تفسير الشنقيطي تفسير الصفحة 5 من المصحف


تفسير أضواء البيان - صفحة القرآن رقم 5

 {وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَـٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ * إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْىِ أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ ٱلْفَـٰسِقِينَ }
وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ لم يبيّن هنا أنواع هذه الأنهار ، ولكنه بيّن ذلك في قوله : {فِيهَا أَنْهَارٌ مّن مَّاء غَيْرِ ءاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَـٰرٌ مّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لّلشَّـٰرِبِينَ وَأَنْهَـٰرٌ مّنْ} .
{وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ} لم يبيّن هنا صفات تلك الأزواج ، ولكنه بين صفاتهن الجميلة في آيات أخر كقوله : {وَعِندَهُمْ قَـٰصِرٰتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ} ، وقوله : {كَأَنَّهُنَّ ٱلْيَاقُوتُ وَٱلْمَرْجَانُ} ، وقوله : {وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَـٰلِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ} ، وقوله : {وَكَوَاعِبَ أَتْرَاب} ، إلى غير ذلك من الآيات المبيّنة لجميل صفاتهن ، والأزواج : جمع زوج بلا هاء في اللغة الفصحى ، والزوجه بالهاء لغة ، لا لحن كما زعمه البعض .
وفي حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : « إنها زوجتي » أخرجه مسلم .
ومن شواهده قول الفرزدق : وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي كساع إلى أسد الشرى يستبيلها

وقول الآخر : فبكى بناتي شجوهن وزوجتي والظاعنون إليّ ثم تصدعوا
{ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَـٰقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلاٌّرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ * كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَٰتًا فَأَحْيَـٰكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }
؛ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ لم يبيّن هنا هذا الذي أمر به أن يوصل ، وقد أشار إلى أن منه الأرحام بقوله : {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلاْرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ} .
وأشار في موضع آخر إلى أن منه الإيمان بجميع الرسل ، فلا يجوز قطع بعضهم عن بعض في ذلك بأن يؤمن ببعضهم دون بعضهم الآخر . وذلك في قوله : {وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰفِرُونَ حَقّ} .
{هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى ٱلاٌّرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَـٰوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ }
؛ هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى ٱلاٌّرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ ظاهره : أن ما في الأرض جميعًا خلق بالفعل قبل السماء ، ولكنه بين في موضع آخر أن المراد بخلقه قبل السماء ، تقديره ، والعرب تسمي التقدير خلقًا كقول زهير : فولأنت تفرى ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري وذلك في قوله : {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوٰتَهَ} ، ثم قال : {ثُمَّ ٱسْتَوَى إِلَى ٱلسَّمَاء} .