موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر - الآية 84 من سورة الأنبياء

سورة الأنبياء الآية رقم 84 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 84 من سورة الأنبياء عدة تفاسير, سورة الأنبياء : عدد الآيات 112 - الصفحة 329 - الجزء 17.

﴿ فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ فَكَشَفۡنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرّٖۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَهۡلَهُۥ وَمِثۡلَهُم مَّعَهُمۡ رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَا وَذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰبِدِينَ ﴾
[ الأنبياء: 84]


التفسير الميسر

فاستجبنا له دعاءه، ورفعنا عنه البلاء، ورددنا عليه ما فقده من أهل وولد ومال مضاعفًا، فَعَلْنا به ذلك رحمة منَّا، وليكون قدوة لكل صابر على البلاء، راجٍ رحمة ربه، عابد له.

تفسير الجلالين

«فاستجبنا له» نداءه «فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله» أولاده الذكور والإناث بأن أحيوا له وكل من الصنفين ثلاث أو سبع «ومثلهم معهم» من زوجته وزيد في شبابها، وكان له أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله سحابتين أفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاض «رحمة» مفعول له «من عندنا» صفة «وذكرى للعابدين» ليصبروا فيثابوا.

تفسير السعدي

وبرحمة ربه الواسعة العامة فاستجاب الله له، وقال له: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ فركض برجله فخرجت من ركضته عين ماء باردة فاغتسل منها وشرب، فأذهب الله عنه ما به من الأذى، وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ أي: رددنا عليه أهله وماله.
وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ بأن منحه الله العافية من الأهل والمال شيئا كثيرا، رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا به، حيث صبر ورضي، فأثابه الله ثوابا عاجلا قبل ثواب الآخرة.
وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ أي: جعلناه عبرة للعابدين، الذين ينتفعون بالعبر، فإذا رأوا ما أصابه من البلاء، ثم ما أثابه الله بعد زواله، ونظروا السبب، وجدوه الصبر، ولهذا أثنى الله عليه به في قوله: إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ فجعلوه أسوة وقدوة عندما يصيبهم الضر.

تفسير البغوي

قوله عز وجل ( فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر ) وذلك أنه قال اركض برجلك فركض برجله فنبعت عين [ ماء ] فأمره أن يغتسل منها ففعل فذهب كل داء كان بظاهره ثم مشى أربعين خطوة فأمره أن يضرب برجله الأرض مرة أخرى ففعل فنبعت عين ماء بارد فأمره فشرب منها فذهب كل داء كان بباطنه فصار كأصح ما يكون من الرجال وأجملهم( وآتيناه أهله ومثلهم معهم ) واختلفوا في ذلك فقال ابن مسعود وقتادة ، وابن عباس ، والحسن ، وأكثر المفسرين رد الله عز وجل إليه أهله وأولاده بأعيانهم أحياهم الله له وأعطاه مثلهم معهم وهو ظاهر القرآن .
قال الحسن : آتاه الله المثل من نسل ماله الذي رده الله [ إليه وأهله ] يدل عليه ما روى الضحاك وابن عباس أن الله عز وجل رد إلى المرأة شبابها فولدت له ستة وعشرين ذكرا .
قال وهب كان له سبع بنات وثلاثة بنينوقال ابن يسار : كان له سبع بنين وسبع بناتوروي عن أنس يرفعه أنه كان له أندران أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله عز وجل سحابتين فأفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاض .
وروي أن الله تعالى بعث إليه ملكا وقال إن ربك يقرئك السلام بصبرك فاخرج إلى أندرك فخرج إليه فأرسل الله عليه جرادا من ذهب فطارت واحدة فاتبعها وردها إلى أندره فقال له الملك أما يكفيك ما في أندرك؟ فقال هذه بركة من بركات ربي ولا أشبع من بركته .
أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أخبرنا محمد بن الحسين القطان ، أخبرنا أحمد بن يوسف السلمي ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن همام بن منبه ، قال أخبرنا أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينا أيوب يغتسل عريانا خر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه [ يا أيوب ] ألم أكن أغنيك عما ترى؟ قال بلى يا رب وعزتك ولكن لا غنى بي عن بركتك " .
وقال قوم أتى الله أيوب في الدنيا مثل أهله الذين هلكوا فأما الذين هلكوا فإنهم لم يردوا عليه في الدنيا قال عكرمة : قيل لأيوب : إن أهلك لك في الآخرة فإن شئت عجلناهم لك في الدنيا وإن شئت كانوا لك في الآخرة وآتيناك مثلهم في الدنيا فقال يكونون لي في الآخرة وأوتى مثلهم في الدنيا فعلى هذا يكون معنى الآية وآتيناه أهله في الآخرة ومثلهم معهم في الدنيا وأراد بالأهل الأولاد ( رحمة من عندنا ) أي نعمة من عندنا ، ( وذكرى للعابدين ) أي عظة وعبرة لهم

تفسير الوسيط

وبعد أن دعا أيوب ربه- تعالى- بهذه الثقة، وبهذا الأدب والإخلاص، كانت الإجابة المتمثلة في قوله- تعالى-: فَاسْتَجَبْنا لَهُ أى دعاءه وتضرعه فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ أى: فأزلنا ما نزل به من بلاء في جسده، وجعلناه سليما معافى.
بأن أمرناه أن يضرب برجله الأرض ففعل، فنبعت له عين فاغتسل منها، فزال عن بدنه كل مرض أصابه بإذن الله- تعالى-.
قال- سبحانه-: وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ.
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ.
.
.
وقال- تعالى-: وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ أى: لم نخيب رجاء أيوب حين دعانا، بل استجبنا له دعاءه، بفضلنا وكرمنا، فأزلنا عنه المرض الذي نزل به، ولم نكتف بهذا- أيضا- بل عوضناه عمن فقده من أولاده، ورزقناه مثلهم معهم.
قال الآلوسى ما ملخصه: «قوله: وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ أخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس قال: سألت النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قوله: وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ فقال: «رد الله- تعالى- امرأته إليه، وزاد في شبابها، حتى ولدت له ستا وعشرين ذكرا» .
فالمعنى على هذا: آتيناه في الدنيا مثل أهله عددا مع زيادة مثل آخر.
وعن قتادة: إن الله أحيا له أولاده الذين هلكوا في بلائه، وأوتى مثلهم في الدنيا.
.
.
ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بقوله- تعالى-: رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ أى: أجبنا له دعاءه، وفعلنا معه ما فعلناه من ألوان الخيرات، من أجل رحمتنا به، ومن أجل أن يكون ما فعلناه معه عبرة وعظة وذكرى لغيره من العابدين حتى يقتدوا به في صبره على البلاء، وفي المداومة على شكرنا في السراء والضراء.
وخص- سبحانه- العابدين بالذكرى، لأنهم أكثر الناس بلاء وامتحانا.
ففي الحديث الشريف: «أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل» .
وفي حديث آخر: «يبتلى الرجل على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه» .
وقد كان أيوب آية في الصبر، وبه يضرب المثل في ذلك.
هذا، وقصة أيوب- عليه السلام- ستأتى بصورة أكثر تفصيلا في سورة «ص» ، وقد تركنا هنا أقوالا عن كيفية مرضه، وعن مدة هذا المرض.
.
نظرا لضعفها، ومنافاتها لعصمة الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- من الأمراض المنفرة.
ثم أشارت السورة إشارات مجملة إلى قصة كل من إسماعيل وإدريس وذي الكفل، قال- تعالى-:

المصدر : تفسير : فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر