اسبال اليدين في المذهب المالكي

اسبال اليدين في المذهب المالكي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه اجمعين وبعد :

ﺇﺭﺳﺎﻝ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ : ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﺮﺳﻞ ﺍﻟﻤﺼﻠﻲ ﻳﺪﻳﻪ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺒﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻔﺮﺽ، ﻭﻳﻜﺮﻩ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻀﻬﻤﺎ ﻭﻳﻀﻌﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻩ، ﻭﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻨﻔﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻀﻬﻤﺎ ﻭﻳﻀﻌﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻩ ﺑﻼ ﻛﺮﺍﻫﺔ .

ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻭنة ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﻗﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻻﺃﻋﺮﻑ ﺫﺍﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻳﻀﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﻞ ﻻﺑﺄﺱ ﺑﺬﺍﻟﻚ , ﻳﻌﻴﻦ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ‏( ﺍﻟﻤﺪﻭﻧﺔ ﺝ 1 ﺹ 79 ‏) .
ﻗﺎﻝ ﺍﻻﻣﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺧﺎﻟﻒ ﻣﺎﻟﻚ ﻣﻮﻃﺌﻪ ﻓﻲ ﺳﺘﻴﻦ ﻣﻮﺿﻌﺎً ‏( ﺗﻨﻮﻳﺮ ﺍﻟﺤﻮﺍﻟﻚ 1 , ﺹ 9 ‏)
وقال الامام ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ رحمه الله في شرحه ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﻢ ﺝ 4 ﺹ 114 : ﻭﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺭﻭﺍﻳﺘﺎﻥ ﺇﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﻳﻀﻌﻬﻤﺎ ﺗﺤﺖ ﺻﺪﺭﻩ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻳﺮﺳﻠﻬﻤﺎ ﻭﻻﻳﻀﻊ ﺇﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﻫﺬﻩ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﻫﻲ ﺍﻷﺷﻬﺮ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻭﻫﻮ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻠﻴﺚ

خلاف المالكية في الضم من شرح بلوغ المرام للشيخ عطية محمد سالم

وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة يتفق عليه أصحاب المذاهب الثلاثة: أبو حنيفة و الشافعي و أحمد رحمهم الله، أما مالك رحمه الله وهو إمام المذهب المالكي فإنه ينص على ذلك في الموطأ، فهو مذهبه، وأعتقد أن أسانيد أحاديث الموطأ فوق التهمة وفوق البحث والتنقيب عنها، وإذا ذكر مالك فهو النجم، والحديث الوارد عندنا هنا في السنن، فإذا كان مالك رحمه الله يذكر ما يسمى بالقبض في الصلاة، ومع هذا نجد بعض المالكية يقول: هذا في النوافل وليس في الفرائض، فله أن يقبض في النافلة ولكن يسدل في الفريضة، ولماذا؟ يروون في ذلك أثراً عن مالك ، وأنه في رواية عنه سدل اليدين، أو أنه صلى سادلاً لهما، وأنه سئل عن القبض فقال: لا أدري، وكل هذه الأخبار ناقشها ابن عبد البر وهو من كبار أئمة المالكية، ثم نصر القبض، جاء آخر وقال: يفعل ذلك في النافلة وفي الفريضة بشرط: أن يفعل ذلك في الفرض استناناً، أي: عملاً بالسنة -لأن أمامه الحديث كالجبل، وهو في الموطأ، ولا يستطيع أن يحيد عنه- ولكن لا يفعله استناداً، وكيف استناداً؟ تعبان أو كسلان ويسند نفسه بهذا، فيقول: إن فعلها استناناً وامتثالاً لسنة رسول الله فلا مانع، وإن فعلها استناداً فهذه حركة زائدة عن الصلاة.
إذاً: نرجع ونقول: لا حاجة إلى هذه التفريعات، وما دام ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة وليس هناك فرق في الحديث بين نافلة وفريضة، وأخذ بذلك الأئمة الثلاثة، و مالك نص على ذلك في الموطأ، فلم يبق لهذه المسألة موضع للخلاف فيها، ولكن وجد تدوين هذا الخلاف في كتب المالكية، ويكون النقاش بين المالكية مع غيرهم، لا مع مالك .

