موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض - الآية 71 من سورة المؤمنون

سورة المؤمنون الآية رقم 71 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 71 من سورة المؤمنون عدة تفاسير, سورة المؤمنون : عدد الآيات 118 - الصفحة 346 - الجزء 18.

﴿ وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَآءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِيهِنَّۚ بَلۡ أَتَيۡنَٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ ﴾
[ المؤمنون: 71]


التفسير الميسر

ولو شرع الله لهم ما يوافق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومَن فيهن، بل أتيناهم بما فيه عزهم وشرفهم، وهو القرآن، فهم عنه معرضون.

تفسير الجلالين

«ولو اتبع الحق» أي القرآن «أهواءهم» بأن جاء بما يهوونه من الشريك والولد لله، تعالى الله عن ذلك: «لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن» خرجت عن نظامها المشاهد لوجود التمانع في الشيء عادة عند تعدد الحاكم «بل أتيناهم بذكرهم» أي القرآن الذي فيه ذكرهم وشرفهم «فهم عن ذكرهم معرضون».

تفسير السعدي

فإن قيل: لم لم يكن الحق موافقا لأهوائهم لأجل أن يؤمنوا و يسرعوا الانقياد؟ أجاب تعالى بقوله: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ووجه ذلك أن أهواءهم متعلقة بالظلم والكفر والفساد من الأخلاق والأعمال، فلو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض، لفساد التصرف والتدبير المبني على الظلم وعدم العدل، فالسماوات والأرض ما استقامتا إلا بالحق والعدل بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بذكرهم أي: بهذا القرآن المذكر لهم بكل خير، الذي به فخرهم وشرفهم, حين يقومون به، ويكونون به سادة الناس.
فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ شقاوة منهم، وعدم توفيق نسوا الله فنسيهم (نسوا الله فأنساهم أنفسهم) فالقرآن ومن جاء به، أعظم نعمة ساقها الله إليهم, فلم يقابلوها إلا بالرد والإعراض، فهل بعد هذا الحرمان حرمان؟ وهل يكون وراءه إلا نهاية الخسران؟.

تفسير البغوي

( ولو اتبع الحق أهواءهم ) قال ابن جريج ومقاتل والسدي وجماعة : " الحق " هو الله ، أي : لو اتبع الله مرادهم فيما يفعل ، وقيل : لو اتبع مرادهم ، فسمى لنفسه شريكا وولدا كما يقولون : ( لفسدت السماوات والأرض ) وقال الفراء والزجاج : والمراد بالحق القرآن أي : لو نزل القرآن بما يحبون من جعل الشريك والولد على ما يعتقدونه ( لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن ) وهو كقوله تعالى : " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ( الأنبياء - 22 ) .
( بل أتيناهم بذكرهم ) بما يذكرهم ، قال ابن عباس : أي : بما فيه فخرهم وشرفهم ، يعني القرآن ، فهو كقوله تعالى : " لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم " ( الأنبياء - 10 ) ، أي : شرفكم ، " وإنه لذكر لك ولقومك " ( الزخرف - 44 ) ، أي : شرف لك ولقومك .
( فهم عن ذكرهم ) يعني عن شرفهم ، ( معرضون )

تفسير الوسيط

ثم بين- سبحانه- بعد ذلك ما كان سينزل بالعالم من فساد.
فيما لو اتبع الحق- على سبيل الفرض- أهواء هؤلاء المشركين، فقال- تعالى-: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ.
.
.
.
والمراد بالحق هنا- عند كثير من المفسرين- هو الله- عز وجل- إذ أن هذا اللفظ من أسمائه- تعالى-.
والمعنى: ولو أجاب الله- تعالى- هؤلاء المشركين إلى ما يهوونه ويشتهونه من باطل وقبيح.
لفسدت السموات والأرض ومن فيهن لأن أهواءهم الفاسدة من شرك.
وظلم، وحقد، وعناد .
.
.
، لا يمكن أن يقوم عليها نظام هذا الكون البديع، الذي أقمناه على الحق والعدل .
.
.
ويرى بعض المفسرين أن المراد بالحق هنا ما يقابل الباطل ويدل على ذلك قوله- تعالى-: بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ.
فيكون المعنى: ولو اتبع الحق الذي جاءهم به الرسول صلّى الله عليه وسلّم أهواء المشركين، لفسدت السموات والأرض ومن فيهن، وذلك لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم جاءهم بالتوحيد وهم يريدون الشرك، وجاءهم بمكارم الأخلاق، وهم يريدون ما ألفوه من شهوات، وجاءهم بالتشريعات العادلة الحكيمة، وهم يريدون التشريعات التي ترضى غرورهم وأوضاعهم الفاسدة، والتي منها تفضيل الناس بحسب أحسابهم وغناهم، لا بحسب إيمانهم وتقواهم .
.
.
ومع وجاهة الرأيين، إلا أننا نميل إلى الرأى الثاني، لأنه أقرب إلى سياق الآيات، كما يشير إلى ذلك قوله- تعالى-: بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ.
وقوله- سبحانه-: بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ انتقال من توبيخهم على كراهيتهم للحق، إلى توبيخهم على نفورهم مما فيه عزهم وفخرهم.
والمراد بذكرهم: القرآن الذي هو شرف لهم، كما قال- تعالى-: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ .
أى: كيف يكرهون الحق الذي جاءهم به رسولهم صلّى الله عليه وسلّم مع أنه قد أتاهم بالقرآن الكريم الذي فيه شرفهم ومجدهم؟ إن إعراضهم عن هذا القرآن ليدل دلالة قاطعة، على غبائهم، وجهلهم، لأن العاقل لا يعرض عن شيء يرفع منزلته، ويكرم ذاته.

المصدر : تفسير : ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض