الفرق بين الترتيب والموالاة في الوضوء

ما هي الموالاة في الوضوء وما دليلها؟
 هي أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله بزمن معتدل.
قال الناظم:

وسادسها فرض الموالاة وهي أن ... تغسل عضوًا والذي قبله ندى

ودليلها ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أنه رأى رجلاً في قدمه قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره بالإعادة» رواه أحمد وأبو داود.
وعن عمر بن الخطاب أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: «ارجع فتوضأ ثم صلي» رواه أحمد ومسلم، ولم يذكر فتوضأ.

انتهى.

السؤال: ما معنى الترتيب في الوضوء؟ وما المراد بالموالاة في الوضوء؟ وما حكمها؟ وهل يعذر الإنسان فيهما بالجهل والنسيان؟


الإجابة: الترتيب في الوضوء معناه أن تبدأ بما بدأ الله به، وقد بدأ الله بذكر غسل الوجه، ثم غسل اليدين، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين، ولم يذكر الله تعالى غسل الكفين قبل غسل الوجه، لأن غسل الكفين قبل غسل الوجه ليس واجباً بل هو سنة، هذا هو الترتيب أن تبدأ بأعضاء الوضوء مرتبة كما رتبها الله عزّ وجلّ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حج وخرج إلى المسعى بدأ بالصفا، فلما أقبل عليه قرأ: {إن الصفا والمروة من شعائر الله}، "أبدأ بما بدأ الله به"، فبين أنه إنما أتى إلى الصفا قبل المروة ابتداء بما بدأ الله به.

وأما الموالاة، فمعناها: أن لا يفرق بين أعضاء الوضوء بزمن يفصل بعضها عن بعض، مثال ذلك لو غسل وجهه، ثم أراد أن يغسل يديه ولكن تأخر، فإن الموالاة قد فاتت وحينئذ يجب عليه أن يعيد الوضوء من أوله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأي رجلاً قد توضأ، وفي قدمه مثل الظفر لم يصبه الماء، فقال: "ارجع فأحسن وضوءك"، وفي رواية أبي داود: "أمره أن يعيد الوضوء"، وهذا يدل على اشتراط الموالاة، ولأن الوضوء عبادة واحدة والعبادة الواحدة لا ينبني بعضها على بعض مع تفرق أجزائها.

فالصحيح: أن الترتيب والمولاة فرضان من فروض الوضوء.

وأما عذر الإنسان فيهما بالنسيان أو بالجهل فمحل نظر، فالمشهور عند فقهاء الحنابلة رحمهم الله أن الإنسان لا يُعذر فيهما بالجهل ولا بالنسيان، وأن الإنسان لو بدأ بغسل يديه قبل غسل وجهه ناسياً، لم يصح غسل يديه ولزمه إعادة الوضوء مع طول الزمن، أو إعادة غسل اليدين وما بعدهما إن قصر الزمن، ولا شك أن هذا القول أحوط وأبرأ للذمة، وأن الإنسان إذا فاته الترتيب ولو نسياناً، فإنه يعيد الوضوء، وكذلك إذا فاتته الموالاة ولو نسياناً، فإنه يعيد الوضوء.

ابن عثيمين 

الترتيب والموالاة وحكمها

وبقي مبحث الموالاة والترتيب، والترتيب بين أعضاء الوضوء هو كما جاء النص الكريم في الآية: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } [المائدة:6] فهذا ترتيب أعضاء الوضوء الذي ورد في القرآن الكريم.
والموالاة يستدل لها بقصة الرجل الذي رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم في قدمه لمعة مثل الظفر فقال: ( اذهب فأحسن وضوءك ) فما قال: اغسل هذه فقط.
وقضية الموالاة بين الأعضاء معناها أنه لو قطع الوضوء عند غسل اليدين واشتغل بشيء ما، أو انتهى الماء عنده، أو جاء طارئ وتبعه وترك الوضوء من أجله حتى جف الماء عن اليدين، وأراد أن يكمل الوضوء، فهل يبني على ما مضى، أو أنه قد فات زمن يكون قد انقطع عما تقدم؟ فبعض العلماء يقول: إن طالت الفرقة أو الفصل بين أعضاء الوضوء استأنف من جديد، وإن لم يطُل الفصل بنى على ما تقدم.
وقالوا: مقياس الفصل طويلاً كان أو قصيراً هو جفاف العضو الأخير الذي غسله وكفَّ عن تتمة الوضوء، كأن يكون غسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ثم سمع منادياً فذهب وطال اشتغاله مع هذا المنادي، ثم رجع إلى وضوئه فإذا يداه جافتان كأنهما لم يمسا بماءً، قالوا: انفصل ما قبله عما بعده فيستأنف وضوءاً جديداً، أما إذا عاد إلى الوضوء ولم تزل بقايا البلل أو الماء على بعض أجزاء من يده الأخيرة -وهي اليسرى- فإنه يكمل ويبني على ما تقدم.
وموضوع الموالاة سيأتي له النص في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون الحديث عنده إن شاء الله.

محمد عطية سالم