كيفية التعامل مع الخلافات الفقهية
بهذه المناسبة، ونظراً لآثار الخلاف في الفروع، فقد يتخذ البعض هذه المسألة بالذات -لأنها واضحة وعملية- سبباً للشقاق والفرقة بين المسلمين، ونسمع من الإخوة الأفارقة أنه في بعض الأماكن يوجد هناك الخصومة، أو النزاع، وقد يكون هناك التبديع، لماذا؟ لأنه خالف المذهب أو الإمام، أو لأنه خالف الحديث؛ لأن الحديث يقول بالقبض، وهم يقولون بالسدل.
أقول: هذا الوضع وهذه الكيفية هيئة من هيئات الصلاة، وبإجماع المسلمين ومنهم أئمة المذاهب الأربعة أن الفريضة والنافلة صحيحة؛ سواء قبض اليمنى على اليسرى أو سدل اليدين بجانبيه، فإذا كانت الصلاة صحيحة على كلا الحالتين فلماذا نختلف ونفترق، ونجعل جزئية فقهية في فرع من فروع الإسلام سبباً للخلاف والشقاق والخصومات والفرقة؟ هذا غرض عدو الإسلام، أن يشغل المسلمين بجزئيات عن أساسيات الدين، سواء عن جهاد، أو صلاة بعينها، أو طلب العلم حقيقة، أو بحث العقائد والتوحيد وضرورة ذلك، ويشغلهم بجزئية يدورون فيها، وخصومات، لماذا هذا كله؟ لا حاجة لهذا.

شرح بلوغ المرام للشيخ عطية محمد سالم

هل مذهب الإمام مالك إسبال اليدين أم وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة

و ذكر الشيخ ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺧﺎﺩﻡ ﺍﻟﻘﺮﺀﺍﻥ في ﻣﻠﺘﻘﻰ ﻃﻼﺏ ﺍﻟﻌﻠﻢ ما نصه :

ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ :

