هل رأى الإمام أحمد الله في المنام

هل رأى الإمام أحمد الله في المنام

(رؤية الله تعالى في المنام)

من القصص المشهورة على ألسنة كثير من أهل العلم والوعاظ رؤية الإمام أحمد لله عز وجل في المنام وسؤاله له سبحانه وتعالى عن أفضل ما يتقرب به المتقربون.

قال الحسن الخلال في "المجالس العشرة" ثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، ثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم المقرئ قال : حدثني أبو القاسم عبد العزيز بن محمد النهاوندي المعروف بالطرسوسي قال : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل ، يقول : سمعت أبي يقول :
رأيت رب العزة عز وجل في النوم فقلت : يا رب ما أفضل ما تقرب المتقربون به إليك ؟
فقال : كلامي يا أحمد
فقلت : يا رب بفهم أو بغير فهم قال : بفهم وبغير فهم.

وأخرج هذه الحكاية القشيري في الرسالة القشيرية وابن الجزري في كتاب النشر وابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد والذهبي في السير كلهم من طريق الخلال عن شيخه عن أبي الحسن بن مقسم عن النهاوندي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل..
وذكرها الغزالي في إحياء علوم الدين وعنه المقدسي في مختصر منهاج القاصدين.. وذكرها عامة الصوفية والوعاظ والقصاص في كتبهم ومجالسهم.

وتوقف فيها الشيخ ابن باز وابن عثيمين وغيرهما من علماء الحجاز.
فقد سئل عنها ابن باز ـ فقال: لا أعرف صحتها، وقد قيل: إنه رأى ربه، ولكني لا أعلم صحة ذلك.
وسئل عنها الشيخ ابن عثيمين فقال:
ذكر أن الإمام أحمد رأى ربه ولكن لا أدري هل يصح أو لا يصح.

الحكم على هذه الحكاية:

تفرد بروايتها أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم المقرئ. 
قال الخطيب في ترجمته في تاريخ بغداد:
كان يظهر النسك والصلاح ولم يكن في الحديث ثقة قال حمزة بن يوسف: حدث عمن لم يره ومن مات قبل أن يولد سمعت أبا الحسن بن لؤلؤ الوراق يقول سمعت أبا يعلى الوراق يقول قال لي أبو الحسن بن مقسم اكتب لي من أحاديث محمود بن محمد الواسطي. فقلت له متى سمعت منه؟ فما كتبت له شيئا.
قال حمزة: وسمعت الدارقطني وجماعة من المشايخ تكلموا في ابن مقسم وكان امره أبين من هذا وقال الأزهري: لم يكن أبو الحسن ثقة وقد رأيته وسمعته ذكره مرة أخرى فقال كان كذابا 
وقال ابن أبى الفوارس كان سيء الحال في الحديث مذموما ذاهبا لم يكن بشيء البتة.

الخلاصة:

هذه القصة مخترعة مكذوبة والعلة في ذلك تفرد أحمد بن محمد بن مقسم بروايتها فلم يروها غيره وهو متروك متهم بالكذب والظاهر أنه هو واضعها.
ومما يؤكد بطلانها كون الرواية من طريق عبد الله بن أحمد فلو صحت لرواها في شيء من كتبه كزوائد الزهد وغيره وكل ذلك لم يكن فالقصة موضوعة. والله تعالى أعلم.

إخواني الكرام..
العجيب أن قصة رؤية الإمام أحمد ربه مائة مرة مع شهرتها على ألسنة الكثير من أهل العلم والوعاظ ترجح أنها مكذوبة مخترعة!
وكم من الأحاديث والأخبار والقصص المشتهرة على ألسنة الناس ولا تصح بل مكذوبة.
الشيخ عبد الرزاق المهدي