موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير قل ما كنت بدعا من الرسل وما - الآية 9 من سورة الأحقاف

سورة الأحقاف الآية رقم 9 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 9 من سورة الأحقاف عدة تفاسير, سورة الأحقاف : عدد الآيات 35 - الصفحة 503 - الجزء 26.

﴿ قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعٗا مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدۡرِي مَا يُفۡعَلُ بِي وَلَا بِكُمۡۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّ وَمَآ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٞ مُّبِينٞ ﴾
[ الأحقاف: 9]


التفسير الميسر

قل -أيها الرسول- لمشركي قومك: ما كنتُ أول رسل الله إلى خلقه، وما أدري ما يفعل الله بي ولا بكم في الدنيا، ما أتبع فيما آمركم به وفيما أفعله إلا وحي الله الذي يوحيه إليَّ، وما أنا إلا نذير بيِّن الإنذار.

تفسير الجلالين

«قل ما كنت بدعا» بديعا «من الرسل» أي أول مرسل، قد سبق قبلي كثيرون منهم، فكيف تكذبوني «وما أدري ما يفعل بي ولا بكم» في الدنيا أأخرج من بلدي أم أقتل كما فعل بالأنبياء قبلي، أو ترموني بالحجارة أم يخسف بكم كالمكذبين قبلكم «إن» ما «أتبع إلا ما يوحى إليَّ» أي القرآن ولا أبتدع من عندي شيئا «وما أنا إلا نذير مبين» بيّن الإنذار.

تفسير السعدي

قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ أي: لست بأول رسول جاءكم حتى تستغربوا رسالتي وتستنكروا دعوتي فقد تقدم من الرسل والأنبياء من وافقت دعوتي دعوتهم فلأي شيء تنكرون رسالتي؟ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ أي: لست إلا بشرا ليس بيدي من الأمر شيء والله تعالى هو المتصرف بي وبكم الحاكم علي وعليكم، ولست الآتي بالشيء من عندي، وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ فإن قبلتم رسالتي وأجبتم دعوتي فهو حظكم ونصيبكم في الدنيا والآخرة، وإن رددتم ذلك علي فحسابكم على الله وقد أنذرتكم ومن أنذر فقد أعذر.

تفسير البغوي

( قل ما كنت بدعا من الرسل ) أي بديعا ، مثل : نصف ونصيف ، وجمع البدع أبداع ، لست بأول مرسل ، قد بعث قبلي كثير من الأنبياء ، فكيف تنكرون نبوتي .
( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) اختلف العلماء في معنى هذه الآية :فقال بعضهم : معناه ما أدري ما يفعل بي ولا بكم يوم القيامة ، فلما نزلت هذه الآية فرح المشركون ، فقالوا : واللات والعزى ما أمرنا وأمر محمد عند الله إلا واحد ، وما له علينا من مزية وفضل ، ولولا أنه ابتدع ما يقوله من ذات نفسه لأخبره الذي بعثه بما يفعل به ، فأنزل الله : " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " ، ( الفتح - 2 ) فقالت الصحابة : هنيئا لك يا نبي الله قد علمنا ما يفعل بك ، فماذا يفعل بنا ؟ فأنزل الله تعالى : " ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات " الآية ، ( الفتح - 5 ) وأنزل : " وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا " ( الأحزاب - 47 ) فبين الله تعالى ما يفعل به وبهم .
وهذا قول أنس وقتادة والحسن وعكرمة ، قالوا : إنما قال هذا قبل أن يخبر بغفران ذنبه [ وإنما أخبر بغفران ذنبه ] عام الحديبية ، فنسخ ذلك .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن الزهري ، عن خارجة بن زيد قال : كانت أم العلاء الأنصارية تقول : لما قدم المهاجرون المدينة اقترعت الأنصار على سكنتهم ، قالت [ فطار لنا ] عثمان بن مظعون في السكنى ، فمرض فمرضناه ، ثم توفي فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدخل فقلت : رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي قد أكرمك الله ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : وما يدريك أن الله قد أكرمه " ؟ فقلت : لا والله لا أدري ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أما هو فقد أتاه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم " قالت : فوالله لا أزكي بعده أحدا أبدا ، قالت : ثم رأيت لعثمان بعد في النوم عينا تجري فقصصتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " ذاك عمله " .
وقال جماعة : قوله " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " في الدنيا ، أما في الآخرة فقد علم أنه في الجنة ، وأن من كذبه فهو في النار ، ثم اختلفوا فيه :قال ابن عباس - رضي الله عنه - ما : لما اشتد البلاء بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرى النائم وهو بمكة أرضا ذات سباخ ونخل رفعت له ، يهاجر إليها ، فقال له أصحابه متى تهاجر إلى الأرض التي أريت ؟ فسكت ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " ، أأترك في مكاني أم أخرج وإياكم إلى الأرض التي رفعت لي ؟ .
وقال بعضهم : " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " إلى ماذا يصير أمري وأمركم في الدنيا ، بأن أقيم معكم في مكانكم أم أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي ، أم أقتل كما قتل الأنبياء من قبلي وأنتم أيها المصدقون لا أدري تخرجون معي أم تتركون ، أم ماذا يفعل بكم ، [ وأنتم ] أيها المكذبون ، أترمون بالحجارة من السماء أم يخسف بكم ، أم أي شيء يفعل بكم ، مما فعل بالأمم المكذبة ؟ .
ثم أخبر الله - عز وجل - أنه يظهر دينه على الأديان ، فقال : " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله " ، ( الصف - 9 ) وقال في أمته : " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " ( الأنفال - 33 ) ، فأخبر الله ما يصنع به وبأمته ، هذا قول السدي .
( إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) أي ما أتبع إلا القرآن ، ولا أبتدع من عندي شيئا ( وما أنا إلا نذير مبين ) .

تفسير الوسيط

ثم أمره الله- تعالى- أن يبين لهم أن ما جاءهم به من هداية، قد جاء بها الرسل من قبله لأقوامهم، وأنه رسول كسائر الرسل السابقين فقال- تعالى-: قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ .
.
.
والبدع من كل شيء: أوله ومبدؤه.
يقال: فلان بدع في هذا الأمر، أى: هو أول فيه دون أن يسبقه فيه سابق، من الابتداع بمعنى الاختراع.
أى: وقل لهم- أيها الرسول الكريم- إنى لست أول رسول أرسله الله- تعالى- إلى الناس، وإنما سبقني كثيرون أنتم تعرفون شيئا من أخبارهم ومن أخبار أقوامهم، ومادام الأمر كذلك فكيف تنكرون نبوتي، وتشككون في دعوتي؟.
وقوله- سبحانه-: وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ، إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ، وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ بيان لوظيفته صلّى الله عليه وسلّم.
أى: وإننى وأنا رسول الله لا أعلم ما سيفعله الله- تعالى- بي أو بكم في المستقبل من أمور الدنيا، هل سأبقى معكم في مكة أو سأهاجر منها.
وهل سيصيبكم العذاب عاجلا أو آجلا؟ فإنى ما أفعل معكم، ولا أقول لكم إلا ما أوحاه الله- تعالى- إليّ، وما أنا إلا نذير مبين، أوضح لكم الحق من الباطل، وأخوّفكم من سوء المصير، إذا ما بقيتم على كفركم وشرككم.
فالمقصود بقوله- تعالى-: وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ أى: في دار الدنيا، أما بالنسبة للآخرة، فالله- تعالى- قد بشره وبشر أتباعه بالثواب العظيم في آيات كثيرة، ومن ذلك قوله- تعالى-: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى.
وقوله- سبحانه-: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً.
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه: قال الحسن البصري في قوله: وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ أى: في الدنيا، أأخرج كما أخرجت الأنبياء قبلي؟ أم أقتل كما قتلوا، ولا أدرى أيخسف بكم أو ترمون بالحجارة؟ أما في الآخرة فمعاذ الله، قد علم أنه في الجنة.
وهذا القول هو الذي عوّل عليه ابن جرير، وأنه لا يجوز غيره، ولا شك أن هذا هو اللائق به صلّى الله عليه وسلّم، فإنه بالنسبة للآخرة، جازم أنه يصير إلى الجنة ومن اتبعه، وأما في الدنيا فلم يدر ما كان يؤول إليه أمره وأمر المشركين.
أيؤمنون أم يكفرون فيعذبون فيستأصلون بكفرهم؟ .
والمتدبر في هذه الآية الكريمة، يراها قد اشتملت على أسمى ألوان الأدب من النبي صلّى الله عليه وسلّم مع خالقه- عز وجل- فقد فوّض صلّى الله عليه وسلّم أمره إلى خالقه، وصرح بأنه لا يتبع إلا ما يوحيه إليه سبحانه- وأنه لا علم له بالغيب، وإنما علم ذلك إلى الله- تعالى- وحده.

المصدر : تفسير : قل ما كنت بدعا من الرسل وما