موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير يتوارى من القوم من سوء ما بشر - الآية 59 من سورة النحل

سورة النحل الآية رقم 59 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 59 من سورة النحل عدة تفاسير, سورة النحل : عدد الآيات 128 - الصفحة 273 - الجزء 14.

﴿ يَتَوَٰرَىٰ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ مِن سُوٓءِ مَا بُشِّرَ بِهِۦٓۚ أَيُمۡسِكُهُۥ عَلَىٰ هُونٍ أَمۡ يَدُسُّهُۥ فِي ٱلتُّرَابِۗ أَلَا سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ ﴾
[ النحل: 59]


التفسير الميسر

يستخفي مِن قومه كراهة أن يلقاهم متلبسًا بما ساءه من الحزن والعار؛ بسبب البنت التي وُلِدت له، ومتحيرًا في أمر هذه المولودة: أيبقيها حية على ذلٍّ وهوان، أم يدفنها حية في التراب؟ ألا بئس الحكم الذي حكموه مِن جَعْل البنات لله والذكور لهم.

تفسير الجلالين

«يتوارى» يختفي «من القوم» أي قومه «من سوء ما بشر به» خوفاً من التعيير متردداً فيما يفعل به «أيمسكه» يتركه بلا قتل «على هون» هوان وذل «أم يدسه في التراب» بأن يئده «ألا ساء» بئس «ما يحكمون» حكمهم هذا حيث نسبوا لخالقهم البنات اللاتي هن عندهم بهذا المحل.

تفسير السعدي

ثم يعمل فكره ورأيه الفاسد فيما يصنع بتلك البنت التي بشّر بها أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أي: يتركها من غير قتل على إهانة وذل أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أي: يدفنها وهي حية وهو الوأد الذي ذم الله به المشركين، أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ إذ وصفوا الله بما لا يليق بجلاله من نسبة الولد إليه.

تفسير البغوي

يتوارى ) أي : يختفي ، ( من القوم من سوء ما بشر به ) من الحزن والعار ، ثم يتفكر : ( أيمسكه ) ذكر الكناية ردا على " ما " ( على هون ) أي : هوان ، ( أم يدسه في التراب ) أي : يخفيه منه ، فيئده .
وذلك : أن مضر وخزاعة وتميما كانوا يدفنون البنات أحياء ، خوفا من الفقر عليهم ، وطمع غير الأكفاء فيهن ، وكان الرجل من العرب إذا ولدت له بنت وأراد أن يستحييها ألبسها جبة من صوف أو شعر ، وتركها ترعى له الإبل والغنم في البادية ، وإذا أراد أن يقتلها تركها حتى إذا صارت سداسية ، قال لأمها : زينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها ، وقد حفر لها بئرا في الصحراء ، فإذا بلغ بها البئر قال لها : انظري إلى هذه البئر ، فيدفعها من خلفها في البئر ، ثم يهيل على رأسها التراب حتى يستوي البئر بالأرض ، فذلك قوله عز وجل : ( أيمسكه على هون أم يدسه في التراب )وكان صعصعة عم الفرزدق إذا أحس بشيء من ذلك وجه إلى والد البنت إبلا يحييها بذلك ، فقال الفرزدق يفتخر به .
وعمي الذي منع الوائدات فأحيا الوئيد فلم توأد( ألا ساء ما يحكمون ) بئس ما يقضون لله البنات ولأنفسهم البنين ، نظيره : " ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى " ( النجم - 22 ) ، وقيل : بئس حكمهم وأد البنات .

تفسير الوسيط

وأصبح يتوارى ويتخفى عن أعين الناس خجلا وحياء، من أجل أن زوجته ولدت له أنثى ولم تلد له ذكرا.
وقوله- سبحانه-: أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ تصوير بليغ لموقف ذلك الشرك مما بشر به وهو ولادة الأنثى.
فالضمير المنصوب في قوله «أيمسكه، ويدسه» يعود على المبشر به وهو الأنثى.
والهون بمعنى الهوان والذل.
ويدسه من الدس بمعنى الإخفاء للشيء في غيره.
والمراد به.
دفن الأنثى حية في التراب حتى تموت، وهو المشار إليه في قوله- تعالى-: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ.
بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ.
أى: أن هذا المشرك بعد أن يبشر بولادة الأنثى، يدور بذهنه أحد أمرين: إما أن يمسكها ويبقيها على هوان وذل، وإما أن يدسها ويخفيها في التراب، بأن يدفنها فيه وهي حية حتى تموت.
والجار والمجرور في قوله «على هون» يصح أن يكون حالا من الفاعل وهو المشرك: أى أيمسك المبشر به مع رضاه- أى المشرك- بهوان نفسه وذلتها بسبب هذا الإمساك.
ويصح أن يكون حالا من المفعول وهو الضمير المنصوب.
أى أيمسك هذه الأنثى ويبقيها بقاء ذلة وهوان لها، بحيث لا يورثها شيئا من ماله، ولا يعاملها معاملة حسنة.
ومن بلاغة القرآن أنه عبر بقوله «أيمسكه على هون» ليشمل حالة المشرك وحالة المبشر به وهو الأنثى.
وقوله- تعالى-: أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ.
ذم لهم على صنيعهم السيئ، وعلى جهلهم الفاضح.
أى: بئس الحكم حكمهم، وبئس الفعل فعلهم، حيث نسبوا البنات إلى الله- تعالى-، وظلموهن ظلما شنيعا، حيث كرهوا وجودهن، وأقدموا على قتلهن بدون ذنب أو ما يشبه الذنب.
وصدر- سبحانه- هذا الحكم العادل عليهم بحرف «ألا» الاستفتاحية: لتأكيد هذا الحكم، ولتحقيق أن ما أقدموا عليه، إنما هو جور عظيم، قد تمالئوا عليه بسبب جهلهم الفاضح، وتفكيرهم السيئ.
أسند- سبحانه- الحكم إلى جميعهم، مع أن من فعل ذلك كان بعضا منهم، لأن ترك هذا البعض يفعل ذلك الفعل القبيح، هذا الترك هو في ذاته جريمة يستحق عليها الجميع العقوبة، لأن سكوتهم على هذا الفعل مع قدرتهم على منعه يعتبر رضا به.

المصدر : تفسير : يتوارى من القوم من سوء ما بشر