موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير قل أرأيتم إن كان من عند الله - الآية 10 من سورة الأحقاف

سورة الأحقاف الآية رقم 10 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 10 من سورة الأحقاف عدة تفاسير, سورة الأحقاف : عدد الآيات 35 - الصفحة 503 - الجزء 26.

﴿ قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرۡتُم بِهِۦ وَشَهِدَ شَاهِدٞ مِّنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ مِثۡلِهِۦ فَـَٔامَنَ وَٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴾
[ الأحقاف: 10]


التفسير الميسر

قل -أيها الرسول- لمشركي قومك: أخبروني إن كان هذا القرآن من عند الله وكفرتم به، وشهد شاهد من بني إسرائيل كعبد الله بن سلام على مثل هذا القرآن، وهو ما في التوراة من التصديق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فصدَّق وعمل بما جاء في القرآن، وجحدتم ذلك استكبارًا، فهل هذا إلا أعظم الظلم وأشد الكفر؟ إن الله لا يوفِّق إلى الإسلام وإصابة الحق القوم الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بالله.

تفسير الجلالين

«قل أرأيتم» أخبروني ماذا حالكم «إن كان» أي القرآن «من عند الله وكفرتم به» جملة حالية «وشهد شاهد من بني إسرائيل» هو عبد الله بن سلام «على مثله» أي عليه أنه من عند الله «فآمن» الشاهد «واستكبرتم» تكبرتم عن الإيمان وجواب الشرط بما عطف عليه: ألستم ظالمين دل عليه «إن الله لا يهدي القوم الظالمين».

تفسير السعدي

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ أي: أخبروني لو كان هذا القرآن من عند الله وشهد على صحته الموفقون من أهل الكتاب الذين عندهم من الحق ما يعرفون أنه الحق فآمنوا به واهتدوا فتطابقت أنباء الأنبياء وأتباعهم النبلاء واستكبرتم أيها الجهلاء الأغبياء فهل هذا إلا أعظم الظلم وأشد الكفر؟ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ومن الظلم الاستكبار عن الحق بعد التمكن منه.

تفسير البغوي

( قل أرأيتم ) معناه : أخبروني ماذا تقولون ( إن كان ) يعني القرآن ( من عند الله وكفرتم به ) أيها المشركون ( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) المثل : صلة ، يعني : عليه ، أي على أنه من عند الله ( فآمن ) يعني الشاهد ( واستكبرتم ) عن الإيمان به ، وجواب قوله : " إن كان من عند الله " محذوف ، على تقدير : أليس قد ظلمتم ؟ يدل على هذا المحذوف قوله : ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) وقال الحسن : جوابه : فمن أضل منكم ، كما قال في سورة السجدة .
واختلفوا في هذا الشاهد ، قال قتادة والضحاك : هو عبد الله بن سلام ، شهد على نبوة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وآمن به ، واستكبر اليهود فلم يؤمنوا .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا عبد الله بن منير سمع عبد الله بن بكير ، حدثنا حميد ، عن أنس قال : " سمع عبد الله بن سلام بمقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في أرض يخترف فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي : فما أول أشراط الساعة ؟ وما أول طعام أهل الجنة ؟ وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه ؟ قال : أخبرني بهن جبريل آنفا ، قال : جبريل ؟ قال : نعم ، قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة ، فقرأ هذه الآية : " قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله " ( البقرة - 97 ) ، فأما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت ، وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد ، وإذا سبق ماء المرأة نزعت ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، [ يا رسول الله ] إن اليهود قوم بهت ، وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني ، فجاءت اليهود فقال : أي رجل عبد الله فيكم ؟ قالوا : خيرنا وابن خيرنا ، وسيدنا وابن سيدنا ، قال : أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام ؟ قالوا : أعاذه الله من ذلك ، فخرج عبد الله ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فقالوا : شرنا وابن شرنا ، فانتقصوه ، قال : هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا عبد الله بن يوسف قال : سمعت مالكا يحدث عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : ما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام ، وفيه نزلت هذه الآية : " وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله " .
قال : لا أدري قال مالك الآية أو في الحديث .
وقال الآخرون : الشاهد هو موسى بن عمران .
وقال الشعبي : قال مسروق في هذه الآية : والله ما نزلت في عبد الله بن سلام لأن ال حم نزلت بمكة ، وإنما أسلم عبد الله بن سلام بالمدينة ، ونزلت هذه الآية في محاجة كانت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقومه ، ومثل القرآن التوراة فشهد موسى على التوراة ومحمد - صلى الله عليه وسلم - على الفرقان ، وكل واحد يصدق الآخر .
وقيل : هو نبي من بني إسرائيل فآمن واستكبرتم فلم تؤمنوا ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .

تفسير الوسيط

ثم أمر الله- تعالى- رسوله صلّى الله عليه وسلّم مرة أخرى، أن يذكرهم بإيمان العقلاء من أهل الكتاب بهذا الدين، لعلهم عن طريق هذا التذكير يقلعون عن كفرهم وعنادهم فقال: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ.
أى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الكافرين: أخبرونى إن كان هذا الذي أوحاه الله- تعالى- إليّ من قرآن، هو من عنده- تعالى- وحده، والحال أنكم كفرتم به ألستم في هذه الحالة تكونون ظالمين لأنفسكم وللحق الذي جئتكم به من عند خالقكم؟ لا شك أنكم في هذه الحالة تكونون ظالمين جاحدين.
وقوله- سبحانه-: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ، فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ .
.
.
معطوف على ما قبله على سبيل التأكيد لظلمهم.
أى: أخبرونى إن كان هذا القرآن من عند الله، والحال أنكم قد كفرتم به، مع أن شاهدا من بنى إسرائيل الذين تثقون بشهادتهم، قد شهد على مثل القرآن بالصدق.
لاتفاق التوراة والقرآن على وحدانية الله- تعالى- وعلى أن البعث حق، وعلى أن الجزاء حق.
.
فآمن هذا الشاهد بالقرآن وبمن جاء به وهو الرسول صلّى الله عليه وسلّم واستكبرتم أنتم عن الإيمان.
.
ألستم في هذه الحالة تكونون على رأس الظالمين الجاحدين لكل ما هو حق وصدق؟! فجواب الشرط في الآية محذوف.
أى: إذا كان الأمر كما ذكرنا ومع ذلك لم تؤمنوا فقد كفرتم وظلمتم، والله- تعالى- لا يهدى القوم الذين من شأنهم استحباب الظلم على العدل، والعمى على الهدى.
وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ، مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ .
قال صاحب الكشاف- رحمه الله-: جواب الشرط محذوف تقديره.
إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به، ألستم ظالمين، ويدل على هذا المحذوف قوله- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.
والشاهد من بنى إسرائيل: عبد الله بن سلام.
.
وفيه نزل: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ.
.
.
.
والضمير للقرآن.
أى: على مثله في المعنى، وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة لمعانى القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك .
وعلى رأى صاحب الكشاف تكون الآية مدنية في سورة مكية، لأن إيمان عبد الله بن سلام- رضى الله عنه- كان بالمدينة ولم يكن بمكة.
ومن المفسرين من يرى أن الآية الكريمة نزلت في شأن كل من آمن من أهل الكتاب، وأنها لم تنزل في عبد الله بن سلام بصفة خاصة.
.
قال الإمام ابن كثير: وهذا الشاهد اسم جنس، يعم عبد الله بن سلام وغيره، فإن هذه الآية مكية نزلت قبل إسلام عبد الله بن سلام، وهذه كقوله- تعالى-: وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا، إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ.
قال مسروق والشعبي: ليس بعبد الله بن سلام.
هذه الآية مكية، وإسلامه كان بالمدينة.
.
وقال مالك عن أبى النضر، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: ما سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لأحد يمشى على الأرض: «إنه من أهل الجنة» إلا لعبد الله بن سلام، قال: وفيه نزلت: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ.
.
وكذا قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة.
.
.
وعلى أية حال فالمقصود من الآية الكريمة إثبات أن هذا القرآن من عند الله- تعالى-،وأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم صادق فيما يبلغه عن ربه، وأن العقلاء من أهل الكتاب قد شهدوا بذلك، وآمنوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، فكان من الواجب على المشركين- لو كانوا يعقلون- أن يقلعوا عن عنادهم، وأن يتبعوا الحق الذي جاءهم به النبي صلّى الله عليه وسلّم.
ثم حكى- سبحانه- بعض الأعذار الفاسدة، التي اعتذر بها الكافرون عن عدم دخولهم في الإسلام، ورد عليهم بما يكبتهم، وبشر المؤمنين الصادقين بما يشرح صدورهم فقال:

المصدر : تفسير : قل أرأيتم إن كان من عند الله