موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير قل ياأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل - الآية 99 من سورة آل عمران

سورة آل عمران الآية رقم 99 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 99 من سورة آل عمران عدة تفاسير, سورة آل عمران : عدد الآيات 200 - الصفحة 62 - الجزء 4.

﴿ قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ تَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَأَنتُمۡ شُهَدَآءُۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ﴾
[ آل عمران: 99]


التفسير الميسر

قل -أيها الرسول- لليهود والنصارى: لِمَ تمنعون من الإسلام من يريد الدخول فيه تطلبون له زيغًا وميلا عن القصد والاستقامة، وأنتم تعلمون أن ما جئتُ به هو الحق؟ وما الله بغافل عما تعملون، وسوف يجازيكم على ذلك.

تفسير الجلالين

«قل يا أهل الكتاب لِمَ تصدون» تصرفون «عن سبيل الله» أي دينه «من آمن» بتكذيبكم النبي وكتم نعته «تبغونها» أي تطلبون السبيل «عوجا» مصدر بمعنى معوجة أي مائلة عن الحق «وأنتم شهداء» عالمون بأن الدين المرضي القيم هو دين الإسلام كما في كتابكم «وما الله بغافل عما تعملون» من الكفر والتكذيب وإنما يؤخركم إلى وقتكم ليجازيكم.

تفسير السعدي

تفسير الآيات من 98 الى 101 : يوبخ تعالى أهل الكتاب من اليهود والنصارى على كفرهم بآيات الله التي أنزلها الله على رسله، التي جعلها رحمة لعباده يهتدون بها إليه، ويستدلون بها على جميع المطالب المهمة والعلوم النافعة، فهؤلاء الكفرة جمعوا بين الكفر بها وصد من آمن بالله عنها وتحريفها وتعويجها عما جعلت له، وهم شاهدون بذلك عالمون بأن ما فعلوه أعظم الكفر الموجب لأعظم العقوبة الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون فلهذا توعدهم هنا بقوله: وما الله بغافل عما تعملون بل محيط بأعمالكم ونياتكم ومكركم السيء، فمجازيكم عليه أشر الجزاء لما توعدهم ووبخهم عطف برحمته وجوده وإحسانه وحذر عباده المؤمنين منهم لئلا يمكروا بهم من حيث لا يشعرون، فقال: يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وذلك لحسدهم وبغيهم عليكم، وشدة حرصهم على ردكم عن دينكم، كما قال تعالى: ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ثم ذكر تعالى السبب الأعظم والموجب الأكبر لثبات المؤمنين على إيمانهم، وعدم تزلزلهم عن إيقانهم، وأن ذلك من أبعد الأشياء، فقال: وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله أي: الرسول بين أظهركم يتلو عليكم آيات ربكم كل وقت، وهي الآيات البينات التي توجب القطع بموجبها والجزم بمقتضاها وعدم الشك فيما دلت عليه بوجه من الوجوه، خصوصا والمبين لها أفضل الخلق وأعلمهم وأفصحهم وأنصحهم وأرأفهم بالمؤمنين، الحريص على هداية الخلق وإرشادهم بكل طريق يقدر عليه، فصلوات الله وسلامه عليه، فلقد نصح وبلغ البلاغ المبين، فلم يبق في نفوس القائلين مقالا ولم يترك لجائل في طلب الخير مجالا، ثم أخبر أن من اعتصم به فتوكل عليه وامتنع بقوته ورحمته عن كل شر، واستعان به على كل خير فقد هدي إلى صراط مستقيم موصل له إلى غاية المرغوب، لأنه جمع بين اتباع الرسول في أقواله وأفعاله وأحواله وبين الاعتصام بالله.

تفسير البغوي

( قل ياأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله ) أي : لم تصرفون عن دين الله ، ( من آمن تبغونها ) تطلبونها ، ( عوجا ) زيغا وميلا يعني : لم تصدون عن سبيل الله باغين لها عوجا؟ قال أبو عبيدة : العوج - بالكسر - في الدين والقول والعمل والعوج - بالفتح - في الجدار ، وكل شخص قائم ، ( وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون ) [ أن في التوراة مكتوبا ] نعت محمد صلى الله عليه وسلم وإن دين الله الذي لا يقبل غيره هو الإسلام .

