موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم - الآية 94 من سورة النحل

سورة النحل الآية رقم 94 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 94 من سورة النحل عدة تفاسير, سورة النحل : عدد الآيات 128 - الصفحة 278 - الجزء 14.

﴿ وَلَا تَتَّخِذُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡ دَخَلَۢا بَيۡنَكُمۡ فَتَزِلَّ قَدَمُۢ بَعۡدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ ٱلسُّوٓءَ بِمَا صَدَدتُّمۡ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَكُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ﴾
[ النحل: 94]


التفسير الميسر

ولا تجعلوا من الأيمان التي تحلفونها خديعة لمن حلفتم لهم، فتهلكوا بعد أن كنتم آمنين، كمن زلقت قدمه بعد ثبوتها، وتذوقوا ما يسوؤكم من العذاب في الدنيا؛ بما تسببتم فيه مِن مَنْع غيركم عن هذا الدين لما رأوه منكم من الغدر، ولكم في الآخرة عذاب عظيم.

تفسير الجلالين

«ولا تتخذوا أيمانكم دخلاً بينكم» كرره تأكدا «فتزل قدم» أي أقدامكم عن محجة الإسلام «بعد ثبوتها» استقامتها عليها «وتذوقوا السوء» أي العذاب «بما صددتم عن سبيل الله» أي بصدكم عن الوفاء بالعهد أو بصدكم غيركم عنه لأنه يستن بكم «ولكم عذاب عظيم» في الآخرة.

تفسير السعدي

أي: وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ وعهودكم ومواثيقكم تبعا لأهوائكم متى شئتم وفيتم بها، ومتى شئتم نقضتموها، فإنكم إذا فعلتم ذلك تزل أقدامكم بعد ثبوتها على الصراط المستقيم، وَتَذُوقُوا السُّوءَ أي: العذاب الذي يسوءكم ويحزنكم بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ حيث ضللتم وأضللتم غيركم وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ مضاعف.

تفسير البغوي

( ولا تتخذوا أيمانكم دخلا ) خديعة وفسادا ، ( بينكم ) فتغرون بها الناس ، فيسكنون إلى أيمانكم ، ويأمنون ، ثم تنقضونها ، ( فتزل قدم بعد ثبوتها ) فتهلكوا بعدما كنتم آمنين والعرب تقول لكل مبتلى بعد عافية ، أو ساقط في ورطة بعد سلامة : زلت قدمه ، ( وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ) قيل : معناه : سهلتم طريق نقض العهد على الناس بنقضكم العهد ، ( ولكم عذاب عظيم )

تفسير الوسيط

فقوله- سبحانه- وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ تصريح بالنهى عن اتخاذ الإيمان من أجل الغش والخديعة، بعد النهى عن نقض العهود بصفة عامة.
أى: ولا تتخذوا- أيها المؤمنون- الحلف بالله- تعالى- ذريعة إلى غش الناس وخداعهم واستلاب حقوقهم، فقد جرت عادة الناس أن يطمئنوا إلى صدق من يقسم بالله- تعالى-، فلا تجعلوا هذا الاطمئنان وسيلة للكذب عليهم، ولإفساد ما بينكم وبينهم من مودة.
ثم رتب- سبحانه- على هذا النهى ما من شأنه أن يردع النفوس عن اتخاذ الأيمان دخلا فقال: فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وأصل الزلل الخروج عن الطريق السليم.
يقال: زل فلان يزل زللا وزلولا، إذا دحضت قدمه ولم تصب موضعها الصحيح أى: لا تتخذوا أيمانكم وسيلة للخديعة والإفساد بين الناس، فتزل أقدامكم عن طريق الإسلام بعد ثبوتها عليها، ورسوخها فيها، قالوا: والجملة الكريمة مثل يضرب لكل من وقع في بلية ومحنة، بعد أن كان في عافية ونعمة.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: لم وحدت القدم ونكرت؟ قلت لاستعظام أن تزل قدم واحدة عن طريق الحق.
بعد أن ثبتت عليه، فكيف بأقدام كثيرة ؟.
وقوله وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بيان لما يصيبهم من عذاب دنيوى بسبب اتخاذ أيمانهم دخلا بينهم.
أى: وتذوقوا السوء وهو العذاب الدنيوي من المصائب والخوف والجوع، بسبب صدودكم وإعراضكم عن أوامر الله ونواهيه، أو بسبب صدكم لغيركم عن الدخول في دين الله، حيث رأى منكم ما يجعله ينفر منكم ومن دينكم.
والتعبير بتذوقوا فيه إشارة إلى أن العذاب الدنيوي الذي سينزل بهم بسبب اتخاذهم أيمانهم دخلا بينهم، سيكون عذابا شديدا يحسون آلامه إحساسا واضحا، كما يحس الشارب للشيء المر مرارته، ويتذوق آلامه.
قال ابن كثير: حذر الله- تعالى- عباده عن اتخاذ الأيمان دخلا، أى: خديعة ومكرا، لئلا تزل قدم بعد ثبوتها مثل لمن كان على الاستقامة وحاد عنها، وزل عن طريق الهدى بسبب الأيمان الحانثة، المشتملة على الصد عن سبيل الله، لأن الكافر إذا رأى أن المؤمن قد عاهده ثم غدر به، لم يبق له وثوق بالدين، فانصد بسببه عن الدخول في الإسلام .
وقوله: وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ لا يعلم مقدار شدته وهو له إلا الله- عز وجل- فأنت ترى أن الآية الكريمة قد رتبت على اتخاذ الأيمان دخلا، انقلاب حالة الإنسان من الخير إلى الشر، ونزول العذاب الدنيوي والأخروى به.

المصدر : تفسير : ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم