الكفارة الكبرى لمن جامع زوجته في نهار رمضان

الكفارة الكبرى لمن جامع زوجته في نهار رمضان

الكفارة الكبرى:

    

كفارة إفساد الصوم بالجماع في رمضان

الكفارة التي تجب بإفساد الصوم بالجماع في نهار رمضان هي: 

عتق رقبة مؤمنة، أي نفس رقيقة ذكرا كانت أم أنثى، فإن لم يجد، أو لم يستطيع، فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أيضا فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد من غالب قوت البلد. فإن عجز عن الكل ثبتت الكفارة في ذمته حتى يقدر على خصلة منها. وفق الترتيب التالي:

١ - عتق رقبة مؤمنة، أي نفس رقيقة، ذكرا كانت، أم أنثى، وهذا إنما يكون حيث يوجد الرقيق.

وشرط هذه الرقبة - لتصح كفارة -:

  • أ- أن تكون مؤمنة.
  • ب- أن تكون خالية من العيوب التي تخل بالعمل والكسب: كالعمى والشلل، ونحوهما.

٢ - الصوم إن لم يجد الرقبة، أو لم يقدر عليها، لنحو فقر، وغيره. ويجب صوم شهرين متتابعين.

٣ - الإطعام إن لم يستطع الصوم، فيجب أن يطعم ستين مسكينا، لكل مسكين مد عند الشافعية و نصف صاع عند الجمهور من غالب قوت البلد.

وهذه الكفارة مرتبة على الشكل الذي ذكرناه، فلا ينتقل إلى خصلة منها حتى يعجز عن التي قبلها.

و قد ثبتت الكفارة الكبرى بالنص في حديث الأعرابي الذي واقع زوجته في نهار رمضان.

إنما تجب كفارة إفساد الصوم بالجماع في رمضان على الزوج المجامع، ولا تجب على الزوجة الموطوءة، وإن كانت صائمة، لأن جناية الواطئ أغلظ وأفحش، فناسب أن يكون الزوج هو المكلف بالكفارة.

وموجب هذه الكفارة: هو إفساد صوم يوم من أيام رمضان بجماع بشرط أن يكون المجامع:

  • أ- ذاكرا لصومه.
  • ب- عالما بالحرمة.
  • ج- غير مترخص بسفر أو مرض.

فمن فعل ذلك ناسيا، أو جاهلا بالحرمة، أو أفسد صوما غير صوم رمضان، أو أفطر متعمدا، ولكن بغير الجماع، أو كان مسافرا سفرا يخوله الإفطار فجامع فلا كفارة عليه في كل ذلك، وإنما يجب عليه القضاء فقط.

      ولا خلاف بين الفقهاء في وجوبها بإفساد الصوم بالوقاع في الجملة، وإنما الخلاف في وجوبها بإفساده بالطعام والشراب: فتجب -في الجملة أيضاً- بإفساد صوم رمضان خاصة، طائعاً متعمداً غير مضطر، قاصداً انتهاك حرمة الصوم، من غير سبب مبيح للفطر.

      وقال الحنفية: إنما يكفّر إذا نوى الصيام ليلاً، ولم يكن مكرهاً، ولم يطرأ مسقط، كمرض وحيض.

      فلا كفارة في الإفطار في غير رمضان، ولا كفارة على الناسي والمكره ولا على النفساء والحائض والمجنون، ولا على المريض والمسافر، ولا على المرهق بالجوع والعطش، ولا على الحامل، لعذرهم ... ولا على المرتد، لأنه هتك حرمة الإسلام، لا حرمة الصيام خصوصاً.

      فتجب بالجماع عمداً، لا ناسياً - خلافاً لأحمد.

      وتجب بالأكل والشرب عمداً، خلافاً للشافعي وأحمد، وتقدمت موجبات أخرى مختلف فيها، كالإصباح بنية الفطر ورفض النية نهاراً والاستقاء العامد، وابتلاع ما لا يغذي عمداً.

      أما خصال الكفارة فهي: العتق والصيام والإطعام، وهذا بالاتفاق بين الفقهاء، لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: "بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل، فقال: يا رسول الله هلكت قال: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك، أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَقٍ(1) فيها تمر، قال: أين السائل؟ فقال: أنا، قال: خذ هذا فتصدق به فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لابتيها -يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك".

      وفي الحديث دلالة قوية على الترتيب.

ومما ينبغي أن يعلم أنه يجب على المجامع في رمضان مع الكفارة القضاء لليوم الذي أفطره بالجماع.

________________________

(1) مكتل في خوص النخل يسع خمسة عشر صاعاً. والصاع أربعة أمداد، فهي ستون مداً.