تفسير الوسيط

وبعد أن أنبهم القرآن الكريم في هذه الآية على كفرهم وضلالهم، أمر الله- تعالى- نبيه صلّى الله عليه وسلّم في آية ثانية أن يوبخهم على محاولتهم إضلال غيرهم فقال- تعالى-: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وقوله: تَصُدُّونَ من الصد وهو صرف الغير عن الشيء ومنعه منه.
يقال: صد يصد صدودا، وصدا.
وقوله: سَبِيلِ اللَّهِ أى طريقه الموصلة إليه وهي ملة الإسلام.
وقوله: تَبْغُونَها عِوَجاً أى تطلبون لها العوج.
يقال: بغيت له كذا أى طلبته والعوج- بكسر العين- الميل والزبغ في الدين والقول والعمل وكل ما خرج عن طريق الهدى إلى طريق الضلال فهو عوج.
والعوج- بفتح العين- يكون في المحسوسات كالميل في الحائط والرمح وكل شيء منتصب قائم أى أن مكسور العين يكون في المعاني ومفتوحها في الأعيان.
والمعنى: قل يا محمد لأهل الكتاب مرة أخرى مبالغة في تقريعهم وإزاحة لأعذارهم.
لأى شيء تصرفون المؤمنين عن الإيمان الحق، وتمنعون من آمن بالنبي صلّى الله عليه وسلّم عن الاستمرار على اتباعه، وتثيرون الفتنة والوقيعة بين أصحابه.
وقوله: تَبْغُونَها عِوَجاً أى تطلبون العوج والميل لسبيل الله الواضحة والميل بها عن القصد والاستقامة، وتريدون أن تكون ملتوية غير واضحة في أعين المهتدين، كما التوت نفوسكم، وانحرفت عقولكم.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت كيف قال تبغونها عوجا وهو محال؟ قلت: فيه معنيان:أحدهما: أنكم تلبسون على الناس حتى توهموهم أن فيها اعوجاجا بقولكم إن شريعة موسى لا تنسخ، وبتغييركم صفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن وجهها وغير ذلك.
والثاني: أنكم تتعبون أنفسكم في إخفاء الحق ابتغاء ما لا يتأتى لكم من وجود العوج فيما هو أقوم من كل مستقيم» .
وقوله: مَنْ آمَنَ مفعول به لتصدون.
والضمير المنصوب في قوله: تَبْغُونَها يعود إلى سبيل الله أى تبغون لها فحذفت اللام كما في قوله- تعالى-: وَإِذا كالُوهُمْ أى كالوا لهم.
وقوله: عِوَجاً مفعول به لتبغون.
وبعضهم جعل الضمير المنصوب في تَبْغُونَها وهو الهاء هو المفعول.
وجعل عوجا حال من سبيل الله.
أى تبغونها أن تكون معوجة وتريدونها في حال عوج واضطراب.
وقوله: وَأَنْتُمْ شُهَداءُ حال من فاعل تَصُدُّونَ أو تبغون.
أى والحال أنكم تعلمون بأن سبيل الإسلام هي السبيل الحق علم من يعاين ويشاهد الشيء على حقيقته فجحودكم عن علم وكفركم ليس عن جهل، ولقد كان المتوقع منكم يا من ترون الحق الذي جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم في كتابكم، أن تكونوا أول المساعين إلى الإيمان به، ولكن الحسد والعناد حالا بينكم وبين الانتفاع بالنور الذي جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم.
وقوله: وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ تهديد لهم ووعيد على ضلالهم ومحاولتهم إضلال غيرهم، لأنه- سبحانه- ليس غافلا عن أعمالهم، بل هو سيجازيهم على هذه المسالك الخبيثة بالفشل والذلة في الدنيا، وبالعذاب والهوان في الآخرة ولما كان صدهم المؤمنين بطريق الخفية ختمت الآية الكريمة بما يحسم مادة حياتهم، ببيان أن الله- تعالى- محيط بكل ما يصدر عنهم من أقوال أو أعمال وليس غافلا عنها.
بخلاف الآية الأولى فقد كان كفرهم بطريق العلانية إذ ختمت ببيان أن الله مشاهد لما يعملونه ولما يجاهرون به.

المصدر : تفسير : قل ياأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل