تفسير الشنقيطي تفسير الصفحة 521 من المصحف


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 521


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 67

 {وَٱلذَٰرِيَـٰتِ ذَرْواً * فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً * فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ يُسْراً * فَٱلْمُقَسِّمَـٰتِ أَمْراً * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَـٰدِقٌ * وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَاقِعٌ * وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِى قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ * قُتِلَ ٱلْخَرَٰصُونَ * ٱلَّذِينَ هُمْ فِى غَمْرَةٍ سَـٰهُونَ * يَسْألُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ * يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ * ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِى كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ * إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ * ءَاخِذِينَ مَآ ءَاتَـٰهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِٱلاٌّسْحَـٰرِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِىۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ}
قوله تعالى: {وَٱلذَٰرِيَـٰتِ ذَرْواً فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ يُسْراً فَٱلْمُقَسِّمَـٰتِ أَمْراً إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَـٰدِقٌ وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَاقِعٌ}. أكثر أهل العلم، على أن المراد بالذاريات الرياح. وهو الحق إن شاء الله، ويدل عليه أن الذرو صفة مشهورة من صفات الرياح.
ومنه قوله تعالى {فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ}، ومعنى تذروه: ترفعه وتفرقه، فهي تذرو التراب والمطر وغيرهما، ومنه قول ذي الرمة: ومنهل آجن قفر محاضره تذرو الرياح على جماته البعرا

