موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون - الآية 9 من سورة الحشر

سورة الحشر الآية رقم 9 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 9 من سورة الحشر عدة تفاسير, سورة الحشر : عدد الآيات 24 - الصفحة 546 - الجزء 28.

﴿ وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾
[ الحشر: 9]


التفسير الميسر

والذين استوطنوا "المدينة"، وآمنوا من قبل هجرة المهاجرين -وهم الأنصار- يحبون المهاجرين، ويواسونهم بأموالهم، ولا يجدون في أنفسهم حسدًا لهم مما أُعْطوا من مال الفيء وغيره، ويُقَدِّمون المهاجرين وذوي الحاجة على أنفسهم، ولو كان بهم حاجة وفقر، ومن سَلِم من البخل ومَنْعِ الفضل من المال فأولئك هم الفائزون الذين فازوا بمطلوبهم.

تفسير الجلالين

«والذين تبوؤا الدار» أي المدينة «والإيمان» أي ألفوه وهم الأنصار «من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة» حسدا «مما أوتوا» أي آتى النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين من أموال بني النضير المختصة بهم «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة» حاجة إلى ما يؤثرون به «ومن يوق شُحَّ نفسه» حرصها على المال «فأولئك هم المفلحون».

تفسير السعدي

وبين أنصار وهم الأوس والخزرج الذين آمنوا بالله ورسوله طوعا ومحبة واختيارا، وآووا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنعوه من الأحمر والأسود، وتبوأوا دار الهجرة والإيمان حتى صارت موئلا ومرجعا يرجع إليه المؤمنون، ويلجأ إليه المهاجرون، ويسكن بحماه المسلمون إذ كانت البلدان كلها بلدان حرب وشرك وشر، فلم يزل أنصار الدين تأوي إلى الأنصار، حتى انتشر الإسلام وقوي، وجعل يزيد شيئا شيئا فشيئا، وينمو قليلا قليلا، حتى فتحوا القلوب بالعلم والإيمان والقرآن، والبلدان بالسيف والسنان.
الذين من جملة أوصافهم الجميلة أنهم يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وهذا لمحبتهم لله ولرسوله، أحبوا أحبابه، وأحبوا من نصر دينه.
وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا أي: لا يحسدون المهاجرين على ما آتاهم الله من فضله وخصهم به من الفضائل والمناقب التي هم أهلها، وهذا يدل على سلامة صدورهم، وانتفاء الغل والحقد والحسد عنها.
ويدل ذلك على أن المهاجرين، أفضل من الأنصار، لأن الله قدمهم بالذكر، وأخبر أن الأنصار لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، فدل على أن الله تعالى آتاهم ما لم يؤت الأنصار ولا غيرهم، ولأنهم جمعوا بين النصرة والهجرة.
وقوله: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ أي: ومن أوصاف الأنصار التي فاقوا بها غيرهم، وتميزوا بها على من سواهم، الإيثار، وهو أكمل أنواع الجود، وهو الإيثار بمحاب النفس من الأموال وغيرها، وبذلها للغير مع الحاجة إليها، بل مع الضرورة والخصاصة، وهذا لا يكون إلا من خلق زكي، ومحبة لله تعالى مقدمة على محبة شهوات النفس ولذاتها، ومن ذلك قصة الأنصاري الذي نزلت الآية بسببه، حين آثر ضيفه بطعامه وطعام أهله وأولاده وباتوا جياعا، والإيثار عكس الأثرة، فالإيثار محمود، والأثرة مذمومة، لأنها من خصال البخل والشح، ومن رزق الإيثار فقد وقي شح نفسه وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ووقاية شح النفس، يشمل وقايتها الشح، في جميع ما أمر به، فإنه إذا وقي العبد شح نفسه، سمحت نفسه بأوامر الله ورسوله، ففعلها طائعا منقادا، منشرحا بها صدره، وسمحت نفسه بترك ما نهى الله عنه، وإن كان محبوبا للنفس، تدعو إليه، وتطلع إليه، وسمحت نفسه ببذل الأموال في سبيل الله وابتغاء مرضاته، وبذلك يحصل الفلاح والفوز، بخلاف من لم يوق شح نفسه، بل ابتلي بالشح بالخير، الذي هو أصل الشر ومادته، فهذان الصنفان، الفاضلان الزكيان هم الصحابة الكرام والأئمة الأعلام، الذين حازوا من السوابق والفضائل والمناقب ما سبقوا به من بعدهم، وأدركوا به من قبلهم، فصاروا أعيان المؤمنين، وسادات المسلمين، وقادات المتقين

