمز الخفى على أنه ليس بأول بادرة منهم .
وقوله- سبحانه-: وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ استدراك على ما يقتضيه الكلام السابق، وبيان لمظاهر فضله عليهم ورحمته- سبحانه- بهم.
أى: ولكنه صلّى الله عليه وسلّم لا يطيعكم في كل ما يعن لكم، وإنما يتبين الأمور والأخبار ويتثبت من صحتها ثم يحكم، وقد حبب الله- تعالى- إلى كثير منكم الإيمان المصحوب بالعمل الصالح والقول الطيب وزينه وحببه في قلوبكم، وكره وبغض إليكم الكفر والفسوق والعصيان لكل ما أمر به أو نهى عنه.
ورحم الله صاحب الكشاف فقد أجاد عند تفسير هذه الآية، فقال ما ملخصه: قوله:لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ أى: لوقعتم في العنت والهلاك.
.
وهذا يدل على أن بعض المؤمنين زينوا للرسول صلّى الله عليه وسلّم الإيقاع ببني المصطلق .
.
.
وأن بعضهم كانوا يتصونون ويزعهم جدهم في التقوى عن الجسارة على ذلك، وهم الذين استثناهم- سبحانه- بقوله:وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ أى إلى بعضكم، ولكنه أغنت عن ذكر البعض صفتهم المفارقة لصفة غيرهم، وهذا من إيجازات القرآن، ولمحاته اللطيفة، التي لا يفطن لها إلا الخواص.
فإن قلت: كيف موقع لكِنَّ وشريطتها مفقودة من مخالفة ما بعدها لما قبلها نفيا وإثباتا؟قلت: هي مفقودة من حيث اللفظ، حاصلة من حيث المعنى، لأن الذين حبب إليهم الإيمان قد غايرت صفتهم المتقدم ذكرهم، فوقعت لكن في موقعها من الاستدراك .
واسم الإشارة في قوله: أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ يعود إلى المؤمنين الصادقين، الذين حبب الله- تعالى- إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم.
أى: أولئك المتصفون بتلك الصفات الجليلة، هم الثابتون على دينهم، المهتدون إلى طريق الرشد والصواب، إذ الرشد هو الاستقامة على طريق الحق، مع الثبات عليه، والتصلب فيه، والتمسك به في كل الأحوال.

المصدر : تفسير : واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم