واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله - تفسير الشعراوي

تفسير الشعراوي لقوله تعالى: واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون

واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله - تفسير الشعراوي

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير قول الله تعالى : ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (البقرة:281) 

  • تفسير الشعراوي : 

معنى الآية: ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (البقرة:281) 

ولقد أوضحنا من قبل أن تقوى الله تقتضي أن تقوم بالأفعال التي تقينا صفات الجلال في الله ، وأوضحنا أن الله قال : { واتقوا يوما } أي أن نفعل ما يجعل بيننا وبين النار وقاية ، فالنار من متعلقات صفات الجلال . وهاهو ذا الحق سبحانه هنا يقول : { واتقوا يوما } ، فهل نتقي اليوم ، أو نتقي ما ينشأ في اليوم؟ إن اليوم ظرف زمان ، والأزمان لا تخاف بذاتها ، ولكن يخاف الإنسان مما يقع في الزمن .
لكن إذا كان شيء في الزمن مخيفا ، إذن فالخوف ينصب على اليوم كله ، لأنه يوم هول؛ كل شيء فيه مفزع ومخوف ، وقانا الله وإياكم ما فيه من هول ، وانظر إلى الدقة القرآنية المتناهية في قوله : { ترجعون فيه إلى الله } .
إن الرجوع في هذا اليوم لا يكون بطواعية العباد ولكن بإرادة الله . وسبحانه حين يتكلم عن المؤمنين الذين يعملون الصالح من الأعمال؛ فإنه يقول عن رجوعهم إلى الله يوم القيامة : { واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين * الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون } [ البقرة : 45-46 ] 
ومعنى ذلك أن العبد المؤمن يشتاق إلى العودة إلى الله؛ لأنه يرغب أن ينال الفوز .
أما غير المؤمنين فيقول عنهم الحق : { يوم يدعون إلى نار جهنم دعا } [ الطور : 13 ] 
إن رجوع غير المؤمنين يكون رجوعا قسريا لا مرغوبا فيه . والحق يقول عن هذا اليوم : { ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون } . وبعد ذلك يقنن الحق سبحانه للدين فيقول سبحانه : { ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه . . . }

 

تفاسير أخرى للآية:

  • تفسير ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (البقرة : 281) تفسير ابن عبد السلام

{ إِلَى اللَّهِ } إلى جزائه ، أو ملكه . { مَّا كَسَبَتْ } من الأعمال ، أو الثواب والعقاب . { لا يُظْلَمُونَ } بنقص ما يستحقونه من الثواب ، ولا بالزيادة على ما يستحقونه من العقاب ، هذه آخر آية نزلت ، وقال ابن جريج : « مكث الرسول صلى الله عليه وسلم بعدها تسع ليالٍ » . 

  • تفسير ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (البقرة:281) تفسير البيضاوي

{ واتقوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله } يوم القيامة ، أو يوم الموت فتأهبوا لمصيركم إليه . وقرأ أبو عمرو ويعقوب بفتح التاء وكسر الجيم . { ثُمَّ توفى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ } جزاء ما عملت من خير أو شر { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } بنقص ثواب وتضعيف عقاب . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ( أنها آخر آية نزل بها جبريل عليه السلام وقال ضعها في رأس المائتين والثمانين من البقرة ) وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها أحداً وعشرين يوماً وقيل أحداً وثمانين يوماً . وقيل سبعة أيام وقيل ثلاثة ساعات .

  • وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (البقرة: 281) تفسير التستري :

وسئل عن قوله : { واتقوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله } [ 281 ] فقال : هي آخر آية ختم الله تعالى بها القرآن ، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزولها بثمانين يوماً . ثم قال : إذا دخلت مظالم ليلة أهل الدنيا لأهل الدنيا ذهب النوم والقرار عن أهل السجن ، ما يدرون ما يصنع بهم بدعتي عليهم ، فيقتلون أو يعذبون ، أم يعفى عنهم فيطلقون ، فهذه مظالم أهل الدنيا لأهل الدنيا ، فكيف مظالم الحق لأهل العقبى؟ .

  • تفسير الجلالين : ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون 

"واتقوا يوما ترجعون" بالبناء للمفعول تردون وللفاعل تسيرون "فيه إلى الله" هو يوم القيامة "ثم توفى" فيه "كل نفس" جزاء "ما كسبت" عملت من خير وشر "وهم لا يظلمون" بنقص حسنة أو زيادة سيئة

  • تفسير الخازن : ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (البقرة : 281) 

قوله عز وجل : { واتقوا } أي وخافوا { يوماً ترجعون فيه إلى الله } قرئ بفتح التاء أي تصيرون فيه إلى الله وقرئ بضم التاء وفتح الجيم أي تردون فيه إلى الله { ثم توفى كل نفس ما كسبت } يعني من خير أو شر { وهم لا يظلمون } أي في ذلك اليوم . وفي هذه الآية وعد شديد وزجر عظيم قال ابن عباس : هذه آخر آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال جبريل ضعها على رأس مائتين وثمانين من سورة البقرة وعاش بعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً وعشرين يوماً وقيل : تسع ليال وقيل سبعاً ومات صلى الله عليه وسلم لليلتين خلتا من ربيع الأول في يوم الاثنين سنة إحدى عشرة من الهجرة . وروى الشعبي عن ابن عباس أن آخر آية نزلت آية الربا .