ﻓﻘﺪ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺇﺭﺳﺎﻟﻬﻤﺎ، ﻓﺮﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﻛﺮﺍﻫﺘﻪ، ﻭﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﺃﺷﻬﺐ : ﻻ ﺑﺄﺱ ﺑﻪ . ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻳﻀﺔ ﻭﻛﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻣﺎﻟﻚ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﻮﻥ، ﻭﺭﻭﻯ ﻣﻄﺮﻑ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﺎﺟﺸﻮﻥ ﺃﻥ ﻣﺎﻟﻜﺎً ﺍﺳﺘﺤﺴﻨﻪ .
ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﻣﺎﻟﻚ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻃﺄ :
ﻓﻘﺪ ﺭﻭﻯ ﻋﻦ ﺳﻬﻞ ﺑﻦ ﺳﻌﺪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺆﻣﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺫﺍﺭﻋﻪ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ، ﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﺎﺯﻡ : ﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻳﻨﻤﻲ ﺫﻟﻚ . ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻏﻴﺮﻩ .
ﻭﻗﺪ ﻧﻘﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﺣﺪﻳﺚ ، ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﻭﺍﺋﻞ ﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺃﻧﻪ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺭﻓﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﺣﻴﻦ ﺩﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻛﺒﺮ _ ﻭﺻﻒ ﻫﻤﺎﻡ ‏( ﺃﺣﺪ ﺭﻭﺍﺓ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ‏) _ ﺣﻴﺎﻝ ﺃﺫﻧﻴﻪ ، ﺛﻢ ﺍﻟﺘﺤﻒ ﺑﺜﻮﺑﻪ ، ﺛﻢ ﻭﺿﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺮﻛﻊ ﺃﺧﺮﺝ ﻳﺪﻳﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺏ ﺛﻢ ﺭﻓﻌﻬﻤﺎ ﺛﻢ ﻛﺒﺮ ﻓﺮﻛﻊ ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﻤﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻤﻦ ﺣﻤﺪﻩ ﺭﻓﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﻓﻠﻤﺎ ﺳﺠﺪ ﺳﺠﺪ ﺑﻴﻦ ﻛﻔﻴﻪ ."
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺪ :
" ﻟﻢ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ، ﻭﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﻋﻦ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺧﻼﻓﺎً ﺇﻻ ﺷﻴﺌﺎ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺰﺑﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺳﻞ ﻳﺪﻳﻪ ﺇﺫﺍ ﺻﻠﻰ ، ﻭﻗﺪ ﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﺧﻼﻓﻪ ﻣﻤﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﻋﻨﻪ ﻭﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ : ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ، ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻓﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻭﺍﻷﺛﺮ ."
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﻧﻲ :
" ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ : ﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻴﻪ ﺧﻼﻑ ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻃﺄ، ﻭﻟﻢ ﻳﺤﻚ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻨﺬﺭ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺍﻹﺭﺳﺎﻝ ﻭﺻﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ، ﻭﺭﻭﻱ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﻨﻪ ﺇﺑﺎﺣﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ﻟﻄﻮﻝ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﻭﻛﺮﻫﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻳﻀﺔ ، ﻭﻧﻘﻞ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺤﺎﺟﺐ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺣﻴﺚ ﺗﻤﺴﻚ ﻣﻌﺘﻤﺪﺍً ﻟﻘﺼﺪ ﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ."
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
" ﻭﻻ ﻭﺟﻪ ﻟﻜﺮﺍﻫﻴﺔ ﻣﻦ ﻛﺮﻩ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺃﺻﻠﻬﺎ ﺍﻹﺑﺎﺣﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﻨﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﻓﻼ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻤﻦ ﻛﺮﻫﻪ ، ﻫﺬﺍ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺮﻭ ﺇﺑﺎﺣﺘﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻜﻴﻒ ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻭﺟﻪ ﻟﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻳﻀﺔ ﻭﻟﻮ ﻗﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻳﻀﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ، ﻷﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻨﻔﻞ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻟﻴﻼً ، ﻭﻟﻮ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻟﻨﻘﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﻨﻪ ﺃﺯﻭﺍﺟﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﻋﻨﻬﻦ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺷﻲﺀ، ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺭﻭﻭﺍ ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻀﻊ ﻳﻤﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺴﺎﺭﻩ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻤﻦ ﻳﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪﻩ ﻭﻻ ﻳﻠﺞ ﺑﻴﺘﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺣﻜﻮﺍ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﺭﺃﻭﺍ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻬﻢ ﺧﻠﻔﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ."
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺒﺎﺟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺘﻘﻰ :
" ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻓﻘﺪ ﺃﺳﻨﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﻕ ﺻﺤﺎﺡ : ﺭﻭﺍﻩ ﻭﺍﺋﻞ ﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﺃﻧﻪ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺭﻓﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﺣﻴﻦ ﺩﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻛﺒﺮ ﺛﻢ ﺍﻟﺘﺤﻒ ﻓﻲ ﺛﻮﺑﻪ ﺛﻢ ﻭﺿﻊ ﻳﺪﻩ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ . ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﺮﻭﺍﺓ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ، ﻓﺮﻭﻯ ﺃﺷﻬﺐ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ﻻ ﺑﺄﺱ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻳﻀﺔ، ﻭﺭﻭﻯ ﻣﻄﺮﻑ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﺎﺟﺸﻮﻥ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﺍﺳﺘﺤﺴﻨﻪ . ﻭﺭﻭﻯ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺭﻭﺍﻳﺘﻴﻦ : ﺇﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﺍﻻﺳﺘﺤﺴﺎﻥ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻊ .
ﻭﺭﻭﻯ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﻋﻦ ﻣﺎﻟﻚ : ﻻ ﺑﺄﺱ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ﻭﻛﺮﻫﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻳﻀﺔ . ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ : ﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻟﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ ، ﻓﺈﻥ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﺇﻧﻤﺎ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺃﻡ ﻻ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ . ﻓﻴﻔﺮﻕ ﻓﻴﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻳﻀﺔ .
ﻭﻭﺟﻪ ﺍﺳﺘﺤﺴﺎﻥ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻡ، ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻓﻴﻪ ﺿﺮﺑﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺸﻮﻉ ﻭﻫﻮ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ .
ﻭﻭﺟﻪ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻌﻪ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻣﻨﻊ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ، ﻭﻣﻦ ﺣﻤﻞ ﻣﻨﻊ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻋﺘﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﺌﻼ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﺑﺄﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﺻﺤﺘﻬﺎ .
‏( ﻣﺴﺄﻟﺔ ‏) ﻭﻓﻲ ﺃﻱ ﻣﻮﺿﻊ ﺗﻮﺿﻊ ﺍﻟﻴﺪﺍﻥ ، ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﻴﺐ : ﻟﻴﺲ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻌﺮﻭﻑ، ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ : ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ﻭﺿﻌﻬﻤﺎ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻭﻓﻮﻕ ﺍﻟﺴﺮﺓ، ﻭﺑﻪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ . ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ : ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺿﻌﻬﻤﺎ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺴﺮﺓ .
ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺎﻟﻚ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺴﺮﺓ ﻣﺤﻜﻮﻡ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻮﺭﺓ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺤﻼً ﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻛﺎﻟﻌﺠﺰ " ﺍﻧﺘﻬﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺒﺎﺟﻲ .
ﻭﻣﻤﺎ ﻳﺠﺪﺭ ﺍﻟﺘﻨﺒﻪ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻟﻠﺨﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺇﻧﻜﺎﺭ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ، ﻓﺎﻟﻘﺒﺾ ﺳﻨﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻭﻟﻜﻨﻪ - ﻭﻟﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ - ﻟﻴﺲ ﺑﻔﺮﺽ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺄﺛﻢ ﺗﺎﺭﻛﻪ، ﻓﺎﻟﺨﻄﺐ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻪ ﻳﺴﻴﺮ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺮ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﺑﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺳﺒﺐ ﺷﺮﻋﻲ ﻭﺟﻴﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ ﺍﻹﺛﻢ ﺍﻟﻤﺒﻴﻦ .
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