ولا يخفى سقوط قول من قال: إن الذاريات النساء.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة {فَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وَقْراً} أكثر أهل العلم على أن المراد بالحاملات وقراً: السحاب. أي المزن تحمل وقراً ثقلاً من الماء.
ويدل لهذا القول تصريح الله جل وعلا بوصف السحاب بالثقال، وهو جمع ثقيلة، وذلك لثقل السحابة بوقر الماء الذي تحمله كقوله تعالى: {وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ}، وهو جمع سحابة ثقيلة، وقوله تعالى {حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَـٰهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ}.
وقال بعضهم: المراد بالحاملات وقراً: السفن تحمل الأثقال من الناس وأمتعتهم، ولو قال قائل: إن الحاملات وقراً الرياح أيضاً كان وجهه ظاهراً.
ودلالة بعض الآيات عليه واضحة، لأن الله تعالى صرح بأن الرياح تحمل السحاب الثقال بالماء، وإذا كانت الرياح هي التي تحمل السحاب إلى حيث شاء الله، فنسبة حمل ذلك الوقر إليها أظهر من نسبته إلى السحاب التي هي محمولة للرياح، وذلك في قوله تعالى {وَهُوَ ٱلَّذِى يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَـٰهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ}.
فقوله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَال}: أي حتى إذا حملت الرياح سحاباً ثقالاً، فالإقلال الحمل، وهو مسند إلى الريح. ودلالة هذا على أن الحاملات وقراً هي الرياح ظاهرة كما ترى، ويصح شمول الآية لجميع ذلك.
وقد قدمنا مراراً أنه هو الأجود في مثل ذلك، وبينا كلام أهل الأصول فيه، وكلامهم في حمل المشترك على معنييه أو معانيه، في أول سورة النور وغيرها.
والقول بأن الحاملات وقراً: هي حوامل الأجنة من الإناث، ظاهر السقوط، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ يُسْراً} أكثر أهل العلم على أن المراد بالجاريات يسراً: السفن تجري في البحر يسراً أي جرياً ذا يسر أي سهولة.
والأظهر أن هذا المصدر المنكر حال كما قدمنا نحوه مراراً: أي فالجاريات في حال كونها ميسرة مسخراً لها البحر، ويدل لهذا القول كثرة إطلاق الوصف بالجري على السفن كقوله تعالى: {وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ ٱلْجَوَارِ فِى ٱلْبَحْرِ}، وقوله: {إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَـٰكُمْ فِى ٱلْجَارِيَةِ}، وقوله تعالى: {وَٱلْفُلْكَ تَجْرِى فِى ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} وقوله تعالى: {ٱللَّهُ ٱلَّذِى سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِىَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ} إلى غير ذلك من الآيات.
وقيل الجاريات الرياح. وقيل غير ذلك.
وقوله تعالى: {فَٱلْمُقَسِّمَـٰتِ أَمْراً}: هي الملائكة يرسلها الله في شؤون وأمور مختلفة، ولذا عبر عنها بالمقسمات، ويدل لهذا قوله تعالى: {فَٱلْمُدَبِّرَٰتِ أَمْراً}، فمنهم من يرسل لتسخير المطر والريح، ومنهم من يرسل لكتابة الأعمال، ومنهم من يرسل لقبض الأرواح، ومنهم من يرسل لإهلاك الأمم، كما وقع لقوم صالح.
والتحقيق أن قوله: أمراً مفعول به للوصف الذي هو المقسمات، وهو مفرد أريد به الجمع.
وقد أوضحنا أمثلة ذلك في القرآن العظيم، وفي كلام العرب مع تنكير المفرد كما هنا، وتعريفه وإضافته في أول سورة الحج في الكلام على قوله تعالى: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْل}، والمقسم عليه بهذه الأقسام هو قوله: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَـٰدِقٌوَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَاقِعٌ}، والموجب لهذا التوكيد هو شدة إنكار الكفار للبعث والجزاء.
وقوله: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ} ما، فيه موصولة والعائد إلى الصلة محذوف، والوصف بمعنى المصدر أي إن الذي توعدونه من الجزاء والحساب لصدق لا كذب فيه.
وقال بعض العلماء: ما، مصدرية، أي إن الوعد بالبعث والجزاء والحساب لصادق.
وقال بعضهم: إن صيغة اسم الفاعل في لصادق بمعنى اسم المفعول. أي إن الوعد أو الموعود به لمصدوق فيه لا مكذوب به، ونظير ذلك قوله تعالى: {فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} أي مرضية. وما تضمنته هذه الآية الكريمة من صدق ما يوعدونه جاء في آيات كثيرة كقوله تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ}. وقوله: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لأَتٍ}. وقوله تعالى: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
والمراد بالدين هنا الجزاء، أي وإن الجزاء يوم القيامة لواقع لا محالة كما قال تعالى {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ} أي جزاءهم بالعدل والإنصاف، وكقوله تعالى: {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰثُمَّ يُجْزَاهُ ٱلْجَزَآءَ ٱلأَوْفَىٰ}.
وقد نزه الله نفسه عن كونه خلق الخلق لا لبعث وجزاء، وبين أن ذلك ظن الكفار، وهددهم على ذلك الظن السيىء بالويل من النار، قال تعالى منكراً على من ظن عدم البعث والجزاء، ومنزهاً نفسه عن أنه خلقهم عبثاً لا لبعث وجزاء: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـٰكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ}.
وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلاٌّرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَـٰطِلاً ذَٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ}، في قوله في آية في صۤ هذه: باطلاً أي عبثاً لا لبعث وجزاء. قوله تعالى: {وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ إِنَّكُمْ لَفِى قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ}. قوله تعالى: {ذَاتِ ٱلْحُبُكِ} فيه للعلماء أقوال متقاربة لا يكذب بعضها بعضاً، فذهب بعض أهل العلم، إلى أن الحبك جمع حبيكة أو حباك، وعليه فالمعنى ذات الحبك أي ذات الطرائق، فما يبدو على سطح الماء الساكن أو الرمل من الطرائق إذا ضربته الريح هو الحبك، وهو جمع حبيكة أو حباك، قالوا: ولبعد السماء لا ترى طرائقها المعبر عنها بالحبك، ومن هذا المعنى قول زهير:
مكلل بأصول النجم تنسجه ريح خريق بضاحي مائة حبك

وقول الراجز: كأنما جللها الحواك طنفسة في وشيها حباك

وممن نقل عنه هذا القول الكلبي والضحاك.
وقال بعض أهل العلم: ذات الحبك أي ذات الخلق الحسن المحكم، وممن قال به ابن عباس وعكرمة وقتادة.
وهذا الوجه يدل عليه قوله تعالى: {ٱلَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَـٰوَٰتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَىٰ فِى خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَـٰوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ ثُمَّ اْرجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} إلى غير ذلك من الآيات.
وعلى هذا القول فالحبك مصدر، لأن كل عمل أتقنه عامله وأحسن صنعه، تقول فيه العرب: حبكه حبكاً بالفتح على القياس. والحبك بضمتين بمعناه.
وقال بعض العلماء: ذات الحبك: أي الزينة.
وممن روي عنه هذا سعيد بن جبير والحسن، وعلى هذا القول، فالآية كقوله: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَـٰبِيحَ}، وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في قۤ في الكلام على قوله: {أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَـٰهَا وَزَيَّنَّـٰهَ}.
وقال بعض العلماء: ذات الحبك أي ذات الشدة، وهذا القول يدل له قوله تعالى: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاد}.
والعرب تسمى شدة الخلق حبكاً، ومنه قيل للفرس الشديد الخلق: محبوك.
ومنه قول امرىء القيس.
قد غدا يحملني في أنفه لاحق الأطلين محبوك ممر