تفسير البغوي

( والذين تبوءوا الدار والإيمان ) الأنصار تبوءوا الدار توطنوا الدار أي : المدينة اتخذوها دار الهجرة والإيمان ( من قبلهم ) أي أسلموا في ديارهم وآثروا الإيمان وابتنوا المساجد قبل قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنتين .
ونظم الآية : والذين تبوءوا الدار من قبلهم أي من قبل قدوم المهاجرين عليهم وقد آمنوا لأن الإيمان ليس بمكان تبوء .
( يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة ) حزازة وغيظا وحسدا ( مما أوتوا ) أي مما أعطى المهاجرين دونهم من الفيء وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم أموال بني النضير بين المهاجرين ولم يعط منها الأنصار فطابت أنفس الأنصار بذلك ( ويؤثرون على أنفسهم ) أي يؤثرون على إخوانهم من المهاجرين بأموالهم ومنازلهم على أنفسهم ( ولو كان بهم خصاصة ) فاقة وحاجة إلى ما يؤثرون وذلك أنهم قاسموهم ديارهم وأموالهم :أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستضافه فبعث إلى نسائه هل عندكن من شيء فقلن : ما معنا إلا الماء .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يضم أو يضيف هذا ؟ فقال رجل من الأنصار : أنا يا رسول الله فانطلق به إلى امرأته فقال : أكرمي ضيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : ما عندنا إلا قوت الصبيان فقال : هيئي طعامك وأصبحي سراجك ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء فهيأت طعامها وأصبحت سراجها ونومت صبيانها ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته فجعلا يريانه أنهما يأكلان فباتا طاويين فلما أصبح غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما فأنزل الله - عز وجل - : ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحونأخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا الحكم بن نافع أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قالت الأنصار : اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل قال : لا فقالوا : تكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة قالوا : سمعنا وأطعنا .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد سمع أنس بن مالك حين خرج معه إلى الوليد قال : دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار إلى أن يقطع لهم البحرين فقالوا : لا إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها قال : ألا فاصبروا حتى تلقوني على الحوض فإنه سيصيبكم أثرة بعدي " .
وروي عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النضير للأنصار : " إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وتشاركونهم في هذه الغنيمة وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة " فقالت الأنصار : بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها فأنزل الله - عز وجل - : " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " .
" والشح " في كلام العرب : البخل ومنع الفضل وفرق العلماء بين الشح والبخل .
روي أن رجلا قال لعبد الله بن مسعود : إني أخاف أن أكون قد هلكت فقال : وما ذاك قال : أسمع الله يقول : ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج من يدي شيء فقال عبد الله : ليس ذاك بالشح الذي ذكر الله - عز وجل - في القرآن ولكن الشح أن تأكل مال أخيك ظلما ولكن ذاك البخل وبئس الشيء البخل .
وقال ابن عمر : ليس الشح أن يمنع الرجل ماله إنما الشح أن تطمح عين الرجل إلى ما ليس له وقال سعيد بن جبير : " الشح " هو أخذ الحرام ومنع الزكاة وقيل : الشح هو الحرص الشديد الذي يحمله على ارتكاب المحارم .
قال ابن زيد : من لم يأخذ شيئا نهاه الله عنه ولم يدعه الشح إلى أن يمنع شيئا من شيء أمره الله به فقد وقاه شح نفسهأخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي أخبرنا أبو سعد خلف بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي نزار حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن حزاز القهندري حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق السعدي حدثنا أحمد بن منصور الرمادي حدثنا القعنبي حدثنا داود بن قيس الفراء عن عبيد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم "أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا أبي وشعيب قالا أخبرنا الليث عن يزيد بن الهاد عن سهيل بن أبي صالح عن صفوان بن أبي يزيد عن القعقاع هو ابن اللجلاج عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدا ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا " .

