درجة حديث أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدف

درجة حديث أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدف

بسم لله الرحمن الرحيم

إبرام عقد الزواج في المساجد مبني علي حديث ضعيف وليس له أصل في السنة:
اعتاد الناس علي إبرام عقد الزواج في المسجد ظنا منهم أن إبرامه في المسجد من السنة المأمور بها وانتشر علي ألسنة الخطباء حديث ضعيف يؤيدون به هذا العمل حتي صارت المساجد دورا للمناسبات والغناء وانتهكت حرمتها بتوزيع الحلوي وغيرها مما ينتج عنه تلويثها وعدم نظافتها.
والحديث الضعيف الوارد في المسألة :
حديث: أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدف.رواه الترمذي (٤/٣٠٨)وضعفه والبيهقي(٧/٢٩٠) وفي سنده عيسي بن ميمون الأنصاري قال الترمذي: يضعف في الحديث.وقال البيهقي: ضعيف.وقال ابن حجر في التقريب(٢/١٠٢): ضعيف.وذكره الدارقطني في كتابه(الضعفاء والمتروكين) وقال البخاري في الضعفاء الصغير(٢٦٦): منكر الحديث وكذلك في التاريخ الكبير(٢٧٨١).وقال النسائي في الضعفاء والمتروكين(٤٢٥): متروك الحديث.
واشتهر عن الإمام البخاري قوله: كل من قلت عنه: منكر الحديث.فلا تحل الرواية عنه.
واشتهر عن الإمام النسائي قوله: لا يترك الرجل عندي حتي يجتمع الجميع علي تركه.
وقال ابن حبان عن عيسي بن ميمون هذا: يروي أحاديث كلها موضوعة .وقال ابن معين: ليس بشيئ.وقال ابن أبي حاتم: متروك الحديث. انظر: الجرح والتعديل(١٥٩٥) لابن أبي حاتم والميزان(٦٦١٧) للذهبي وتهذيب التهذيب لابن حجر(٨/٢٣٦) .
وليس لجملة ( اجعلوه في المساجد) أي شواهد كما توهم العجلوني في كشف الخفا(٤٢٢) ولذلك قال الألباني في الضعيفة(٢/٤١٠): فإني لم أجد لها شاهدا فهي لذلك منكرة وسند هذه الشواهد ضعيف جدا ففيه خالد بن إلياس أجمعوا علي تركه كما في الضعفاء والمتروكين للدارقطني(١٥٧) والضعفاء الصغير للبخاري(١٠١) والتاريخ الكبير له(٢/١/١٤٠) والميزان للذهبي(١/٦٢٧)برقم(٢٤٠٨)وتهذيب التهذيب لابن حجر( ٣/٨٠) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم(١/٢/٣٢١).
وعلي ذلك فإبرام عقد الزواج في المساجد ليس له أصل في السنة فلا يتوهمن أحد سنية هذا العمل وقد رأيت ما قاله علماء الحديث عن الحديث الوارد في المسألة.

كتبه د. ابراهيم أبو شادي 

تعليق الــ : أ.د. هشام العربي 

: عفوا سعادة الدكتور
حضرتك بنيت حكمك بعدم سنية عقد الزواج في المساجد على أنه مبني على حديث ضعيف، وشرعت تدلل على ضعف الحديث المذكور.
وفي الحقيقة فإن سنية عقد الزواج في المساجد مما اجتمعت عليه كلمة جمهور الفقهاء، ويمكنك مراجعة البحر الرائق شرح كنز الدقائق (3/ 85) وشرح الخرشي على خليل (7/ 71) ومغني المحتاج (4/ 207) وكشاف القناع للبهوتي (2/ 368) والروض المربع (2/ 243).
واستدلوا على ذلك بأدلة، منها طلب حصول البركة، وكونه عبادة، ومنها جريان العمل به، ومنها القياس على اللعان الذي ورد فيه حديث «فتلاعنا في المسجد» وهو في الصحيحين، ومنها الحديث الذي تفضلت بذكره وأطلت في تضعيفه، ومع تقديري لكل ما ذكرته حضرتك من أقوال المحدثين فأود أن أقول إن أكثر الفقهاء يستدلون بهذا الحديث أيضًا، ومعلوم أن معايير الاستدلال بالحديث الضعيف عند الفقهاء تختلف عنها عند المحدثين، وجميع فقهاء المذاهب الأربعة يعملون بالضعيف بشروط معروفة، منها ألا يعارض ما هو أقوى منه في المسألة، وألا يكون هناك غيره في الباب ... إلى آخر هذه الشروط المفصلة التي لا أظنها تغيب عن حضرتك.
لكن من الحق أن أقول: إن كثيرا من الفقهاء وبخاصة من المالكية أكد على أهمية مراعاة آداب المساجد عند تلك العقود، ومنها خفض الصوت وعدم إحداث جلبة فيها أو التشويش على المصلين وغير ذلك من الآداب المعروفة.
ولذلك فإن القول بعدم استحباب عقد الزواج في المساجد قول يخالف ما عليه جمهور الفقهاء، ومحاولة الاعتماد في ذلك على دليل واحد من جملة أدلة ومحاولة نسف الاستدلال به دون الرجوع لما قرره الفقهاء وأصحاب المذاهب مسلك غريب!
وأخيرا فإن إطلاق القول بعدم الاستحباب بسبب ما يقع في ذلك من بعض الأمور المخالفة لآداب المساجد غير صحيح؛ والقسط في ذلك أن تقرر السنية وينبه على المخالفات، لا أن نخالف ما قرره جمهور الفقهاء.
وتقبلوا تحياتي وتقديري.