والآية تشمل الجميع، فكل الأقوال حق والمقسم عليه في هذه الآية هو قوله تعالى {إِنَّكُمْ لَفِى قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ} أي إنكم أيها الكفار لفي قول مختلف في شأن النبي صلى الله عليه وسلم وشأن القرآن، لأن بعضهم يقول: هو شعر، وبعضهم يقول: سحر، وبعضهم يقول: كهانة، وبعضهم يقول: أساطير الأولين، وقول من قال في قول مختلف أي لأن بعضهم مصدق، وبعضهم مكذب خلاف التحقيق.
ويدل على أن الاختلاف إنما هو بين المكذبين دون المصدقين. قوله تعالى في قۤ {بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِىۤ أَمْرٍ مَّرِيجٍ} أي مختلط. وقال بعضهم: مختلف، والمعنى واحد.
وقوله تعالى: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} أظهر الأقوال فيه عندي ولا ينبغي العدول عنه في نظري، أن لفظة عن في الآية سببية كقوله تعالى: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِىۤ ءالِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ} أي بسبب قولك، ومن أجله، والضمير المجرور بعن راجع إلى القول المختلف، والمعنى يؤفك أي يصرف عن الإيمان بالله ورسوله عنه، أي عن ذلك القول المختلف أي بسببه من أفك أي من سبقت له الشقاوة في الأزل، فحرم الهدى وأفك عنه، لأن هذا القول المختلف يكذب يعضه بعضاً ويناقضه.
ومن أوضح الأدلة على كذب القول وبطلانه اختلافه وتناقضه كما لا يخفى، فهذا القول المختلف الذي يحاول كفار مكة أن يصدوا به الناس عن الإسلام، الذي يقول فيه بعضهم: إن الرسول ساحر، وبعضهم يقول شاعر، وبعضهم يقول: كذاب. ظاهر البطلان لتناقضه وتكذيب بعضه لبعض، فلا يصرف عن الإسلام بسببه إلا من صرف، أي صرفه الله عن الحق لشقاوته في الأزل فمن لم يكتب عليه في سابق علم الله الشقاوة والكفر لا يصرفه عن الحق قول ظاهر الكذب والبطلان لتناقضه.
وهذا المعنى جاء موضحاً في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَـٰتِنِينَ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ}.
ومعنى هذه الآية أن دين الكفار، الذي هو الشرك بالله وعبادة الأوثان، مع حرصهم على صد الناس عن دين الإسلام إليه ما هم بفاتنين، أي ليسوا بمضلين عليه أحداً لظهور فساده وبطلانه إلا من هو صال الجحيم، أي إلا من قدر الله عليه الشقاوة وأنه من أهل النار في سابق علمه، هذا هو الظاهر لنا في معنى هذه الآية الكريمة.
وأكثر المفسرين على أن الضمير في قوله: {يُؤْفَكُ عَنْهُ} راجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو القرآن، أي يصرف عن الإيمان بالنبي أو القرآن، من أفك أي صرف عن الحق، وحرم الهدي لشدة ظهور الحق في صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وأن القرآن منزل من الله، وهذا خلاف ظاهر السياق كما ترى.
وقول من قال: يؤفك عنه. أي يصرف عن القول المختلف الباطل من أفك، أي من صرف عن الباطل إلى الحق لا يخفى بعده وسقوطه.
والذين قالوا: هذا القول يزعمون أن الإفك يطلق على الصرف عن الحق إلى الباطل، وعن الباطل إلى الحق، ويبعد هذا أن القرآن لم يرد فيه الإفك مراد به إلا الصرف عن الخير إلى الشر دون عكسه. قوله تعالى: {إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ}. لا يخفى على من عنده علم بأصول الفقه أن هذه الآية الكريمة فيها الدلالة المعروفة عند أهل الأصول بدلالة الإيماء والتنبيه على أن سبب نيل هذه الجنات والعيون هو تقوى الله والسبب الشرعي هو العلة الشرعية على الأصح، وكون التقوى سبب دخول الجنات الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة، جاء موضحاً في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى: {تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّ} وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِى ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ}.

وَفِى ٱلاٌّرْضِ ءَايَـٰتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِىۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ * وَفِى ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلاٌّرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ * هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلَـٰماً قَالَ سَلَـٰمٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَـٰمٍ عَلَيمٍ * فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِى صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ * قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ

سيتم شرح هذه الأيات في الصفحة التي بعدها ان شاء الله