تفسير الوسيط

ثم مدح- سبحانه- بعد ذلك الأنصار، الذين يحبون من هاجر إليهم فقال: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ، يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ.
والجملة الكريمة معطوفة على الْمُهاجِرِينَ أو مبتدأ وخبره: يُحِبُّونَ والتبوؤ:النزول في المكان، ومنه المباءة للمنزل الذي ينزل فيه الإنسان.
والمراد بالدار: المدينة المنورة، وأل للعهد.
أى: الدار المعهودة المعروفة وهي دار الهجرة.
وقوله: وَالْإِيمانَ منصوب بفعل مقدر.
أى: وأخلصوا الإيمان.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما معنى عطف الإيمان على الدار، ولا يقال: تبوأوا الإيمان؟ .
.
قلت معناه: تبوأوا الدار وأخلصوا الإيمان.
كقوله: علفتها تبنا وماء باردا.
أى: وجعلوا الإيمان مستقرا ومتوطنا لهم، لتمكنهم منه، واستقامتهم عليه، كما جعلوا المدينة كذلك.
أو أراد: دار الهجرة ودار الإيمان، فأقام لام التعريف في الدار مقام المضاف إليه، وحذف المضاف من دار الإيمان، ووضع المضاف إليه مقامه.
.
أو سمى المدينة- لأنها دار الهجرة، ومكان ظهور الإيمان- بالإيمان .
وقوله: مِنْ قَبْلِهِمْ أى: من قبل المهاجرين، وهو متعلق بقوله تَبَوَّؤُا.
وقوله: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ خبر المبتدأ، أو حال من الذين تبوأوا الدار .
.
.
أى: هذه هي صفات المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم .
.
.
وهذا هو جزاؤهم .
.
.
أما الذين سكنوا دار الهجرة وهي المدينة المنورة، من قبل المهاجرين، وأخلصوا إيمانهم وعبادتهم لله- تعالى-، فإن من صفاتهم أنهم يحبون إخوانهم الذين هاجروا إليهم حبا شديدا، لأن الإيمان ربط قلوبهم برباط المودة والمحبة.
وقوله: وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا صفة أخرى من صفات الأنصار.
ومعنى: يَجِدُونَ هنا: يحسون ويعلمون، والضمير للأنصار، وفي قوله أُوتُوا للمهاجرين.
والحاجة في الأصل: اسم مصدر بمعنى الاحتياج، أى الافتقار إلى الشيء.
والمراد بها هنا: المأرب أو الرغبة الناشئة عن التطلع إلى ما منحه النبي صلى الله عليه وسلم للمهاجرين دون الأنصار، من فيء أو غيره.
أى: أن من صفات الأنصار- أيضا- أنهم لا تتطلع نفوسهم إلى شيء مما أعطى للمهاجرين من الفيء أو غيره، لأن المحبة التي ربطت قلوب الأنصار بالمهاجرين، جعلت الأنصار يرتفعون عن التشوف إلى شيء مما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين وحدهم .
.
.
ثم وصفهم- سبحانه- بصفة ثالثة كريمة فقال: وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ.
.
.
.
والإيثار معناه: أن يؤثر الإنسان غيره على نفسه، على سبيل الإكرام والنفع، والخصاصة: شدة الحاجة، وأصلها من خصاص البيت، وهو ما يبقى بين عيدانه من الفرج والفتحات.
أى: أن من صفات الأنصار أنهم كانوا يقدمون في النفع إخوانهم المهاجرين على أنفسهم، ولو كانوا في حاجة ماسة، وفقر واضح، إلى ما يقدمونه لإخوانهم المهاجرين.
ولقد ضرب الأنصار- رضى الله عنهم- أروع الأمثال وأسماها في هذا المضمار، ومن ذلك ما رواه الشيخان والترمذي والنسائي وغيرهم عن أبى هريرة قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أصابنى الجهد، فأرسل إلى نسائه فلم يجد شيئا، فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا رجل يضيف هذا الرجل الليلة رحمه الله» ؟ فقال رجل من الأنصار- وفي رواية أنه أبو طلحة- فقال: أنا يا رسول الله، فذهب به إلى أهله، فقال لامرأته: أكرمى ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: والله ما عندي إلا قوت الصبية!! قال: إذا أراد الصبية العشاء فنوميهم، وتعالى فأطفئى السراج، ونطوى بطوننا الليلة لضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلت.
ثم غدا الضيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد عجب الله الليلة من فلان وفلانة» وأنزل الله فيهما: وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ.
.
.
وقوله- سبحانه-: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ تذييل قصد به حض الناس على التحلي بفضيلة السخاء والكرم.
والشح: يرى بعضهم أنه بمعنى البخل، ويرى آخرون أن الشح غريزة في النفس تحملها على الإمساك والتقتير، وأما البخل فهو المنع ذاته، فكأن البخل أثر من آثار الشح.
قال صاحب الكشاف: «الشح» - بالضم والكسر وقد قرئ بهما-: اللؤم، وأن تكون نفس المرء كزة حريصة على المنع كما قال الشاعر:يمارس نفسا بين جنبيه كزّة .
.
.
إذا همّ بالمعروف قالت له مهلاوقد أضيف إلى النفس لأنه غريزة فيها، وأما البخل فهو المنع نفسه، ومنه قوله- تعالى-: وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ .
.
.
.
أى: ومن يوق- بتوفيق الله وفضله- شح نفسه وحرصها على الإمساك، فيخالفها فيما تأمره به من المنع والتقتير.
فأولئك الذين يخالفونها هم المفلحون، الفائزون برضا الله- عز وجل-.
ومن الأحاديث التي وردت في النهى عن الشح، ما أخرجه مسلم- في صحيحه- عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم» .

المصدر : تفسير : والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون